لماذا «الحشاشين» الآن؟

السبت، 23 مارس 2024 04:30 م
لماذا «الحشاشين» الآن؟
عصام الشريف يكتب:

بالتزامن مع عرض مسلسل «الحشاشين» من إنتاج الشركة المتحدة، أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجوم الإرهابي الذي وقع أمس في روسيا واستهدف قاعة حفلات موسيقية قرب موسكو، وأسفر عن مصرع ما لا يقل عن 90 شخصا.
 
هذه الواقعة الإرهابية لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، إذ لم ينقطع التاريخ الدموي للفرق الإرهابية، ربما منذ صدر الدولة الإسلامية، وإن كان التنظيم الكامل قد نشأ على يد حسن الصباح، مؤسس دولة الحشاشين، التي قامت على المبادئ نفسها التي قامت عليها جماعات الضلال، وفي مقدمتها «داعش»، التي هي امتداد لتنظيم «القاعدة» الذي أسسه أسامة بن لادن، والأخير هو امتداد لأفكار الجماعات الإسلامية التي نشأت في مصر طوال القرن الماضي، وتنوعت ما بين الإخوان والجماعة الإسلامية والجهاد والتكفير والهجرة.
 
وتجتمع هذه الجماعات والفرق على وجود المُنظّر أو رجل الدين الذي يقدم الفتاوي ضمن منهج شاذ لأتباعه، ودائما ما يكون شخصا مهووسا بالشهرة والاستعلاء على المجتمع وتفسير النصوص الدينية بطرق غريبة لا يعرفها إجماع المسلمين، ومن هؤلاء يأتي حسن البنا أول من أعاد فكر الجماعة الإسلامية في العصر الحديث، قبل أن يلحق به أبو الأعلى المودودي في باكستان، والأخير نهل منه سيد قطب في كتبه التكفيرية، ومن بعدهم شكري مصطفى، ثم أسامة بن لادن والظواهري.. الخ هذه السلسلة الشيطانية التي لم ولن تتوقف مهما طال الزمان، فهي سنة الله في خلقه أن يفتن المتربصين والمرتابين. وعلى قارعة هذا الطريق يقف إبليس، صاحب المنهج الكهنوتي، الذي يسير عليه كل أعوانه، الذين خالفوا طريق آدم حيث الخطأ والتوبة إلى طريق الغرور والاستعلاء على كل البشر.
 
هذا الطريق المدمر كشف عنه مسلسل الحشاشين، في جرأة يحسد عليها صناع العمل، الذين خاطروا بمناقشة مثل هذه القضية التي لا تتعلق بشكل مباشر بمصر، لكنها بكل تأكيد تتعلق بالتحولات الفكرية التي حدثت في مصر القرن الماضي، والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم.
 
لا أخفي سرا أنني في بداية عرض المسلسل، استنكرت مناقشة هذه القضية المتخصصة كثيرا في عمل درامي، لكن مع متابعة الحلقات انبهرت بكل شيء بداية السيناريو والإنتاج الضخم، والتصوير الاحترافي، وتصميم المعارك الحربية بمعايير عالمية، وهي مشاهد نراها للمرة الأولى في الدرما المصرية.
أيضا ما جعل العمل يحقق نجاحا بعد عرض أولى حلقاته، هو تعدد الشخصيات التاريخية التي لا يعرف عنها الجمهور إلا اسمها، وأقصد بالطبع هنا شخصية الإمام أبو حامد الغزالي، والشاعر الفيلسوف عمر الخيام، الذي اشتهر بين العامة بشاعر الخمر، لكن مع تسليط المسلسل الضوء عليه اكتشف الجمهور أنه فيلسوف ومفكر وناقد فضلا عن شعره.
 
في النهاية كأي مصري يجب أن نفخر بهذا المستوى العالمي من الإنتاج الدرامي غير المسبوق، الذي تم بأيادٍ مصرية 100%، فضلا عن السيناريو المبدع للكاتب الكبير والمفكر القدير عبد الرحيم كمال، الذي نجح في تقديم أخطر قضية إنسانية للمشاهد البسيط بلغته العامية، فاستحق العمل المتابعة من الجميع، ليتصدر المسلسلات الأعلى مشاهدة في رمضان.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة