"الطفل فى المغارة وأمّه مريم وجهان يبكيان، يبكيان، لأجل من تشرّدوا، لأجل أطفال بلا منازل، لأجل من دافع واستشهد فى المداخل، واستشهد السلام فى وطن السلام، وسقط العدل على المداخل، سقط العدل سقط العدل، سقط العدل على المداخل، الغضب الساطع آتٍ سأمرُّ على الأحزان، من كل طريق آتٍ بجياد الرهبة آتٍ، وكوجه الله الغامر آتٍ آتٍ آتٍ، لن يقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلّى، سأدقّ على الأبواب وسأفتحها الأبواب، وستغسل يا نهر الأردن، وجهى بمياه قدسية، وستمحو يا نهر الأردن، آثار القدم الهمجية"، كانت هذه كلمات أغنية "زهرة المدائن" للرائعة اللبنانية فيروز، تلخص كثيرا مما نعيشه اليوم من همجية الاحتلال الذى يمارس تطهير عرقى ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة، وثبات للعائلات فى القطاع أمام تلك الهجمة الجنونة وصمت عالمى تجاه الجرائم المرتكبة.
جرائم الاحتلال ضد الصحفيين الفلسطينيينلم تكن الحلقة الأولى من "صحفيون تحت مطرقة الاحتلال وسندان سجونه" هى الأصعب، بل ما ستقرأه فى السطور القادمة ستكشف حجم معاناة صحفيين كل ذنبهم أنهم فلسطينيون، يعيشون فى حالة رعب وقلب كل يوم، نهارا وليلا، البعض فقد أسرته، والبعض يعيش بعيدا عن أسرته ولا يعرف عنهم شيء، الثالث لا يستطيع توفير ما تحتاجه أسرته بسبب الحصار المفروض من الاحتلال على القطاع، يكف أن تعرف أنه يوم الثلاثاء الماضى عندما نشرنا الحلقة الأولى من الملف كان عدد الشهداء من الصحفيين 13، والآن العدد وصل إلى 19 صحفيا، وما زال القصف مستمرا دون رحمة أو شفقة بمدنيين عزل، وضحايا أغلبهم من الأطفال والنساء.
صحفيون يعيشون فى أخطر بقعة على وجه الأرض فى هذا الزمان، القتل يأتيهم من كل مكان، بحرا وجوا، مع تعهد إسرائيلى بغزو برى، مجازر ترتكب وتطال العمارات والمستشفيات ودور العبادة، لم يعد هناك مكان آمن يستطيع فيه المواطن الفلسطينى أن يقيم، فهو ينتظر بين ساعة وأخرى قصف صاروخى قد يضرب بيته أو المدرسة التى نزح إليها هو أسرته، أو المستشفى التى يعالج فيها أقاربه، أو دور العبادة التى يتقرب فيها إلى الله، كل مكان هو معرض للقصف، وسط ترهيب من الاحتلال لتهجير الفلسطينيين من شمال القطاع إلى الجنوب.
وسط هذا الرعب، هناك صحفيون وإعلاميون يسعون لتوثيق تلك الجرائم، يشاهدون يوميا تلك الوقائع المرعبة، يعملون ميدانيا ويتفقدون الضحايا ويتابعون القصف، بعضهم أصبح مشردا، والبعض الأخر فقد عائلته، لذلك فضلنا استكمال هذا الملف، لتسليط الضوء أكثر على معاناة الصحفيين الفلسطينيين، وحجم الضغوط التى لا يمكن أن يتحملها بشر، ولكن كتب عليهم أن يتحملوها لأنهم فقط فلسطينيين.
الصحفى الفلسطينى، يترقب كل ساعة، بل كل دقيقة وكل ثانية، لا يعلم ما إذا كان النفس الذى دخل له سيخرج أم لا، فقد تفاجئه طائرات الاحتلال بقصف فى مكان عمله أو وهو بين أسرته، يعيش فى توتر وقلق خلال الـ24 ساعة، يسمع أنباء استشهاد أقاربه وأصدقائه، يضطر لتغطية الأحداث ميدانيا فيشاهد صباحا ومساء جثث وأشلاء متناثرة فيضطر لتغطية تلك الوقائع، وقد يعود للمنزل فلا يجد طعاما بسبب الحصار المفروض على القطاع ومنع دخول المياه والطعام والوقود، وانقطاع الكهرباء، بل قد يضطر إلى عدم العودة لبيته بسبب قيام طائرات الاحتلال بقصف المدينة التى يقطن بها، يظن أنه نائم ويحلم بكابوسا ولكن عندما ينظر حوله يرى أن هذا ليس حلما بل واقع مظلم فرض عليه فرضا من احتلال لا يحترم دين أو إنسانية أو أى قوانين وأعراف دولية.
زياد المقيد صحفى فلسطينى استشهدت زوجته وأبنائه الـ4الواقعة الأصعب هى للصحفى الفلسطينى زياد المقيد صحفى، المقيم فى غزة، والذى فقط زوجته وأبنائه الذين استشهدوا بقصف من طائرات الاحتلال على المنزل الذى يقطن عائلته فيه، حرم "زياد" من نعمة الأسرة بسبب عدوان غاشم أجبره على ألا يرى زوجته وأبنائه الأربعة مرة أخرى، ليضطر إلى جمع أشلائهم ويكفنهم جميعا فى كفن واحد، وأصبح عليه أن يعيش وحيدا فى هذا العالم، يشاهد يوميا القصف ويفقد مزيدا من أفراد العائلة والجيران والأصدقاء.
زياد الذى ودع أسرته قبل بداية العدوان الإسرائيلى على القطاع ذاهبنا إلى عمله، لم يكن يعلم أنها المرة الأخيرة التى سيراهم فيها، كان يعتقد أنه يوما عاديا سيذهب ويعود ليجلس وسط أسرته، ولكن يشاء القدر أن تشن قوات الاحتلال غاراتها ضد الأماكن السكنية، ويظل لعدة أيام غير قادر على العودة لأسرته، ثم يسمع خبر استشهادهم من الجيران ليذهب لتكفينهم ودفنهم.
تواصلنا مع الصحفى زياد المقيد، والذى قال:"هذا العدوان هو الأصعب، زوجتى وأبنائى استشهدوا، لم يعد هناك طعما للحياه من بعدهم، لقد تلقيت الخبر فى 17 أكتوبر، يوم الثلاثاء الماضى، ومنذ ذلك الحين ونفسيتى سيئة للغابة بعد استشهادهم جميعا".
يسرد الصحفى زياد المقيد تفاصيل الجريمة قائلا:"منذ بداية الحرب على غزة، وقصف الاحتلال للقطاع وأنا لم ألتق بأسرتى، إلا يوم استشهادهم، عملى منعنى من إمكانية الوصول إليهم فى بداية العدوان، وذهبت يوم 17 أكتوبر بعد أن علمت باستشهادهم كى أودعهم وأكفنهم".
استهداف منازل الصحفيين ليس أمرا مقصورا على الصحفى زياد المقيد، بل أنه وفقا للبيان الصادر من نقابة الصحفيين الفلسطينيين، يوم الخميس الماضى 19 أكتوبر، فإن فى اليوم العاشر للتصعيد تم قصف حوالى 20 منزل للصحفيين بشكل كامل والبعض بشكل جزئى، اتخذ جيش الاحتلال الإسرائيلى تصعيدا جديدًا عى قصف منازل عدد من الصحفيين على رؤوس ساكنيهم مما أدى إلى إصابة واستشهاد أفراد عائلاتهم عرف منهم، قصف منزل الصحفى وليد الرحمن ورامى الشرافى، وهم أعضاء الهيئات القيادية لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، استشهاد زوجة الصحفى سامح مراد “وهو صحفى حر وعمل فى هذه الأيام مع العربية فترة العدوان” وإصابة باقى أسرته باستهداف النازحين الذين خرجوا تجاه خانيونس، استهداف منزل الصحفى مثنى النجار واصابة واستشهاد افراد من عائلته، تدمير منزل واستشهاد عائلة الصحفى صالح المصرى، وتدمير منزل الصحفية خولة الخالدى ونزوحها وعائلتها منه، قصف منزل الصحفى أشرف سحويل وانتشال عائلته من تحت الأنقاض بعد 5 ساعات، قصف منزل الصحفى لؤى الغول، قصف منزل الصحفى صالح المصرى واستشهاد شقيقه، قصف منزل الصحفية خولة الخالدى، قصف منزل الصحفى معتصم مرتجى، وحتى تاريخ هذا التحديث أصبح من الصعب حصر الإعداد والأسماء الصحفيين الذين فجعوا بفقدان منازلهم وعائلاهم".
قد يكون زياد قد شاهد فيلما تراجيديا يحكى عن رجل تمنى رؤية زوجته وأبنائه قبل أن يفارقونه للأبد، أو فيلما رومانسيا لزوج يعشق أسرته، ويحلم بهم يوميا ويتمنى رؤية زوجته التى لا يستطيع أن يصل إليها بسبب ظروف الحرب ولكن تظل صورتها دائما فى ذهنه لا تغيب، وقد يكون قد شاهد أحد أفلام الرعب التى تتضمن مشاهد قتل وحروب وقصف بالصواريخ على الأماكن السكنية وضحايا بالآلاف، ولكن بالتأكيد أنه لم يكن يتوقع أن هذا سيتحقق على أرض الواقع، ويكون هو بطل هذا المشهد، الزوج الذى فقط أسرته بالكامل فى حرب إبادة جماعية تمارس ضد شعب فلسطين، ولم يستطع رؤيتهما قبل استشهادهم بسبب ظروف عمله.
ويتابع الصحفى زياد المقيد قائلا:"الاحتلال يتعمد سياسة الأرض المحروقة، حيث هدم وقصف البيوت دون إنذار، ويتعمد قصف التجمعات السكانية، وفى الحقيقة الاحتلال لا يفرق بين أحد، ويتعمد استهداف الصحفيين حتى لا يتم تغطيه جرائمهم، فهناك العشرات من الصحفيين الشهداء".
ويشرح الصحفى الفلسطينى معاناته خلال عمله على تغطية أحداث العدوان على غزة قائلا أن العمل فى الميدان صعب للغاية، وعليك العمل بحذر شديد لأن القصف مستمر ومتصاعد بشكل كبير، ولا يوجد مكان آمن على الإطلاق، فأى مكان سواء مؤسسة إعلامية أو مستشفى أو مدرسة أو مبنى مستهدف بقصف الاحتلال".
"ما حكَّ جلدكَ مثلُ ظفركَ"، كان هذا هو المثل الذى استشهد به زياد المقيد، وهو يرد على سؤالنا له عن صمت المجتمع الدولى عن الجرائم التى يرتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة، متابعا:"الغرب أنظمة مخزية، وقدرنا أننا فى غزة ندافع عن كل الأمة الإسلامية، ولا نسمع من المجتمع الدولى إلا شعارات فارغة".
وبشأن رسالته للعالم يقول:" لابد من سرعة وقف المجازر التى تستهدف المدنيين الأبرياء، وفتح المعابر، وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، ووقف هذا العدوان الوحشي"، ما يريد زياد المقيد على مخطط الاحتلال لتهجير الفلسطينيين قسرا قائلا:"شعبنا صامد فى أرضه ولن يقبل مطلقا بمخططات التهجير والتشريد".
لؤى الغول صحفى قصف الاحتلال منزلهكانت هذه هى قصة أليمة للصحفى زياد المقيد الذى فقد أسرته بالكامل، ولكن القصة المقبلة مع صحفى فلسطينى تعرض منزله للقصف، وأصبح بلا منزل هو واسرته، أنه لؤى الغول مدير نقابة الصحفيين فى غزة، الذى قصف الاحتلال منزله خلال الأيام الماضية حيث يشرح حجم معاناته من العدوان الإسرائيلى:"حجم الرعب والخوف والقلق كبير أولا الخوف فى عملك خلال التغطية الإعلامية، والثانى خوفك ورعبك على أولادك وأهلك وأقاربك".
ويضيف مدير نقابة الصحفيين فى غزة: "لا يوجد مقر عمل للصحفيين، فالعمل يكون من خلال الميدان والمستشفيات، ونعانى من إرهاق كبير، وقلة بالكهرباء والمياه والإنترنت والطعام، وخوفك خلال العمل كيف توفر لأولادك المياه والطعام وكهرباء أو حتى كيف تتواصل معهم".
"فقدنا الكثير من الزملاء الصحفيين وجزء فقد عائلته"، يحكى لؤى الغول صراخ ومعاناة زملائه الصحفيين فى غزة قائلا: "الشعور صعب للغاية، لا يوصف، فالخوف والرعب من كل مكان وبكل تفاصيل الحياة، بل لا يوجد حياة"، خلال 24 ساعة أنت فى قلق وتوتر وخوف الذى يحيط بك من كل مكان وخوفك على نفسك وخوفك على أسرتك وتعب وإرهاق لا نوم لا راحة، والتفكير المستمر بتوفير أساسيات الحياة لأهلك، وهناك مجموعة كبيرة من الزملاء الصحفيين شهداء ومصابين".
كما يحكى مدير نقابة الصحفيين فى غزة، كيف قصف الاحتلال منزله قائلا:"أنا بيتى تعرض لأضرار كبيرة جراء قصف مسجد مجاور لمنزلى وأصيب أخى وابن أخى حينما كنت بالتغطية الصحفية ومتابعة الصحفيين لتوفير لهم حزم إنترنت وشنط إسعاف أولية، وبطاريات بور بانك، ولم يعد هناك شعور ولو بسيط بالأمن".
وحول كيف يمارس الصحفيون عملهم فى ظل استمرار القصف الإسرائيلى يقول لؤى الغول:"تم قصف العديد الكبير من مقرات المؤسسات الإعلامية والصحفية، وأصبح جزء كبير من الصحفيين يعملون من داخل المستشفيات، والصحفى يشاهد الموت كل لحظة، وظروف الصحفى صعبة للغاية ومحفوفة بالمخاطر والموت والدمار والإرهاق، فإذا كان المواطن الفلسطينى يعانى مرة فالصحفى يعانى 100 مرة نظرا لحجم المشاهد الذى يشاهدها من قتل الأطفال والنساء وخوفوه من تلك المشاهد المرعبة".
أسامة الدحدوح مراسل وإعلامى فلسطينى استشهد أقاربه وهو يعمل على الهواءحكاية الصحفى والإعلامى أسامة الدحدوح مراسل ومقدم برامج فى قناة فلسطين اليوم فى غزة، تدمى القلوب، هذا الصحفى الذى فقد بعض أفراد عائلته وهو يعمل لتليفزيون فلسطين على الهواء، حيث يقول: "منذ 15 يوما لم نغادر الميدان ونحن نتواجد فى محيط مستشفى الشفاء الطبى من أجل التغطية المتواصلة والخروج برسائل وإيصال الصورة للعالم أجمع، حيث نتحدث عن استمرار العدوان الإسرائيلى بهجمة شرسة بوتيرة مرتفعة وبقوة تدميرية غير مسبوقة وسقوط شهداء بإعداد لم تمر علينا مطلقا ".
ويحكى أسامة الدحدوح عن حجم معاناته خلال تغطية الجرائم الإسرائيلية على غزة قائلا:"لم يحدث فى أى مكان بأن نحصى بأنفسنا إعداد الشهداء والإصابات ولا يحدثنا عنها أحد ولا تحدثنا عنها وزارة الصحة الفلسطينية بل نحن بأعيننا نشاهد هذه الأشلاء الممزقة والجثامين المتفحمة والإصابات التى 80 % منها من متوسطة إلى حرجة ".
وبشأن طرق تواصله مع عائلته حلال عمله يقول:"من خلال تواجدنا وانقطاعنا عن العالم الخارجى، نفتقد كثيرا التواصل مع عائلتنا وأزواجنا وأبنائنا وبحجم الفقد وبحجم الأشياء التى يكون بحاجة إليها أطفالنا وأزواجنا وأمهاتنا وابائنا وأخواتنا فى ظل هذه الظروف الغاية فى الصعوبة لا نستطيع أن نتواصل معهم، خاصة أنه لا يوجد مكان أمن يمكن أن ننقل إليه عائلاتنا وبالتالى نحن نتركهم للقدر فقط ونذهب إلى عملنا فى ظل هذه الظروف الصعبة وهم يبقون فى حالة من القلق علينا ونحن كذلك نبقى فى حالة من القلق عليهم فى ظل استمرار القصف".
ويسرد أسامة الدحدوح أصعب 3 مشاهد مرت عليه منذ بداية العدوان الإسرائيلى على غزة، حيث يقول:"فى أحد الليالى التى كانت أشد صعوبة على شخصيا حينما استهدف الاحتلال بحزام نارى بغارات مكثفة ومركزية بمنطقة حى تل الهوا وهى المنطقة التى أسكن فيها، وأتصل بى شقيقى وزوجتى وطلبوا منى أن أدعو لهم فقط بالنجاه، وفى هذه الليلة العصبة كدت لا استطيع أن أسير على قدماى من شدة ما تأثرت بذلك وتوقعت أن تستشهد العائلة ولكن بحمد الله عز وجل نجت العائلة بأعجوبة، ومن المشاهد الصعبة أيضا استشهاد أقاربى ونحن على الهواء مباشرة حينما كانت تأتى سيارة الإسعاف وننظر إلى هؤلاء الشهداء من أى منطقة وما الذى حدث، ففوجئت أن الشهداء هم ابن عمى وابن أخى، وأقارب آخرين استشهدوا ضمن مجموعة الشهداء الذين جاءوا عبر سيارة الإسعاف وأنا على الهواء مباشرة، وكذلك من أصعب المشاهد، استشهاد الزملاء، حيث استشهد زميل صحفى لنا وهو مديرنا فى مكتب فلسطين اليوم فى غزة الصحفى محمد بعلوشة ونحن كنا من أرسلنا إلى بيته سيارة الإسعاف من أجل إنقاذه ولكن ساء القدر أن يرتقى شهيدا فكانت هذه من المشاهد الغاية فى الصعوبة من خلال عملنا فى الإعلام، بجانب انقطاع الاتصال والإنترنت وعدم وجود منطقة آمنة كل هذا آثر علينا بشكل كبير".
ووجه أسامة الدحدوح رسالته للمجتمع الدولى، والنقابات المهنية حول العالم قائلا:"الذين ندعوه نحن الصحفيون الفلسطينيون أن يواصل هذا العالم رسالته وأن ينصر فلسطين والقصية الفلسطينية، ونريد منهم إظهار الحقيقة وأن ما يرتكبه الاحتلال ضد قطاع غزة هو إبادة جماعية وتطهير عرقى يمارس منذ أكثر من أسبوعين، ويجب على العالم بأسره والصحفيين العرب والأجانب والكتاب وكل من يمكنه إيصال صوت الحقيقة أن يؤكد أننا نعانى من هذا التطهير العرقى فى قطاع غزة وعليهم التحرك، كما ندعو كل النقابات العربية والإسلامية والدولية التحرك من أجل دعم الصحفى الفلسطينى وحمايته، فحتى الآن استشهد ما يقرب من 19 صحفيا فى هذا العدوان الذى ما زال مستمرا على القطاع، وشكرا لكل من دعم فلسطين ووقف معها بالصوت والصورة والقلم".
الصحفى علاء توحيد لا يستطيع رؤية عائلته بسبب استمرار القصف
قصو أخرى من القصف المؤلمة، التى تملأ مدن غزة وضواحيها، قصة الصحفى الفلسطينى علاء توحيد، الذى يعمل بعيدا عن أسرته ولا يستطيع أن يذهب لرؤيتهم والاطمئنان عليهم، حيث يشرح فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" معاناته قائلا:"المعاناة تمثلت أولا فى عدم رؤيتى لزوجتى وأطفالى فهم فى منطقة، وعائلتى فى منطقة آخرى، وأنا أتحرك فى المناطق لتغطية الأحداث تحت القصف والصواريخ، واليوم اضطررنا لمغادرة مكتبنا المؤقت بعد اشتداد القصف بجانبه ".
ويضيف علاء توحيد كاشفا عن أصعب المشاهد التى يعيشها خلال قصف احتلال للقطاع قائلا:" من أصعب المشاهد استشهاد عدد من زملائى سواء أثناء تواجدهم خلال تغطيتهم الصحفية أو داخل منازلهم، والوضع هنا لا يُطاق فى ظل عدوان اشم يستهدف المدنيين العزل".
ويتابع الصحفى الفلسطينى:"جيش الاحتلال مصمم على استهداف المدنيين والآمنين سواء فى المنشآت الصحية أو الأماكن التابعة للأمم المتحدة كالمدارس، ليس هناك مكان آمن فى قطاع غزة، فقد طلب الاحتلال من المواطنين فى مدينة غزة وشمالها الذهاب إلى الجنوب وتم استهدافهم هناك ما أحدث مجازر بشعة بحق الأطفال والنساء وهم النسبة الأعلى من بين إعداد الشهداء منذ بدء العدوان".
أحمد جرعون صحفى فلسطينى فى رام الله يكشف تهديدات الاحتلال للجماعة الصحفية بالضفة العربية
كان هذا هو حال الصحفيين فى قطاع غزة الذى يشهد جريمة إبادة جماعية، بينما فى الضفة الغربية الأمر لا يختلف كثيرا، بل الاختلال الوحيد أنه لا يوجد قصف بالطائرات، ولكن هناك استهداف بالرصاص واعتقالات وتضييق فى العمل وغيرها من أشكال القمع التى يمارسها الاحتلال ضد الصحفيين الفلسطينيين، وهو ما يكشفه الصحفى الفلسطينى أحمد جرعون، المقيم فى مدينة رام الله حيث يقول: "فى الأراضى الفلسطينية المحتلة لا يتعامل الاحتلال مع الصحفيين كجِسم مُختلف عن باقى الفلسطينيين من استهداف بجميع أدوات القمع فى مناطق الاحتكاك والحروب، فحتى الآن هناك 16 عشر شهيدًا من الجسم الصحفى فى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إضافة إلى صحفيا لبنانيا".
ويضيف أحمد جرعون: "هناك عدد كبير من الصحفيين الذين يتعرضون لسياسة تكميم الأفواه فى الضفة الغربية من تقييد لحرياتهم فى كتابة مايحدُث، وهناك عدد لا بأس فيه تم اعتقاله منذ بداية الأزمة الأخيرة التمثل فى القصف الإسرائيلى على غزة، بالإضافة إلى إغلاق مؤسسات إعلامية وصفحات إلكترونية ومواقع واعتقال العاملين فيها".
ويشرح الصحفى الفلسطينى أحمد جرعون معاناة الصحفيين الفلسطينيين فى الضفة قائلا:"كثير من الصحفيين تم اعتقالهم من الاحتلال وبعضهم يَخضع لمراقبة دائمة وهذه الممارسات دَفعت الكثير من الصحفيين لعدم متابعة الأخبار ونَقلها وإيصالها للجمهور خوفًا على حياتهم، فهناك أخلاقيات وقوانين تَحكُم مهنة الصحافة ونتمنى أن تُلزم النقابات والمؤسسات المختصة فى حماية الصحفيين، إسرائيل باحترام حقوق الصحفيين فى نقل المعلومة والصورة بحرية ودون خوف على حياتهم وعائلاتهم والملاحقة".