"حق الملح" قهوة مقابل الذهب تقديرا لمجهود التونسيات فى رمضان

الإثنين، 17 أبريل 2023 08:09 م
"حق الملح" قهوة مقابل الذهب تقديرا لمجهود التونسيات فى رمضان

يحيي عدد من البلدان العربية، عيد الفطر المبارك، بكثير من العادات والتقاليد، منها مثل صنع الحلويات وشراء الملابس الجديدة والتزاور لتبادل التهاني، إلا أن التونسيون لهم طريقة خاصة للاحتفال، وهى عادة "حق الملح"، التي تتمسك بها النساء والفتيات، كونها تعبيرا عن الثناء على جهودهن في الطبخ و إعداد موائد الإفطار طيلة شهر رمضان.

ما هي "حق الملح"؟

عادة قديمة في تونس وبعض دول المغرب العربي.يرتبط أصل التسمية باضطرار الزوجة أحيانا عند إعدادها الطعام لأسرتها خلال شهر رمضان، إلى تذوق الأكل دون ابتلاعه، للتأكد من اعتدال ملوحته قبل تقديمه.تتمثل العادة في تقديم هدية قيمة للمرأة التي أطعمت العائلة في شهر الصيام، وتكون غالبا قطعة من الذهب يهديها رب الأسرة لها صباح العيد.تقتضي العادات أن تقدم الزوجة طبق الحلويات وفنجان القهوة لرب الأسرة بعد عودته من صلاة العيد، على ألا يرجعه فارغا، بل يضع فيه خاتما أو سوارا أو مبلغا من النقود، هدية منه للزوجة أو الأم التي أطعمت العائلة في الشهر الكريم.

"تعود العادة للعثمانيين، حيث يُروى أن تاجرا ثريا كان جالسا مع عائلته صباح العيد يوزع ما تسمى (مهبة العيد)، وهي دراهم من الفضة والذهب على أطفاله، حتى سقطت قطعة منها في فنجان القهوة، فقالت الزوجة هذا نصيبي، من باب المزاح".

عند غسلها للفنجان، وجدت الزوجة أن القطعة النقدية صغيرة جدا، فعادت إليه محتجة بالقول (هذا المبلغ لا يساوي حتى حق الملح) الذي تذوقته، أي ثمنه، فعوضها الزوج بدينار من الذهب.

بعدها ذهبت الزوجة وأخبرت جاراتها بعبارة (انظرن ثمن تذوق الملح)، ومنذ ذلك الحين أصبحت الهدية للزوجة صباح العيد عادة متوارثة".

وأشار مرموش إلى أن العادة التي تعرف بـ"حق الملح" في تونس، متواجدة في ليبيا باسم "الكبيرة"، وفي المغرب "التكبيرة"، وفي الجزائر "حق الطعام"، وتعد حركة تعبيرية عن الحب و المودة.

وتابع: "في القديم، كانت النساء يطبخن الطعام في ظروف أصعب، إذ لم يكن هناك فرن و لا مخابز و لا مطاعم، والعائلة كانت ممتدة، مما يضطر المرأة لقضاء ساعات شاقة من أجل إعداد وجبة الإفطار".

"حق الملح" بعيون تونسيات وتونسيون

وتقول صابرين (35 عاما): "يحرص زوجي كل عام على المحافظة على العادة التي توارثناه على الأجداد، بإهدائي صباح العيد كنوع من الشكر على تعب رمضان، في بداية زواجنا كان يقدم لي قطعة من المصوغات، لكن مع صعوبة ظروف الحياة اليوم يكتفي بقطعة من الملابس أو باقة ورد أو عطر، و أحيانا دعوة على العشاء خارج المنزل مع الأطفال، حفاظا على العادة واعترافا بتعبي في شهر الصيام".

أما سهيل (40 سنة) قال: "لم تعد العادة ممكنة، فالوقت تغير ورب الأسرة يعمل على تلبية الكثير من المطالب لأسرته في العيد، أهمها الملابس الجديدة والحلويات ومصاريف ألعاب الأطفال، لذا يصعب الحفاظ على (حق الملح) في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة".

وتقول يمينة (60 سنة): "أولادي اليوم عوضوني بتقديم الهدايا صبيحة العيد وقطع المصوغات، منذ أن حصلوا على وظائف، أما زوجي فطيلة 40 سنة من الزواج، لم يكن يلتزم بحق الملح إذ كانت ظروفنا صعبة".

ومنصف (55 عاما): "أحب أن أراها تفرح بهديتي، حتى إن لم تكن دائما ثمينة، إذ تعبت من أجلنا في رمضان، فرغم أنها تقضي نصف ساعات اليوم في العمل مثلي، تلتزم بإعداد ما لذ وطاب يوميا دون تذمر، ومن حقها أن نشكرها ونعترف بالجميل".

ورغم تراجع ممارسة بعض العادات والتقاليد الاحتفالية في تونس واقترابها من الاندثار، تبدو عادة "حق الملح" صامدة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، بل أخذت أشكالا أكثر معاصرة، وتحولت من الذهب والفضة إلى هدايا عصرية متنوعة حسب وضع الأسرة الاقتصادية.

 

ماذا يقول خبراء؟

وتعليقا على هذه العادة المتوارثة، قالت الدكتورة في علم اجتماع التغذية، سنية مليح: "العادة تعيش، لأن النساء والرجال على حد سواء يستلطفونها، فالمقصود بها الشكر بطريقة لطيفة، كانت العادة موجودة منذ قديم الزمان، عندما كانت النساء يطبخن الطعام بكميات كبيرة لعائلة كبيرة العدد، ويتذوقن ملح الطعام على أطراف اللسان، وهذه مهارة محفوفة بمخاطر خسران الصيام، لذا تستحق التثمين، لكن يبقى الأهم من خلال الحفاظ على هذا الموروث، هو رمزية العادة ودورها في التعبير عن الامتنان لجهود المرأة".

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق