أفريقيا أرض المعارك
الجمعة، 01 سبتمبر 2023 11:01 م
تحولت القارة السمراء إلى ميدان للمعارك بين الشرق والغرب، تغيرات سياسية سريعة فى فترة قصيرة فى بوركينا فاسو والنيجر واليوم فى الجابون.
التحول السريع الذى يحدث فى أفريقيا سبقته أصوات عالية وحوار عن القارة ذات الأرض الخصبة التي يمكن أن تطعم العالم كله ولا تنفذ سلتها من الغذاء، ومع ذلك يشكو أبنائها من الجوع، وفى باطن أرضها ثروات طبيعية لا حصر لها ولا عدد وأهلها يموتون من الفقر وتفشي الأمراض والأوبئة.
ثبت فى ذهن الكثير أن الاستعمار الغربى خرج من أفريقيا بجيوشه لكن بقيت نفوذه ومخالبه، وجعل نفسه المانح للشرعية لاى نظام مادام يخدم أهدافه ومصالحة ويسهل له سلب وتحويل كنوز القارة السمراء تحت اى مسمى او اتفاق إلى بلاده.
وفى أطار ما يشهده العالم الآن من صراعات أمريكية وحليفتها الوفيه أوروبا الغربية ضد روسيا فى حرب أوكرانيا، وصراعات أمريكية ضد الصين من أجل السيطرة على الاقتصاد العالمى، فإن مسلسل التغيرات السياسية فى أفريقيا لم يعد يصنّف في خانة الصراع التقليدي على السلطة فحسب، بل أنه جزء من خطط مترابطة ببعضها ويتّضح الآن مغزاها الاستراتيجي وهو كسر هيمنة وسيطرة الغرب الأوروبي في أفريقيا وقطع اقوى ذراع للولايات المتحدة فى منطقة ضبط سياسة العالم، ووضع رقبة هذا الحليف تحت المقصلة لعزل أمريكا عن منطقة العمليات على الكرة الأرضية، كما أن روسيا تريد الرد على الغرب الذي يساند أوكرانيا بتهديد مصالحة وقطع خطوط إمداده بالخامات الطبيعية من أفريقيا التى تقوم عليها أغلب الصناعات الغربية.
الصين ليست بعيدة عن المشهد، فهى لديها خطة طموحة في مبادرة الحزام والطريق، وأفريقيا مركز محوري لهذه المبادرة واغلب النفوذ الموجود فى أفريقيا هو أوروبى غربى الحليف الوفى للولايات المتحدة، كما قلنا التي تحاول أن تعيق وتعطل تقدم الصين بشتى الطرق، ومع التغير السياسى تجد الصين طريق لها لتنفيذ خطتها الاقتصادية لتقضى على هيمنة أمريكا على الاقتصاد العالمى، وينتهي عهد سيطرة الدولار و ربما بعد الانتهاء من أفريقيا يتوجه الدب الروسي والتنين الصيني إلى حلفاء ونفوذ أمريكا فى آسيا.
مسلسل الصراع مستمر ولم ينتهي ويتغير يوما بعد الآخر، لكن أظن أن الجميع يملك من الرصانة والحكمة عدم الانزلاق فى التصادم المباشر، وإما أن ينتهي الصراع بعالم متعدد الأقطاب، وهذا الاقرب او الجلوس على طاولة المفاوضات وهو ما سيفرض نفسه فى النهاية للوصول لاتفاق يرضى جميع الاطراف.