عالم جديد متعدد الأقطاب.. هل تهدد الصين النفوذ الأمريكي بالشرق الأوسط؟
الثلاثاء، 14 مارس 2023 04:40 م
تبدو أيام نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط قليلة جدا، عقب نجاح الصين في التوسط للوصول إلى اتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران.
وفي يناير عام 2016 قطعت السعودية علاقتها الدبلوماسية مع إيران، في أعقاب الاعتداء على سفارة المملكة وقنصليتها في طهران، وسط احتجاجات إيرانيين على قيام السعودية بإعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر.
لكن نجحت الصين في سرية تامة وهدوء في التوسط بين البلدين والعودة إلى طاولة المباحثات والمفاوضات والتوصل إلى اتفاق مبدئي يقضي بعودة العلاقات بينهما، لينهي بذلك قطعية دامت أكثر من 6 سنوات.
ويرى مراقبون، أن الخاسر الأكبر من الاتفاق السعودي الإيراني، هي الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يعد هذا الاتفاق بمثابة زلزال سياسي كبير، فهو يسحب من أمريكا ورقة حماية المملكة من فزاعة التهديد «الفارسي»، كما ُضعف الطوق الأمريكي حول إيران ويقلل من تداعيات وتأثيرات العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية.
ويشير المراقبون، أن الاتفاق بين البلدين يعني بالتبعية أن تستأنف دول عربية أخرى علاقاتها مع طهران على غرار الإمارات والبحرين والسودان والمغرب والصومال وجيبوتي، ليس هذا وحسب بل من المتوقع أن تتوقف كل مشاريع والخطط المحتملة لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
الولايات المتحدة بدورها، سارعت إلى وصف الاتفاق الذي أُعلن عنه، الجمعة، بين المملكة العربية السعودية وإيران، بوساطة صينية، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين بـ «الأمر الجيد للغاية».
ونقلت وكالات الأنباء العالمية، عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، قوله:« نحن ندعم الحوار والجهود الدبلوماسية وأي شيء من شأنه أن يعمل على تهدئة التوترات في المنطقة، وربما يساعد على منع الصراع»، مؤكدا أن بلاده «دعمت هذه العملية في كل خطوة».
تراجع النفوذ الأمريكي بالشرق الأوسط كان حاضرا في الأسئلة التي وجهت لمتحدث الخارجية الأمريكية، إذ أجاب برايس على سؤال عما إذا كان نجاح الاتفاق بوساطة صينية يشير إلى تهميش دور الولايات المتحدة في المنطقة، بقوله إنه «يواجه صعوبة في تقبل لإمكانية استبدال دورنا، خاصة أنه لا توجد دولة على وجه الأرض بذلت جهودا أكثر من الولايات المتحدة للمساعدة في جعل المنطقة أكثر استقرارا وتكاملا».
ورغم تصريحات متحدث الخارجية الأمريكية، يؤكد المراقبون أن الاتفاق بين السعودية وإيران لا يصب بالأخير في مصلحة أي مساعي أمريكية لتشديد الخناق على طهران عبر العقوبات، كما لا يخدم تهديدات إسرائيل بتوجيه ضربات للمشروع النووي الإيراني، في وقت تتحدث فيه تقارير إعلامية عن وصول إيران إلى مستوى يقربها من صناعة قنبلة نووية.
ويشير المراقبون، أن المملكة العربية السعودية لا تريد أن تصبح أراضيها في المستقبل القريب ساحة للقتال أو المواجهة بين أمريكا واسرائيل من جانب وإيران من جانب أخر، خاصة وأن إسرائيل دائمة التلويح بتوجيه ضربة عسكرية للبرنامج النووي الإيراني، خاصة وأنها قد تدفع الفاتورة الأكبر، في وقت تركز فيه المملكة على رؤية 2030 للتخلص من تبعيتها لمداخيل النفط، وتعزيز مكانتها الاقتصادية عالميا.
ولن تتوقف الخسائر الأمريكية من الاتفاق على الجانب السياسي وحسب، بل يؤكد المراقبون، أنه إذ استطاعت الصين إقناع السعودية وإيران بالتعامل باليوان الصيني في تعاملاتها التجارية، خاصة النفطية، معها، فستكون ضربة قاسية للدولار الأمريكي كعملة احتياط عالمي، ما سيؤدي إلى تراجع حجم تداوله مقابل العملات الأخرى، ويمهد أكثر لعالم متعدد الأقطاب، ما قد يدفع الولايات المتحدة بالتدخل بشكل ما أو بأخر لعرقلة الاتفاق أو ممارسة ضغوط على الرياض للانسحاب منه.