يوسف أيوب يكتب: مصر والسعودية.. حوار مستمر وخط تواصل واتصال لا ينقطع
السبت، 08 أبريل 2023 10:16 م
الرئيس السيسى والأمير محمد بن سلمان وضعا صيغ واضحة للتنسيق تتخطى كافة الحواجز وتعتبر التكامل العربى حائط الصد القوى
فجر الإثنين الماضى، شهدت مدينة جدة، قمة مصرية سعودية، جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسى، والأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، جاءت امتداداً للقاءات متعددة ما بين القاهرة وشرم الشيخ والرياض، كلها كانت شاهدة على حوار متواصل وتنسيق مستمر، نشهد يومياً نتائجه واثاره على العديد من الملفات الثنائية والقضايا الإقليمية.
الرئيس السيسى في أعقاب لقاء جدة قال في تدوينه على صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي- "سعدت بلقاء شقيقي سمو الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، وإنني إذ أعبر عن امتناني وتقديري لحُسن الاستقبال والضيافة، أؤكد على عُمق ومتانة العلاقات الثنائية بين مصر والمملكة العربية السعودية، وأتطلع لتنميتها وتعزيزها في كافة المجالات، وبما يحقق المصالح المشتركة لبلدينا، وتطلعات شعوبنا العظيمة".
وخلال القمة أكد الرئيس السيسي والأمير محمد بن سلمان الحرص المتبادل على تعزيز التعاون المشترك في جميع المجالات بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين، بالإضافة إلى مواصلة التنسيق والتشاور تجاه التطورات والقضايا الإقليمية والدولية، واشادا بالعلاقات التاريخية الوثيقة والمتميزة التي تربط بين البلدين الشقيقين على جميع المستويات، مشيرين إلى أهمية الزيارة في مواصلة تطوير هذه العلاقات الأخوية، ومؤكدين الحرص المتبادل على تعزيز التعاون المشترك في جميع المجالات بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين، بالإضافة إلى مواصلة التنسيق والتشاور تجاه التطورات والقضايا الإقليمية والدولية.
وكل الشواهد تؤكد أن مصر والسعودية هما حجر الزاوية في العالم العربي؛ بحكم الجوار الجغرافي ورابطة البحر الأحمر والرابطة التاريخية، ومن هنا جاء لقاء جدة للتباحث حول المرحلة المقبلة التي تحتاج إلى درجة كبيرة من التنسيق بين دول الإصلاح العربي الأساسية، لتحديد رؤيتها فيما يتعلق بتحقيق استقرار إقليمي ينبع من المنطقة.
وبالنظر إلى القمة المصرية السعودية من حيث توقيتها، سنجد انها تحمل الكثير من الدلالات، فبجانب الشق الرئيسى المتمثل في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، فإنها جاءت بعد أمور كثيرة حدثت خلال الأسابيع القليلة الماضىة، في مقدمتها استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، الذى علقت عليه رئاسة الجمهورية حينها بتقدير هذه "الخطوة الهامة"، وثمنت في الوقت نفسه "التوجه الذي انتهجته المملكة العربية السعودية من أجل إزالة مواضع التوتر في العلاقات على المستوى الإقليمي، وتأكيد ارتكازها على مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة من حيث احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شئونها الداخلية، وترسيخ مفاهيم حُسن الجوار وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة".
كما أكدت رئاسة الجمهورية تطلع مصر إلى أن يكون لهذا التطور مردود إيجابي إزاء سياسات إيران الإقليمية والدولية، ويشكل فرصة سانحة لتأكيد توجهها نحو انتهاج سياسة تراعي الشواغل المشروعة لدول المنطقة، بما يعزز من فرص التعاون وتوطيد التواصل الإيجابي فيما بينها، من أجل رسم مسار للعلاقات يلبي آمال شعوب المنطقة في الازدهار والتقدم.
كما جاءت القمة في اعقاب عودة اللقاءات المصرية والسورية إلى مسارها الصحيح، والذى تزين بزيارة وزير خارجية سوريا فيصل المقداد للقاهرة الأسبوع الماضى، وسط أنباء تتحدث عن خطوات تتخذها الرياض في الوقت الراهن للتقارب مع دمشق، قبيل عقد القمة العربية المقررة في 19 مايو المقبل في الرياض، والتي سوف تركز على مبدأ عودة التضامن العربي الذي واجه العديد من المشكلات خلال المرحلة الماضية، وما يتطلبه ذلك من عمل عربي جاد ومكثف من أجل أن تطوى هذه الصفحة إلى غير رجعة.
كما أن قمة جدة، جاءت متزامنة مع تحولات اقتصادية مهمة، أبرزها إعلان السعودية تخفيض انتاجها من البترول 500 ألف برميل يوميا حتى نهاية العام الجارى، وهو ما سيترتب عليه مزيد من الارتفاع في أسعار البترول عالمياً.
ولا يخفى على المتابع لما جرى في جدة أن هناك العديد من الملفات الإقليمية والدولية التي بحاجة الى تشاور عربي كبير؛ فالقمة العربية المقبلة التي ستعقد في السعودية يتعين التشاور بين القطبين العربيين بخصوص القضايا التي ستطرح فيها، وكذلك التطورات الإقليمية والحراك الإقليمي للقوى غير العربية في المنطقة، التي تتحرك في محاولة من جانبها لاكتساب مجالات نفوذ في المنطقة على حساب مصالح القوى العربية، ومن بينها مصر والسعودية، لذلك فإن التواصل والتنسيق بين البلدين يحظى دومًا بطابع خاص؛ نظرا إلى عمق العلاقات التاريخية بينهما على كافة المستويات، من منطلق تعزيز "التضامن العربي"، والحرص الدائم من جانبهما على تعظيم العمل العربي المشترك؛ لتحقيق التوافق والعلاقات الطبيعية بين كافة الدول العربية، وتشكيل "منظومة أمان" تحمي الداخل العربي من أية تداعيات سلبية للتقلبات والتحولات الجارية حاليًا في موازين القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية على المستوى الدولي.
ومن يتابع ما يحدث حولنا سواء في المنطقة، أو استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، سيصل إلى نتيجة مفادها أن المرحلة المقبلة بحاجة إلى درجة كبيرة من التنسيق بين القاهرة والرياض، لتحديد رؤيتهما فيما يتعلق بتحقيق استقرار إقليمي ينبع من المنطقة، فالعاصمتان دوماً في حوار مستمر على مدار اللحظة بشأن تفاصيل الوضع الإقليمي والدولي، بذهنية أخوية تضع في الحسبان التاريخ الطويل من العلاقات متشعبة الأركان بينهما، وتتجاهل بشكل تام أية محاولات للتأثير على هذه العلاقة والإبطاء من وتيرتها الديناميكية المتفاعلة مع الهموم العربية والتطورات على الساحة الدولية. ذهنية أخوية تعلى من الصالح العام، وتعتبر التكامل العربى هو حائط الصد لمواجهة أية تأثيرات لتفاعلات دولية على المنطقة.
ولا ننسى هنا أن القيادة السياسية المصرية تحرص دوماً على تدعيم العلاقات العربية- العربية؛ من منطلق قناعتها الكاملة أن العمل العربي المشترك يمثل الحصن القوى للحفاظ على الأمن القومي العربي وعلى المصالح العربية، وذلك في ظل المتغيرات المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي، كما أن الرئيس السيسى، يسير وفق قاعدة مهمة وهى أن كلا من مصر والسعودية يمثلان قاعدة الاستقرار للمنطقة، وأن التواصل الثنائي بينهما يمثل ضرورة لا غنى عنها؛ من أجل مواجهة كافة التحديات التي تواجهها المنطقة، وهو المنهج الذى يسير عليه الرئيس السيسى والأمير محمد بن سلمان، محددين صيغ واضحة للتعامل والتنسيق، تتخطى كافة الحواجز، واضعة خط تواصل واتصال لا ينقطع.