عالم فقد القيادة الرشيدة

في كلمته باحتفالية ليلة القدر، لخص الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الأوضاع التي يعيشها عالمنا المعاصر، مشيرا إلى فقدان القيادة الرشيدة في المؤسسات الدولية التي تزعم أنها تحقق العدالة الدولية، في الوقت الذي تعيش فيه حالة من العجز حيال ما يدور في غزة وكأن الاحتلال الإسرائيلي، ومن خلفه الولايات المتحدة، هو من يدير العالم أو على الأقل المنطقة الأهم في الشرق الأوسط.

 

ولم يقف تصريح شيخ الأزهر عند توصيف الأوضاع العالمية فقط، بل تجاوزها إلى تحليل نتائج ما يحدث في العالم اليوم، لافتا إلى أن النتيجة الحتمية هي أن العالم "بات يندفع بلا كوابح نحو هاوية لا يَعرف التاريخ لها مَثيلا من قبل". وهنا جوهر الأمر وذروة سنامه، إذ إن القراءة الدقيقة لما بين السطور تؤكد أن العالم اليوم يحتاج نظاما عالميا جديدا وقيادة جديدة، مشيرا في كلمته، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى أن "الإنسانية لم تكُن في عصر من عصورِها بحاجة إلى هدي القرآن الكريم، وهَدْي أمثاله، من الكُتب المنزلة- بمثل ما هي عليه اليوم".

 

يبدو أن العالم يقف على أعتاب مرحلة جديدة ونظام عالمي جديد لابد في وضع تصوراته من إقصاء كل الدول الكبرى المتحكمة في النظام الحالي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وليس هذا فحسب بل كل المؤسسات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة وأجهزتها العاجزة عن كبح جماح الصراع العالمي الذي وصفه الإمام الطيب بالوضع بالغ "الغرابة والشذوذ" إذ أشار فضيلته إلى "أننا بعد عقود من علاقات الحوار الحضاري بين الأمم والشعوب استبدلنا بها وعلى نحو متسارع غريب علاقات الصراع والصدام، وسرعان ما تحول هذا الوضع البائس أيضا إلى علاقات صراع مسلح تطور أخيرا إلى صورة بالغة الغرابة والشذوذ في تاريخ الحروب الصراعات المسلحة".

 

وهنا لابد للعرب ممثلة في جامعة الدول العربية، والدول الإسلامية ممثلة في منظمة التعاون الإسلامي، والدول الحليفة مثل روسيا والصين، أن تلعب دورا هاما في استبدال هذا النظام المتواطئ مع الاحتلال الاسرائيلي، بنظام آخر يقوم على مبادئ الشرائع السماوية والكتب المنزلة التي تعد دستورا عالميا أخلاقيا، فهذا وحده يعيد العدالة المفقودة للعالم الغريب الذي عشنا تحت نظامه الظالم لعقود، وهذه سنة الله في خلقه، "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم".