المقاومة بمن حضر
السبت، 21 أكتوبر 2023 05:44 م
في قلب الاحتفال بمرور نصف قرن على معركة اقتحام قناة السويس وتدمير خط بارليف استلهم المناضل الفلسطيني ما صنعه شقيقه المصري
كان يوم معركة اقتحام قناة السويس وتدمير خط بارليف من الأيام الصالحة التي خلقت لتبقى ولتمكث في الأرض، بوصفها مخزونًا يستلهمه كل مقاوم مناضل من أجل الخير والحق والجمال.
وفي قلب الاحتفال بمرور نصف قرن على معركة الاقتحام الجسور، استلهم المناضل الفلسطيني ما صنعه شقيقه المصري، فكان طوفان الأقصى المبارك، والمبارك صفة للأقصى ولطوفانه.
نظر الفلسطيني حوله فتأكد له أن المقاومة بمن حضر من رجال وسلاح، ففعلها في غير خوف ولا ارتعاش.
ثم أدرك الفلسطيني شأن شقيقه المصري أن الشجاعة بمفردها لا تكفي لنصرة قضيته، فالشجاعة التي لا تحكما خطة ولا عقلية مرتبة تحسب لكل خطوة حسابها ستؤدي إلى الفوضى، التي هي البوابة الملكية للهلاك.
الفلسطيني الشجاع الحكيم، عرف بدء القصة وختامها، القصة هي في تعانق الشجاعة مع الحكمة.
ظهرت الحكمة عندما اعتمد المقاوم على الخطة المصرية القديمة الملهمة، خطة خداع استراتيجي واسع وعميق، فقد تناوم المقاوم فظن العدو أن تناومه موت، وسكت المقاوم فظن العدو سكوته خرسًا، وتجاهل المقاوم فظن العدم تجاهلًا طلاقًا بائنًا لقضيته، ثم في لحظة قررها المقاوم بمفرده فتح المقاوم بوابات كل السدود فكان الطوفان المبارك.
إن تلك السرية وضبط إيقاع المقاومين لأمر جدير بالتدريس في أرقى معاهد وكليات العلوم العسكرية، طوفان لم تسبقه أدنى إشارة، طوفان مفاجئ زلزل العالم وأعاد رسم الخريطة، فأي مهارة تلك وأي شجاعة وأي حكمة.
مع نجاح خطة الخداع الاستراتيجي، جاءت لحظة حصد ثمار العمل الجاد المنظم الذي وفر للمقاومين سلاحًا، جعل أحصن مدن العدو تحت رحمة ضربات المقاومين.
أن يصنع المقاوم المحاصر الفقير سلاحًا لهو أمر عظيم خطير جليل، إنه ببساطة يقتل اليأس ويحيي الأمل في النفوس، الهزيمة ليست قدرًا إلهيًا، لعق الجراح ليس مهمة الأمم الأولى، الفرار ليس فرضًا وقدرًا.
كل المعاني السلبية التي يريد بعضهم ترسيخها ذهبت مع أول تكبيرة صدرت من أفواه المقاومين ومن قلوبهم.
إن نجاح المقاومة الفلسطينية في إعادة المشهد المصري وكأن عشرات السنين لم تمر، أصاب رعاة العدو بأقصى حالات الجنون، فالرعاة هم الذين يقودون المعركة الإعلان على كافة الأصعدة، وخاصة الصعيد الإعلامي الذي تتكدس على ضفافه كل أنواع وألوان الأكاذيب، التي تريد وصم المقاومة بالإرهاب والعدوان على المدنيين، وقد تورط كبار ساسة الرعاة في كلام منكر أراد به النيل من المقاومة، ثم سبحان الله تراجع وقال إنه سمع!
ومن عجائب القدر أن العدو بنفسه قد نشر وبث شهادات تبرئ ساحة المقاومة من الإرهاب، ويكفينا هنا والآن أن نستشهد بما قالته ياسمين بورات التي تسكن في مستوطنة كفر بيري للقناة 12 من التلفزيون الإسرائيلي.
قالت ياسمين: إن قوات الاحتلال الإسرائيلي هي من قتلت المدنيين وعناصر المقاومة بشكل عشوائي تماما.
وأضافت: عناصر المقاومة عاملتهم بإنسانية مؤكدين بأنهم لا يريدون المساس بهم لكنهم سيأخذونهم إلى غزة كأسرى.
وأكدت: أنها هربت من الهجوم مع شريكها تال كاتس في سيارة ثم لجأت إلى منزل اثنين من المستوطنين وبعد أن عثرت عليهم المقاومة نقلتهم إلى منزل مع 8 أسرى آخرين.
وغير شهادة ياسمين هناك عشرات الشهادات، التي بثها قنوات الإسرائيليين، منها شهادة أدلت بها ربة منزل قالت فيها: إن مخربين جاءوا إلى منزلها وكان طفلاها يلهوان بالموبايلات، ولم يتسببوا لها في أي أذى، ورأى واحد منهم طبقًا من الموز، فاستئذانها في تناول أصبع من الموز فأذنت له، ثم تركوا البيت وخرجوا.
المقاومة فعل أخلاقي في المقام الأول ولن تتدنى المقاومة وترتكب أفعالًا لا يرتكبها إلا مجرمو التطرف والإرهاب.
فعلى كل جماهير المقاومة أن ينصروها بما في متناولهم من أدوات النصر، وتبقى الكلمة سيفًا بتارًا يقطع رقبة الباطل وينصر الحق.