وداعا "العمدة" صلاح السعدني
السبت، 20 أبريل 2024 01:37 م
كما فقدنا أحمد زكي ومحمود عبد العزيز وسمير غانم ومحمود ياسين وهشام سليم وسمير صبري وأحمد حلاوة وجورج سيدهم وإبراهيم نصر وحسن حسني وشويكار وغيرهم، سقطت، أمس الجمعه، ورقة جديدة من شجرة زمن الفن الجمل، بفراق صعب للفنان صلاح السعدني، الذي تميز وسط جيل رائع لن يتكرر من نجوم الثمانينيات والتسعينيات.
لم يكن صلاح السعدني ممثلا تقليديا ينتمي لمواصفات "بطل الشباك"، فلم يكن ذو عيون خضراء مثل حسين فهمي، أو شابا ممشوق القوام مثل محمود عبد العزيز، أو ذو صوت رخيم مثل محمود ياسين، كما لم يكن في خفة دم عادل إمام وسعيد صالح ومحمد صبحي، لكنه رغم كل هذا صنع شخصية فنية جديدة منذ ظهوره للمرة الأولى في ستينيات القرن الماضي، عندما ظهر في مسلسل "الضحية" ليقدم واحدا من أصعب الأدوار، إذ بدأ مشواره الفني بتقديم شخصية "أبو المكارم" الشاب الأخرس الذي يتحدث بلغة الإشارة في ثياب مهلهلة وطاقية فلاحي، ليعلق في ذاكرة المشاهد على الفور، وليبدأ طريقه في عالم الفن.
كان الراحل صلاح السعدني ذو صوت أجش وملامح مصرية أصيلة، وكان وسط جيله فنانا "لا يعجب الفتيات" اللاتي كن في هذا الوقت تشغلهن وسامة نجوم السينما، وبالتالي لم يجدن فيه فارس أحلامهن، لكن رغم كل هذا تفوق السعدني على نفسه وسط جيله الفذ ليشق طريقه في عالم الفن بعيدا عن البطل التقليدي في ذلك الوقت.
ولعل قربه من شقيقه الأكبر، الذي كان بمثابة والده، قد أثر في شخصيته الفنية، ليقدم أدوارا مختلفة في السينما والتلفزيون، ترتبط بالمشاهد البسيط، فهو الفلاح البسيط في "الأرض" أمام العملاق محمود المليجي، وهو الأسطى الشاطر في "أرابيسك" والجندي المقاتل في "الرصاصة لا تزال في جيبي" والعمدة في "ليالي الحلمية" كما أنه الأب والمواطن المصري في "رجل في زمن العولمة"، ووكيل النيابة في "الغول".. والحديث يطول عن الشخصيات التي قدمها.
الدور المختلف والتنوع وعدم التكرار هو ما يميز الفنان، وهذا مافعله صلاح السعدني في كل أدواره، إذ لا تكاد تجد دورا أداه مثل الدور السابق عليه. أيضا تظل النجومية مرتبطة باستمرار الفنان طوال حياته في تقديم الجديد، وهنا يأتي صاحبنا في مقدمة النجوم الذين لن يغيبوا عن ذاكرة السينما المصرية، إذ ظل يقدم أدوارا مختلفة منذ الستينيات وحتى آخر أدواره في عام 2013، قبل أن يعتزل الفن ويتفرغ لأسرته وهو في سن السبعين تقريبا.
رحم الله صلاح السعدني "العمدة" الذي لم يتكرر ولندعو الله أن تنبت شجرة الفن المصري ورقة جديدة تحمل شيئا من رائحة وعبق السعدني.