حكم صيام من كان في بلد غير إسلامي برؤية بلد إسلامي مجاور
الأربعاء، 14 فبراير 2024 11:02 صمنال القاضي
أجابت دار الافتاء على سؤال يقول "ما حكم صيام من كان في بلد غير إسلامي برؤية بلد إسلامي مجاور؟ فأنا أعيش في بلد ذي أقلية مسلمة، ولا أعرف كيفية رؤية الهلال، ولا يوجد عندنا هيئة رسمية لذلك الشأن، لكن هناك بعض الناس يجتهدون في رؤية الهلال، وتختلف أقوالهم كل عام في ثبوت رؤية الهلال وعدم ثبوته، ويجاورنا بلد إسلامي، وبه مؤسسة إفتائية رسمية تقوم باستطلاع هلال شهر رمضان الكريم وتصدر بيانًا بذلك، فهل يجوز لمن يعيشون في مثل بلدنا أن يصوموا بناء على رؤية ذلك البلد الإسلامي المجاور حسمًا للخلاف الموجود في تلك البلد، أو يجب عليهم أن يصوموا برؤية بلدنا؟".
الجواب
بحسب ما يقتضيه فقه الأقليات: فإنَّ المسلم الذي يعيش في بلدٍ لا يوجد فيه هيئة رسمية مختصة باستطلاع هلال شهر رمضان المبارك يجب عليه اتباع رؤية البلد المجاور الذي ثبتت الرؤية فيه، ما لم يقم ما يناهض هذه الرؤية ويشكك في صحتها؛ وذلك حسمًا للخلاف الحاصل بين أفراد الناس في ثبوت رؤية الهلال من عدمه، وعملًا على الوحدة والائتلاف ونَبْذ الفرقة وعدم الخلاف بين أفراد المجتمع الواحد.
وقال الإمام البُهُوتي الحنبلي في "دقائق أولي النهى لشرح المنتهى" (1/ 471، ط. عالم الكتب): [(وإذا ثبتت رؤيته) أي: هلال رمضان (ببلد لزم الصوم جميع الناس)؛ لحديث: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ»، وهو خطاب للأمة كافَّة؛ ولأن شهر رمضان ما بين الهلالين، وقد ثبت أن هذا اليوم منه في سائر الأحكام؛ كحلول دَيْن، ووقوع طلاق، وعتق معلقين به ونحوه، فكذا حكم الصوم، ولو قلنا باختلاف المطالع، ولكلِّ بلد حكم نفسه في طلوع الشمس وغروبها لمشقة تكررها، بخلاف الهلال، فإنه في السَّنَة مرة] اهـ.
المختار للفتوى في أثر اختلاف المطالع على الصيام
مما سَبق تبين أنَّ مسألة اختلاف المطالع مما اختلفت كلمة الفقهاء فيها، والمختار في الفتوى أنه يجب على كلِّ أهل بلد الالتزام بما تعلنه الجهات الرسمية المنوط بها ذلك في بلادهم، ولا يجوز التحول عن رؤية الهلال في بلدهم إلى بلد آخر بحالٍ من الأحوال، وهو أحد أقوال فقهاء المالكية ومَن وافقهم، كما سبق بيانه.
حكم صوم من كان في بلد غير إسلامي برؤية بلد إسلامي مجاور
أما في خصوص مسألتنا، فبما أنه لا يوجد في هذه البلد هيئة مختصة منوطٌ بها استطلاع الهلال، ويجاورها بلد بها هيئة مختصة بهذا الشأن، فإن الواجب على أفرادها المسلمين أن يصوموا برؤية ذلك البلد المجاور، ما لم يقم ما يناهض هذه الرؤية ويشكك في صحتها، وذلك حسمًا للخلاف الحاصل بين أفراد الناس في ثبوت رؤية الهلال من عدمه، وعملًا على الوحدة والائتلاف ونَبْذ الفُرقة وعدم الخلاف بين أفراد المجتمع الواحد، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ» أخرجه الترمذي والدَّارَقُطْنِي في "سننهما" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال الترمذي عقبه: [هذا حديث حسن، وقد فسر بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعُظْمِ الناس] اهـ. فضلًا عن كون الأمر موافقًا حينئذٍ لما نص عليه جمهور الفقهاء في اتحاد المطالع عند تقارب البلدان.
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال وبحسب ما يقتضيه فقه الأقليات: فإنَّ المسلم الذي يعيش في بلدٍ لا يوجد فيه هيئة رسمية مختصة باستطلاع هلال شهر رمضان المبارك يجب عليه اتباع رؤية البلد المجاور الذي ثبتت الرؤية فيه، ما لم يقم ما يناهض هذه الرؤية ويشكك في صحتها؛ وذلك حسمًا للخلاف الحاصل بين أفراد الناس في ثبوت رؤية الهلال من عدمه، وعملًا على الوحدة والائتلاف ونَبْذ الفرقة وعدم الخلاف بين أفراد المجتمع الواحد.