جرس إنذار مصري للعالم: الزيادة السكانية خطر يواجهنا جميعا

السبت، 09 سبتمبر 2023 07:00 م
جرس إنذار مصري للعالم: الزيادة السكانية خطر يواجهنا جميعا
طلال رسلان

- المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية 2023 يحذر المجتمع الدولى من خطورة النمو السكانى غير المخطط 

- الرئيس السيسي يشتبك مع الأزمة التي أنهكت موارد الدولة 60 عاما يوجه دعوة للمجتمع بكل أطيافه لإيقافها

- بذلنا جهدا كبيرا لتجاوز الفجوة الكبيرة بين النمو السكاني ومعدلات التنمية.. والدولة قادرة على الصمود 

- الإنجاب حرية كاملة وعدم تنظيمه يتسبب في كارثة.. وعدد سكان أفريقيا سيصل إلى 1.6مليار نسمة وموارد القارة لن تكفي احتياجاتها
 
 
بداية حل أى أزمة يكمن بداية فى تحديد المشكلة وأسبابها، ثم العمل على وضع الحلول والعلاج لها، ولم تخرج مصر عن هذا النسق العلمى، بأن حددت المشكلة أو الازمة ثم وضعت يدها على المسببات، لتحديد طرق العلاج.
 
المشكلة التى ظلت تواجه مصر لسنوات هى نقص الخدمات المقدمة للمواطنيين، وهو نقص تزداد رقعته عاما بعد الاخر، لانه يتوازى مع زيادة فى حجم السكان تضغط بشكل قوى على قدرات وامكانيات الدولة فى التعامل مع احتياجات المواطنيين الضرورية.
 
من هنا جرى الانتباه الى حقيقةً المشكلة، والتى تتمثل فى ضرورة وضع حلول للزيادة السكانية التى اكدت كافة الدراسات انها ستبتلع اى نسب نمو وتنمية مهما كانت مرتفعة، تحديدا اذا كانت نسب النمو السكاني لا تسير وفق معدلات ثابتة، وانما تحكمها عشوائية كبيرة ادت الى زيادة سكان مصر فى ١٢ عاما فقط ما يفوق نسبة ال٣٥٪؜ من النسبة الكلية للسكان، وهو نسبة شديدة الارتفاع، تحتاج الى وقفة ودق جرس الانذار، لان الاستمرار بهذا المعدل سيؤدى تباعا الى فشل تام الدولة فى التعامل مع متطلبات واحتياجات المواطنيين.
 
جرس الانذار حمل شعار واحد عنوانه الرئيسى إن الزيادة السكانية من أخطر القضايا التي تواجه مصر.
 
الأسبوع الماضى استضافت القاهرة فعاليات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية 2023، والذي نعقد في العاصمة الإدارية الجديدة، تحت شعار "سكان أصحاء من أجل تنمية مستدامة"، بمشاركة أكثر من 8 آلاف شخص من مصر ودول العالم.
وخلال مشاركته فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى كثير من النقاط على حروف كانت تائهة فى عقولنا جميعا، حينما تحدث عن ازمة الزيادة السكانية وتبعاتها ليس فقط فى مصر وانما فى محيطنا الاقليمى والدولى والافريقي ايضا، شارحا بلغة مبسطة يفهم الجميع، النخبة ورجل الشارع، لغة الحسابات البسيطة التى لا تخطئ لانها تعتمد على ارقام ووقائع نلمسها جميعا لذلك فانها تخترق العقول باحثة بداخلها عن الحلول التى لا تأتى الا بوعى كبير بخطورة الوضع للتحرك نحو الحل، موجهاً ما يمكن اعتباره تحذيراً للعالم بأكمله، مفاده بأن الزيادة السكانية هي الخطر الذى يواجه العالم، ويحتاج إلى مواجهته.
 
فى البداية قال الرئيس السيسي إن بعض الدول استطاعت أن تسيطر وتنظم عملية النمو السكاني ودولا كثيرة لم تستطع ذلك، وعلى سبيل المثال في القارة الإفريقية خلال سنوات قليلة سنصل إلى أكثر من مليار و600 مليون شخص والموارد الموجودة في إفريقيا ضخمة ولكن لا تستطيع أن تساهم في ذلك، واشار الى ان مصر التي يبلغ تعداد سكانها 105 ملايين نسمة، إضافة إلى تسعة ملايين موجودين كضيوف على الدولة المصرية وهي قادرة بمواردها على أن تتعايش مع ذلك، مشيراً إلى ما جاء بكلمة لإحدى السيدات خلال عرض الفيلم التسجيلي أكدت فيها أن أصعب شيء أن تكون هناك مطالب للأسرة غير قادرة على تلبيتها، وقال "الحقيقة رغم بساطة الكلمة ولكنها عكست إحساسا، وهنا أتحدث بمنتهى الصدق لكم وللمصريين أن أصعب ما أمر به أن أعلم أن حجم المتاح أقل كثيرا مما هو مطلوب، وبالتالي سينعكس ذلك على الجودة في كل شيء"، مؤكدا أنه لا يمكن تحقيق منظومة جيدة للتعليم بتكاليف مرتفعة في ظل الحجم الضخم من السكان والموارد القليلة، مشيرا إلى أنه خلال الخمسينيات من القرن الماضي كانت الفجوة ما بين موارد الدولة والنمو السكاني نسبتها تقريبا ما بين 10-12 %، لافتا إلى أن تعداد السكان في مصر آنذاك تراوح ما بين 19-20 مليون نسمة، وبالتالي لم تكن الفجوة كبيرة.
 
وقال الرئيس السيسي: إن الإنجاب حرية كاملة، ولكن إذا لم يتم تنظيم هذه الحرية، قد تتسبب في كارثة للدولة، وأن الحرية المطلقة في عملية الإنجاب لأشخاص قد لا يكونون مدركين حجم التحدي، تدفع ثمنه في النهاية الدولة والمجتمع، لافتا إلى أن معدل الإنجاب الكلي بلغت نسبته 2.1 %، وقال "سبق أن تحدثت عن الحاجة إلى أن نخفض نسبة معدل الإنجاب إلى 1.5 % (ليصل إلى ما يعادل 400 ألف مولود سنويا لفترة زمنية قد تصل إلى 20 سنة) من أجل تعويض ما نشأ من عجز خلال عشرات السنين الماضية، ليتم السماح بعدها للنمو أن يكون بنسبة أكبر، مشيرا إلى أن إيران وتركيا والصين حققوا ذلك، وقال أنه عندما قامت الصين بعمل منظومة الإنجاب من عام 1968، قاموا في عام 2017 بإطلاق منظومة إنجاب أكثر من طفل مرة ثانية، ولكن بعد تحقيق النجاح وتحديد النمو السكاني، ولأول مرة في تاريخ الصين الحديث يحدث تراجع خلال عام 2022 في عدد السكان، موضحا أنه في نفس التوقيت الذي أطلقنا فيه المشروع أطلقته الصين واستطاعوا تنفيذ البرنامج ونحن بحاجة إلى ذلك وهو ليس وعيا فقط.. أنا لا أتحدث عني كدولة ولكن على المواطن الذي يسمعني، لأنه ليس لديه الإرادة لأنه لا يرى تأثيرها على أسرته الصغيرة وعلى أسرته الكبيرة على مستوى الدولة.
 
ولفت الرئيس السيسى إلى أن هذه المشكلة من المشاكل الكبيرة في مصر والتي كانت سببا كبيرا من أسباب التحديات التي واجهناها عام 2011، وقال: إن الناس خرجت عام 2011 لشعورها بأن الدولة لا تستطيع أن تقدم لهم المطلوب ولكن لم ينتبهوا إلى أن الدولة لم تستطع تقديم المطلوب لأن قدراتها لا تستطيع تلبية ذلك لهم، موضحا إن تكلفة البنية الأساسية في خطة الدولة خلال الـ 7-8 أعوام الماضية بلغت 10 تريليونات جنيه، ويعتقد الكثير أن هذا المبلغ كان من المفترض عدم إنفاقه على البنية الأساسية التي لا تستوعب النمو السكاني والناس عاشت على هذا أعوام كثيرة وهي لا تعرف أن ما نحن فيه وضع غير طبيعي.
 
وقال الرئيس السيسي إن التغيير في مصر سيتحقق من خلال السعي والعمل المشترك ما بين المواطنين والحكومة وقيادة تعمل بفهم ووعي من أجل الموازنة ما بين قدرة الدولة وتعداد سكانها، حتى لا يتكرر ما حدث في 2011، لافتا إلى الخسائر التي لحقت بالدولة بلغت آنذاك 400 مليار دولار وهي أحوج ما يكون لكل دولار.
 
وربط الرئيس السيسى ما بين المشكلة السكانية وما حدث من شعور الناس بعدم وجود خدمات صحية وتعليمية وتشغيلية جيدة، مؤكدا أن الدولة لم تكن قادرة على تقديم الرعاية الحقيقية لمواطنيها، مطالبا بالتوازن ما بين الحرية المطلقة في الإنجاب وضرورة توفير الخدمات اللازمة للمواطنين، وأكد الرئيس قدرة الدولة المصرية على الصمود رغم كل التحديات والأزمات مثل كورونا (كوفيد 19) والحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب عنها من ارتفاع للأسعار وتعقد سلاسل الإمداد في النهاية، وقال: إن هناك عددا من الدول النمو الديمغرافي بها أقل من المستهدف، وعددا أخر من الدول لديه نمو ديمغرافي أكثر مما يسبب عبئا على الدولة وتأثيرات وتداعيات كبيرة على جودة الخدمات وقدرة الدولة.
 
ورأى الرئيس السيسي أن المجلس القومي للسكان يحتاج لتوفير قوة دفع أكبر له لتعزيز دوره في المرحة القادمة حتى يتم تحقيق شكل من أشكال النجاح في مهمته، مشيرا الى أن الدولة كلها مدعوة والإعلام ورجال الدين في المسجد والكنيسة والمثقفين للمشاركة في مواجهة مشكلة السكان، وهي من أكبر المشكلات التي تواجهنا فالمواطن في خمسينيات القرن الماضي كان يتقاضى شهريا جنيهات قليلة وسعيدا بها والآن يتقاضى آلاف الجنيهات وليس سعيدا، مؤكداً قدرة الدولة المصرية على مواجهة وتجاوز التحديات التي تواجهها، وقال: "إننا حريصون على توفير احتياطيات لمواجهة كافة التحديات"، مشيرا الى إن الكثير كان يتصور أن فرص مصر في مواجهة التحديات ليست كبيرة، ولكن لدينا فرصا كبيرة في التغلب على كافة التحديات، ورغم كل التحديات التي مرت على مصر في السنوات العشر الماضية، فإننا بذلنا جهدا كبيرا كدولة وشعب، حيث إننا كنا ندرك ونقدر التحديات الموجودة وعملنا خلال السنوات الماضية بشكل متسارع في كل المجالات للتغلب على الفجوة الكبيرة بين النمو السكاني ومعدلات التنمية التي نريد أن نصل إليه".
 
وفيما يتعلق بقواعد البيانات، قال الرئيس السيسي "إن مصر استطاعت خلال 5 سنوات مضت بناء قواعد بيانات حقيقية، مكنتنا من رؤية الدولة المصرية بشكل متكامل، وفق منظومة رقمية"، لافتًا إلى أن الحكومة المصرية تعمل بالنظام الذكي داخل العاصمة الإدارية الجديدة، وهي ليست مباني جميلة الشكل فقط، ولكن أيضا بها منظومة ذكية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لافتاً إلى أن الهدف من كل ما سبق هو التحرك بآليات دولة لمواجهة التحديات الصعبة.
 
وشدد الرئيس على حرص الدولة من أجل بناء احتياطيات لمواجهة كافة التحديات مثلما تفعل كافة الدول من خلال وضع السياسات وآليات التنفيذ التي تضع في الاعتبار قدرة ومدى نسب النجاح التي يمكن أن تتحقق بالاستراتيجية والسياسات وآليات العمل وتضع خططا احتياطية، مثلما يتم من توفير احتياطيات لتمويل منظومة التأمين الصحي الشامل، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى مجابهة الاحتمالات التي قد تسبب إخفاقا خلال تنفيذ المنظومة، مستفيدين من الخبرات التي تراكمت خلال السنوات الماضية".
 
وأكد الرئيس ضرورة تنظيم الهجرة الشرعية من أجل تحقيق الفائدة المشتركة، وقال: "أوجه حديثي لأصدقائنا في دولة صربيا ودول أوروبا عن موضوع المشكلة الديموجرافية، من أجل تنظيم الهجرة الشرعية، بهدف أن تحقق تكون طاقة العمل الموجودة عوائد اقتصادية لهذه الدول وتساهم في إجراءات توفير موارد مالية للنظام الصحي، وهي فرصة كبيرة في دولنا، وأن تنظيم الهجرة الشرعية يعد فرصة لدولنا بالتنسيق مع الدول المستقبلة لتوفير العمالة التي تحتاجها الدول الأوروبية خلال مدة زمنية محددة".

الزيادة السكانية تعرقل جهود التنمية
 
وخلال المؤتمر، كشفت وزارة الصحة والسكان عن محاور الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية (2023 / 2030)، مؤكدة أن الزيادة السكانية تحد كبير، وأن أكبر خطرين يواجهان مصر في تاريخها الإرهاب والزيادة السكانية، وهذا التحدي يقلل فرص مصر في التقدم إلى الأمام، مشيرة إلى أنه تم وضع استراتيجية وطنية متكاملة للسكان والتنمية للوصول بالوطن إلى الأفضل وتحقيق الحياة الكريمة لمواطنيه، تنفيذاً لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية في هذا الشأن والعمل وفقاً للمادة 41 في الدستور المصري التي تنص على أن "الدولة تلتزم بتنفيذ برنامج سكاني يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة وتعظيم الاستثـمار في الطاقة البشرية وتحسين خصائصها وذلك في إطار تحقيق التنمية المستدامة".
 
وأوضحت الوزارة، أن الاستراتيجية تُبنى على 7 محاور، وهي (ضمان الحقوق الإنجابية، الإستثمار فى الطاقة البشرية، تدعيم دور المرأة، التعليم والتعلم، الإتصال والإعلام من أجل التنمية، محور السكان والبيئة "التغيرات المناخية وديناميكية السكان"، محور حوكمة الملف السكاني)، لافته  إلى أنها تستهدف تحقيق التوازن بين السكان والتنمية من خلال تعزيـــز الصحـــة الإنجابية، وتمكين المرأة، والاســـتثمار فـي الشـــباب، وتحســـين فـــرص التعليـــم، ورفـــع الوعي بالقضايا السكانية، فضلاً عن تحــقـيــــق الـرفاه الاجـتـماعي والاقتصادي لجميع المواطنين.
 
من جانبه، أكد الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، أن الزيادة السكانية هي التحدي الأكبر الذي يواجه العمل الوطني في مصر حاضرا ومستقبلا، مشيرا الى انها تعرقل جهود التنمية والنمو الاقتصادي، وتلتهم كافة عوائد التنمية؛ ما يؤثر على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، وبالتالي مستوى معيشتهم، والسبب في ذلك يرجع إلى عدم وجود توازن بين النمو الاقتصادي والنمو السكانى، منوهاً إلى أن النمو السكاني السريع يجعل القضاء على الفقر ومكافحة الجوع وسوء التغذية ومواكبة زيادة تغطية النظم الصحية والتعليمية أكثر صعوبة وعلى العكس من ذلك فإن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لاسيما تلك المتعلقة بالصحة والتعليم والمساواة بين الجنسين، سيسهم في خفض معدلات الإنجاب وتباطؤ النمو السكاني وذلك عن طريق الاستثمار في تطوير الرأس مال البشري حتى نضمن الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم الجيد في جميع الأعمار، وذلك من خلال تعزيز فرص العمل المنتج واللائق، يظل التحدي الأعظم هو مدى قدرة الفرد على الإسهام الإيجابي في خدمة المجتمع.
 
وأكدت داريا كيستش، وزيرة الصحة بصربيا أن الهدف الرئيس لهذا المؤتمر مهم وملح للغاية لأنه يجمع بين العديد من الدول لمناقشة قضية الصحة والسكان والتنمية، فكلها قضايا مهمة تشكل عالمنا، وقالت: "نحن نشهد في صربيا عكس الوضع الذي تشهده مصر، فنحن نشهد انخفاضا في النمو السكاني على مدى 5 عقود متتالية، ونواجه سنويا حقيقة واضحة مفادها أننا نتقلص عدديا كل عام"، مشيرة إلى أن صربيا تعمل على تعزيز جودة الرعاية الصحية من خلال التكنولوجيات الجديدة، والرقمنة وتحسين البيانات من أجل المرضى، وضمان وجود قوى عاملة كافية في مجال الرعاية الصحية.
 
وأكدت الدكتورة ليلى بكر المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان بالدول العربية ، أن معدلات المواليد ليست المشكلة وليست الحل أيضا، لافتة إلى أن خيار الإنجاب والبدء في تكوين أسرة قرار إنساني له الكثير من الأبعاد والتداعيات، لافتة إلى أنه عندما يتم متابعة التعداد السكاني فمن السهل إعطاء الحقوق للسكان.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة