الدولة تقضي على أسطورة تهميش الصعيد

الخميس قبل الماضى، الخامس من يناير الجارى، وخلال افتتاحه عددا من المشروعات التنموية بمحافظة سوهاج، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي «أننا ماضون قدما بشكل قاطع وبإرادة حقيقية في مسيرة تطوير صعيد مصر والعمل بكل جد وبذل كل جهد يحقق لأهالينا في الصعيد ما يستحقونه من تنمية واستقرار وجودة الحياة»، معرباً عن فخره لما يشهد الصعيد من إنجازات وتحقيق الحلم الكبير إلى واقع ملموس على الأرض بسواعد مصرية قوية.

 

وقال الرئيس السيسى في كلمته: «إنه من حسن الطالع ومن دواعي سروري أن استهل زيارتي الميدانية في مطلع عامنا الجديد 2023 بزيارة محافظة سوهاج قلب صعيد مصر الطيب أرض الخير والأصالة والحكمة التي عرفت أرضها الحضارة منذ آلاف السنين منذ شرع أجدادنا في عمارة الأرض وبنائها»، مؤكداً أن الصعيد لم يكن مهمشا ولامنسيا ولكن الدولة لم تكن قادرة، مشيرا إلى أن الدولة تحتاج إلى 70 تريليون جنيه استثمارات لتنفيذ المشروعات لتحقيق المطلوب من عملية التطوير في البلاد.

 

ما قاله الرئيس من سوهاج، كان بمثابة استراتيجية عامة وضعتها الدولة منذ 2014 ونفذت الكثير منها، ولا تزال مستمرة في التنفيذ، للقضاء على أسطورة تهميش الصعيد، التي ظلت عالقة في أذهان المصريين. أبناء محافظات الصعيد، ممن عانوا لسنوات طويلة من اهمال، وغياب تام للرعاية الصحية وكافة الخدمات، فتحولت محافظات الصعيد إلى طاردة لأهاليها، ممن اتجهوا إلى محافظات وجه بحرى بحثاً عن وظائف وموارد تمكنه من الحياة.

 

هذا الوضع تبدل اليوم، فقد وضعت الدولة منذ 2014 خطة متكاملة لتوفير رعاية صحية ومنظومة التأمين الصحي الشامل في الصعيد، وتم إدخال الأقصر وأسوان ضمن المرحلة الأولى، فضلاً عن العمل على تحسين جودة النظام التعليمي والانتهاء من مشكلة السكن غير الآمن الذي كان موجودا من قبل، والتوسع في شبكات الحماية الاجتماعية وتطوير خدمات الإسكان والمرافق وتوفير الخدمات الأساسية كهرباء وغاز ونقل ومواصلات وتوفير فرص العمل وتنمية المشروعات الصغيرة للشباب.

 

الخطة تم وضعها لتنفيذ التوجيهات الرئاسية بأن يكون الصعيد وشبابه على رأس أجندة العمل الوطني خلال هذه المرحلة، فوصل حجم الاستثمارات التي تم ضخها في محافظات الصعيد على مدار السبع السنوات الماضية 1.5 تريليون جنيه من إجمالي الـ 7 تريليونات جنيه للدولة المصرية تقوم باستثمارهم على مستوى الجمهورية، وهو ما انعكس في حجم هائل للمشروعات في كل المجالات بدءا من مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء والإسكان والري وقناطر أسيوط، وعمل منظومة كاملة التموين والسلع والخدمات الصحية ومشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة في أسوان ومشروعات الاستصلاح الأراضي في توشكى وشرق العوينات وغرب المنيا وبني سويف لزيادة الرقعة الزراعية وخلق فرص عمل للشباب في الصعيد، بالإضافة إلى إنشاء المناطق الصناعية في الصعيد وسوهاج.

 

وفى يوليو 2018 وقَّع الرئيس السيسي القانون رقم 157 لسنة 2018 بإنشاء هيئة تنمية الصعيد، بعد إقراره من مجلس النواب، وينص القانون علي إنشاء هيئة عامة خدمية تسمى هيئة تنمية الصعيد تتمتع بالشخصية الاعتبارية وتتبع رئيس مجلس الوزراء ويكون مقرها الرئيسي القاهرة، ويجوز أن تنشئ فروعاً لها.

 

والأسبوع الماضى، تلقى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء تقريراً حول جهود هيئة تنمية الصعيد بمحافظات الوجه القبلي في مختلف محاور التنمية، وقال شريف أحمد صالح، رئيس الهيئة إن هيئة تنمية الصعيد تُمارس دورها منذ إنشائها عام 2018 وفق استراتيجية تستهدف تحقيق التنمية المتكاملة والمستدامة بمحافظات الصعيد في إطار رؤية مصر 2030، لافتاً إلى أن الهيئة تقوم بتخطيط وتنفيذ مشروعات تنموية في جميع المجالات بواقع 17 مشروعاً، في المحور: الزراعي، والاجتماعي، والصناعي، والبيئي، وذلك بمُشاركة أهالي الصعيد وبالتعاون مع شركاء التنمية، تحقق نسباً مرتفعة من التشغيل، وعائداً تنموياً للمناطق المستهدفة، مع استثمار الموارد البشرية والطبيعية لتعزيز التنمية المتوازنة في محافظات الصعيد.

 

وفيما يخص المحور الإجتماعي، أوضح شريف أحمد صالح القيام بتنفيذ عدة مشروعات تستهدف رفع مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل، على رأسها مشروع تنمية قرى وادي كركر لأهالي النوبة بأسوان، والذي يشهد تنفيذ مشغلِ للحرف التراثية، ومحطة وخزان للمياه، ومركزِ للشباب، وكذا مشروع تطوير ورفع كفاءة موقف الحواتم بالفيوم ليصبح أول موقف نقل ركاب ذكي بمحافظات الصعيد، ليتسع لنحو 180 سيارة، ويضم 40 محلاً تجارياً و 19 مكتباً إدارياً، إلى جانب تنفيذ المجمع الصناعي الحرفي لإنتاج السجاد، بقرية ديسيا بالفيوم، ضمن جهود الحفاظ على الحرف التراثية، من أجل تعزيز قدرات أصحاب الحرف اليدوية، والترويج لتلك المنتجات في المعارض المحلية والدولية، ويتيح نحو 650 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

 

وأضاف صالح أن المحور الاجتماعي يشهد أيضاً تنفيذ 3 مُجمعات صناعية حرفية بمحافظات الوجه القبلي، ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، مع تزويدها بالمعدات وتدريب العاملين، في إطار خطة الدولة لدعم الصناعات الصغيرة، وتوفير فرص العمل لرفع مستوى المعيشة بالصعيد، ويقع المجمع الأول بقرية بلانة بمركز نصر النوبة بأسوان، والثاني في قرية الرمادي قبلي بمركز إدفو بأسوان، والثالث بقرية بني واصل بمركز ساقلتة بسوهاج، ويضم كل مجمع حرفي 30 ورشة للصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ويتيح كل مجمع نحو 370 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

 

وفيما يتعلق بالمحور الزراعي، أكد شريف أحمد صالح، أنه يتم تنفيذ عدة مشروعات لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية وخاصة الرئيسية، وتتضمن تلك المشروعات إنشاء مُجمع صوب زراعية لإنتاج شتلات القصب بكوم امبو بأسوان، بواقع 10 ملايين شتلة في الموسم الواحد، في إطار من ترشيد استخدامات مياه الري وخفض التكاليف، وكذا مشروع رفع كفاءة وتطوير مزرعة الدواجن التكاملية بقرية العزب بالفيوم، لإنتاج 240 ألف طائر في الدورة الواحدة، من سلالات الدواجن الأصيلة، وكذا إنتاج بيض المائدة البلدي، ومن المخطط أن يتيح ذلك المشروع نحو 550 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

 

وأشار صالح إلى أنه اتصالاً بالمحور الزراعي، تقوم هيئة تنمية الصعيد برفع كفاءة وتشغيل مزرعة الدواجن والمجزر الآلي بقرية المطاهرة بأبو قرقاص بالمنيا، بهدف الوصول بالطاقة الإنتاجية إلى 1.8 مليون طائر سنوياً، واتاحة 240 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وكذا رفع كفاءة مزرعة دواجن انتاج بيض المائدة بقرية شوشة بمركز سمالوط بالمنيا، لتحقيق طاقة إنتاجية إلى 1.6 مليون بيضة شهرياً، واتاحة 600 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، بالإضافة إلى إنشاء مجمع دواجن تكاملي بقرية بنبان بمركز دراو بأسوان، بطاقة إجمالية 450 ألف طائر سنوياً، ويوفر 350 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، فضلاً عن تطوير ورفع كفاءة 21 وحدة بيطرية بمراكز طما، وطهطا، والمراغة، وجهينة، والمنشأة، وجرجا، والبلينا، ودار السلام، بمحافظة سوهاج، بهدف تدعيم المزارعين بالرعاية البيطرية وزيادة الإنتاج الحيواني، وتتيح نحو 400 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، هذا إلى جانب مشروع استصلاح واستزراع مساحة 1600 فدان بمنطقة أبو طرطور بالوادي الجديد، والذي يتيح نحو 1150 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

 

كما تطرق شريف صالح، رئيس هيئة تنمية الصعيد، إلى الجهود في المحور الصناعي، حيث أوضح أن الهيئة تقوم بتطوير ورفع كفاءة مُجمع تعبئة وتغليف التمور بالوادي الجديد، لتصل الطاقة التخزينية إلى 4 آلاف طن، ويتيح 400 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وكذلك تطوير ورفع كفاءة مصنع العسل الأسود ومشتقاته، بقرية تونة الجبل، بمركز ملوى، بمحافظة المنيا، لتصل الطاقة الإنتاجية إلى 3 أطنان في اليوم، ويوفر 120 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، إلى جانب تطوير ورفع كفاءة مصنع إنتاج الخشب المضغوط بمحافظة سوهاج، بالشراكة مع الشركة المصرية للصناعات التحويلية، لتطوير خطوط الإنتاج وزيادة المساحة التخزينية.

 

واستعرض كذلك رئيس هيئة تنمية الصعيد في تقريره، الجهود فيما يخص محور الحفاظ على البيئة، حيث أوضح أنه يتم تنفيذ مشروع زراعة نبات الجوجوبا بمدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر، والذي يقوم على الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالج ثلاثياً لإنتاج الوقود الحيوي من زيت الجوجوبا، ويتيح هذا المشروع نحو 1500 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.