دراسة تحذر الأوروبيين من خطورة جماعة الإخوان الإرهابية على الأمن القومي الأوروبي
السبت، 03 يونيو 2023 07:00 مهشام السروجى
المركز الأوروبى يرصد استقطاب الجمعيات الإخوانية للاجئين وتجنيدهم وتحدد الاستثمارات المالية الداعمة للأجندة
الجماعة تحاول التقرب من الأحزاب الألمانية اليسارية.. وبرلمانى بلجيكى يطالب بمواجهة عناصر التنظيم ببروكسل وتسللهم داخل أجهزة الدولة
الجماعة تحاول التقرب من الأحزاب الألمانية اليسارية.. وبرلمانى بلجيكى يطالب بمواجهة عناصر التنظيم ببروكسل وتسللهم داخل أجهزة الدولة
توغل جماعة الإخوان الإرهابية فى بنية المجتمع الأوروبى، أصبحت تمثل هاجسا للمنظومة الأمنية هناك، كما أنها أصبحت مادة ثرية للبحث والدراسة للمراكز البحثية المعنية بالشأن الأمنى والاستخباراتى والأمن القومى.
من أواخر هذه الدراسات ما نشره المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، بعنوان «الإخوان المسلمون فى أوروبا ـ ماذا عن التخادم مع الأحزاب السياسية؟»، التى رصدت سعى الجماعة الإرهابية إلى تصوير نفسها كممثل للمجتمع الإسلامى والجاليات المسلمة بأكملها فى أوروبا، وهذا يعنى أن الحكومات الأوروبية غالبا ما تلجأ إليها من أجل برامج التوعية والاندماج، حيث استطاعت الجماعة السيطرة على المنظمات الدينية والرياضية والاجتماعية، ما منحها فرصة للتحدث نيابة عن المسلمين والتقرب إلى الساسة وصانعى القرار الأوروبيين للضغط على الهيئات التنفيذية والتشريعية الأوروبية، مثل المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبى فى محاولة للتأثير على السياسات والقوانين الأوروبية، لتوسيع نفوذها وتنفيذ أجندتها.
ورصدت الباحثة بسمة فايد، باحثة فى الإرهاب الدولى بالمركز الأوروبى ECCI، الجزئية الخاصة بتقديم الرعاية الاجتماعية للجاليات المسلمة، وأشارت إلى جمعية “DMG” التى ارتبطت بالتنظيم الدولى للإخوان ومنظمتها المركزية فى ألمانيا، بناء على التشابكات الوثيقة فى الهياكل والمناصب مع الإخوان المسلمين، لافتة إلى أن الإخوان فى ألمانيا، باتوا معضلة للأجهزة الأمنية والاستخباراتية، كون أن التنظيم له تأثير ملحوظ على الجالية المسلمة هناك، كذلك الجمعيات والمنظمات التابعة للتنظيم، فهذه الجمعيات، تقدم خدماتها للجاليات المسلمة، لتوسيع نفوذها فى ألمانيا ولبناء قاعدة عريضة، حيث حددت المخابرات البلجيكية حوالى 40 جمعية تنتمى لجماعة تعمل فى مجالات مختلفة، اجتماعية وتعليمية ودينية وإنسانية ومدنية، ويديرها غالبا شباب مؤهلون ومتعددو اللغات، ولا يتصرفون أبدا بعيدا عن المديرين التنفيذيين المحليين أو الوطنيين أو الأوروبيين.
ورصدت الدراسة ارتباط صناديق الهبات فى فرنسا بمجموعة من الجمعيات المدنية المنشأة وفقا لقانون 1901، أى أنها جمعيات غير ربحية، تنشط فى مجالات الخدمات الثقافية والاجتماعية، كما ترتبط الصناديق من جانب آخر بمجموعة من الشركات العقارية، لتشكل هذه المجموعات الثلاث حلقة مغلقة، تقوم بموجبها الشركات العقارية بصب الأموال فى صناديق الهبات، التى توزعها بصورة غير قانونية على الجمعيات المدنية المرتبطة بجماعة الإخوان، حيث تقدم الجمعيات مختلف أنواع الرعاية للتابعين لها، بدءًا من توفير فرص عمل فى شركات، ومرورا بتوفير معونات اجتماعية وصحية، وإقامة مدارس دينية وحتى إقامة ورعاية المساجد فيما يشابه مجتمعا متكاملا مغلقا على أفراده وموازيا للمجتمع الفرنسى، تمتد هذه الجمعيات من مدينة ليل فى الشمال وحتى مدينة مارسيليا فى الجنوب، مرورا بالمنطقة الباريسية ومنطقة بوردو فى مايو.
التقرب إلى الساسة وصانعى القرار الأوروبيين
وتناولت الدراسة، تسلل جماعة الإخوان الإرهابية داخل الأنظمة الديمقراطية فى أوروبا لخلق مجتمع موازٍ قائم على أيديولوجية الإخوان، وقالت إن الجماعة تعمل فى بروكسل لتعزيز رؤيتهم وتحقيق أجندتهم من خلال مجموعة من الهياكل والمؤسسات، وتقدم من خلالها برامجهم إلى موظفى الخدمة المدنية والبرلمانيين الأوروبيين، حيث يتم قبول منظمات الإخوان المسلمين من قبل المؤسسات، إن لم تكن ممولة فى إطار المشاريع الأوروبية.
كما أشارت الدراسة إلى سعى التنظيم الإخوانى باستمرار للتقرب إلى الأحزاب الألمانية، لتوسيع نفوذه، ويأتى على رأس تلك الأحزاب حزبا «الخضر» و«اليسار» فى ألمانيا، لافتة إلى احتماء تنظيمات الإسلام السياسى، وفى مقدمتها الإخوان، بمواقف أحزاب اليسار، وتستغلها فى تخفيف الضغوط الواقعة على الجماعة، موضحة أن قرب الإخوان من معظم الأنظمة المؤسسية، أدى إلى قيام أجهزة المخابرات البلجيكية بإرسال إشارات على أنهم يراقبون بعناية الديناميكيات السياسية والدينية للإخوان فى البلاد فى 25 يناير 2022.
وعبر دينس دوكارم، البرلمانى البلجيكى، والمنتمى إلى الحزب الليبرالى الفرانكوفونى، عن رغبته بفتح نقاش برلمانى فيدرالى حول تواجد تنظيم الإخوان المسلمين ببلجيكا، مشيرا إلى أنه بعث برسالة بهذا الخصوص إلى رئيسة مجلس النواب، للشروع بإجراء نقاش معمق حول القدرة الفعلية لهذا التنظيم على التسلل داخل أجهزة الدولة، وجاء هذا الطلب ليزيد من حدة الجدل الدائر حاليا بين مختلف الأحزاب السياسية حول علاقة مفوضة حكومية لشئون المساواة بين الرجال والنساء السابقة بهذا التنظيم.
التأثير على صانعى القرار فى أوروبا
ووفق الدراسة، تعمل جماعة الإخوان فى أوروبا بنشاط للضغط على الهيئات التنفيذية والتشريعية الأوروبية، مثل المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبى فى محاولة للتأثير على السياسات والقوانين الأوروبية التى تؤثر على المسلمين الأوروبيين، وتتمثل المجالات السياسية الرئيسة لهذا النشاط فى الحقوق المدنية والحرية الدينية على سبيل المثال، حيث حققت الجماعات المرتبطة بالتنظيم، درجات متفاوتة من النجاح، بما فى ذلك إقامة علاقات عمل مع أعضاء البرلمان الأوروبى، وكبار مسئولى الاتحاد الأوروبى.
وأشار جهاز الأمن البلجيكى إلى أن الإخوان واصلوا حملة التسلل فى الأحزاب السياسية البلجيكية، وعملوا على دعم المرشحين الذين يفضلون «الزى الإسلامى»، كما وجهت تيارات الإسلام السياسى فى فرنسا لا سيما تنظيم الإخوان المسلمين، أصوات الجاليات المسلمة التى تحمل الجنسية الفرنسية لزعيم حركة «فرنسا العصية» اليسارية جان لوك ميلانشون فى 30 أغسطس 2022، حيث تم تصويت 69% من الناخبين المسلمين لصالح ميلانشون، وحاول أنصار الإسلام السياسى إلى جعل الإسلاموفوبيا فى فرنسا قضية مركزية فى الاقتراع، وبالنسبة لهم كان ميلانشون المرشح الأقل سوءًا.
التقرب إلى اللاجئين
ولفتت الدراسة إلى استقطاب الجمعيات المقربة من الإخوان بشكل متزايد لاجئين من البلدان، لتجنيدهم من أجل تحقيق أهدافها فى أوروبا، فعلى سبيل المثال، وإلى جانب ولاية شمال الراين «فيستفاليا» وولاية بافاريا، توسعت الشبكة فى شرق ألمانيا، فمنذ منتصف 2016 افتتحت جمعية «النفع العام» فى ولايتى ساكسونيا وبراندنبورغ مساجد فى منطقة قلما، وجد فيها أنصار الإخوان المسلمين، كما تم تشييد أبنية واسعة يراد من خلالها تأطير اللاجئين بإيديولوجية الإخوان المسلمين.
وتغيير استراتيجية الجماعة، جعلها تتدخل فى عدة أمور؛ من بينها التعليم ويعتبر المعهد الأوروبى للعلوم الإنسانية، واحدا من أبرز مؤسسات الجماعة التعليمية، ويسعى المعهد إلى تخريج أئمة ومعلمين، يلقنون ويفسرون النصوص الإسلامية، وتفسيرها وفقا لمنظور جماعة الإخوان، حتى الاستثمار فى جماعات الضغط السياسى التى تدعم تحركاتها، ولديهم اهتمام بالقدرة على التأثير فى صناعة القرار تجاه دول الشرق الأوسط من أجل الدفاع عن مصالحهم، والتأثير على الرأى العام الأوروبى.
وأكدت الدراسة، أن الاستثمارات المالية، تدعم أجندة الإخوان فى أوروبا، حيث تسعى الجماعة إلى تكوين شبكة من العلاقات الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية فى أوروبا فى جميع القطاعات كبنك التقوى، وبنك أكيدا الدولى، وشركات «الأوف شور»، ومكاتب الصرافة، كما لديها عدد من الشركات التابعة فى عدد من الدول، منها بريطانيا كشركة “World Media Services Ltd” وشركة ” Jordan Company Secretaries Limited” للخدمات والمعاملات التجارية.
وانتهت الدراسة إلى الإشارة لما تمثله جماعة الإخوان الإرهابية من تحد كبير أمام الأجهزة الأمنية الأوروبية، لاسيما أن التنظيم يتخذ واجهات عمل سرية كالمدارس والجمعيات الثقافية ومساعدة اللاجئين كغطاء لتوسيع نفوذه، لافتة إلى إدراك العديد من الدول الأوروبية تداعيات أسلوب المهادنة للتنظيم، وهناك العديد من الدول تخشى تصنيف الجماعة ضمن الجماعات المتطرفة، خوفا من استهداف المصالح الأوروبية داخل وخارج أوروبا، موضحة أنه بات متوقعا أن يصبح وضع جماعة الإخوان صعبا من الناحية السياسية، وسيتزايد الضغط عليها كثيرا خلال السنوات المقبلة، وألا يتم الفصل بين أنشطة الإخوان السياسية والتنظيمية، وما بين الواجهات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية التى تنشط من خلالها، ومن المرجح أن تراهن جماعة الإخوان على وجودها فى أوروبا ربما لأسباب تتعلق بسياسة أوروبا المهادنة.