رجال الماضي تصدو للاحتلال ببسالة وأبطال الحاضر استعادوا الأمن وقهروا الإرهاب
الخميس، 25 يناير 2024 07:56 م
كان مشهدا شديد القوّة والإيمان.. رجال عُراة إلا من أسلحة خفيفة، يتصدون لآلة حرب وحشية يتترس خلفها جنود الاحتلال في معركة الإسماعيلية 25 يناير 1952 ، وقد أثبتوا صلابة وإخلاصا للوطن لا يذول من الذاكرة، عندما وقفوا يدافعون عن مقر الشرطة فى الإسماعيلية ضد جيش كامل، ما أجبر الأعداء على أن يقفوا احتراما لجثامينهم الطاهرة وهى تخرج محمولة على الأكتاف ومتوجة بآيات الشرف والفخر، وما أنجزه الآباء سار عليه الأبناء والأحفاد، فظل جهاز الشرطة عنوانا وطنيا للذود عن مصر وضمان أمن المصريين، واليوم بينما نحتفل بالعيد الثاني والسبعين، نتذكر طابورا طويلا من الشهداء والمصابين ومن قدموا تضحيات جليلة، لعل أشرسها بعد ثورة 30 يونيو 2013 وطوال معركة ضارية مع الإرهاب، حسما رجال الداخلية بشراكة مع أبطال القوات المسلحة، فاستعادت مصر أمنها واستقرارها ليكون الاحتفال اليوم وفاءً للقدامى، وعرفانا للجدد، وتثبيتا للإنجاز الذى حققناه بكُلفة كبيرة من الدم والعرق والأرواح الطاهرة.
سيظل التاريخ يقف أمام تضحيات رجال الشرطة الذين سطروا العديد من التضحيات والبطولات على مر العصور من رفعة الوطن وسلامة أراضيه، منذ معركة الإسماعيلية التي بدأت صباح الجمعة 25 يناير 1952، والتي واصل فيها أبطال الشرطة الوقوف في مواقعهم مقاومين ببنادقهم العتيقة من الطراز (لي إنفيلد) في مواجهة أقوى مدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم، وسقط في المعركة 56 شهيدًا و80 جريحًا، فيما سقط من الضباط البريطانيين 13 قتيلاً و12 جريحًا.
30 يونيو عهد الأمن والأمان
مواقف رجال الشرطة وبطولاتهم لم تنته ففي عام 2013 كانت مصر على موعد مع بداية عهد جديد من الاستقرار الأمني، والعالم كله شهد كيف تحولت مصر خلال سنوات قليلة إلى واحة أمن واستقرار، حيث شنت وزارة الداخلية ضربات أمنية حاسمة ضد كافة أشكال الانفلات الأمني، وتراجع الإرهاب بعد ضربات فعالة لتنظيم الإخوان على كافة المستويات إعلاميا وتنظيميا بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية المختلفة بالدولة، ما أدى إلى إحباط مخططات معادية وضبط عدد من الشبكات الإخوانية القائمة على أساس الشائعات والتحريض على العنف، حتى أثبتت الأيام صحة الرؤية المصرية لاستراتيجيتها لمكافحة الإرهاب، ولم يخطئ الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما أعلن بعد توليه مسئوليته أن مصر تحارب الإرهاب نيابة عن العالم رغم موقف بعض الدول الأوروبية وقت الإجراءات التي اتخذتها مصر لمكافحة الإرهاب، خاصة في سيناء، لكنها أصبحت فيما بعد موضع إشادة من تلك الدول نفسها، بعد أن ذاقت هذه الدول مرارة الإرهاب.
خاضت الجمهورية الجديدة معارك غير مسبوقة، كان أولها ضد أخطر التنظيمات الإرهابية التي عرفها العالم، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وواجهت حربا شرسة مع المصريين لاستئصال ورم الإخوان السرطاني، والثانية خاضتها القيادة السياسية أمام المحافل الدولية لتثبت للعالم صحة الرؤية المصرية بشأن قضية الإرهاب، وتهديد الإخوان لجميع الدول، وليس مصر فقط، واعترفت هذه الدول بنجاح جهود مصر في مواجهة الإرهاب عابر الحدود، ووقعت اتفاقيات ثنائية مع القاهرة لتوحيد قاعدة البيانات وتبادل المعلومات فيما يتعلق بتحركات المقاتلين الأجانب، وقطع خطوط دعم وتمويل الإرهاب، ومراقبة الاتصالات واجتماعات التنظيمات التي عقدت في بعض الدول الأوروبية للتخطيط لاستهداف أمن الدول، خاصة بعض الدول الأفريقية مثل مصر والسودان وليبيا، وكان التنسيق الأمني بين مصر والدول الأوروبية على مستوى.
وواجهت مصر وحدها التطرف بعد 30 يونيو 2013، وحذرت من استمرار احتضان بعض الدول للجماعات الإرهابية، وطالبت بتجديد الخطاب الديني لمواجهة الفكر المتطرف، وتنبأت بمخاطر الإرهاب العابر للحدود وتأثيره على المنطقة والاستقرار الدولي، حيث أدى نمو الإرهاب عبر الحدود في السنوات الأخيرة إلى ظهور سلسلة من الهجمات في أوروبا، وأدى صعود تنظيم داعش بعد 2013 إلى هجمات كبيرة في العديد من المدن الأوروبية.
انخفاض معدل الجريمة وتراجع مصر في مؤشر الإرهاب العالمي
على مستوى الأمن الجنائي، شهدت السنوات الماضية نجاحات كبيرة للشرطة المصرية، أدت إلى انخفاض معدل الجريمة، كل هذه الجهود أدت إلى خروج مصر من دائرة الدول الأكثر تأثرا بالإرهاب، وتراجع ترتيب مصر في النسخة العاشرة لمؤشر الإرهاب العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد الدولي والسلام لعام 2023، ومعدل انخفاض العمليات الإرهابية في مصر.
على الصعيد الإقليمي والدولي، حققت مصر مكاسب دولية بعد النجاحات التي حققتها في مكافحة الإرهاب وإرساء دعائم الأمن والاستقرار في البلاد، أبرزها رئاسة مصر للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، ورئاسة مصر للجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2016، وحرصت العديد من الدول العربية والآسيوية على الاستفادة من تجربة مصر في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الأمني المشترك مع القاهرة.
الأمن الإنساني في المقدمة
الأمن الإنساني كان في مقدمة أولويات جهاز الشرطة، حيث تعي وزارة الداخلية أن حقوق الإنسان لم تكن يومياً تقتصر فقط على الحقوق السياسية، أو الاقتصادية، أو حتى الحق في الأمن والأمان، بل هي مفهوم متكامل لا يتجزأ، ويشمل بجانب كل ما سبق الرعاية الاجتماعية، تلك هي الاستراتيجية التي تطبقها وزارة داخلية الجمهورية الجديدة، كما تعي أن شعار "الشرطة في خدمة الشعب"، شعار إنساني في المقام الأول، لذلك ساهمت الداخلية في رفع الأعباء المعيشية عن كاهل المواطن والحد من أثار الأزمة الاقتصادية العالمية التي أتت بظلالها على الجميع، بإطلاق مبادرات مجتمعية على مدار العام، كان لها بالغ الأثر الطيب لدى المصريين، وشاركت قطاعات الوزارة في 5 مبادرات إنسانية ناجحة تحت شعار "كلنا واحد" برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، تنفيذاً لتوجيهات محمود توفيق وزير الداخلية بتفعيل التواصل المُجتمعي، والمشاركة الإيجابية وتقديم كافة أوجه الرعاية الإنسانية والاجتماعية للمواطنين لاسيما بالمناطق الأولى بالرعاية .
حماية الإبداع وصد مافيا سرقات المحتوى
وعلى مستوى حماية الملكية الفكرية وصد مافيا سرقات المحتوى، كانت الشرطة المصرية في خدمة حماية الإبداع، انطلاقا من مواكبة الدولة المصرية الاهتمام العالمي بالملكية الفكرية، وتعظيم المدخلات الاقتصادية العائدة من الاستثمار في حقوق الملكية الفكرية المملوكة للشركات المصرية والدولة، لذلك أطلقت الاستراتيجية القومية للملكية الفكرية بدعم رئاسي نهاية العام الماضي، وكان لوزارة الداخلية، وضرباتها الاستباقية بالغ الأثر في الحفاظ على الملكية الفكرية العامة والخاصة، وانفاذ تلك الحقوق عبر الوسائط الفضائية والرقمية.
نجاحات عديدة كللتها جهود وزارة الداخلية المتمثلة في الإدارة العامة لمباحث المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية بقطاع الشرطة المتخصصة على مدار عام ضد القرصنة والسطو على المحتوى، كان أبرزها، الحملات التي وجهت لمافيا تقليد المطبوعات منها المناهج العلمية خاصة الكُتب الدراسية التابعة لوزارة التربية والتعليم، وطبعها دون ترخيص، وتحريف تلك المناهج، وحرمان وزارة التربية والتعليم من حقها من الملكية الفكرية عنها، فضلاً عن تزوير وتقليد الكتب الأدبية، وطباعة المصحف الشريف بدون ترخيص، وتوسع دور مباحث المصنفات وحقوق الملكية الفكرية ليشمل حماية صناعة السينما والدراما، ومواجهة القنوات الفضائية التي تبث خارج مدينة الإنتاج الإعلامي، ودون ترخيص، وتهدد المحتوى المملوك للتليفزيون المصري، والقنوات الفضائية المصرية بأن تقوم تلك القنوات الغير مرخصة بالعمل بعيدًا عن أعين الرقابة، إما بعرض المحتوى المملوك لشركات الإنتاج السينمائي والدرامي، أو ببث إعلانات لسلع مجهولة المصدر وأدوية غير مرخصة تصنع بطرق بدائية ولا تراعي الاشتراطات الخاصة بالحفاظ على صحة المواطن، وإعلانات الدجل والشعوذة، والتي تستهدف النصب على المواطنين، ونجحت الملاحقة الأمنية في توجيه خسائر لتلك القنوات المشبوهة مما أُجبرت القائمين عليها على الغلق، كما عملت جهود وزارة الداخلية على غلق مواقع إلكترونية كانت تقوم ببث المحتوى المقرصن المسروق بعرض أفلام ومسلسلات وأغاني ومباريات بعد كسر التشفير الخاص بهم، ومازالت الجهود مستمرة .
جهود متواصلة لحماية الاقتصاد القومي
لعبت جهود الأجهزة الأمنية بالإدارات العامة التابعة لقطاع الأمن الاقتصادي بوزارة الداخلية، في حماية الاقتصاد القومي، والحفاظ على المال العام، وأسفرت جهود الحملات، عن ضبط العديد من القضايا المتنوعة في مجال جرائم الأموال العامة، "احتيال مصرفي، تسهيل استيلاء على المال العام، استيلاء على المال العام، استغلال نفوذ مزعوم، غسل أموال، كسب غير مشروع، اتجار في النقد الأجنبي، تحويلات مالية غير مشروعة، توظيف أموال، تهريب جمركي وبضائع، سوق مال ومخالفات نقدية، ليثبت رجال الشرطة يوما تلو الأخر أنهم على العهد دائماً.