"ثلاثية العقبة".. قمة عربية ذات طابع خاص لتعزيز ثوابت القضية الفلسطينية

الأربعاء، 10 يناير 2024 03:46 م
"ثلاثية العقبة".. قمة عربية ذات طابع خاص لتعزيز ثوابت القضية الفلسطينية
غزة

ثلاثية جديدة، تشهدها مدينة العقبة الأردنية، تجمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعاهل الأردن، الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تمثل امتدادا مهما لنهج "الثلاثيات" التي تبنته الدولة المصرية، والتي اعتمدت دبلوماسية، تتجاوز الحالة الثنائية في العلاقات مع المحيطين الدولي والإقليمي، نحو شراكات أوسع نطاقا، وهو ما يبدو في العديد من النماذج، منها الشراكة الثلاثية مع اليونان وقبرص، وثلاثية القاهرة مع بغداد وعمان، وكلاهما شهد اتساعا يتجاوز الإقليمية المحدودة، نحو نطاق دولي أكبر، وهو ما انعكس في تدشين منتدى غاز شرق المتوسط، ومؤتمر بغداد، واللذان شهدا مشاركة دولية واسعة، تهدف في الأساس إلى تحقيق المصالح المشتركة، بين الدول الأعضاء، مما ساهم في تخفيف حدة الخلافات، إن وجدت.
 
إلا أن الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية، تحمل في جوهرها طابعا خاصا، وهو ما يبدو في العديد من الملامح، أبرزها ارتباطها بالقضية المركزية لإقليم الشرق الأوسط بأسره، وهي قضية فلسطين، وبالتالي فيصبح انعقادها في اللحظة الراهنة، نقطة مركزية مهمة، في إطار العدوان الراهن على قطاع غزة ، وما يحمله من تداعيات كبيرة، على مستقبل القضية برمتها، في ضوء إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تطبيق مبدأ التهجير، وما يترتب عليه من وأد الدولة الفلسطينية المنشودة، والتي يمثل تأسيسها لب الشرعية الدولية القائمة في الأساس على حل الدولتين.
 
وفي الواقع، يبدو ارتباط ثلاثية مصر والأردن وفلسطين، بالقضية، واضحا في انعقادها مرتين قبل اندلاع العدوان على غزة، حيث كانت المرة الأولى في يناير 2023، في القاهرة بينما كانت الثانية في أغسطس الماضي، قبل أكثر قليلا من شهر من اندلاع الأزمة الراهنة، وهو ما يعكس قراءة ناجعة للأحداث، استلهمت رؤيتها من ممارسات الاحتلال وانتهاكاته واستفزازاته، والتي تعكس محاولات مستميتة لإثارة حالة من الصراع، من شأنها تنفيذ مخططاته، وعلى رأسها تجريد الأراضي الفلسطينية من أهلها، بعدما دأب خلال الأعوام الماضية، على تجريدها من تراثها العربي، عبر مشروعات تهويدية في القدس، وكذلك تهويد المناهج التعليمية، ناهيك عن تجريد الدولة المستقبلية من أرضها، عبر مستوطنات التهمت الغالبية العظمى من أراضي الضفة الغربية، وهي الممارسات التي أثارت تراكميتها تنبؤات باقتراب لحظة الصدام، وهو ما حدث بالفعل في السابع من أكتوبر الماضي.
 
وبالنظر إلى أطراف القمة، نجد أنها تشمل دولتي جوار الأزمة (مصر والأردن)، وهو ما يعكس وحدة الموقف الذي تتبناه الدول التي تمثل المحيط الإقليمي لفلسطين، خاصة وأنهما المستهدفان الرئيسيان من دعوات التهجير التي أطلقها الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما سبق وأن رفضته مصر، في العديد من المناسبات الدولية، بدءً من قمة القاهرة للسلام، مرورا بالقمة العربية الإسلامية بالرياض، وحتى اللقاءات الرسمية التي عقدتها القيادة المصرية مع كل دول العالم، مما أثمر عن حشد دولي كبير رافض للفكرة، والتي تمثل انتهاكا للشرعية الدولية، بينما يبقى الطرف الثالث هو فلسطين، والتي تمثل القضية نفسها، ويمثلها الرئيس محمود عباس، وهو ما يعكس الدعم المطلق للسلطة الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
 
وهنا تعتمد القمة الثلاثية في العقبة، العديد من المسارات المتوازية، أبرزها التأكيد على حل الدولتين باعتباره الأولوية القصوى التي لا يمكن تحقيق سلام إقليمي عادل وشامل إلا من خلاله، بينما يبقى وقف إطلاق النار في القطاع مسارا آخر، لا يقل أهمية، باعتباره السبيل الوحيد والرئيسي لإطلاق عملية تفاوضية، سواء فيما يتعلق بالقضايا اللحظية المرتبطة بالعدوان، وعلى رأسها تبادل الأسرى، أو قضايا الحل النهائي، المرتبطة بالقضية الفلسطينية، في حين أن توحيد الصف الفلسطيني يبقى مسارا ثالثا، في ظل الحاجة إلى تعزيز حالة الصمود الفلسطيني، عبر موقف موحد، بعدما نال الانقسام من عضد القضية لسنوات طويلة.
 
ولعل القمة الثلاثية بالعقبة، تمثل خطوة جديدة، تقودها مصر، مع الأردن، في لحظة حاسمة للتأكيد على الثوابت المذكورة، بعدما نجحت القاهرة في تحقيق توافقات مهمة، تجاوزت الإقليمية المحدودة، فيما يتعلق بفلسطين عبر القمم سالفة الذكر، وهو ما يعكس إصرارا راسخا على مجابهة كافة الدعوات المشبوهة التي تبناها الاحتلال، بينما تعكس رغبة ملحة في تقديم الدعم للفلسطينيين، سواء في غزة، أو فيما يرتبط بالقضية برمتها، وهو ما يعكس قوة الشراكة بين القاهرة وعمان، ودورهما البارز في دعم القضية الفلسطينية، رغم التحديات الكبيرة التي تحيط بها.
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة