الأسرى الفلسطينيون المحررون لـ «صوت الأمة»: بدون مصر لم نكن في منازلنا

السبت، 02 ديسمبر 2023 07:00 م
الأسرى الفلسطينيون المحررون لـ «صوت الأمة»: بدون مصر لم نكن في منازلنا
أرشيفية
محمود علي

نقلا عن النسخة الورقية:
 
هدنة إنسانية وخروج الأسرى.. القاهرة تنجح في إعادة الحياة إلى قطاع غزة

الأسير المحرر حمادة سائد: يوماً ما سستشرق شمس الحرية وسيعود الأسرى لمنازلهم مرفوعين الرأس
 
نجاح مصري منقطع النظير في التعامل مع الأزمات الخارجية، خاصة خلال العقد الأخير، تكلل بالقدرة على إقناع العالم بضرورة إيقاف صوت الرصاص في غزة المجاور، فالبتنسيق مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية استطاعت الدبلوماسية المصرية أن تعيد الهدوء إلى قطاع استمر مشتعلاً جراء العدوان الإسرائيلي لفترة تخطت الشهر ونصف، أسفر عن استشهاد أكثر من 15 ألف مواطن، بينهم 6150 طفلا، وأكثر من 4 آلاف امرأة، إضافة إلى أكثر من 36 ألف جريح.
هدنة إنسانية، استطاعت الإدارة المصرية بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية أن تؤمنها خلال الأسبوع الماضي، شملت صفقة لتبادل الأسرى بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وإدخال مساعدات إغاثية وكميات من الوقود، كان من الصعب أن يكتب لها النجاح، إلا بعد الجهود المضنية والضغوط التي مارستها دول الوساطة وعلى رأسها مصر.
 
تحركات عديدة ولقاءات عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع عدد من رؤساء وزعماء الكثير من الدول خلال فترة العدوان الإسرائيلي على القطاع، لم تخلو من الحديث عن القضية الفلسطينية، وكان محورها المطالبة بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، والعمل بشكل مكثف على استئناف عملية السلام عقب احتواء هذا التصعيد وإيجاد آفاق لتسوية القضية الفلسطينية والتعامل معها بمنظور شامل ومتكامل يضمن حقوق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة على حدود يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية.
 
"مصر قدمت الكثير للقضية الفلسطينية، وساهمت مع قطر في خروجنا من السجون الإسرائيلية، وبدونها لم نكن هنا في منازلنا بجانب الأهل والأحباب، نستحي القهوة والشاي"، بهذه الكلمات بدأ أحد الأسرى الفلسطينيين المحررين، مؤخراً ضمن صفقة تبادل الأسرى بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في الحديث لـ"صوت الأمة" رافضاً ذكر اسمه، مقدماً لمصر الشكر على جهودها التي ساعدت في نجاح اتفاق الهدنة الإنسانية.
 
وقال الأسير المحرر إن "إسرائيل ارتكبت خلال فترة عدوانها على غزة أبشع الممارسات منتهكة كافة حقوق المعتقلين برفضها ومنعها من التواصل مع الأهل وذوي الأسرى"، كما أنها استمرت في "المعاملة بشكل سيء مع المعتقلين بالتضييق عليهم ورفض إطلاعهم على ما يدور في الخارج".
 
وأكد سعادته بصفقة تبادل الأسرى باعتبار إنها مثلت نقطة محورية في القضية الفلسطينية ونجاح لصوت فلسطين"، قائلاً إنها "قد تكون بداية تؤسس لاتفاقات أخرى تمهد لإقامة دولة فلسطينية"، مشيراً أن موافقة الاحتلال الإسرائيلي على بنود الاتفاق يؤكد الاعتراف بالخطأ في التعامل مع القضية الفلسطينية بشكل عام، متمنياً استمرار الوساطة المصرية والعربية للتمهيد لحل قضية فلسطين.
 
وتضمن اتفاق الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، برعاية مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، على هدنة مدتها أربعة أيام، لتأمين إطلاق سراح عدد من الأسرى في غزة في مقابل وقف إطلاق النار والسماح بوصول الوقود والمساعدات الإنسانية إلى القطاع بكميات أكبر وإفراج سلطات الاحتلال عن عدد من المعتقلين في سجونها، على أن تمدد الهدنة ليوم إضافي كلما أطلقت الفصائل الفلسطينية سراح 10 على الأقل من المحتجزين في غزة، فيما أعلنت حركة "حماس" الإثنين الماضي، عن تمديد الهدنة في قطاع غزة لمدة يومين إضافيين بوساطة مصرية قطرية.
 
قبل هذا الاتفاق، شهد قطاع غزة إبادة جماعية ارتكبت ضده أبشع الجرائم، تحت ستار وحجة إسرائيلية واهية "دفاعاً عن النفس" دمرت الأخضر واليابس، مستهدفة المدارس ومراكز ومخيمات الأيواء، قضت آلة البطش الإسرائيلية خلال هذا العدوان على جميع المرافق في شمال القطاع، ملحقة أضراراً جسيمة بمحطات المياه والكهرباء والغاز وشبكات الاتصالات الرئيسية، في جرائم حرب ضد الإنسانية مرفوضة في كافة القوانيين الدولية الإنسانية.
 
في سياق متصل، قال الأسير الفلسطيني المحرر حمادة سائد صاحب الـ 18 عاما إنه "اعتقل منذ عامين بعد حكم قضائي إسرائيلي بتهمة التخطيط لهجوم ضد الاحتلال الإسرائيلي"، مشيراً أنه احتجز بسبب عدم وجود تصريح لديه لكن سلطات الاحتلال حققت معه لمدة 18 يوماً دون أن تطلعه على التفاصيل، ثم حولت قضيته إلى قضية أمنية، مؤكداً أنه "فوجيء بأنه صدر ضده حكماً بتهمة لم يرتكبها (التخطيط لعملية إرهابية) وحبس لمدة سنتين حتى أفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى الأخيرة برعاية مصرية قطرية أمريكية".
 
وأشاد حمادة في تصريحات خاصة لـ "صوت الأمة" بصفقة تبادل الأسرى والتي كانت حجر الأساس في خروجه من سجون الاحتلال الإسرائيلي، قائلاً إنه "تمنى أن تشمل كل الأسرى الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية والذين يذوقون مرارة الحصار ويعانون من أوضاع معيشية صعبة خلف القضبان وأغلبهم يحاكم بتهم دون أي سند قانوني".
 
وروى سائد تفاصيل حياة الأسرى داخل سجون الاحتلال بالتزامن مع العدوان الغاشم الذي تعرض له سكان غزة طيلة أكثر من شهر ونصف وتحديداً منذ 7 أكتوبر الماضي"الوضع قبل 7 أكتوبر مختلف تماماً عن بعده، بعض من الممارسات والتضييقات كانت ترتكب بحقهم من فترة إلى أخرى، ولكن خلال العدوان على القطاع تغيرت المعاملات داخل السجون إلى أسوأ"، مضيفاً "ان الاتصالات انقطعت بالعالم الخارجي ومنع الأسرى من التواصل مع ذويهم لمدة قاربت الـ 40 يوماً".
 
ووجه الأسير المحرر رسالة إلى باقي الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، قائلا " يوماً ما سستشرق شمس الحرية ستعودون خلاله إلى منازلكم مرفوعين الرأس، فعززوا في نفوسكم الأمل حتى هذا اللحظة"، فيما وجه حمادة حديثه عبر "صوت الأمة" لسكان غزة الأبرار "أعزيكم وأعزي جميع أهل فلسطين في المصاب الجلل والشهداء الـ 15 ألف الذين وقعوا ضحايا الحرب الأخيرة على القطاع".
 
وتأتي صفقة تبادل الأسرى بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، امتدادا لدور مصر  التاريخي فى دعم ومساندة القضية الفلسطينية، حيث لم يكن هذا الاتفاق هو الأول الذي تنجح فيه الوساطة المصرية بين الجانبين لوقف إطلاق النار في القطاع أو لإقرار صفقة لتبادل الأسرى، حيث دائماً ما لعبت القاهرة دور الوسيط لإنجاز صفقات عدة بين الجانبين على مدار عقود منذ 2008، مرورا بصفقة الجندى الإسرائيلى الأسير شاليط، وصولا لوقف الحروب الخمس (2008، 2012، 2014، 2021، 2022)، على قطاع غزة وإعادة الهدوء للقطاع.
 
أمين محمد عباسي هو الأخر تحدث عن ملابسات اعتقاله في سجون الاحتلال الإسرائيلي والتجاوزات التي ترتكب داخل السجون ضد المعتلقين الفلسطينيين خاصة الأطفال الذين يتعرضون لأبشع الانتهاكات، متفقاً مع حمادة سائد في الحديث "إسرائيل تلفق التهم للأطفال الفلسطينيين لاعتقال أكبر عدد منهم لإرهابهم وتخويفهم من أجل زرع شعور الجبن والخوف لديهم حتى لا يتربوا على المقاومة والرفض الوجودي للكيان المحتل"، قائلا "بينما هؤلاء الأطفال يٌعتقلوا بسبب إلقاء الحجارة والمولوتوف على شرطة الاحتلال نلاحظ أنهم يعاقبوا بتهم أخرى داخل السجون الإسرائيلية، حيث يتم تحويل قضاياهم إلى ملفات أمنية حتى (يحاكموا بالتخطيط بارتكاب هجمات إرهابية)".
 
وحول صفقة تبادل الأسرى التي بموجبها أطلق سراح عباسي، قال إن "الأسرى المحررين مؤخراً من سجون الاحتلال لم يكونوا لديهم علم إطلاقا بأي تفاصيل حول صفقة تبادل الأسرى وأنهم علموا فقط أن هناك عدوان على غزة خلال تواجدهم في السجون الإسرائيلية"، وحول ما الذي تغير في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزةن قال "عقب 7 أكتوبر الماضي زادت الممارسات الإسرائيلية المستفزة حيث سحبت سلطات الاحتلال كافة الأجهزة الكهربائية ومنها التليفزيون"، متمنياً "لكل الأسرى الحرية والسلامة."
 
ورغم اتفاق الهدنة المستمر في قطاع غزة وبدأ تطبيقه الأسبوع الماضي، إلا إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستمر في انتهاكاته بالضفة الغربية مستهدفاً المواطنين الفلسطينيين بالرصاص الحي وقنابل الغاز، كما أنه شن حملة من الاقتحامات والاعتقالات بعدد من الأحياء بالأراضي الفلسطينية المحتلة، مواصلاً تلفيق تهم للأسرى الفلسطينيين، في حين أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت نحو 3200 مواطن من الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول المنصرم، مؤكدة أن عدد المعتقلين في سجون الاحتلال وصل إلى أكثر من 7 آلاف أسير، بينهم أكثر من 200 طفل ونحو 78 أسيرة، ومئات المرضى والجرحى، بعضهم بحاجة إلى تدخل طبي عاجل.
 
ومنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ويصعد جيش الاحتلال الاسرائيلي من عمليات الاعتقال والاقتحام والتنكيل الواسعة بصفوف المدنيين الفلسطينيين العزل، مرتكباً ممارسات بشعة إذا كان بالاعتداء والضرب المبرّح على عائلات المعتقلين، أو بارتكاب جرائم تصل إلى حد الإعدامات الميدانية بحق الشباب الفلسطيني.
 
من جانبه قال الأسير الفلسطيني المحرر محمد أحمد أعور إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لفق له تهمة إلقاء المولوتوف على سيارات جيش الاحتلال الإسرائيلي، مشيدا بصفقة تبادل الأسرى والإفراج عن عدد من الأسرى، معربا عن أمله في الإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وعبر عن رغبته في إتمام الدراسة في التوجيهي للانتقال لاحقا للدراسة في الجامعة، داعيا الشعوب العربية والإسلامية بضرورة التضامن مع الشعب الفلسطيني وأن نعيش سويا بسلام مع الطرفين، وتابع بالقول: أطمح في النجاح في دراستي والتقدم إلى الأمام وعدم الالتفات إلى الماضي."
 
وعلق رئيس هيئة الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية قدورة فارس، على أوضاع المعتقلات الإسرائيلية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أوائل أكتوبر الماضي، قائلا "انتهاكات تصل لجرائم حرب في إطار عمل انتقامي على ما يبدو"، في إشارة إلى الانتقام من المعتقلين بعد الهجمات التي شنتها الفصائل الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة، فيما عرفت بـ"طوفان الأقصى".
 
ووصف قدورة الاعتداءات بالوحشية والمتكررة ضد الأسرى في السجون الإسرائيلية والتي أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 6 من الأسرى وإصابة المئات منهم بجراح وكسور في كل أنحاء الجسم، مضيفاً أنه "سلطات الاحتلال الإسرائيلي حرمت المصابين من العلاج في سابقة، لم تحدث من قبل أن يستشهد مثل هذا العدد من الأسرى في مدة 50 يوما".
 
قدورة أضاف "كما صادرت إدارة السجون الإسرائيلية كل مقتنيات الأسرى من أجهزة تلفزيون وراديو... والأسرى يرتجفون اليوم من البرد دون أغطية ووسادات أو ملابس شتوية في عقاب جماعي يُمارس ضدهم في السجون". وتحدث عن الطعام "الوجبة التي تقدم للأسرى والتي تكفي شخصين على أقصى تقدير أصبحت تُقدم لعشرة"، مؤكدا أن "معظم الأسرى أوزانهم تناقصت خلال الخمسين يوماً الماضية، والزنازين أصبحت مكتظة بعد أن شرعت إسرائيل قانوناً يسمح بأن يُزج فيها بضعف طاقتها الاستيعابية".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق