عندما تتحدث عن انتصارات حرب أكتوبر 1973، لا يمكن أن تغفل بطل تلك الحرب وزعيمها، الرجل الذي حول الهزيمة إلى نصر، وأصر على استرداد كل شبر من أرض الوطن.
يطلق عليه السياسيون "بطل الحرب والسلام"، زعيم وقائد عسكرى قاد بلاده في أصعب الظروف واستطاع أن يلقن العدو درسا شهد له العالم أجمع خاصة إدارته للخداع الاستراتيجي، قال عنه الأديب العالمى نجيب محفوظ : "أما بالنسبة لعهد الرئيس أنور السادات، فأنا أعتقد أن السادات، أدى خدمة جليلة لمصر فى مجال دعم الديمقراطية، وتحقيق نصر أكتوبر رغم الموافقة على مسعى السلام، فالسادات إيجابياته أنه أعاد الشعور بالأمن للمواطن واتجه اتجاهًا ما نحو الديمقراطية بتعدد المنابر والسماح بوجود الرأى الآخر وحقق إنجازين فى رأى يجب أن تذكرهما مصر هما "أكتوبر والسلام".
كما قال عنه هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، "السادات نموذج سياسى نادر لا يجود الزمان بمثله إلا قليلاً ، لقد أدركت بعد مضى عشر دقائق فقط من مقابلتي للرئيس السادات أنني أمام رجل دولة بحق، أنه رجل لا يمكن الاستغناء عنه في الجهود الدبلوماسية الراهنة في الشرق الأوسط"، وكذلك قال عنه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمى كارتر " أننى لم أقابل أى رئيس أو مسئول أمريكى، إلا وحدثنا بصدق عن إعجابه الشديد بذكاء الرئيس السادات وتطلعاته وشجاعته.. وأننى شخصيا سأتعلم الكثير من الرئيس السادات.. وأتطلع مخلصا إلى إقامة صداقة شخصية وحميمة مع الرئيس السادات"، إنه الرئيس الراحل محمد أنور السادات".
الرئيس الراحل محمد أنور السادات
إذا قرأت أبرز كتب الرئيس الراحل، ستعرف الكثير من الجوانب عن شخصية هذا الزعيم، سواء 30 شهرا في السجن، أو والبحث عن الذات الذي يحكى فيه قصة حياته، والقاعدة الشعبية، والذي يتحدث عن الفترة التي سبقت ثورة 23 يوليو 1952، وكذلك كتاب قصة الثورة كاملة، الذي يتحدث فيه عن ثورة 23 يوليو 1952، وكتاب "يا ولدى هذا عمك جمال"، وهو الكتاب الذي أهداه لابنته جمال السادات بعد ولاته بشهرين فقط ويتحدث فيه عن صديقه جمال عبد الناصر رفيق الكفاح والنضال.
ولكن هناك كتابا أخر أهدته لنا ابنته الكبرى رقية السادات، تكشف فيه عن الكثير من تفاصيل حياة الرئيس الراحل ليست السياسية فقط، بل الحياة الأسرية والاجتماعية والشخصية، فقصة حياة الرئيس الراحل مليئة بالأسرار ، رغم أنه تم سردها في العديد من الكتب، وتجسيدها فى العديد من الأفلام السينمائية والدراما، ولكن ركزت أغلبها على الجانب السياسي، إلا أننا هنا سنتحدث عن جوانب شخصية وأسرية لهذا الزعيم الذى بدأ من الصفر، وتحول من شخص مطارد بسبب محاربته للاحتلال الإنجليزى إلى أحد أهم الزعماء المصريين، فحياته شهدت العديد من المتغيرات منذ أن كان طالبا فى الكلية الحربية، وحتى أصبح رئيسا للجمهورية، فهو منصب لم يكن يسعى إليه مثلما ذكرت "رقية السادات"، في كتابها "ابنته".
في هذا الملف الذي نعرضه تحت عنوان "السادات الرئيس والقائد والأب والزوج"، نسلط الضوء على نقاط مهمة يجهلها كثيرون عن الرئيس الراحل، سواء عن علاقته بوالديه وأبنائه وأشقائه وزوجاته، وأبرز الرسائل التى وجهها لأبنائه، ومشواره النضالى وكيف كانت علاقته بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقصة عشقه للمطرب فريد الأطرش، وحكاية البايب ولماذا اتجه إليها بعد إقلاعه عن السجائر.
علاقة الرئيس الراحل بعائلته
تكشف رقية السادات خلال كتابها عن كيف كانت علاقة أبيها محمد أنور السادات بعائلته حيث تقول :" أما عن علاقة بابا بجدى وإخوته الصغار، كبر جدى، وكان عدد الإخوة كثيرين فقرر بابا أن يتولى عن جدى تربية إخوته ورعايتهم، وكذلك بالنسبة لعماتى واحتياجاتهن ونفقات زواجهن وتجهيزهن، وكذلك تولى بابا الإنفاق على أعمامى من أول عمى عفت إلى عمى زين العابدين إلى عمى عاطف رحمه الله، كل هؤلاء كان محتضنهم كأب وأخ كبير، ومتولى شؤونهم فى تعليمهم وحياتهم بالكامل، لذلك عندما كان يقول كبير العائلة لم يكن يقولها من فراع، فلم يكن كلاما بل كان فعلا وواقعا".
السادات وزوجته جيهان السادات
كما تكشف رقية السادات عن علاقة محمد أنور السادات بوالدته قائلة: "وفى عام 1958، أحداث كثيرة، فقد أحب بابا أن يستضيف عنده جدتى «أم طلعت» فى فيلا الهرم عدة أيام، ومكثت عنده شهرا وكان سعيد بها سعادة بالغة، لكن بابا بدأ يقلق عليها، وقال لى: إننى أتمنى أن تقيم معى حتى يتوفاها الله، فأنا لا أتحمل أن يتصل بى أحد ويخبرنى بوفاتها، أنا أتمنى أن تموت بين يدى، وسبحان الله، لقد حقق الله له ذلك، ففى يوم قلق أبى فارتدى ملابسه وسألته طنط جيهان إلى أين هو ذاهب، فأخبرها أنه ذاهب إلى عمى جمال عبد الناصر، وكان بابا ناويا أن يطمئن على جدتى قبل أن يزور عمى جمال، فوجدها نائمة فأخذ يوقظها ويمزح معها ويحادثها بالكلام المعتاد، وقال لها "مالك يا أمى.. كيف حالك؟ مم تشكين، فقالت له أنا متعبة بعض الشىء، فسألها ماذا أكلت اليوم؟، فأجابت خبيزة وبطة، فقال لها هذا أكل دسم ومتعب، هذا لا يصلح يا أمى، ثم طلبت إليه أن تدخل الحمام فأسندها إليه، وأدخلها الحمام، ثم وهى خارجة كادت أن تقع فحملها، ثم ماتت بين يديه، ورغم حزنه الشديد فقد استراح نفسيا تماما إلى أنها ماتت بين يديه كما كان يتمنى".
خطابات السادات رقية السادات تحكى تفاصيل حياة والدها عندما كان فى معسكر رفح حيث تقول: كان أبى يرسل لنا الخطابات، أحيانا يرسل خطابا باسمى، وأحيانا يرسل خطابا بأسمائنا نحن الثلاثة، فى إشارة إلى رقية وراوية وكاميليا، وأشعرنى أننى المسؤولة عنهم فزرع فى الإحساس المبكر بالمسؤولية تجاه إخوتى، بل تجاه أمى، ومطلوب منى تقارير مفصلة.
السادات والعائلة
قصة إرسال جمال عبد الناصر رسائل السادات لأسرته
وتكشف رقية السادات عن الرجل الذي كان يرسل خطابات والدها إلى أسرته قائلة :"كان يرسل الخطابات عن طريق عمى جمال عبد الناصر، الذى كان يسكن معنا فى كوبرى القبة، وكان خال ماما جدى راشد المكاوى لديه فيلا بجوار مدرسة السلام، وكان فى هذه المدرسة راوية وكاميليا وهدى ومنى جمال عبد الناصر، وكان وراء فيلا جدى راشد بيت صغير مكونا من ثلاثة أدوار وهذا البيت كان يقطنه عمى جمال عبد الناصر، وكان بابا يرسل الخطابات إلى بيت عمى جمال عبد الناصر، وعمى جمال يرسلها إلى حتى آخذ الخطابات، وعندما أكتب الرد أرسله لعمى جمال ليرسلها إلى أبى فى رفح عن طريق البريد، وهذه الخطابات ما زالت موجودة حتى الآن، وكان يرسل الخطابات كل 3 أسابيع أو كل أسبوعين وأحيانا كل أسبوع، وفى هذه الخطابات كنا نرسل إليه تفاصيل الحياة اليومية لتكون عنده بالتمام والكمال لدرجة أنه بعد أن تقرأ الخطابات تكتشف أنه لم يقصر إطلاقا فى تربيتنا وتوجيهنا والاهتمام الشديد بشؤوننا الصغيرة كأنه يعيش معنا يوما بيوم".
نضال محمد أنور الساداتفى كتابها تحكى ابنته الكبرى "رقية" عن أن أول زيارة لها لوالدها فى معتقله بميدان كوبرى الليمون "رمسيس حاليا"، وهى طفلة، حيث كانت ذاهبة مع جدها السادات بعد حصوله على تصريح زيارة، وتقول فى الكتاب: "فتحوا الباب وأدخلونا وتصورت كطفلة أن أبى سيقابلنا وكانت هناك حجرة على اليمين وأخرى على اليسار والضابط النوبتجى جالس وجدى يجلس معه حتى ينادوا على بابا ونراه، وفوجئت وأنا أرى أمامى ساحة السجن كبيرة بأناس مقيدين فى وضع كأنه ركوع ويضربونهم بالكرابيج، فأنا تصورت أن هذا يحدث لبابا، فصرخت وجريت إلى جدى «الحق يا جدى بيضربوا بابا»، فصدق جدى ولكن الضابط أخذنى فى حضنه وطمأننى وقال هذا لا يحدث لبابا، ثم فتح الدرج وأخرج علبة شيكولاتة وقال لى بابا جاى حالا لا تقلقى، هل رأيت بابا بعينك؟، فقلت لا، قال بابا لا يحدث له هذا لا تخافى، وفوجئت بأن الضابط كان الفنان صلاح ذو الفقار، ثم دخل بابا علينا ولا أنسى ذلك اليوم أبدا، كان يرتدى بيجاما بيج وفوقها روب كاروهات رفيع صغير، واحتضننى واحتضنته وجلست على حجره وقلت له: بابا حبيبى حضرتك حرامى؟ فقال: من قال لك هذا؟ قلت أولاد عمى وأعمامى يقولون ذلك، فأجابنى أنه مسجون سياسى، فسألته: ما معنى مسجون سياسى؟ ولأن إدراك المعنى صعب على تفكيرى فى ذلك الوقت فقد حاول حبيبى أن يبسطه لى، فقال لى إن المسجون السياسى هو من يفدى بلده ويكافح من أجلها حتى نطرد الإنجليز من بلادنا وأنا مسجون لهذا السبب ولست لصا كما قالوا لك".
علاقة السادات بالفنان فريد الأطرشتتحدث رقية السادات عن تفاصيل تلك العلاقة قائلة: "كان أبى شديد الولع بفريد الأطرش وأسمهان، وكان فريد الأطرش على اتصال مستمر ببابا، وكان فريد يمتلك عوامة أمام بيته فى الجيزة، وقد صور فيها بعض مشاهد أفلامه، وقال فريد لأبى: عندما تكون هناك زيارات للقادة العرب أو لضيوف مهمين فإن العوامة تحت أمرهم وكانت تلك العوامة أمام مدرستى على النيل".
كما تكشف رقية السادات، أن الرئيس الراحل كان شديد الولع بالفنانين فريد الأطرش واخته أسمهان، وكان يحب الاستماع إلى أغانيهما بشكل كبير، بل إن السادات خلال فترة الخمسينيات كان على اتصال دائم بالفنان فريد الأطرش، وكان السادات حينها يشغل منصب الأمين العام للمؤتمر الإسلامى العالمى.
وصية السادات لابنته
تتحدث رقية السادات أيضا عن تفاصيل وصية أبيها لها قبل الزواج حيث تقول: "وتم الزواج الحمد لله، وانتقلت إلى حياتى الجديدة، وكان المفروض أن يبدأ اليوم الأول من حياتى بالوصايا العشرة مع الأم مثل كل الأمهات، لكن بالنسبة لى كان الأمر معكوسا، فقد استدعانى بابا استدعاءً رسميا، واجتماع مغلق فى بيته بالهرم، وكان قد انتقل من المنيل إلى هناك، ودخلنا حجرة نومه وأغلق الباب علينا وقال لى: إن حياتك الماضية لا علاقة لها بحياتك الجديدة، أنت الآن عمرك 16 سنة ولكنك ستكونين ربة بيت، وهذا البيت فيه زوج وأمامه ماجستير ودكتوراه، ومستقبل يكافح من أجله، والست مسؤولة عن نجاح أو فشل زوجها، لأنها إذا لم توفر له الحياة المريحة المستقرة فإنه حينئذ لن يستطيع أن يتفرغ لمستقبله، إذن ستكونين أنت السبب لو فشل زوجك، وبعد ذلك سيكون هناك أولاد ومسؤولية الأولاد عليك أنت لأنه متفرغ لمستقبله ولشغله، ورعاية البيت والإنفاق عليه فلا تشغليه بتوافه الأمور فى البيوت والشائعة بين أغلب الستات، والأولاد لو نجحوا تكونين أنت السبب، وكذلك لو فشلوا، وأهم شيء، فقلت له وهل هناك أهم من هذا؟، فقال نعم.. أنصتى لى جيدا.. لا بيت يخلو من المشاكل والمشاحنات بسبب اختلاف الطباع، وإلى أن يحدث التأقلم فهناك شد وجذب وأخذ ورد، وأى مشكلة أو خلاف لا تخرج خارج حجرة النوم، وصوتك لا يتجاوز حجرة النوم، تصفية خلافاتكما مسؤوليتكما أنتما فقط، ولا يجوز أن يعرف أحدا عنها شيئا، لا أهل أبيك ولا أهل أمك، وهذا نظام وقانون ودستور يجب أن تسير عليه، وانتبهى إلى أنه لو حدثت خلافات شديدة بينك وبين زوجك فحذار أن تفكرى أن تذهبى إلىّ غضبانة أو تذهبى إلى أمك كذلك، فبعد زواجك وتأسيس مملكتك الخاصة بك لا مكان لك فى بيت أبيك ولا مكان لك فى بيت أمك، وأهل أمك وأبوك لهم عندك مجاملات ولكن تدخل فى الحياة ممنوع لا من هنا ولا من هناك، وهذا كلام يدخل فى أذنك اليمنى فلا يخرج أبدا من الأذن اليسرى.. مبروك يا ابنتى".
السادات وجمال عبد الناصر بحسب شهادة رقية السادات كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات يحب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كثيرا، ومن كثرة حبه له، خلال زواج ابنته الكبرى رقية أهداها تمثالا لجمال عبد الناصر، حيث تقول في كتابها : "عندما أهدانى والدى تمثالا للزعيم عبد الناصر وضعته فى الممر الواقع بين الغرف، وعندما كان يزورنى والدى كان ينظر إلى التمثال ويشعر بالطمأنينة، وعندما حدثت هزيمة 1967 وحزن الجميع لهذه الهزيمة، فقامت رقية السادات بوضع تمثال جمال عبد الناصر فى حجرة داخلية، حيث تقول فى كتابها: جاء والدى ذات مرة بعد هزيمة 1967 وسألنى أين تمثال عمك جمال عبد الناصر؟ فقلت له إنه فى الحجرة فرد علىّ قائلا: «ما يتشالش من مطرحه، هذه أزمة وستمر»، قاصدا هزيمة 1967.".
السادات والبايبالكثير منا لا يعرف سر "البايب" الذى لازم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى تحل اليوم الأربعاء الذكرى الـ101 لميلاده، حيث ولد فى 25 ديسمبر عام 1918، فالرئيس الراحل كان دائما ما يظهر فى لقاءاته مع المسئولين وزياراته الخارجية وكذلك خلال استقباله للمسئوليين، وهو يدخن البايب، بل إنه كان يستغل تدخينه للبايب فى أخذ وقت للتفكير فى إجابات المذيعين والصحفيين، مثلما ذكرت ابنته الكبرى رقية السادات، فى كتابها "ابنته".
البعض يعتقد أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات كان من هواة البايب وهو نوع خاص من السجائر، ولكن هذا الأمر ليس حقيقيا، بل إن سجائر البايب كانت لها قصة خاصة مع الرئيس الراحل بدأت - بحسب ما تحكيه رقية السادات فى كتابها - أنه كان يرافق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خلال زيارته للاتحاد السوفيتى خلال فترة علاجه، وكان ذلك فى عام 1968، وخلال فترة علاج جمال عبد الناصر وبرفقته السادات نصح بعض الأطباء الرئيس السادات بأن يمتنع عن السجائر نظرا لتكرار إصابته بذبحة صدرية .
رقية السادات كشفت أن الرئيس الراحل "السادات" كان من الصعب عليه أن يقلع عن السجائر حيث كان يرى أن الإنسان بدون مزاج لا يمكن أن يعيش على الإطلاق، وكان يرى مزاجه فى السجائر ، ولكن قصة السادات مع سجائر البايب لم تنتهى.
الأطباء فى محاولة منهم لحل أزمة الرئيس الراحل مع السجائر نصحوه بشرب سجائر نعناع وبالفعل جربها السادات ولكنها لم تعجبه، وخلال عمل الأطباء أشعة له على الصدر وجدوا أن الرئة أصابها الإعياء الشديد من السجائر، فنصحوه بشرب السيجار وبالفعل جربه السادات ولكن لم يعجبه أيضا، ثم نصحوه بتدخين البايب.
شقيقة الرئيس الراحل تكشف عن جوانب شخصية السادات الأخ الكبير والسياسي والرياضى
الرئيس الراحل أنور السادات أكبر من أن نختزله في كتابا فقط حتى لو كانت ابنته الكبرى "رقية" هي صاحبة الكتاب، ولكن شخصية بحجم وقيمة هذا الرجل، لابد من الدخول أكثر والبحث عن الكثير من جوانب تلك شخصية هذا المناضل للاستعمار، الكاتب والصحفى، والفنان والزعيم والقائد والزوج الحبيب والأب الحنون، والأخ السند لأسرته، لذلك تواصلنا مع شقيقته سكينة السادات، التي كشفت لنا الكثير من جوانب تلك الشخصية.
بداية حديثنا مع شقيقة الرئيس الراحل تحدثنا معها عن اليوبيل الذهبى لذكرى انتصارات حرب أكتوبر، والتي قالت ، إن انتصارات حرب أكتوبر هي أعظم آيات مصر ، وربنا يديم علينا العزة والنصر ويظل أكتوبر تاج على كل المصريين، فلم يكن هناك أحد في العالم كله يصدق أن المصريين يعبرون وينتصرون بإمكانياتهم في هذا الوقت، ولكن نجنا في تحقيق ذلك كله بفضل الله عز وجل ثم إصرار هذا الشعب وإرادته في تحقيق الانتصار وبفضل شجاعة الجيش المصرى والشعب المصرى .
وتضيف سكينة السادات :"سيظل العالم يتحدث عن الشعب المصرى الذي قبلوا التحدى ولم يقبل الهزيمة أو التفريض في أي شبر من الأراضى المصرية، وهذا الزعيم القائد الذي قاد حرب 6 أكتوبر، فالرئيس الراحل محمد أنور السادات لم يقبل على نفسه الهزيمة وعاش عمره كله حتى استشهد في سبيل هذا الوطن.
وعن أبرز ما كان يقوله الرئيس الراحل لعائلته عن حرب أكتوبر قالت سكينة السادات :"كان يقول لنا عدة جمل خلال ذكرى تلك الحرب، على رأسها أنه استعان بالله عز وجل قبل اتخاذ قرار الحرب وأن الله المستعان وأننا لم ننتصر إلا بنصر من عند الله، فكان دائما إيمانه بالله عز وجل أننا سننتصر في تلك الحرب.
وحول طقوسه قبل اتخاذ قرار الحرب، قالت سكينة السادات :"الرئيس الراحل محمد أنور السادات كان يدخل خلوته ويتعبد ويجلس في البلد في بيت أبو الكوم يجلس على السجادة ويبتهل إلى الله ويدعو الله أينصره بجند من عنده بجنود من الله وربنا حقق له ما يريد وحقق المصريين هذا النصر العظيم في 6 أكتوبر 1973".
وبشأن علاقة الرئيس الراحل بعائلته قبل وبعد توليه رئاسة مصر، قالت سكينة السادات إن محمد أنور السادات كان سند لكل الأسرة فكنا نعتبره الأب والسند لأسرته، وكان فنان وشخصية حساسة وذات كاريزما ، وكان دائما بجانبنا ويساعدنا منذ صغرنا في كل المواقف، وما زالنا نعلم لأولادنا وأحفادنا بطولات هذا الرجل، فجميع عائلة السادات تفتخر بالرئيس الراحل وشخصيته حتى الآن وكلنا كأسرة الرئيس الراحل وأبنائنا وأحفادنا فخورون بأننا من عائلة محمد أنور السادات.
وتتابع شقيقة الرئيس الراحل أن محمد أنور السادات تعلم من والده الانتماء وحب الوطن، قائلة :"والدي كان معروفا بحب الوطن وهو الذى ربى فينا حب الوطن وكذلك الفدائية والوطنية وورثها محمد أنور السادات عن أبيه، وجميع أخوتنا أخذوا من أبينا حب الوطن والفداء من أجله لذلك".
وتؤكد سكينة السادات، أن الرئيس الراحل لم يترك أخوته مطلقا وكان دائما ما يدعم أشقائه، وكان يعتبر نفسه الأب والأخ والقدوة لجميع أخوته، وتحمل مسؤولياتنا منذ شبابه ساعد فى تربيتنا وكان محبوبا بين أشقائه، متابعة :"الرئيس الراحل كان كل حاجة بالنسبة للأسرة، فقد كان مرشدا وقائدا، وهو الأب والأخ، وكان شخصا عزيزا علينا جميعا، وقد كنا محرومين منه عندما كان سجينا فى فترة الأربعينيات".
وحل أشكال مساعدة الرئيس الراحل لأشقائه قالت سكينة السادات إن محمد أنور السادات كان يتكفل بمصاريف الزواج، سواء لها أو لأخواتها، وكان حينها عضو مجلس قيادة الثورة، وهو من استبدل جزءا من معاشه الذى كان سيحصل عليه من الجيش وجهزنها، وكذلك باقى أشقائها،
وحول أبرز النصائح التي كان يقولها الرئيس الراحل لعائلته، قالت شقيقته :"كان يقول لنا محمد أنور السادات أقسم بالله العلي العظيم أنتم ناس عاديين ونحن ناس ريفيين عاديين من القرية ونحافظ على تقاليد القرية ولا نزيد عن أي شخص أخر في أي شيء، ولم يكن يشجع إلا على ذلك ، ويؤكد لنا أننا كأسرة وعائلة الرئيس أناس طبيعيين مع كل الناس ولسنا عائلة رئيس جمهورية ولا نعرف التمييز عن أحد باعتبارنا من عائلة السادات".
وبشأن حب الرئيس الراحل زيارة قريته ميت أبو الكوم، تؤكد سكينة السادات :"كان يحب أن يجلس مع الفلاحين ويتواصل معهم ويعرف مشكلاتهم ومشاكل الزراعة ومشكلات السماد والجمعيات الزراعية، وكان يجلس وسطهم ويزور الأراضى الزراعية ويمشى في الغيط ويتابع محصول الذرة ويتابع أيضا أساليب الري بنفسه، وكان دائما يعتز بأنه فلاح، وكان يحب دائما زيارة قريته والتواصل مع أهلها".
وعن رحلة كفاح الرئيس الراحل توضح سكينة السادات قائلة :"حياة محمد أنور السادات كانت كلها معاناة وكفاح منذ شبابه ونضاله ضد الاحتلال البريطاني، وعندما كان صدر قرار باعتقاله وهرب كان يأتي لنا متخفيا في منزل العائلة لزيارتنا بين الحين والأخر ليطئمن على عائلته ويسلم عليها وظل لسنوات مطاردا وعمل في الكثير من المهن، متابعة :"لفقد عانى كثيرا وفي النهاية وربنا جبر بخاطره وقاد مصر في أهم انتصار عسكرى وتمكن من استرداد سيناء ليظل اسمه محفورا في التاريخ".
كما تحدثت سكينة السادات عن علاقة الرئيس الراحل بالسينما قائلة :"الرئيس الراحل محمد أنور السادات كان محبا كثيرا للسينما، والفن، بل إنه هو من خصص يوما لعيد الفن، كان حريصا على تكريم الفنانين، وكان حريصا على مشاهدة الأفلام، وقام بعمل سينما صغيرة فى بيته بجاور الجنينة، وكان عندما ينتهى من عمله واجتماعاته بشكل كامل يشاهد الأفلام فى هذه السينما الصغيرة وكان يحب كثيرا الأفلام القديمة".
وعن أبرز الفنانين الذين كان يحرص على متابعة أفلامهم قالت سكينة السادات :"كان يحب مشاهدة أفلام اسمهان وفريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب وأم كلثوم، ولكنه كان دائما ما يحب مشاهدة أفلام فريد الأطرش وكان يشاهدها كثيرا، وكان يحب أغانى فريد الأطرش كثيرا، وكان يغنيها أحيانا
وكشفت سكينة السادات عن الرياضة المفضلة للرئيس الراحل قائلة :"محمد أنور السادات كان يعشق رياضة السباحة، فقد كان سباحا عظيما يحرص دائما على ممارساتها فى أوقات كثيرة، وكان يعشق رياضة المشى، فالرئيس الراحل كان لا بد أن يمشى ساعة كل يوم فهى من الرياضات المفضلة كثيرا لديه، وعندما أصبح رئيسا للبلاد كان يحرص دائما على السير ساعة يوميا فى حديقة القصر، فكان دائما ما يمارس رياضة المشى مع أنيس منصور أو مع زوجته جيهان السادات أو مع الضيف الذى يأتى له فى القصر، وكان يستمر فى المشى مع الضيف حتى يقول له توقف ويتناولان وجبة الإفطار مع بعضهما".
نجل شقيق الرئيس الراحل يكشف عن أبرز وصاياه للعائلة وكواليس جلساته في ميت أبو الكوم
عفت السادات
لم نقف عند سكينة السادات فقط لمعرفة تفاصيل حياة الرئيس الراحل وعلاقته بعائلته، بل أيضا تواصنا مع عفت السادات، نجل شقيق الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي كشف لنا الكثير من حياة عمه وكيف تحتفل الأسرة بذكرى انتصارات أكتوبر قائلا :"الاحتفال بيوم 6 أكتوبر بالنسبة لنا يوم احتفال أكتر منه ترحم بشهيد عظيم مثل محمد أنور السادات، حيث نتجمع كأسرة وكل المحبين على قبر الرئيس الراحل عند نصب الجندي المجهول في مدينة نصر ، ونقرأ الفاتحة، ثم نذهب بعد ذلك لميت أبو الكوم لنأخذ العزاء والذكرى الجميلة مع أهلنا وكل المحبين للأسرة يتوافدون علينا في ميت أبو الكوم للاحتفال بهذا اليوم.
وبشأن علاقة الرئيس الراحل بعائلته وأبناء أشقائه يقول عفت السادات :"الرئيس الراحل كإنسان كان مرتبط للغاية بالأسرة والعائلة وكان دائما بارا بأهله، ونتذكر الكثير والكثير من اللحظات الجميلة معه، فكان إنسانا بسيطا وكان معروفا بالتواضع الشديد والإيمان الشديد بربه، وكان بالنسبة ليس فقط مثال ولكن كأب ورئيس".
وحول مساعدة الرئيس الراحل لأشقائه يؤكد عفت السادات أن محمد أنور السادات بالفعل كان يساعد شقيقاته البنات عند زواجهن، قائلا :"كان يقتطع جزءا من معاشه خاصة عندما كان رئيسا لمجلس الأمة، من أجل مساعدة شقيقاته وتجهيزهن، فبعد ثورة 23 يوليو 1952، عزف الرئيس الراحل عن المناصب ثم كلفه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بأن يشغل الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي ثم نائبا بمجلس الأمة ثم رئيس لمجلس الأمة ثم نائبا لجمال عبد الناصر، وحينها كانت شقيقاته البنات في مراحل عمرية مختلفة وبعضهن دخل في سن الزواج، فكان هو من يساعدهن بشكل كبير على مصاريف الجهاز، واستقطع جزءا من معاشه لمساعدتهم وذلك في حياة والده ".
ويكشف عفت السادات أبرز ما تعلمه محمد أنور السادات من والده قائلا :" لقد تعلم عمى الرئيس الراحل من والده الفدائية وحب الوطن، فجدى كان حريصا على تعليم كل أبنائه كل معانى حب الوطن لذلك كان الرئيس الراحل في بداية حياته مناضلا ضد الاستعمار".
وحول لقاءاته مع عمه قال عفت السادات :" بالفعل كان محمد أنور السادات يجلس كثيرا مع عائلته وأبناء أشقائه، وكان لنا لقاءات دائمة معه خلال زيارته لميت أبو الكوم، فكان عمي يحب أن تكون الأسرة والعائلة كلها موجودة خلال زيارته ميت أبو الكوم".
وعن أبرز نصائحه لأبناء أشقائه وشقيقاته قال عفت السادات :"أبرز نصائح محمد أنور السادات لنا كانت البعد عن السياسة، فدائما ما كان ينصحنا بذلك ويحكى لنا أنه عانى كثيرا في حياته بسبب السياسة فكان يريد أن يجنبنا هذا العذاب وكان يؤكد علينا في هذا الأمر وكنا نعتبرها وصية ، وكذلك كان يتحدث معنا عن أهمية وقيمة العمل والإخلاص في العمل وضرورة التعليم والتعلم، فكان دائما يتحدث معنا كثيرا عن أن التعلم يجعلنا نكتسب العديد من المهارات وكذلك ضرورة التحدث بأكثر من لغة لأن هذا من وجهة نظره يكسبنا الكثير من الخبرات، خاصة أن الرئيس الراحل كان يتحدث أكثر من لغة، وكذلك الرئيس السادات تعلم القرآن في الكتاب، والكتاتيب حينها كانت تخرج عباقرة ".
كما يكشف عفت السادات عن أبرز ما تعلمته العائلة من محمد أنور السادات قائلا :"طول عمره من صغرنا نراه مثال للأناقة والترتيب والنظام بشكل ملفت وتعلمنا منه هذا الأسلوب الرشيق والأنيق ".
وبشأن أبرز المهن التي عمل بها محمد أنور السادات في صغره قال عفت السادات إن الرئيس الراحل عمل أكثر من مهمة، ففي فترة من الفترات كان يمارس العديد من الأعمال خاصة خلال فترة الأربعينيات وواجه صعوبات في حياته، وعمل عاملا وسائق من مراحل حياته، وكذلك التحق بمجال الفن وعمل فنانا ولكن لم يستمر في كل تلك الأعمال .
وكشف عفت السادات أبرز الأنشطة الرياضية التي كان يحرص الرئيس الراحل على ممارستها قائلا إن محمد أنور السادات كان رياضيا ويعشق رياضة المشي وركوب عجلة، وكان يحرص على ركوب العجل ذات الـ3 عجلات مع أولاده وكذلك مع أحفاده، وكذلك كان مشجعا لكرة القدم خاصة أنه كان يشجع النادي الأهلى .
وعن أبرز ما يحكوه لأولادهم وأحفادهم عن محمد أنور السادات يقول عفت السادات :"نحكى لأولادنا وأحفادنا قصة كفاح الرئيس الراحل وأسرته، خاصة أن أسرة السادات كانت متوسطة الحال، ونعلمهم طموح السادات وإحساسه بمسئوليته تجاه وطنه ومسئوليته تجاه الأسرة والعائلة، ونوعى أولادنا أن الإنسان عندما يضع هدف ويصر ويجتهد للوصول لهذا الهدف الله سبحانه وتعالى يوفقه ويتمكن من تحقيق هدفه".
وبشأن توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي التهنئة للرئيس الراحل محمد أنور السادات خلال الاحتفال باليوبيل الذهبى لانتصارات حرب أكتوبر قال عفت السادات :"عهدنا بالقوات المسلحة والرئيس عبد الفتاح السيسي المنضبط والمعجون بحب هذا الوطن تقدير الرئيس الراحل العظيم محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام فهى لافتة جميلة ورسالة لكل الشعب المصرى على الإرادة والتصميم وحب الوطن والإخلاص والتخطيط لتحقيق الأهداف وهي رسائل موفقة ومتميزة كمثل لكل المصريين، فالرئيس الراحل في قلوب كل المصريين وهذا هو الرصدي الذي نعيش تحت ظله .
تصريحات سابقة لرقية السادات عن والدها
وفى وقت سابق كان لنا تواصل مع رقية السادات الابنة الكبرى للرئيس الراحل بعد أن أهدتنا كتابها "ابنته"، وحدثنا عن ماذا تمثل لها ذكرى انتصارات أكتوبر، والتي أكدت فيها أن ذكرى 6 أكتوبر تمثل لديها مشاعر فرح ممزوجة بمشاعر ألم وحزن، حيث إن الفرح يأتي لأنه ذكرى لأكبر انتصار عسكرى لمصر على إسرائيل، بينما مظاهر الحزن بسبب أنه يوم اغتيال الرئيس الراحل بمنتهى الوحشية والغدر، فييوم 6 أكتوبر هو أصعب يوم في حياتى حيث يمثل إحساس الفراق والغدر لأبى، فرغم مرور ما يقرب من 40 عاما على واقعة اغتيال الرئيس الراحل ولكن أتذكره كما لو كان أمس.
رقية السادات وأبيها الرئيس الراحل
وتضيف ابنته الكبرى: والدى كان صادقا مع ربه ومع شعبه ومصر كانت بالنسبة له شيء مقدس فقد كان يحب مصر أكثر من حبه لأولاده، فحبه لمصر كان شديدا للغاية، وكذلك يوم 6 أكتوبر هو يوم فرح بالانتصار، والفراق صعب للغاية خاصة بسبب الوسيلة التي تم اغتياله بها وهى الغدر وسط احتفالات بانتصار أكتوبر، ولكنه مات في أيام مباركة وهى العشر الأوائل من ذي الحجة ولكن الفراق صعب بهذه الطريقة.
وتؤكد رقية السادات أن العالم كله كان يعلم قيمة ومكانة محمد أنور السادات والولايات المتحدة الأمريكية قالت عنه رجل الـ100 عام، فالرئيس الراحل عانى كثيرا في حياته خاصة في فترة الأربعينيات بسبب دخوله المعتقلات وكانت الأسرة كلها في معاناة بسبب هروبه من المعتقل وكنا نهرب معه ولم يكن له مكان ثابت.
وبشأن علاقتها بوالدها قالت رقية السادات، "عمرى ما أغضبت أبى فقد كان قدوة لى وكنت أقرب أولاده إليه، وأنا فخورة جدا به وبإنجازاته لمصر، والرئيس الراحل كان سيتنحى في عام 1982 ولكن جاء اغتياله خلال احتفالات حرب أكتوبر، والكونجرس كرمه، كما أنني أحب الإذاعة وتعلمت من والدى حب الإذاعة، والراديو كان مهما بالنسبة للرئيس السادات لأنه كان في سلاح الإشارة في الجيش".