أشقاء في المصير.. القاهرة تستضيف 3 اجتماعات سودانية تمهد الطريق لإنهاء الحرب وتحسين الأوضاع الإنسانية

السبت، 25 نوفمبر 2023 06:00 م
أشقاء في المصير.. القاهرة تستضيف 3 اجتماعات سودانية تمهد الطريق لإنهاء الحرب وتحسين الأوضاع الإنسانية
محمود علي

- قوى الحرية والتغيير تطرح الرؤية السياسية لإنهاء الحرب ومواجهة الانتهاكات المتكررة في دارفور

- حزبا الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي الأصل يتمسكان بوحدة القوى السياسية والمدنية

- مؤتمر القضايا الإنسانية السودانية بالقاهرة يناقش تحديات تعرقل توفير الاحتياجات الرئيسية للسودانيين

- الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني لـ «صوت الأمة»: شكراً مصر على ما تقدمه لنا دوماً.. والاجتماعات شددت علي وحدة السودان وسلامة أرضه 
 
«ثقوا في أن مصر ستضع دوماً نصب أعينها تماسك الكيان العربي، وصونه وحمايته، وستظل دائماً حاضرة دعماً لكم، وستبقي على أبوابها مفتوحة أمام كل أبناء العرب في سبيل الدفاع عن حاضرهم ومستقبل الأجيال القادمة».. تلك كانت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة العربية التي عقدت في نوفمبر 2022، مشيراً بوضوح إلى أولويات سياسة مصر الخارجية تجاه المنطقة العربية، وتحركها المستمر لخدمة شعوبها، فدائماً كانت القاهرة حاضرة وبقوة وخاصة خلال السنوات الماضية، لم تدخر جهداً في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار في عالمنا العربي.
 
دائما مصر كانت سباقة في مد يد العون لأشقائها العرب، واللافت أن رغم ما تشهده المنطقة من أزمات تحيط بالقاهرة جنوباً وشرقاً وغرباً، إلا أنها دائماً في الموعد، فنلاحظ اهتمامها الشديد بما يحدث في السودان من تطورات والحرص على بذل أقصى جهد لوقف أي تصعيد هناك، بالتزامن مع الدور السياسي والإنساني الذي تلعبه لوقف التصعيد في غزة، بالإضافة إلى التحركات المستمرة للحفاظ على الاستقرار في ليبيا وسوريا واليمن.
 
الأسبوع الماضي استضافت القاهرة 3 اجتماعات ناقشت خلالها تطورات الأوضاع في السودان، في إطار الجهود المصرية الساعية إلى وقف الاشتباكات التي تشهدها البلاد بين الجيش الوطني السوداني وميليشيا الدعم السريع منذ ما يقارب السبعة أشهر، والتي أدت إلى مقتل الآلاف ونزوح الملايين داخلياً والى دول الجوار، في وقت بدأ يتسلل فيه مخاوف لدى كثيرون من تقسيم البلاد وتفتيتها.

قوى الحرية والتغيير تطرح الرؤية السياسية لإنهاء الحرب
 
وكانت على رأس هذه الاجتماعات هو اجتماع قوى الحرية والتغيير السودانية والذي عقد بمشاركة سياسية واسعة، وأكد على المضي قدما لاستكمال العمل بكل صدق وجدية في أنشطة وفعاليات تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) المشكلة في اجتماعات أديس أبابا والعمل على انعقاد مؤتمرها التأسيسي، وجددت قوى التغيير تمسكها برؤيتها وموقفها الداعي لإيقاف الحرب، وحث طرفيها للانخراط بجدية في مفاوضات جدة لوضع نهاية لها وتحقيق السلام، واستعادة مسار الانتقال الديمقراطي وتأسيس جيش واحد مهني قومي والعدالة الانتقالية وجبر الضرر والتعويضات، وتأسيس عملية سياسية لا يستثنى منها إلا حزب المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته وعلى رأسها ما يسمي بالحركة الإسلاموية.
 
وناقشت اجتماعات قوى التغيير خلال جلساتها الثلاث الرؤية السياسية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام وتأسيس الدولة السودانية ما بعد الحرب، وثمن الاجتماع كل جهود وحدة القوي المدنية الديمقراطية وأمن علي ما تم مؤخرا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بإعلان تكوين تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، وشددت الاجتماعات على ضرورة تطوير وتمتين عمل تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) وزيادة فعاليتها لتصبح إطار قومي أوسع يمثل طيف واسع من فئات وقطاعات المجتمع السودان.
 
شريف محمد عثمان، الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني، علق على نتائج اجتماعات قوى التغيير في القاهرة بقوله إنه "ناقش تطورات الأوضاع في إقليم دارفور والانتهاكات الواسعة في ولاية غرب دارفور ونذر تحول الحرب إلى حرب أهلية، وهو ما يشكل تهديد كبير لسلامة ووحدة السودان في هذا الاتجاه"، لافتاً إلى أن "الاجتماع شدد علي وحدة السودان وسلامة أرضه و شعبه وحث الأطراف التي انخرطت في الحرب بي تغليب صوت العقل و الحكمة واتخاذ خيار الحل السلمي التفاوضي خياراً و حيدا لإنهاء الحرب، وإنهاء مسببات الحروب في السودان لتجنيب السودان ويلات هذه الحرب".
 
وأشار شريف محمد عثمان في تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة" إلى ما طرحه الاجتماع من خارطة طريق لإنهاء الحرب، ووضع خطة عمل لتنفيذ هذه الخارطة عبر خطوات وإجراءات محددة الأولى هي عرضها علي تنسيقية القوي المدنية الديمقراطية ( تقدم ) للتوافق حوّلها ومن ثم عرضها على قيادة القوات المسلحة و قوات الدعم السريع، موضحاً أن "خارطة الطريق تعبر عن ثمرة اتصالات مطولة ومستمرة مع طرفي الحرب في السودان"، أملاً في أن تثمر هذه المناقشات في تعزيز الجهود الإقليمية والدولية الساعية للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار.
 
وأشاد عثمان بالجهود المصرية الواسعة منذ بدء الحرب، وقال "استقبلت مصر عبر حدودها الآلاف  السودانيين بكل حفاوة، وأيضاً عقدت اجتماعاً لدول الجوار للمساهمة في إيقاف الحرب وتوصيل المساعدات الإنسانية"، موجهاً "الشكر لمصر حكومة و شعباً على هذه الجهود"، ولفت إلى أن اجتماعات قوى التغيير التي عقدت بالقاهرة قدمت كل الشكر لجمهورية مصر العربية حكومة وشعباً لتسهيل إجراءات الوصول للقادمين للاجتماع ومنح التصاريح اللازمة لعقد الاجتماع.
 
وأكد عثمان أن "استمرار حرب 15 أبريل تحمل نذر تفكيك السودان وتقسيمه، وهو ما حذرنا منه منذ الاجتماع الأول في مدينة القاهرة حيث طرحنا مهددات استمرار الحرب في ورقة عبرت عن سيناريوهات ومستقبل الحرب، موضحاً أن "التحالف أعلن تصديه لهذه المحاولات التي تعبر عن جر السودان إلى حرب أهلية أو محاولات التقسيم عبر تكوين حكومتين تشبه الوضع في ليبيا أو اليمن"، مشدداً على ضرورة وحدة السودان وحث السودانيين للتصدي لهذا المخطط داعياً دول الجوار والمؤسسات الإقليمية والدولية في الدفع في تجاه الحل السلمي التفاوضي".

حزبا الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي الأصل يتمسكان بوحدة السودان أرضاً وشعباً
 
وفي سياق متصل، احتضنت العاصمة المصرية القاهرة اجتماعا مشتركاً أخر ضم أكبر حزبين سياسيين تاريخيين في السودان وهما حزب الأمة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، حيث أصدر الحزبين بيان مشترك أكدا خلاله " أن اجتماعات القاهرة جاءت في إطار العلاقات الثنائية والتاريخية التي تجمع الحزبين، حيث شارك فيها جعفر الصادق الميرغني نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل والدكتورة مريم المنصورة الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي".
 
وقال شريف محمد عثمان، الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني، في تعليقه على هذا الاجتماع إن أي جهود سياسية مدنية تعزز في فرص وقف الحرب هي محل ترحيب بالنسبة لنا، لأن القوى المدنية والسياسية يجب أن تطلع بدورها التاريخيّ في التصدي لمحاولات جر الحرب إلى حرب أهلية أو محاولات تقسيم السودان على أي أساس وأن تتصدى لاستمرار الحرب و التجييش والحشد لها.
 
واتفق الحزبان على العمل المشترك على إيقاف الحرب وإنهاء الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد، وتشكيل لجنة مشتركة للعمل على إيصال المساعدات الإنسانية والاحتياجات الضرورية للنازحين واللاجئين من أبناء السودان تداركاً للكارثة الإنسانية التي دفع ثمنها أكثر من خمسة مليون سوداني داخل وخارج الوطن نزوحا ولجوءا، كما أكد الحزبان تمسكهما بوحدة القوى السياسية والمدنية ودعمهما كل المساعي في هذا الشأن والعمل مع الجميع للوصول لهذا الهدف وأن الحراك الثنائي للحزبين سيكون لتعضيد هذا الأمر، وجددا دعمهما لمنبر جدة وجهود الاتحاد الأفريقي والإيقاد ومبادرة دول الجوار وضرورة التنسيق بينهم، والتأكيد على وجود جيش سوداني مهني قومي ذو عقيدة قتالية واحدة يضلع بمهام الدفاع والأمن، متمسكان بوحدة السودان أرضاً وشعباً، مؤكدين رفضهما خطاب الكراهية والعمل على إشاعة روح التسامح بين مكونات الشعب السوداني المتنوعة.

مؤتمر القضايا الإنسانية يؤكد الحاجة لتقديم مساعدات إغاثية 
 
ولم تقف الاجتماعات السودانية في القاهرة هنا، بل استمرت بعقد مؤتمر القضايا الإنسانية في السودان بمشاركة عدد من مجموعات الإغاثة المحلية ومنظمات المجتمع المدني السودانية ومجموعات النازحين واللاجئين، بالإضافة إلي ممثلين عن منظمات الإغاثة الدولية العاملة في السودان ومنظمات الأمم المتحدة، حيث ركزت الاجتماعات على خمس قضايا رئيسية وهي الحماية الاجتماعية، الأمن الغذائي، النظام الصحي، العنف الجنسي المبني على النوع خلال النزاع، وقضايا الوصول والتنسيق والاستفادة من التجارب المحلية ودعمها، والمعوقات اللوجستية لوصول وتوزيع العون الانساني في السودان.
 
وركزت جلسة تحقيق الأمن الغذائي على سبل دعم قطاع الزراعة في البلاد خلال الفترة المقبلة من خلال القوانين والتشريعات التي تساعد على تحقيق ذلك، وطرح محمد العتيبي مستشار وزير الصناعة والتجارة السوداني رؤيته لحل هذه الأزمة خلال الفترة المقبلة، واقترح محمد العتيبي مستشار وزير الصناعة والتجارة السوداني تكوين آلية تنسيقية مع أصحاب المصلحة والشركاء لوضع نموذج مفاهيمي واستراتيجية وطنية طارئة وخطة عمل للقطاع التعاوني في ظل الحرب التي يشهدها السودان، داعيا كافة الأطراف بضرورة السماح داخل مناطق سيطرتهم بحرية عمل طواقم عضوية وموظفي التعاون، كما دعا إلى ضرورة دعم برامج التوعية والتثقيف والتدريب وبناء القدرات، وتفعيل تعاونيات الائتمان والادخار التعاونية.
 
وفي ورشة عمل تطرقت إلى الدعم اللوجيستي الذي يحتاجه أبناء الشعب السوداني بشكل عاجل والتحديات التي تواجه المنظمات المحلية والدولية بالخصوص، تحدث في الورشة ممثل عن "أوتشا" الذي أكد أنهم يحاولون توسيع عمليات دعم السودانيين في كافة المدن إلا أنهم يواجهون صعوبات للقيام بهذا الدور، مشيراً إلى التعقيدات الشديدة في المشهد السوداني وعدم توافر المعرفة الكافية لدى المتطوعين السودانيين حول سبل توفير الدعم، مؤكداً أن المنظمة تسعى لأن تكون حلقة وصل للأطراف السودانية مع الأطراف الدولية لتقديم المساعدات.
 
وأوضح محمد العتيبي أن غرف الطوارئ في السودان تلعب دورا في تقديم المساعدات للسودانيين، لافتا إلى أن المنظمة تبحث سبل تقديم المساعدات الإنسانية بحيث يتم توفيره على الأرض لكافة المحتاجين، مضيفا: الصراع الحالي في الخرطوم يحجم قدرتنا من إيصال المساعدات الإنسانية للعاصمة السودانية .. نبحث سبل التعاون المشترك مع عدة منظمات لإيصال المساعدات وتغيير النظام والآلية التي نعمل بها لإيصال المساعدات."
 
وأكد جهاد صلاح الدين عضو غرف الطوارئ في الخرطوم أنهم يعملون بشكل مستقل لتقديم المساعدات الإنسانية للسودانيين بعيدا عن أي صراع سياسي في البلاد، مشيرا إلى عدم وجود تحيز منهم لأي طرف أو مكون سياسي أو عسكري بالسودان، جاء ذلك خلال كلمته بالمؤتمر، موضحاً أن دور غرف الطوارئ الأساسي تقديم خدمات لتخفيف المعاناة عن السودانيين بعيداً عن أي ميول ، مشيراً لوجود متطوعين يتواجدون في مناطق تسيطر عليها ميليشيا الدعم السريع ويعانون من مضايقات عدة من أفراد الميليشيا، وانتقد عدم وجود تنسيق بين المنظمات الإقليمية والدولية التي ترسل مساعدات إلى السودان مع غرف الطوارئ التي تنشط بشكل كبير على الأرض في عدة مدن سودانية، مضيفا: "يتم تهميش دورنا من قبل الدول التي تقدم مساعدات إغاثية للشعب السوداني خلال الفترة الماضية.. نسعى للعمل مع كافة المنظمات الإقليمية والدولية والتنسيق المشترك بهدف إيصال المساعدات إلى الشعب السوداني".
 
وأشار جهاد صلاح الدين إلى أن المواطن السوداني يعاني من عدم توافر أساسيات الحياة من المياه والكهرباء في ظل ندرة المستلزمات الطبية التي يحتاجها عدد كبير من المرضى في مختلف المدن السودانية، وفي ورشة عمل حول القطاع الصحي، تحدث أحد ممثلي غرف الطوارئ عن ندرة الأدوية وعدم دخول أي عقار أو دواء إلى العاصمة الخرطوم خلال الستة أشهر الماضية، مؤكداً أنهم يتحركون لتوفير العلاج والأدوية بجهود شعبية، مشيراً إلى نجاحهم في توفير أدوية لأصحاب الأمراض المزمنة في مدينة بحري، موضحاً أن الجهات والمنظمات الدولية تتعامل بشكل بيروقراطي مع الكيانات السودانية التي تنشط على الأرض لتوفير الاحتياجات الإنسانية من علاج وغذاء للسودانيين، وفي ورشة عمل حول الحماية الاجتماعية.
 
ونجحت القاهرة خلال العقد الماضي، وتحديداً منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم؛ في تأسيس خطوات مرسومة واستراتيجية ثابتة تجاه المنطقة العربية، في سبيل "لم الشمل" والوصول بالعالم العربي إلى مرحلة الاستقرار، وخلال الشهر الماضي، استضافت مصر لقاء ليبيا على أعلى مستوى وذلك لإيجاد حلول توافقية للمسائل العالقة التي تعوق إجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات، حيث التقى رئيس البرلمان الليبي عقلية صالح برئيس مجلس الدولة محمد تكالة، لبحث الخلافات الدستورية في سبيل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت ممكن، واستعرض الجانبان تطورات الموقف الراهن في البلاد، واتفقا على استمرار التشاور حول الأزمة السياسية، للوصول إلى حل ليبي - ليبي يحقق تطلعات الشعب الليبي ومصالحه، ومن شأن هذه الاجتماعات التي جاءت برعاية مصرية أن تخرج ليبيا من مرحلة الجمود السياسي وتمهد لإجراء حوار شفاف بين مجلسي النواب والدولة داخل ليبيا لوضع حد للأزمة المستمرة منذ عقد من الزمان.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة