الدكتور باسل عادل: الرئيس السيسي لم يكن مضطرا للدعوة إلى الحوار.. وليست لدي شكوك أن الدولة لديها النية للتغيير

الأحد، 14 مايو 2023 03:00 م
الدكتور باسل عادل: الرئيس السيسي لم يكن مضطرا للدعوة إلى الحوار.. وليست لدي شكوك أن الدولة لديها النية للتغيير
الدكتور باسل عادل، عضو مجلس النواب الأسبق
أمل غريب

تركيبة الجلسة الافتتاحية كانت فريدة ولم تحدث من قبل وخلقت شعور بالأمل وولادة فجر جديد

الحراك الثوري الذي حدث في مصر بداية من 25 يناير مرور بـ30 يونيو كان قدرا كافية لإحداث نضجا لدى الجميع

المفهوم لدى المعارضة تغير من الحل بالثورة والتفكير الثوري إلى الحوار السياسي الذي قد يكون الأجدى والأنفع



أوضح الدكتور باسل عادل، عضو مجلس النواب الأسبق أن الحراك الثوري الذي حدث في مصر، منذ ثورة 25 يناير 2011 مرور بالأحداث التي أدت إلى اندلاع ثورة 30 يونيو، مر عليها عقد من الزمان، وكان قدرا كافية لإحداث نضجا لدى الجميع.

وأشار عادل في حواره مع "صوت الأمة" إلى أن هناك حالة من النضج السياسي تشهدها مصر حالياً،  فمن كانت منطلقاته ثورية بالتأكيد حدث له تحولا ما، خاصة بعد مشاكل النتائج الحاصلة، كذلك من كانت منطلقاته سياسية فقط، بالتأكيد شاهد تغير الراديكاليين لطريقة ومنهج تفكيرهم، موضحا أن مرور 10 سنوات أطلقت مساحة واسعة تكفي الجميع للفهم.
وإلى نص الحوار.
في البداية.. حدثنى عن شعورك يوم انطلاق الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني؟
الشعور كان جديد، ولد لدي الأمل، لأن مشهد الحضور كان به توليفة من الشخصيات التي لم تجتمع يوما مع بعضها البعض في تاريخ الحياة السياسية بمصر، فقد شهد اليوم حضور أحزاب موالاة ومعارضة وشخصيات عامة ورجال دولة ومسؤولين، لذا فإن هذه التركيبة كانت فريدة ولم تحدث من قبل، خلقت شعور بالأمل وولادة فجر جديد، يمر على مصر، بدليل أن كل الحضور سواء كانوا مستبعدين أو في السجن أو سافر للخارج، كانوا للمرة الأولى تحت سقف واحد مع الدولة، وفي الحقيقة هي لحظة استيعاب كبيرة جدا من الجميع، وأرى أن تجمع المصريين بمختلف أراءهم وأفكارهم وتوجهاتهم وأيدولوجياتهم على قلب واحد لهو من اللحظات الفارقة التي تحدث في مصر، ويصدر عنها مخرج مختلف تماما، لذلك تولد في نفسي الأمل.
قبل انطلاق الحوار الوطني هل كان لديك أي تخوفات؟
في الحقيقة لم يكن لدي أي تخوفات أو شكوك، لأن الرئيس عبد الفتاح السيسى لم يكن مضطرا للدعوة إلى الحوار الوطني، وهو شخصيا من وعد بإجراء إصلاحات سياسية، تأخرت كثيرا، لذلك ليس لدي شكوك في أن الدولة لديها النية للتغيير، حتى مع إطالة الفترة، كنت أرى أن الترتيب للأشياء يؤدي بها إلى النجاح، ويسهل العمل ذاته.
وهناك طلبات كثيرة جدا، على مستوى الثلاث محاور سواء السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، وما تتضمنه من ملفات، ونحتاج إلى تحقيق أكبر قدر منها، لكن بالتأكيد مفهوم أنه من الصعب تحقيقها جميعا، بينما سيكون منها جزء سيتحقق، والأخر سيستمر الحوار عليه بين المعارضة والدولة.
بعد مرور 10 سنوات على ثورة 30 يونيه.. في رأيك هل ماتزال المعارضة على نفس الحالة الثورية أم أصبح لديهم نضجا سياسيا؟
دعينا نتفق أن الحراك الثوري الذي حدث في مصر، منذ ثورة 25 يناير 2011 مرور بالأحداث التي أدت إلى اندلاع ثورة 30 يونيه، مر عليها عقد من الزمان، وكان قدرا كافية لإحداث نضجا لدى الجميع، لذلك أرى أن هناك حالة من النضج السياسي، فمن كان منطلقاته ثورية، بالتأكيد حدث له تحولا ما، خاصة بعد مشاكل النتائج الحاصلة، كذلك من كان منطلقاته سياسية فقط، بالتأكيد شاهد تغير الراديكاليين لطريقة ومنهج تفكيرهم، لذلك أتصور أن مرور 10 سنوات أطلقت مساحة واسعة تكفي الجميع للفهم، وكيف للدولة المصرية أن تتغيير للأفضل، وعلى الجانب الأخر فقد تغير المفهوم لدى المعارضة بأن الحل ليس بالثورة ولا بالتفكير الثوري، إنما بالحوار السياسي الذي قد يكون الأجدى والأنفع، وإن كان بطيئا، لكنه بيكون مستقر ونستطيع العمل على تنميته ونحافظ به على استقرار الدولة.
ما هي الدلالة على النضح السياسي الذي حدث داخل العقول الثورية؟
هناك مجموعة من الأمور، فعلى سبيل المثال على محور تركيبة الدولة المصرية، ظهرت أن البيروقراطية داخلها ثقيلة، أو بمعنى أدق ما نطلق عليه مسمى "الدولة العميقة" راسخة وقديمة، وتغيرها بالشكل الثوري الرديكالي العنيف، صعب للغاية، لأنها ثقيلة بحكم العدد والامتداد والعمق في التاريخ المصري، فالدولة لديها أقدم موظفين من عصر قدماء المصريين، فالطبيعة البيروقراطية السائدة يصعب تغيرها بأي مساحة بسهولة سواء للأفضل أو للأسوأ، علاوة على أنه وضح للجميع أن جسم مصر وحركته ثقيل جدا، وهذا أعطى مؤشرا للجميع، بأنه إذا سقط هذا الجسم، فمن الصعب أن يستقيم وتنهض مرة أخرى، وهذا يقين وصل إلى الجميع.
ثانيا، هناك يقين أخر، أن ثورة يناير تم اختطافها من جانب جماعة الإخوان، وهذا كان واضحا جدا لكل التيارات غير الإسلامية، وأن التنظيم الذي كان جاهزا هو وحده من خطف الثورة كما وشاهدنا جميعا، لكن جاءت 30 يونيه لتصحح الوضع بأن الجماعة لا تصلح للحكم، بالتالي الشعب ثار عليهم، لذلك بات هناك وضوح كامل بأن الحركات والأحزاب المدنية ليس لديها ما يكفي من التنظيم الذي تستطيع من خلاله تحمل مسئولية حراك ثوريا، تستطيع كفالة ثمراته ومخرجاته وتقدمها للدولة وتتعامل معها، وكل ما سبق لم يكن واضحا للجميع، علاوة على أن هناك رؤى في الدول المحيطة أن مصر أكثر استقرارا بفعل حفاظ الجيش على الدولة المصرية، وهذا وضح للجميع، وبالتأكيد هو كمؤسسة فاعل للاستقرار في مصر سواء الداخلي أو الخارجي.
وأرى أن الناس الثورية التي كانت تريد التغيير الفوري، أصبحت تقبل بأن التغيير يأخذ وقت، لكن بأن يكون له مخرجاته وله أمل، كما أرى أنه حدث فهم ويقين داخلي لدى أصحاب الفكر الثوري، لأنه إذا لم يكن حدث لكانت استمرت الاضطرابات، لكن الجميع تفهم وهضم الأحداث والتولات وكل الفترة التاريخية خلال العشر سنوات الماضية، بدليل أن كل الثوريين حضروا الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني، واستجابوا لدعوة الرئيس السيسى، وهم ذاتهم من لم يكونوا قابلين الانتخابات الرئاسية أصلا، وأرى أنه علينا استحسان قبول وحضور الثوار، ونحترم رغبتهم في المشاركة بالتفاعل السياسي.
في رأيك.. من بدأ أولا بفتح صفحة جديدة؟
في ظني أن الدولة هي من بدأت، لأننا لمحنا في إداء الدكتور ضياء رشوان والمستشار محمود فوزي، أنهم يرغبون في تقديم إضافة لحياة سياسية جديدة من صميم قلبهم، ويريدون أن يتعاونوا، وألمح في حديثهم بأنهم يرغبون في تقديم مخرجات حقيقية وتلبية كل الطلبات التي يستطيعون تنفيذا، خاصة التي يحدث عليها توافق بين المعارضة والدولة، لذلك أعتقد أن النية الطيبة والبادرة المحمودة التي لمحناها في أعين القائمين على الحوار، بداية من السيد رئيس الجمهورية مرورا بالقائمين على الحوار الوطني هي البداية والشرارة للبادرة والصفحة الجديدة، وعلى الجانب الأخر، فقد كان الثوار والمعارضة على قدر المسؤولية وتفاعلوا من الإشارات الإيجابية بشكل جيد، ومدوا أيديهم للدولة، وأرى أن هذه الروح الطيبة بين المعارضة والدولة لا يبقى لأن تعيش وتتغذى، إلا أن يكون هناك مخرجات من الحوار كل فترة قصيرة، ولا ننتظر لنهاية الحوار، مثلما أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بالإشراف القضائي على الانتخابات فور صدور البيان من مجلس أمناء الحوار، فأقترح صدور مخرج بسيط كل أسبوعين ثلاثة لأن ذلك سيعطي مزيد من الأمل وسيغزي الروح الوطنية الحاضرة والتعاون والتفاؤل.
ما هي المحاور التي تشارك بها في الحوار الوطني؟
أشارك في المحوين السياسي والاقتصادي، الأول مباشرة الحقوق السياسية والأحزاب والمحليات، وفي الثاني، سأشارك في جميع ملفاته لأنه المطلب الأهم بالنسبة لرجل الشارع والشعب المصري.
من وجهة نظرك.. ما هي رؤيتك للحوار الوطني؟
أرى أنه طالما توفرت الإرادة السياسية من جانب الرئيس السيسي والدولة، فكل الأمور يمكن أن تكون سهلة، لدي رؤية في قانون الانتخابات والأحزاب ولدينا حزمة تشريعات جاهزين لتقديمها فور بدء الجلسات، ومنها قانون مباشرة الحقوق السياسية، من خلال تغيير نظام الانتخابات من القائمة المطلقة إلى النسبية بحيث تتيح مساحة للسياسيين وتقلل من سطوة المال السياسي، ونحصل على برلمان متعدد ومتنوع ومعبر عن كل الشعب المصري.
وأرى أنه من الممكن تشريع قانون انتخابات يساع للجميع يكون معبرا أمال وطموح الشعب.
ثانيا قانون مباشرة الحقوق السياسية والأحزاب، لأنها هي مدرسة الحياة السياسية، لأنه تحتاج إلى تنشيط داخل القانون من أجل أن تستمر وتنمو ويكون لها تمويل تستطيع من خلاله عمل نشاطات وزيادة أعضاء.
مصر بها ما يزيد عن 150 حزب.. هل ترى أن هناك حاجة إلى المزيد؟
في الحقيقة أرى أن هناك أزمة حقيقية في عمل الأحزاب، على الرغم من كثرة عددها وتنوعها، فكيف من كل هذا العدد لم نرى أربع أو خمس أحزاب فرضوا نفسهم على الساحة، وهو ما يجب مراعاته في فلسفة قانون مباشرة الحقوق السياسية والتعامل مع الأحزاب، فيجب دراسة نقاط القصور، والحقيقة أنها لا يتحملها لا السياسيين ولا الأحزاب وحدهم، وعلى الدولة أن تساعد وتوقن أن الأحزاب هي مؤسسات معاونة حتى وهي تتنافس سياسيا، لأنها في النهاية تقدم بدائل وأطروحات وسياسات وتشريعات، لذا يجب أن تستعين بهم الدولة، وعدم العودة مرة اخرى لعلاقة الجفاء وعدم الثقة بين الطرفين "الدولة والأحزاب".
وأرى أنه علينا أن نأخذ الحوار الوطني إلى مبادرة لإنهاء مشكلة عدم الثقة المتبادلة بين الأحزاب والدولة، لأنه في مصلحة الحياة السياسية، لأن الإصلاح السياسي هو قاطرة الحياة الاقتصادية حتى يكون القرار الاقتصادي رشيد، وليس أحادي أو رؤية من زاوية واحدة.
وفي رأيي، هناك ضرورة ملحة لصدور عدة قرارات ناجزة لوقف النزيف الاقتصادي، لذلك لدي مقترحات في المحور الاقتصادي.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق