الطريق إلى الجمهورية الجديدة.. مصر تستثمر في ثرواتها التعدينية لتوطين صناعة التكنولوجيا والمواصلات الالكترونية
الثلاثاء، 03 أكتوبر 2023 01:00 م
ظلت ثروات مصر من المعادن النادرة غير مستغلة طوال القرون الماضية ، حتى دشن الرئيس عبد الفتاح السيسى أول مصنع في أفريقيا والشرق الاوسط ومصر للكوارتز بخبرات إيطالية عالمية بتكلفة تصل لنحو 700 مليون دولار،حيث تمتلك مصر ثروة هائلة من رمال الكوارتز أو ما تسمى برمال السيليكا أو الرمل الزجاجى، وهو مصدر مهم للصادرات خلال الفترة الحالية لا سيما بعد السماح بتصدير الرمال مجددا؛ نظرا لتوافر كميات كبيرة منها فى مناطق متنوعة بسيناء والبحر الأحمر خاصة الاحتياطات تقدر بنحو 20 مليار طن فى مصر.
ويطلق على تلك النوعية من الرمال مصطلحات منها رمل السيليكا Silica Sand ويطلق عليها أيضا رمال الكوارتز Quartz Sand كما يطلق عليه الرمال الزجاجية Glass Sand، وهى ذات قيمة عالية، وتدخل فى العديد من الصناعات منها صناعة السيليكون والزجاج وغيرها من الصناعات الإلكترونية الدقيقة.
وهناك نوعين من الرمال فى الطبيعة؛ أولهما رمل السيليكا عبارة عن صخورٍ رملية بيضاء نقية تحتوى على نسبة عالية من «السيليكا – SiO2» أكثر من «99%»، وتتكون بشكلٍ رئيسى من حبيبات معدن الكوارتز، وتحتوى على كمية قليلة من الشوائب، والمعادن الثقيلة.
النوع الثانى الزجاجى، وهو نوع من رمل السيليكا أيضًا الذى يتميز بمواصفاتٍ فيزيائية وكيميائية تتناسب -على سبيل المثال – مع صناعة الزجاج، فحجم الحبيبات يتراوح غالبًا ما بين «100 – 500 ميكرون»، ونسبة أكاسيد الحديد «Fe2O3» تقل عن «0.05%»، ويُطلق اسم السيليكا على حفنة من المعادن التى تتألف فقط من السيليكون والأكسجين حيث تتواجد معظمها فى الحالة البلورية، كما تتواجد أيضا فى شكل غير متبلور والذى ينشأ نتيجة لعمليات التجوية وتحجر العوالق، ويتم استخراج رمال السيليكا عامة فى عمليات الحفر المفتوحة حيث يخضع الخام المُستخرج إلى العديد من العمليات لتعزيز مكون السيليكا عن طريق تقليل الشوائب، ويتبع ذلك تجفيفه، وتحجيمه؛ لإنتاج أفضل توزيع لأحجام الحبيبات لتتلاءم مع التطبيق المُراد.
رمال السيليكا وصناعة الإليكترونيات، والخلايا الضوئية
تُعد رمال السيليكا واحدة من أقدم المواد على سطح الأرض، فقد تواجدت منذ البصيص الأول للحياة على كوكبنا، حيث يعتبر ثانى أكسيد السيليكون (SiO2) والمُستخرج من رمال السيليكا واحدة من المواد التى تُدعم الحياة على ظهر هذا الكوكب.
وتوجد كميات كبيرة منها فى مدينة أبو زنيمة، وهى مدينة صغيرة سكانيا كبيرة فى المساحة تقع فى محافظة جنوب سيناء، وتبعد نحو 4 ساعات ونصف تقريبا من القاهرة ، حيث يمكن الوصول إليها عبر نفق الشهيد أحمد حمدى بالسويس والمضى قدما فى طرق طالتها يد التعمير فتجملت، وتحسنت كثيرا، حتى الوصول إلى مصانع سيناء للمنجنيز على خليج السويس قرب ميناء أبو زنيمة البحرى.
وتمتلك مصر مليارات الأطنان من الرمال البيضاء موزعة على العديد من المناطق منها الصحراء الشرقية وسيناء، وتحديدا بجبل جنة الذى تبلغ احتياطاته، نحو 20 مليار طن ، ويكن التصدير سنويا بما يصل لنحو 500 مليون دولار فى حالة توسعة سوق التصدير.
وتستخدم الرمال البيضاء فى العديد من المجالات منها صناعة جميع أنواع الكريستال وصناعة الإليكترونيات، والخلايا الضوئية التى تستخدم فى مجالات الطاقة المتجددة، وتسعى مصر لرفع القيمة المضافة لصادرات الرمال البيضاء خلال الفترة القادمة من خلال تصنيعها بما يحقق إيرادات عالية لتصديرها، مشيرا إلى أن إجراء عمليات الغسيل والغربلة للرمال البيضاء فى مصر كفيل برفع سعر الطن الذى يباع خام بـ 20 دولارا إلى 80 دولارا.
مجمع مصانع الكوارتز الجديد
يعد المشروع هو الأول من نوعه فى مصر والدول العربية والإفريقية من حيث تكامل العملية الإنتاجية بجميع مراحلها، بدءًا من استخراج الخام وحتى الوصول لإنتاج ألواح الكوارتز التى تتميز بكونها مضادة للتلوث البكتيرى والفيروسى والميكروباتى، ومقاومتها للأشعة فوق البنفسجية والتفاعلات الكيميائية والحريق ما يتيح استخدامها فى العديد من المجالات الصناعية والطبية والفندقية والمنزلية.
ويشتمل مشروع مجمع مصانع إنتاج الكوارتز على 5 مصانع، وهو مكون من مرحلتين: المرحلة الأول مكونة من مصنع واحد وهو مصنع التكسير الأولي لخام الكوارتز بمنطقة منجم الكوارتز في “مروة السويقات” بمرسى علم، والذي يقوم على مساحة 250 ألف م2 لتكسير خام الكوارتز إلى أحجام صغيرة بمقاسات من (3 – 5) سم، وتبلغ الطاقة الإنتاجية بمصنع التكسير الأولي (CPA) في “مروة السويقات” بمرسى علم 140 ألف طن/عام من خلال العمل بعدد ورديتين.
أما المرحلة الثانية فتتكون من ثلاثة مصانع بمنطقة العين السخنة على مساحة 300 ألف م2، وهي: مصنع التكسير الرئيسي لخام الكوارتز لتكسير ناتج مصنع التكسير الأولي إلى حبيبات أصغر بمقاسات من (3 – 5) مم بعد إجراء عمليات الفصل الضوئي والغسيل، ومصنعين لطحن خام الكوارتز إلى حبيبات بالغة الدقة من ناتج مصنع التكسير الرئيسي طبقا للمواصفات المطلوبة لإدخال جزء منها لإنتاج ألواح الكوارتز.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمصنع التكسير الرئيسي (CPB) بالعين السخنة 140 ألف طن/عام من خلال العمل بعدد ورديتين، أما الطاقة الإنتاجية لمصنعي طحن خام الكوارتز (MPA-MPB) بالعين السخنة فتبلغ 140 ألف طن عام من خلال العمل بعدد ورديتين، حيث يتم إنتاج حبيبات بالغة الدقة من ناتج مصنع التكسير الرئيسي طبقًا للمواصفات المطلوبة لإدخال جزء منها لإنتاج ألواح الكوارتز بطاقة إنتاجية تبلغ 438 ألف م2/عام من خلال العمل بعدد ورديتين.
أهمية رمال الكوارتز في الصناعة
رمال السيليكا أو الكوارتز هى نتاج تكسير كتل الكوارتز التى تعد العنصر الأساسى فى صناعة الإلكترونيات والألواح الشمسية، وبالتالى فإن الرمال البيضاء الناتجة عنها تستخدم فى تلك الصناعة بشكل محدود، لكنها تستخدم فى تصنيع الزجاج بشكل كبير.
وتمتلك مصر تمتلك مليارات من أطنان تلك الرمال فى عدة مناطق، منها منطقة أبو زنيمة بمحافظة جنوب سيناء، حيث تعد شركة سيناء للمنجنيز واحدة من أهم الشركات المصدرة للرمال البيضاء من المحاجر، بجانب غيرها من الشركات.
من المنتظر خلال الفترة المقبلة تدشين الصناعات بالتعاون مع القطاع الخاص التى تحتاج الرمال البيضاء أو الكوارتز، مع استمرار تصديرها كجانب اقتصادى، لاسيما أن صناعة الزجاج تستوعب كميات قليلة من تلك الرمال، مقارنة بحجم كميات الرمال ومصر فى الوقت نفسه تحتاج إلى عملة صعبة، وتحتاج لزيادة الصادرات للمساهمة فى خفض عجز الميزان التجارى.
دور مجمع الكوارتز في دعم الصناعة المحلية
يعد الهدف الأساسي لمشروع مجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة هو استغلال الخامات الطبيعية المتوفرة في مصر، بما يزيد القيمة المضافة لخام الكوارتز وزيادة الدخل القومي؛ تلبية لاحتياجات السوق وبما يوفر العملة الصعبة علاوة على أن معدن الكوارتز يدخل في الكثير من الصناعات والاستخدامات، عند توافر ألواح الكوارتز اللازمة ستكون عملية تجهيز المستشفيات والفنادق وغيرها أسهل وأوفر؛ إذ سيُستخدم الإنتاج المحلي بدلًا من استيرادها من الخارج.
ذلك بالإضافة إلى تنفيذ الأنشطة التصنيعية للخامات التعدينية بمراحلها المختلفة، ومنها خام الكوارتز للخامات التعدينية لتعظيم العائد منها وتحقيق القيمة المضافة لها، مما يدعم الاقتصاد الوطني بتنفيذ مشروعات قومية واستراتيجية لخلق فرص عمل للشباب.
كما يسهم مشروع مجمع المصانع في توفير 600 فرصة عمل مباشرة و2000 فرصة عمل غير مباشرة. ذلك علاوة على أن إنشاء هذا المجمع يمثل خطوة مهمة لدفع عجلة الصناعة في مصر، مما يبشر بافتتاح مصانع جديدة وتوفير فرص عمل أكثر.
ويعد إنتاج معدن كوارتز خطوة مهمة لما يتمتع به من خصائص تجعله له استخدامات كثيرة، تجعل المنتجين وأصحاب المصانع يعتمدون علي المنتج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يسهم في توفير العملة الصعبة عن طريق تقليل الاستيراد، بالإضافة الي فتح أسواق خارجية وتصدير المنتجات إلى الخارج.
كما يؤكد المحاسب عماد الدين مصطفى رئيس القابضة للكيماويات أن مصر لديها خطط لاستغلال تلك الرمال بشكل كبير بجانب تصديرها تصديرها لتركيا وإيطاليا واليونان قبرص، واليونان، وإسبانيا، والهند، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، ومالطا، وتركيا، وقطر، والسنغال، والجزائر، وليبيا، واليابان، وسوريا، ولبنان، وجورجيا، وكرواتيا، والفلبين، والعراق، وسلطنة عمان.
احتياطى شمال سيناء يبلغ 120 مليون طن
تتمتع شمال سيناء بوجود احتياطى يبلغ 120 مليون طن، يمتلك الموقع الأكبر منها بمنطقة الحسنة أكثر من 40 مليون طن، بينما يتركز الخام فى جنوب سيناء فى منطقتى وادى الجنة وأبو زنيمة والتى يعد الخام بها الأجود فى مصر والعالم، بإجمالى احتياطيات، مؤكدة يصل إلى 268 مليون طن، واحتياطى جيولوجى أكثر من مليار طن، ومنطقة وادى الدخل جنوب غرب مدينة الزعفران بجبل الجلالة، ويبلغ احتياطى الخام بها 27 مليون طن، ويبلغ سمك طبقة الرمال بها 100 متر بدون غطاء صخرى، ومنطقة وادى قنا باحتياطيات تصل إلى 260 مليون طن، مصحوبة بأكثر من 40 مليون طن من خام الكاولين (الصلصال) الثمين فى صناعة الخزف والعوازل الكهربية.
تدشين مصانع جديدة اعتمادا على رمال السيليكا
المرحلة الأولى هى إقامة مشروع لإنتاج السيليكون المعدنى بطاقة إنتاجية قدرها 45 ألف طن سنويا وبتكلفة استثمارية تقدر بـ 172 مليون دولار، اعتمادا على خام الكوارتز المصرى فائق النقاء؛ ما يلبى احتياجات السوق المحلى بإحلال الواردات من هذه المادة على أن يتم تصدير الفائض بقيمة تقدر بحوالى 160 مليون دولار، والمرحلة الثانية تتضمن إقامة مشروع لإنتاج السليكونات الوسيطة بطاقة إنتاجية مبدئية قدرها 60 إلى 100 ألف طن سنويا، أما المرحلة الثالثة تشمل إقامة مصنع لإنتاج البولى سيلكون بطاقة إنتاجية قدرها 10 آلاف طن سنويا.
ومن المخطط أن يتم تغذية المجمع بالكهرباء المنتجة من مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة للمساهمة للتقليل من الانبعاثات الضارة بالبيئة وذلك تماشيا ما رؤية الرئيس السيسى وتوافقا مع التوجهات العالمية فى استخدام الطاقة النظيفة كأحد مخرجات مؤتمر المناخ كوب27 الذى عقد بمدينة شرم الشيخ.
مشروعات وطنية واعدة
تم تنفيذ مشروع الكوارتز ليحقق 140 ألف طن من الخام المعالج، وإنتاج 450 ألف متر مربع من الألواح، لافتا إلى أنه يتم استخدام 35 ألف طن من خام الكوارتز المعالج، وتصدير 105 آلاف طن.
وهناك العديد من المشروعات التعدينية فى مصر لأول مرة ومنها مشروع غسيل ومعالجة الرمال البيضاء، ومشروع إعادة تدوير مخلفات مناجم الفلسبار، ومشروع معالجة وإنتاج "الكاولينا"، ومشروع إنتاج "الباى الكوارتز" فى العالم، حيث تم وضع خطة بأولويات المشروعات المقرر تنفيذها، على أن تكون البداية بمشروع غسيل ومعالجة الرمال البيضاء بطاقة إنتاجية 270 ألف طن ورأس مال مستثمر 20 مليون دولار.
ويعد مشروع معالجة الرمال البيضاء الأول فى مصر، حيث سيغطى إنتاج السوق المحلى وتصدير الفائض للخارج، و تم التعاقد على تصدير 50 % من الطاقة الإنتاجية لإحدى الشركات العالمية.
والمشروع الثانى هو "الباى كوارتز" باستثمارات 70 مليون دولار وبطاقة إنتاجية 60 ألف طن سنويا، وهو ما يعد مستقبل صناعة الألواح فى العالم التى تهدف لتصنيع منتجات خالية السليكون، على أن يتم تنفيذه لأول مرة فى العالم داخل مصر بخامات مصرية 100%