«صوت الأمة» ترد من أرض الواقع على أكاذيب هدم المآذن والمقابر الأثرية
الأحد، 03 سبتمبر 2023 12:00 صقامت بالجولة - إيمان محجوب
- قطاع الآثار الإسلامية والقبطية يقوم بعملية فك وترميم عدد من القباب الأثرية بينها مأذنة قوصون
- أهالى جبانة السيوطى: لا مساس بالقباب والمنارات الأثرية بالمنطقة.. وحى الخليفة يقوم بحصر الأسر التى تعيش بالمقابر لنقلهم إلى مساكن جديدة
- أهالى جبانة السيوطى: لا مساس بالقباب والمنارات الأثرية بالمنطقة.. وحى الخليفة يقوم بحصر الأسر التى تعيش بالمقابر لنقلهم إلى مساكن جديدة
أسطورية مدينة القاهرة الفاطمية تكمن فى مآذنها وقبابها القديمة، التى تدخلك إلى عالم خيالى شبيه بعوالم ألف ليلة وليلة، ولا عجب من ذلك، فالكثير من قصص ألف ليلة وليلة حدثت هنا على أرضها وبين ضواحيها، أبطالها ملوك وملكات مصر المحروسة، التى ما زالت جدران قصورهم وأضرحتهم تحمل آثار قصصهم ومعاركهم التاريخية.
وفى الآونة الاخيرة تخوف الناس من أن يغير التطوير شكل القاهرة بقبابها ومآذنها الأثرية، حيث تداول الكثير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى صور لعمليات ترميم تقوم بها وزارة الآثار فى منطقة القرافة الكبرى بالسيدة عائشة، على أنها هدم، وتغيير جذرى لأسطورية المدينة التى يزيد تاريخها على الألف عام.
«صوت الأمة» ذهبت إلى منطقة السيدة عائشة لرصد ما يحدث داخل منطقة القرافة الكبرى، ففى جوار السيدة نفيسة، وعلى امتداد شارع الأشراف الذى تم تطويره أخيرا وافتتحة الرئيس عبدالفتاح السيسى ومرورا بأضرحة آل البيت الكرام من السيدة سكينة والسيدة رقية وصولا لميدان السيدة عائشة تقع منطقة القرافة الكبرى، التى يوجد بها العديد من المآذن والقباب التاريخية التى تضم رفات أمراء وأميرات وسلاطين القاهرة الإسلامية.
تظهر للرائى من أعلى وكما هى الصورة المتداولة فى الأذهان قلعة صلاح الدين الأيوبى ومسجد محمد على باشا، تتلواها فى الأسفل قبتا التربة السلطانية، وهى الضريح الذى بناه السلطان الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون فى (القرن الرابع عشر الميلادى)، تليها المأذنة الشمالية، وفى مقدمة المشهد قبة قوصون، ثم مأذنة قوصون، ثم مأذنة مسجد مسيح باشا المبنى عام 1575.
هذا المشهد الذى ظن المواطنون أنه لن يبقى على حاله طويلا بسبب علميات التطوير التى تمر بمنطقة حى الخليفة والقاهرة الفاطمية ككل، والتى بدأت بتطوير منطقة عين الصيرة وبناء متحف الحضارة ونقل المومياوات الملكية إليه فى موكب عظيم شاهده العالم أجمع وصولا لترميم وتطوير مسجد السيدة نفيسة وشارع الأشرف.
فك وترميم عدد من المآذن والقباب الاثرية
ورصدت «صوت الأمة» الواقع الذى تعيشه منطقة الجبانة الكبرى من فك وترميم لعدد من القباب الأثرية التى تم تداول صور لها على مواقع التواصل الاجتماعى أنه تم هدمها، حيث يقوم قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالتعاون مع عدد من شركات المقاولات المصرية، بنقل وترميم قباب ومآذن التربة السلطانية وقبة ومأذنة مسجد السلطان قنصوه الغورى ومسجد المسبح باشا، حيث تكتظ جبانة الإمام السيوطى بالعديد من المبانى الأثرية، من بينها جامع مدرسة السلطان حسن، ومأذنة جامع مسبح باشا المعروف بجامع المسبح باشا، ومأذنة مسجد السلطان الغورى بعرب اليسار، وقبة الأمير سودون العجمى وزوجته.
وشهدت عمليات التطوير فك ثلاث مآذن وثلاث قباب، ضمن مشروع ترميم تقوم وزارة الآثار، وهى مآذن مسجد الغورى والمسبح باشا والسيدة عائشة ومنارتا التربة السلطانية وجامع قوصون.
وخلال جولتنا التقينا بعدد من سكان جبانة سيدى جلال السيوطى، وكانت البداية مع الحاجة هدى بيومى الشهيرة بأم هانى بجوار قبة الأمير سودون جانى بيك الشهير بسودون العجمى، أتابك العساكر بالديار المصرية (قائد الجيوش) وأمير مجلس السلطان المملوكى قنصوه الغورى، حيث أكدت أن القباب والمنارات الأثرية بالمنطقة كما هى ولم يتم هدمها، وأن الدولة تقوم بعمل طريق يمر خلال مقابر السيدة عائشة، وتم نقل عدد كبير من مقابر الأهالى لمنطقة الروبيكى.
وأضافت «أم هانى» أن حى الخليفة بالقاهرة القديمة قام بإعطاء أرقام وحصر للاسر التى تعيش بمنطقة القراقة الكبرى لنقلهم إلى مساكن جديدة، وطالبت الدولة بنقلهم فى المساكن الجديدة التى يتم بناؤها بحوار سور مجرى العيون حتى يظلوا بجوار المنطقة التى عاشوا فيها.
من ناحية أخرى، أكد رضا سلطان، موظف بالمعاش، وكان فى زيارة لمقابر أقاربه، أن عملية التطوير التى يقوم بها الرئيس السيسى لم تشهدها مصر من قبل، مضيفا أنه يشعر بالفخر عندما يمر بمنطقة عين الصيرة ومتحف الحضارة.
أما الحاج مصطفى زكى يعيش فى القرافة الكبرى، وكان يعمل سائقا قبل تقاعدة، فأكد أن حى الخليفة قام بإعطاء كل سكان مقابر السيدة عائشة أرقاما حتى يتم نقلهم فى مساكن جديدة، أو تعويضهم، مشيرا إلى أن أوامر الإزالة جاءت لعدد من مقابر الأهالى غير الأثرية وسيتم نقل رفات ذويهم لمنطقة الروبيكى بعد إعطائهم مقابر بديلة، أما المآذن والقباب الاثرية فيتم فكها لترميها وإعادتها بعد الانتهاء من الطريق الذى يتجة من الأوستراد لميدان السيدة عائشة ومتحف الحضارة.
وقال حسن على، أحد سكان منطقة قرافة سيدى جلال السيوطى إن القباب الاثرية كما هى ولم تهدم، مضيفا: أن حى الخليفة قام بحصرهم وسيتم نقلهم لمساكن جديدة حتى يتم تطوير المنطقة.
من جانبه، أكد الدكتور أبوبكر عبدالله، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، إن ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعى من فك مئذنتى قوصون والتربة السلطانية وعدم إعادتها من جديد عار تماما عن الصحة، ما يحدث هو عملية رصد وفك وترميم لتلك القطع الأثرية، وإعادة تركيبها من جديد فى نفس مكانها الأصلى، موضحا أن الصهريج الذى تم اكتشافه منذ فترة قريبة بجوار التربة السلطانية يتم الحفاظ عليه، وليس كما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى أنه سيتم ردمه.
وأشار «عبدالله» إلى أنه أثناء متابعة الأعمال الجارية بتطوير ميدان السيدة عائشة، ظهرت بقايا حجرية تحت الأرض، وبمجرد العثور على بقايا الحجرة تم على الفور تشكيل لجنة من منطقة آثار شرق القاهرة، والتى قامت بالمعاينة لموقع الحفر، وتبين من المعاينة المبدئية اكتشاف بئر مياه وعقد مشيد من الحجر، وبناء عليه تجرى حاليا دراسة طبيعة البناء تحت الأرض وتحديد كونه صهريج مياه، أو بئر مياه أو ساقية لرفع المياه.
وأضاف رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، أن الفريق البحثى المكلف من قبل المجلس الأعلى للآثار يقوم حاليا بأعمال الرفع المساحى، والرجوع للمصادر التاريخية لتحديد هوية البناء وتاريخ إنشاؤه وكيفية التعامل مع الموقف الحالى من حيث التدخل للصلب والترميم والتوثيق.
وحول ما يتم عقب الانتهاء من الدراسة، قال رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، إنه بعد أعمال دراسته وتوثيقه ورفعه مساحيا ومعماريا يتم العرض على اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطيه للموافقة على تسجيله والاحتفاظ به وبعدها إبلاغ الجهات المعنية والعرض للحفاظ عليه بعد توثيقه.
من جانبه، أكد الدكتور مجدى شاكر، كبير الأثريين فى تصريحات لـ «صوت الأمة» أن قبة قوصون مسجلة فى الآثار الإسلامية برقم 290 والتربة السلطانية مسجلة أيضا برقم 288 ولهما قيمة كبيرة، وقال: «طلبنا منذ زمن أن كل ما له علاقة بالتراث يكون تابعا لجهة موحدة، وفى مصر لدينا مشكلة بسبب شرط مرور 100 عام على المكان لكى يعتبر أثرا ويكون تابعا لوزارة الآثار، لكن لدينا عدد من الجهات تتبع لها عدد من المبانى والأماكن الأثرية مثل هيئة التنسيق الحضارى، ووزارة الأوقاف والتى تشرف على عدد من المساجد الأثرية أيضا، مشددا على أن الآثار المسجلة لدى وزارة الآثار والمسئولة عنها هى آمنة 100% وقبة قوصون والتربة السلطانية يحدث لهما بعض الترميمات فقط وإعادة تركيب وهما فى أمان، مشيرا إلى أنه يتم تنفيذ أعمال ترميم وصيانة للمئذنة نظرا لوجود شروخ رأسية وأفقية بهما، ما يؤثر على توازنهما إنشائيا، وفقاً للتقارير الهندسية، التى تم إعدادها بناء على تقرير الحالة المعمارية والإنشائية للمأذنة، حيث كشفت التقارير عن وجود ميول واضحة بالمئذنة، ما استدعى بدء أعمال الترميم، دون وجود أى نية لهدمها، أو المساس بها، باعتبارها ضمن المبانى الأثرية المسجلة فى عداد الآثار الإسلامية، وتخضع لقانون حماية الآثار، الذى يجرم أى عمل يتلف أو يهدم أثرا.