تعرف على رأى المفتى في حكم صيام مريض الزهايمر

الإثنين، 03 أبريل 2023 01:20 م
تعرف على رأى المفتى في حكم صيام مريض الزهايمر
منال القاضي

أوضحت دار الإفتاء الحكم الشرعى للصيام مريض الزهايمر هل يجب الصيام على مريض الزهايمر، أو يجوز له أن يُفطر؟ وهل يجب عليه القضاء إذا أفاق؟
 
الجواب
واجاب الدكتور شوقى علام مفتى الجمهوريه عن حكم مريض الزهايمر يمر بمراحل ثلاث؛ تظهر فيها الأعراض بشكل تدريجي، وهي وإن اشتركت في معنى النسيان والتِّيه ونقص الإدراك، إلَّا أنها تتفاوت في درجة المرض ومراتب الإدراك والقدرة على التحكم في الذات.
 
 المرحلة الأولى منها: يتعلق بها الحكم التكليفي في أداء الصيام، غير أن الحكم فيها منوطٌ بالقدرة والاستطاعة، لما تقرر أن "الميسور لا يسقط بالمعسور"، وقد يستخدم المصاب بجانب العلاج بعض الوسائل المُعينة له على التذكر وإتمام العبادات.
 
واوضح المفتى بان  الحالتان؛ الثانية والثالثة: فتدخلان تحت الأمراض العقلية المنصوص عليها، التي تغلب العقل فتُفسِد أثره وتُعطِّل فعله، والتي اتفق العلماء على أن المُصابَ بها لا يلزمه الصيام، ولكن لو برئ من مرضه أثناء شهر رمضان تعلق به التكليف حينئذٍ ولزمه الخطاب، فيجب عليه الصيام، وأمَّا ما فاته من صيامٍ أثناء المرض: فالجمهور على أنه لا يقضيه، سواء قلَّ أم كثر، والنص وإن ورد في المجنون والمعتوه، إلَّا أنه قيس عليهما مَن زال عقلُهُ بسببٍ يعذر فيه.
 
المراد بمرض الزهايمر ومراحله
 
 
مرض الزهايمر (Alzhemier): عبارة عن ضمور في خلايا المخ يؤدي إلى انخفاضٍ في الذاكرة والقدرات العقلية، ينتج عنه انخفاضٌ مستمرٌّ في التفكير والمهارات السلوكية والاجتماعية، وهذا المرض هو أشْيَعُ أسباب الخَرَف؛ حيث يساهم في حدوث 60% إلى 70% من حالات الخَرف؛ إذ الخرفُ يحدث بسبب مجموعة مختلفة من الأمراض والإصابات التي تلحق بالدماغ؛ كالزهايمر، والسكتة الدماغية، والخَرَف الوعائي، والخَرَف الجبهي أو الصدغي، والخَرَف المصحوب بأجسام ليوي (Lewy). ويتم التمييز بينها عن طريقِ فحص وظائف الدماغ؛ كاختبارات الوظائف الإدراكية، والأشعة، ونحو ذلك، ومن الممكن أن يُصاب الإنسان بمزيج منها في آنٍ واحد؛ كما أفادته منظمة الصحة العالمية (WHO) على موقعها الرسمي، وأفادت أيضًا أن مرض الزهايمر يمر بثلاث مراحل؛ تظهر فيها الأعراض بشكل تدريجي:
 
المرحلة الأولى: تقل فيها حيوية المريض، وتضعف ذاكرته، فتظهر فيها بعض أعراض النسيان، ويقلُّ عنده إدراك الوقت، وتحدثُ له حالة من التوهان واللامُبالاة لما يحدث حوله.
والمرحلة الوسطى: يكثر فيها نسيان الأحداث والأسماء الحديثة، والتِّيه في الأماكن المألوفة حتى في البيت، وتغيّر السلوك، وتراجع القدرة على الفهم مما يؤدي إلى صعوبة التواصل مع الغير، وطرح الأسئلة المتكرّرة، والتوقف في أواسط الكلام، وعدم إتمام العبارات، وفي هذه المرحلة يحتاج المريض إلى درجة كبيرة من المساعدة والاعتناء به.
 
والمرحلة المتقدمة: ويتم فيها اعتماد المُصاب بشكل كلي على الغير، ويصاحبه انعدامٌ في النشاط، واضطرابٌ شديد في إدراك الزمان والمكان، وصعوبة بالغة في التعرّف على الأقرباء والأصدقاء، والحاجة المُلحَة إلى المساعدة في الاعتناء بالذات، مع صعوبة المشي، وتغيّر السلوك الذي قد يتفاقم ليصبح عدوانيًّا.
وأفادت الُمنَظَّمَة أيضًا أن هذا المرض وإن كان يُصيب المُسنِّينَ بالدرجة الأولى، ويُفقدهم استقلاليتهم، إلَّا أنه لا يُعَدُّ جزءًا طبَعيًّا من الشيخوخة وطول العمر.
 
التكليف بالعبادات البدنية لمريض الزهايمر
 
بالرغم من أنَّ المراحلَ الثلاث تشترك في معنى النسيان والتِّيه ونقص الإدراك، إلَّا أنَّ هذه المراحل تتفاوت فيما بينها من حيثُ درجة المرض ومراتب الإدراك والقدرة على التحكم في الذات.
فالمرحلةُ الأولى:
قد يستطيع معها المريض إنجاز كثير من مهامه وواجباته ومتطلباته، ومنها العبادات البدنية؛ كالصلاة والصيام ونحوهما، فإذا استطاع المريض القيام بأداء العبادة: وجب عليه أداؤها؛ بناءً على القاعدة الشرعية: "الميسور لا يسقط بالمعسور"، وهي من أشهر القواعد المستنبطة من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»؛ كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السبكي (1/ 155، ط. دار الكتب العلمية)، وقد يستخدم مصاب الزهايمر بجانب العلاج والأدوية بعض الوسائل المُعينة له على التذكر وإتمام العبادات.
أما المرحلتان الثانية والثالثة: فيغلب فيها المرض على عقلِ المُصاب؛ فيضطرب إدراكُهُ ويختلُّ فِعْلَهُ، وهي بذلك تُعَدُّ درجة من درجات زوال العقل؛ فكما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه -فيما نقله عنه صاحب "البيان" (2/12، ط. دار المنهاج)-: [إنَّ أقل زوال العقل: أن يكون مختلطًا؛ فيعزب عنه الشيء وإن قلَّ، ثم يثوب إليه عقله] اهـ.
وقد تقرر أن العقل هو تمام أهلية الإنسان التي عليها مدار تكليفه وخِطابه من الأوامر والنواهي؛ وذلك لكونه آلة الفهم ووسيلة الإدراك:
 
قال العلامة زين الدين بن قُطْلُوْبُغا في "خلاصة الأفكار" (ص: 179، ط. دار ابن حزم): [وتمام الأهلية الذي جعل منه مناط التكليف المعتبر فيها: العقلُ] اهـ.
فإذا طرأ على العقل مرضٌ أو عرَضٌ أفسد أثره وعطَّل فعله؛ بحيثُ يسبب له خللًا في أداء وظائفه الأساسية؛ كان لذلك أشد الأثر في سلب الأهلية وتغير الأحكام:
 
 
حالات مرض الزهايمر التي يرفع فيها التكليف
 
الحالتان الثانية والثالثة هما نوعان من الأمراض التي تغلِبُ العقل –كما ذكرنا-؛ فتُفسد آثاره وتُعَطِّلُ أفعاله، وهو سببٌ يُعذر فيه صاحب هذا المرض، فيمكن قياسه على بعض الخِصال الواردة في الأحاديث، والمقتضية رفع التكليف عن صاحبها؛ كالجنون، والنسيان، والعَتَهِ، ونحو ذلك، بجامع فساد العقل وغياب المحل في كل هذه الآفات، وقد نص العلماء على أن كل حالة تنافي العلم بتوجيه الخِطاب تنافي تحقيق التكليف؛ لأن من شرط تعلق الخطاب إمكانَ فهمه، وفاقدُ العقلِ لا يفهم الخطاب:
 
قال العلامة علاء الدين البخاري الحنفي في "كشف الأسرار" (4/ 263، ط. دار الكتاب الإسلامي): [لا يتصور فهم الخطاب والعلم به بدون العقل، والقدرة على الأداء لا تتحقق بدون العلم؛ لأن العلم أخص أوصاف القدرة، فتفوت القدرة بفوته، وبفوت القدرة يفوت الأداء، وإذا فات الأداءُ عُدِمَ الوجوب؛ إذ لا فائدة في الوجوب بدون الأداء] اهـ.
 
وقال إمام الحرمين الجويني في "التلخيص في أصول الفقه" (1/ 135، ط. دار البشائر): [ما صار إليه المحققون: خروج النائم، والمجنون، والمغلوب على عقله، والسكران الخارج عن حد التمييز عن قضية التكليف، والجملة في ذلك: أن كل حالة تنافي العلم بتوجيه الأمر تنافي تحقيق التكليف] اهـ.
 
 
الخلاصة
بناء على ذلك: فإنَّ مريض الزهايمر يمر بمراحل ثلاث؛ تظهر فيها الأعراض بشكل تدريجي، وهي وإن اشتركت في معنى النسيان والتِّيه ونقص الإدراك، إلَّا أنها تتفاوت في درجة المرض ومراتب الإدراك والقدرة على التحكم في الذات.
 
والمرحلة الأولى منها: يتعلق بها الحكم التكليفي في أداء الصيام، غير أن الحكم فيها منوطٌ بالقدرة والاستطاعة، لما تقرر أن "الميسور لا يسقط بالمعسور"، وقد يستخدم المصاب بجانب العلاج بعض الوسائل المُعينة له على التذكر وإتمام العبادات.
 
أما الحالتان؛ الثانية والثالثة: فتدخلان تحت الأمراض العقلية المنصوص عليها، التي تغلب العقل فتفسد أثره وتُعطّل فعله، والتي اتفق العلماء على أن المُصابَ بها لا يلزمه الصيام، ولكن لو برئ من مرضه أثناء شهر رمضان تعلق به التكليف حينئذٍ ولزمه الخطاب، فيجب عليه الصيام، وأمَّا ما فاته من صيامٍ أثناء المرض: فالجمهور على أنه لا يقضيه، سواء قلَّ أم كثر، والنص وإن ورد في المجنون والمعتوه، إلَّا أنه قيس عليهما مَن زال عقلُهُ بسببٍ يعذر فيه.
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق