أسئلة المصريين الـ 8 في 2023.. متى نبني بدون مخالفات؟

السبت، 07 يناير 2023 09:30 م
أسئلة المصريين الـ 8 في 2023.. متى نبني بدون مخالفات؟
السعيد حامد

قانون التصالح يقضى على البناء العشوائى وينظم حركة العمران ويضع قواعد الحفاظ على سلامة المبانى 
 
 
لسنوات طويلة ظل البناء العشوائي والمخالف يتمدد ويتسع حتى التهم حيز كبير من الرقعة الزراعية، وأنتج مناطق غير آدمية تفتقر للحد الأدنى من الأمن والسلامة الإنشائية، وسط تراخي وغياب كامل للمجالس المحلية التي لم تقم بدورها، حتى جاءت ثورة 30 يونيو لتضع حدا لكل تلك المخالفات وتعيد الأمور إلى نصابها خاصة مع قرب إصدار قانون التصالح فى مخالفات البناء.. ومع حلول عام جديد يبقى السؤال الأهم الذي يرواد الكثيرين: متى نبني دون مخالفات؟
 
في عام 2021 كشف تقرير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وصول إجمالى عدد مخالفات البناء لنحو 109.8 ألف مخالفة عام 2020، موزعة بواقع 1.5 ألف مخالفة بالقطاعين العام والحكومى بنسبة 1.4%، يليه 108.3 ألف مخالفة للقطاع الخاص بنسبة 98.6%. ورصد التقرير، إجمالى عدد الوحدات السكنية وبلغ 57.6 ألف مبنى تم إنشائها عام 2020، مقابل 89.9 ألف مبنى عام 2019، كما بلغ إجمالى عدد المبانى غير السكنية نحو 2.5 ألف مبنى، والتى تم إنشائها عام 2020، مقابل 5.9 ألف مبنى عام 2019.
 
وبلغ إجمالى عدد تراخيص البناء على مستوى مجالس المدن والأحياء نحو 43.7 ألف ترخيص عام 2020، منها 42.1 ألف ترخيص للقطاع الخاص بنسبة 96.2%، والقطاعين العام والحكومى 1.7 ألف ترخيص بنسبة 3.8%. وسجل إجمالى عدد تراخيص التعديل على مستوى مجالس المدن والأحياء نحو 3.6 ألف ترخيص عام 2020، منها 3.5 ألف ترخيص للقطاع الخاص بنسبة 95.8%، والقطاعين العام والحكومي 0.2 ألف ترخيص بنسبة 4.2%.
 
كل تلك المخالفات تشير إلى حاجة المجتمع المصري الماسة إلى قانون التصالح فى مخالفات البناء، الذي وافق عليه مجلس الشيوخ نهائيا، برئاسة المسنشار عبد الوهاب عبد الرازق، وجرى إرساله إلى مجلس النواب، إذ أنه من مشروعات القوانين التى أرسلها مجلس النواب الى الشيوخ لأخذ رأيه فيها طبقا لاختصاصاته بالدستور.
 
ويرى خبراء، إن قانون التصالح في مخالفات البناء الجديد يهدف في المقام الأول إلى مصلحة المواطن، مع الحفاظ على مقدرات الدولة وتنظيم إجراءاتها، مشيرين إلى أن القانون ييسر على المواطن والدولة أيضًا، بما يضمن تنفيذ عملية تنظيمية لحركة البناء والعمران في مصر، مؤكدين أن التعديلات الجديدة ستعالج أمور التصالحات الموجودة في القانون الحالي ومنها ما يخص قيود الارتفاع بما لا يسمح بالإخلال بسلامة المبنى حفاظًا على سلامة المواطنين.
 
ويشير الخبراء، إلى أن مشروع القانون حسم مسألة المادة الخاصة بوقف البناء لمدة 6 أشهر على أن يكون للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية بقرار مسبب من المحافظ المختص بالبناء، بعد موافقة المجلس المحلي، وقف التراخيص في المدن أو المناطق أو الشوارع تحقيقا لغرض قومي أو مراعاة لظروف العمران أو إعادة التخطيط على ألا تتجاوز مدة الوقف 6 أشهر من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية، ويجوز لمجلس الوزراء بعد العرض من المحافظ المختص وموافقة المجلس المحلي للمحافظة مد الوقف لمدة أو لمدد أخرى لاعتبارات يقدرها بما لا يزيد على سنتين.
 
وينص مشروع القانون، على عدد من التسهيلات والتيسيرات بداية من وقف النمو العشوائي، وغير المخطط، والتيسير على المواطنين في الإجراءات، والذى من شانه التحفيز نحو التقدم بطلبات لتقنين الأوضاع المخالفة، مع التمسك بالتحقق من توافر السلامة الإنشائية، ويعد التشريع بمثابة فرصة ثانية للمواطنين الذين لم يقوموا بالتصالح على وحداتهم المخالفة، كما يتضمن تسهيلات جديدة وشروط مخففة.
 
وأكدت المادة التاسعة من مشروع القانون بشأن تقنين أوضاع بعض مخالفات البناء والتصالح فيها، أناطت بالسلطة المختصة ممثلة فى  المحافظ أو رئيس الهيئة المختص أن يصدر قراراً بتحديد مقابل تقنين الأوضاع والتصالح، على أساس قيمة سعر المتر لكل منطقة حسب المستوى العمراني والحضاري، وتوافر الخدمات، على ألا يقل سعر التصالح وتقنين الأوضاع للمتر المسطح عن خمسين جنيهًا، ولا يزيد على ألفين وخمسمائة جنيه، مع الاسترشاد بما سبق أن حددته لجان التقييم، وفقا لأحكام القانون رقم (17) لسنة 2019 المُشار إليه.
 
ونصت المادة على: «تصدر السلطة المختصة قرارًا بتحديد مقابل التصالح وتقنين الأوضاع على أساس قيمة سعر المتر لكل منطقة حسب المستوى العمراني والحضاري وتوافر الخدمات، على ألا يقل مقابل التصالح للمتر المسطح عن خمسين جنيهًا ولا يزيد على ألفين وخمسمائة جنيه، مع الاسترشاد بما سبق أن حددته اللجان المشار إليها بالمادة الخامسة من القانون رقم (17) لسنة 2019 المُشار إليه».
 
ويستكمل سداد باقي مقابل التصالح بشكل فوري خلال ستين يومًا من تاريخ إخطار ذوي الشأن بموافقة اللجنة المنصوص عليها بالمادة (5) من هذا القانون على طلب التصالح، ويجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء منح نسبة تخفيض لا تجاوز 25%، في حال السداد الفوري مقابل التصالح. كما يجوز أداء مقابل التصالح على أقساط خلال مدة لا تجاوز خمس سنوات، على أن يستحق عائدا لا يجاوز 7% على النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون، من تاريخ الاستحقاق حتى تاريخ السداد، وذلك إذا زادت مدة التقسيط على ثلاث سنوات.
 
لم تكتف الحكومة المصرية بوقف البناء العشوائي وإصدار القانون الجديد وحسب، بل سعت إلى التوسع في بناء المدن الجديدة بهدف إحداث تنمية شاملة، عبر إعادة توزيع السكان وتحديث الخريطة السكانية والعمرانية، وفق سياسة عمرانية وطنية؛ تخلق فرص للتنمية الاقتصادية المستدامة، وتوفر بيئة عمرانية أفضل للجميع، وتعالج المشكلات الناشئة عن تكدس النمو السكاني والنشاط الاقتصادي.
 
وتكشف دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات، الأهمية والدافع وراء التوسع في إنشاء المدن الجديدة المصرية، كوسيلة لاستيعاب الزيادات السكانية، وتمثل كذلك وسيلة لإحداث تنمية شاملة في كافة أرجاء الجمهورية، والتوسع في بناء ظهير عمراني وخدمي وتجاري وسياحي جديد يستوعب الزيادة السكانية المطردة، إذ تشير التوقعات أن يبلغ معدل الزيادة المتوقعة في عدد السكان من 100 مليون إلى 160 مليون نسمة بحلول عام 2050، وفقاً لآخر الإحصائيات السكانية للأمم المتحدة (UN Data, 2019) وكانت إحدى أهم نتائج هذا التشخيص أنه على الرغم من الانطباع العام بشأن الازدحام المفرط، فمن المتوقع أن يفوق عدد سكان الحضر في مصر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الريفية لأول مرة في عام 2041، بحلول ذلك الوقت سيعيش 69 مليون شخص مصري في المناطق الحضرية.
 
وبحسب الدراسة، يبلغ عدد المدن المصرية نحو 223 مدينة يسكنها 43.1% من السكان، يتركز 56% منهم في منطقة القاهرة الكبرى ومحافظات الإسكندرية. ويمثل إقليم القاهرة الكبرى أكبر منطقة حضرية في القارة الأفريقية، وهو المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي في مصر، مع وجود أكثر من 19 مليون نسمة يمثلون نحو 20% من سكان البلاد، وبما أن معدل النمو الحضري السنوي الحالي في مصر يبلغ 2%، بما يعني أن المدن المصرية يجب أن تستوعب ما يقرب من مليون مواطن جديد (كل عام تقريبًا)، فقد شهدت القاهرة وحدها نصف مليون ساكن جديد في عام 2017، مما يجعلها المدينة الأسرع نموًا في العالم. وتشير الخريطة التالية إلى سرعة التحول الحضري على مدى الثلاثين سنة الماضية.
 
وتشير الأدبيات الاقتصادية إلى أن عملية التحول إلى مدن عالية الكثافة السكانية تسهم في: تنشيط النمو الاقتصادي، وإتاحة الوصول إلى بنية تحتية عالية الجودة، واستخدام للموارد الطبيعية بشكل أفضل. ومن هذا المنطلق، تنطلق الحكومة المصرية نحو التوسع في إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة بوصفها الحل الناجع لكل مشاكل مصر العمرانية. ومنذ أن خُطِطَ لإنشائها في السبعينيات من القرن الماضي، بهدف توزيع النمو العمراني بشكل أكثر توازنًا عبر الأراضي الصحراوية الشاسعة في مصر، توالى ظهور هذه المجتمعات المخططة من قبل الدولة واحدة تلو الأخرى في جميع أنحاء الجمهورية.
 
وتستهدف الدولة المصرية ثلاثة مستهدفات رئيسة: أولها هو أن قطاعات العقارات والإنشاءات سوف تؤدى إلى تحفيز النمو الاقتصادي، وثانيها هو أن مبيعات الأراضي سوف تحقق فوائض مالية، وثالثها هو أن المساكن الجديدة سوف تحل أزمة الإسكان. والفلسفة التي تكمن وراء هذا النهج الحكومي هي أن القطاع يسهم بأكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات 6 الماضية. وينظر إلى قطاع التشييد والبناء في مصر بوصفه قاطرة للنمو والتنمية؛ نظرا إلى دوره في نمو القطاعات المغذية الأخرى والمستهلكة لمنتجاتها، بالإضافة إلى قدرته على استيعاب العمالة وخاصة العمالة غير الماهرة أو المدربة، فبحسب الدراسات الاقتصادية أن كل فرصة عمل في القطاع توفر حوالي 7 فرص للعمل في القطاعات الأخرى. حيث يعمل في هذه الصناعة أكثر من 3.5 مليون عامل على مستوى الجمهورية بصفة مباشرة، وهذا بخلاف الوظائف المؤقتة وغير المباشرة والتي يتم توفيرها.
 
وبالتالي سيكون تطوير مدن الجيل الرابع في جميع أنحاء الجمهورية بما في ذلك (مدينة المنصورة الجديدة، العاصمة الإدارية)  محركًا رئيسًا لأنشطة البناء في السنوات القادمة. ومن المتوقع أن تؤدي هذه التطورات إلى رفع القدرة التنافسية للسوق المحلية وتحسين مستويات المعيشة وخلق فرص العمل. وتأتي المنصورة الجديدة كإحدى مدن الجيل الرابع التي تتوسع فيها الدولة حاليًا بإنشاء أكثر من 30 مدينة على ذات النمط، وقد تم إطلاق المخطط في عام 2017 ليبدأ العمل بها في بداية مارس عام 2018. وتتميز تلك المدينة بكونها تمثل امتدادًا قويًا لمدن الدلتا المزدحمة بالسكان، وفي حاجة ماسة إلى التوسع العمراني لاستيعاب الزيادات السكانية المتلاحقة.
 
وتم اختيار الموقع ليتوسط تجمعات ذات ثقل سكاني وقاعدة اقتصادية؛ بحيث تحقق التوازن والتنمية الشاملة لمنطقة الدلتا. ومن هذا المنطلق، تم التخطيط لأن تستوعب تلك المدينة أكثر من 600 ألف نسمة، هذا وتحتوي المدينة على عدد من الخدمات المتنوعة، بداية من توافر الخدمات التعليمية وذلك عبر إنشاء جامعة أهلية وهي جامعة المنصورة الجديدة للعلوم والتكنولوجيا. بالإضافة إلى عدد من المدارس العامة والدولية أيضًا، ويضم مخطط المدينة عدة مشروعات سكنية، مختلفة الفئات كـ: (إسكان سياحي، وإسكان الفيلات، وإسكان متوسط، وإسكان اجتماعي).
 
وتشير الدراسة، إلى أنه يجب الاعتراف بأن التوسع العمراني يمثل قوة دافعة مهمة للتنمية الشاملة في مصر؛ فعلى سبيل المثال توجد 80% من فرص العمل في المدن؛ وتسهم القاهرة والإسكندرية وحدهما بأكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر. فقد نجحت تلك المدن في جذب الشركات والاستثمارات، مع إمكانيات مستقبلية أكبر. ويمكن أن تساعد الروابط القوية بين المدن كمراكز اقتصادية والمناطق الريفية في ضمان استفادة الجميع من ثمار التوسع الحضري.
 
ويجب أن تضمن التنمية الحضرية والتخطيط العمرانية قدرًا من التكامل والتنافس والتواصل بين المدن؛ من أجل تعزيز قدرتها التنافسية الدولية والوطنية. من خلال معالجة هذه القضايا، ستستطيع السياسة العمرانية الوطنية لمصر توجيه المدن المصرية إلى نظم أكثر كثافة وتكاملًا. وسيؤدي ذلك بدوره إلى تأمين نظام أكثر توازنًا تصبح فيه المدن عامل تمكين للنمو الاقتصادي وارتفاع مستويات المعيشة للجميع.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة