بناء طفل الطريق لبناء عالم أفضل

 

 

الأسرة هي حجر الأساس في المجتمع، والطفل هو روح تلك الأسرة ومستقبلها وأملها في استمرار الحياة، وعلى الرغم من أن أغلبية الشباب يطمحون إلى تكوين أسرة ويجتهدون ويبذلون كل عطاء للزواج، إلا أن هناك العديد من المتزوجين حديثا لا يفقهون شيئا عن طرق تربية الأطفال، وبعضهم لا يملك المقدار الكافي من المسؤولية لاستمرار الحياة الزوجية، فمعظم الآباء والأمهات حريصين على تهيئة كافة سبل الراحة لأبنائهم ويحرصون على أن يبتعد أبنائهم عن تحمل المسؤوليات والمهام، بدافع التفرغ للدراسة فقط، وتكون النتيجة شباب لا يملكون القدرة على تحمل ضغوط الحياة وتكوين أعباء أسرة جديدة.

 

إذا أمعنا النظر، وجدنا أن الشباب الذي يملك القدرة على تحمل المسئولية وهم الأكثر نجاحا في الحياة ربتهم أمهاتهم على التعاون معها في إنجاز مهامه الشخصية، فعلى سبيل المثال، يقوم بحل الواجب بمفرده ويقوم بطي ملابسه وغسل أطباق طعامه، وإذا كان هناك طفل أصغر منه يعتني به ويرعاه، ليس هذا فقط فعلى الأبوين أن يزرعا داخل الطفل فكرة أنه قادر على إنجاز أي شيء في العالم ومدحه على الإيجابيات، لكن يجب أن يكون هذا في الوقت المناسب حتى لا يشعر أن هذا الثناء بلا قيمة، وفي هذا العمر يُكون الطفل انطباعه عن ذاته من خلال ما يقوله الأبوين مثلا تكرار عبارة "أنت ذكي وقوي"، فهذه الجملة ستجعله يؤمن بهذا ويتصرف على أساسه، والعكس تكرار عبارة "أنت كسول وغبي"، سيكون لديه إدراك داخلي عن ذاته أنه مهما بذل من مجهود فلن ينجح.

 

وتمتاز فترة الطفولة المبكرة والمتأخرة بسهولة تشكيل الطفل وبناء ذاته وبناء ثقته في نفسه، وهذا في غاية الأهمية ويمثل منحنى مهم في حياة الطفل وبالتالي في تشكيل المجتمع الذي يعتمد على هؤلاء الأطفال فيما بعد في تغيير المجتمع، وبعض أعمدة المجتمع كانوا أطفال لم يكملوا تعليمهم الجامعي وينحدرون من أسر فقيرة لكن أمهاتهم كن يؤمن بهم، وهذا هو العامل الرئيس في تقدير الذات فالبيئة المحيطة العائلة والمدرسة والأصدقاء هم أساس تشكيل الذات. ويظل العبء الأكبر على الأبوين في غرس الثقة داخل الطفل ليستطيع النجاح ومواجهة الفشل والقدرة على الاستمرار، لهذا يمكن ملاحظة الفارق بين الطفل المذبذب والطفل القوي في مواجهة الاختلاف مع الآخر، فالطفل الواثق من نفسه يستوعب الافكار المغايرة ويتعامل معها وفقا لمعتقداته لكن دون عنف ويستطيع ان يتحمل التنمر والسخرية من بعض الأفراد في محيط دراسته أو عمله.

 

وإذا كان مطلوب من الأبوين أن يعلما طفلهما القدرة على التعامل مع الاختلاف فمن الضروري أيضا أن يتقبلا اختلاف أطفالهم عن باقي الأطفال، بل أن هناك اختلاف بين الأطفال في نفس الأسرة وهذا يحتاج صبر كبير من الوالدين في الاستماع إلى الأطفال ومعرفة ما يضايقهم والتواصل معهم بكافة الوسائل، فبعض الأطفال يحتاجون إلى جهد كبير للتواصل معهم، فليس كل الأطفال يملكون القدرة على التعبير عن انفسهم.

 

ونجاح التواصل مع ابنك هو حجر الزاوية في بناء ذاته، ولكي نفهم أبنائنا أكثر لابد من أن تكون العلاقة معهم مبنية على الصداقة والقرب منهم ومعرفة ما يحتاجونه فعلا، حتى يمكن اختيار الوسيلة المناسبة لتعزيز الثقة داخلهم وتفجير قدراتهم وطاقاتهم الكامنة.