مسؤول أمنى إسرائيلى سابق يعترف: تغليب التكنولوجيا على الإنسان لتحقيق الأمن هو الخطأ الأفدح الذى وقعنا فيه

الإثنين، 06 نوفمبر 2023 02:21 م
مسؤول أمنى إسرائيلى سابق يعترف: تغليب التكنولوجيا على الإنسان لتحقيق الأمن هو الخطأ الأفدح الذى وقعنا فيه

اعترف المدير السابق لجهاز أمن الدولة الإسرائيلي " شين بيت " بأن الدرس الأهم المستفاد من المعارك الدائرة حاليا فى غزة هو فشل نظرية الاعتماد الكامل على التكنولوجيا المتقدمة من جانب إسرائيل لتحقيق الأمن على حساب تقزيم دور العنصر البشري، وتجاهل أجهزة الأمن الإسرائيلية المنبهرة بالتكنولوجيا دائما لحقيقة أن الفرد هو أساس الأمن . 

جاء ذلك فى مقابلة خاصة أجراها مدير شين بيت السابق مع منصة " ذى جلوبز الإخبارية " التي تصدر في تل أبيب دعا فيها إلى تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة أوجه القصور التي شابت نظرية الأمن الإسرائيلية وتطبيقاتها على الأرض بعدما تبين الآن فشلها في الحفاظ على أمن إسرائيل ضد الهجمات المعادية . 

وقال افنير بارنيا الذى يعمل حاليا خبيرا ومحاضرا في معهد الأمن القومي الإسرائيلي، وكذلك في معهد الاستخبارات الاقتصادية بجامعة بار ايلان العبرية، بعد تركه " شين بيت "، إن تغليب التكنولوجيا على الإنسان لتحقيق الأمن هو الخطأ الأفدح الذى وقعت فيه إسرائيل وهى تسعى لتأمين وجودها و حدودها ضد الاعداء . 

وأكد مدير شين بيت السابق في حديث على أن كل ما استثمرته اسرائيل فى التكنولوجيا المتقدمة للتأمين والمراقبة وصولا إلى الروبوتات الذكية والمسيرات لم يجد نفعا أمام الفلسطينيين الذين استطاعوا بمهارة تعطيل نوابض اكتشاف التسلل وكاميرات المراقبة وكذلك استهدفوا بالإعطاء منظومة أبراج إطلاق النار الألية ومراكز تحكمها والتي صارت أبراجا عمياء وصماء، كما استطاعت العناصر الفلسطينية اعطاء واستهداف مناطيد المراقبة البالونية الطائرة وإخراج عدد كبير منها من الخدمة قبل هجوم السابع من أكتوبر بأيام، وتم سحب المتبقى منها تباعا لاسباب غير معلومة . 

وكشف المسئول الأمنى الإسرائيلى السابق أنه اعتبارا من العام 2014 بدأت أجهزة الأمن الإسرائيلية تقليل الاعتماد على"العملاء الفلسطينيين" بعدما تبين قيامهم بالتضليل المتعمد لمشغليهم من الضباط الإسرائيليين، ومن ثم اتجهت إسرائيل في المقابل إلى تعظيم الاعتماد على التكنولوجيا العالية كسياج أمان على الأرض وعلى القبة الحديدية كسياج أمان فى الجو ضد التهديدات المعادية، معتقده ان ذلك هو الخيار الأفضل لها مع تقليل الاعتماد على العنصر البشرى فكانت الصدمة الكبرى فى السابع من أكتوبر الماضى . 

وتحدث المسئول الأمنى الاسرائيلى السابق عن تشابه تجربة الجدار العازل فى إسرائيل مع تجربة حائط برلين الذى فصل شرق ألمانيا عن غربها بدءا من العام 1961 لمنع تسلل الألمان من جانب إلى آخر، وكيف أن كلاهما لم يحقق أمنا الأمن الكامل برغم تكنولوجيتهما العالية . 

وقال إن حائط برلين هو حائط خرساني امتد بناؤه حتى أخر السبعينيات وروعى فى بنائه الممتد على مسافة 127 كيلومترا إقامة سلسلة من الموانع المكهربة وأبراج الحراسة والأسلاك الشائكة جنبا إلى جنب مع دوريات المراقبة الراجلة والراكبة وخنادق منع تسلل العربات واستخدام الكلاب المدربة على التحرى لتعقب أى متسلل وبرغم ذلك لم يحل جدار برلين دون وقوع عمليات التسلل بين شطرى المانيا الشرقى والغربى . 

واستطرد المسئول الأمنى السابق أن الجدار الإسرائيلي الذى يعزلها عن المناطق الفلسطينية يطوق غزة و يحول دون اتصالها بغلافها وقد اكتمل بناؤه في ديسمبر 2021 اى بعد مرور 60 عاما على بدء بناء جدار برلين لكننا فى اسرائيل "لم نستخلص العبر من سور برلين" الى أن جاءت تجربة الصراع الناشب منذ السابع من اكتوبر فى غزة لتثبت ان اسراف اسرائيل فى الاعتماد على التكنولوجيا العالية فقط فى تأمين نفسها ضد ما وراء الجدار العازل كان تجربة فاشله و كان السابع من اكتوبر شاهدا على هذا الفشل . 

واضاف "لقد غابت أعين الرقابة البشرية عن جدار إسرائيل العازل غيابا شبه تام واكتفت إسرائيل بأجهزة الاستشعار والنوابض الحساسة وكاميرات المراقبة و الدوريات الراكبة بين الحين والآخر كبديل عن عناصر التأمين البشرى والخدمة الراجلة لمراقبة هذا الجدار العازل لإسرائيل و ما يدور خلفه" . 

واعترف مدير شين بيت السابق إن الجدار العازل بكل ما به من تكنولوجيا مراقبة واستشعار قد تعرض لعمليات اختراق ناجحة فى العام 2014 من الفصائل الفلسطينية التى حفرت انفاقا تحت الجدار العازل ودخلت من خلالها إلى المستوطنات المتاخمه له . 

وقال إنه فى العام 2016 فطنت إسرائيل إلى ضرورة تطوير الجدار العازل لكى يكون مضادا للانفاق إذا حاولت الفصائل الفلسطينية بناءها أسفله وهو ما تم فى مشروع سرى اطلق عليه جهاز شين بيت " عملية المزولة – sand clock" حيث صار للجدار العازل الإسرائيلى امتداداته تحت الأرض وفوق الأرض أيضا . 

وكشف كذلك عن أن تصميم هذا الجدار العازل بصورته الجديدة قد تكلف 3.5 مليار شيكل، وأن خبراء هندسة أمريكيين قد ساهموا فى تصميمه، كما ابدى رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب إعجابا بفكرته، واراد أن يحاكيها لتأمين الحدود الأمريكية الجنوبية مع المكسيك ضد عمليات التسلل للمهاجرين غير الشرعيين . 

وقال مدير شين بيت السابق إن حجم الخرسانة المسلحة التى استعملتها إسرائيل لبناء جدارها العازل فوق الأرض وتحت الأرض حول غزة يكفى لتعبيد طريق من " اسرائل الى بلغاريا " على سبيل المثال ، كما ان اسياخ الفولاذ التى استعملتها اسرائيل فى بناء الجدار العازل تكفى للوصل بين " اسرائيل و استراليا " . 

وبحسب المسئول الاسرائيلى السابق " عبثا ظن مخططوا الأمن الاسرائيليين أن الجدار العازل بتصميمه الجديد والمعتمد على التكنولوجيا العالية سيحميهم من اية تهديدات قادمة من غزة على الأرض فى وقت تعمل فيه منظومة القبة الحديدية على حماية اسرائيل من اية تهديدات صاروخية معادية قادمة من غزة عبر الجو " . 

وأضاف " وحيث يرى الأمن الاسرائيلى فى شمال غزة نقطة التهديد الاكبر ، شرعت وزارة الدفاع و الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية فى تعزيز الجدار العازل لشمال غزه بتكنولوجيا فائقة التقدم اذ استخدمت روبوتات ذكية و متحركة للقيام بعمليات التمشيط و المراقبة المتحركة " كبديل عن استخدام افراد الجيش فى تلك المهام " و استحدثت الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية منظومة مراقبة جوية استطلاعية بالمسيرات " كبديل عن قوات المراقبة و الاستطلاع فى افراد الجيش الاسرائيلى " وذلك بقصد عدم تعريض حياة الجنود الى الخطر . 

و بحسب كلام مدير شين بيت السابق .. كانت المفاجأة فى السابع من اكتوبر الماضى لاجهزة الأمن الاسرائيلية و الجيش ان كافة تلك الاستحكامات الاضافية عالية التقنية للجدار الخرسانى العازل المعزز بكافة اشكال التكنولوجيا المتقدمة لم تجعله الجهة الاكثر أمنا ضد الهجمات المعادية بل كان الثغرة الاضعف انكشافا بما سمح بتسلل عناصر الفصائل الفلسطينية الى عمق غلاف غزة ، ثم حدث ما حدث بعد ذلك . 

واستطرد " الفلسطينيون لم يلتفوا على الجدار العازل من خلال بناء خنادق اسفله بل اخترقوا جسم الجدار ذاته بكل ما فيه من تكنولوجيا متطورة للمراقبة واكتشاف المتسللين ، كما ان ارتفاع الجدار لم يقف حائلا امام الرشقات الصاروخية القادمة من غزة جوا " . 

وبالنسبة لاسطول الطيران المسير الاسرائيلى الذى يتسم بقدرته على التشويش الاشارى على المسيرات المعادية و اثبت قدرة على التصدى للبالونات الحارقة التى سبق للفلسطينيين استخدامها ضد القوات الاسرائيلية ، فقد تعطلت قدرة الاسطول الجوى المسير لاسرائيل لاسباب غير مفهومة حتى الآن عن اداء هذا الدور . 

كذلك منظومات التشويش الاشارى التى تستهدف اعاقة عمل مسيرات الفصائل الفلسطينية الاستطلاعية و الانتحارية هى الاخرى " تعطلت " لاسباب غير واضحة بدءا من السابع من اكتوبر الماضى تاركة السماء الاسرائيلية مرتعا للمسيرات الفلسطينية الانتحارية ، و قال ان المعلومات الاولية فى هذا الشأن هو قيام عناصر الفصائل الفلسطينية بعملية تسلل ناجحة لقواعد التشغيل الارضى للطيران الاسرائيلى المسير الواقعة فى غلاف غزة و تعطيل منظومة الاتصال و التوجيه الخاصة بها و فك شفرة التشغيل الخاصة بها و من ثم تعطيل عملها . 

وحول عمليات الإغارة التى يقوم بها الطيران الحربي الاسرائيلي لتحويل غزة الى ارض محروقة ، قال مدير شين بين السابق " لقد حاولت الولايات المتحدة عبثا فعل نفس الشىء فى فيتنام فى الفترة من 1965 و حتى 1968 وفى نهاية الأمر فشلت و انتصر المقاتلون الفيتناميون المتشبثين بالارض و بأسلحتهم العتيقة و بنفس سيناريوهات ما يفعله الفلسطينيون اليوم حيث حفر الفيتناميون انفاقا تشبه تلك التى لدى الفصائل الفلسطينية الآن ، و كانت الخسائر الامريكية كبيرة للغاية و اضطرت معها الولايات المتحدة الى الخروج من فيتنام بعد فشل قاذفات بى – 52 الامريكية الثقيلة فى حسم المعارك من الجو . 

وأشارت المنصة الاخبارية الإسرائيلية إلى ما كشفه مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق اهارون زائيف قبل يومين عن وجود جهاز أمني اسرائيلي خاص بالتنسيق بين جيش الدفاع الاسرائيلى كقوات و تشكيلات و أركان و بين وزارة الدفاع الاسرائيلية ذات الطابع السياسى ، وقال ان هذا الجهاز المستحدث يسمى وحدة " شيلوح – Shiloh " و تحددت اختصاصاتها بأنها التنسيق بين فرع البحوث و التطوير فى وزارة الدفاع الاسرائيلية و بين رئاسة اركان الجيش و الاستخبارات العسكرية . 

 


 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق