أوربا على حافة الإرهاب.. تقرير دولي يحذر القارة العجوز من التغلغل الإخواني وتنامي نفوذ الإرهابيين
السبت، 24 ديسمبر 2022 06:00 مهشام السروجي
- المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات يرصد أكبر خطر يواجه الأوربيين ويحذر بريطاينا
- فرنسا وسويسرا والمانيا لجأوا لقوانين تسمح بمراقبة الارهاب المحتمل وتلاحق عناصر إخوانية وطردهم من مراكز إسلامية
- الحكومة الفرنسية اقرت قانون يسمح بمراقبة تطبيقات التواصل الاجتماعي لتعقب الإرهابيين «المحتملين».. وسويسرا لجأت إلى توسيع دائرة الاشتباه ومراقبة مصادر التمويل
- وثيقة تكشف وجود داعمين للإخوان داخل الحكومة الألمانية وبعض مؤسساتها الإعلامية وحزبي اليسار والخضر
- السلفية الجهادية تحتكر الخطاب الدعوى داخل المساجد الأوربية.. وتوقعات بتنامى خطر الإرهاب فى أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء
- فرنسا وسويسرا والمانيا لجأوا لقوانين تسمح بمراقبة الارهاب المحتمل وتلاحق عناصر إخوانية وطردهم من مراكز إسلامية
- الحكومة الفرنسية اقرت قانون يسمح بمراقبة تطبيقات التواصل الاجتماعي لتعقب الإرهابيين «المحتملين».. وسويسرا لجأت إلى توسيع دائرة الاشتباه ومراقبة مصادر التمويل
- وثيقة تكشف وجود داعمين للإخوان داخل الحكومة الألمانية وبعض مؤسساتها الإعلامية وحزبي اليسار والخضر
- السلفية الجهادية تحتكر الخطاب الدعوى داخل المساجد الأوربية.. وتوقعات بتنامى خطر الإرهاب فى أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء
كشف المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات عن تهديدات محتملة تواجهها القارة الأوربية كرد فعل لسياسات الاحتواء التي انتهجتها أوروبا مع جماعات الإسلام السياسي، بعد أن أصبحت خطر سياسي وأيدلوجي بل امتدت للتدخل في العملية الديمقراطية بعد أن سيطر خطابها التحريضي على كتلة حرجة داخل القارة العجوز.
وحمل مؤشر الإرهاب في أوروبا 2022 وشكل الإرهاب دوليًا في 2023 الذى أصدره المركز قبل أيام وحصلت «صوت الأمة» على نسخة منه، على تحذيرات واضحة ودراسة معمقة لما وصل له توغل الفكر المتطرف داخل نسيخ المجتمع الأوروبي، وتناول الإرهاب بجميع مكوناته ومشاربه وتوجهاته، سواء كانت الجماعة السلفية الجهادية أو جماعة الإخوان الإرهابية أو اليمين الأوروبي المتطرف، كما تناول التهديد السيبراني وهو أحدث روافد الإرهاب، بالإضافة إلى تناول الآليات والتشريعات الحكومية لمواجهة ومكافحة الإرهاب.
ورصد التقرير نجاح فرنسا في خفض وتيرة العمليات الارهابية لمعدلات غير مسبوقة منذ هجمات باريس وبروكسل، حيث كان الارهاب أحد أهم التحديات التي واجهت البلدين الاوروبيين، لكن لاتزال الجماعات المرتبطة بالتطرف الإسلاموي واليميني العنيف مصدر قلق لاجهزة الاستخبارات رغم الجهود الأمنية والاستخباراتية التي انتهجتها حكومات البلدين، حيث رصد التقرير أن الجماعة السلفية الجهادية تشكل التهديد الأكبر على فرنسا، نتيجة تنامي أنشطتها داخل المساجد بفرنسا عبر خطب تحض على العنف والكراهية وترتكز حواضنهم الأيديولوجية والفكرية في العديد من المدن الفرنسية، كما تتصاعد المخاوف داخل فرنسا من تأثيرات جماعات الإسلام السياسي في إطار العملية الديمقراطية لاسيما بعد توجيه جماعات الإسلام السياسي لأصوات الناخبين خلال العام الجارى.
وبرغم اختفاء العمليات الإرهابية التي ينفذها الجماعات الإسلامية تمامًا من فرنسا بحسب التقرير، إلا أن عملية واحدة نفذها اليمين المتطرف في 7 مايو الماضى استهدفت مسجدا بمدينة ميتز شرق فرنسا بعد أن ألقي عليه زجاجات حارقة، ولفت التقرير إلى أن مكافحة الإرهاب في فرنسا فرض على الحكومة إقرار تشريعات وقوانين خلال عامي 2021 و2022 تسمح لهم بتعزيز مكافحة الإرهاب المحتمل استكمالًا لقانون "تعزيز قيم الجمهورية".
وطرحت الحكومة الفرنسية في الخامس من إبريل 2021 مشروع قانون لمكافحة الإرهاب يسمح لها بمراقبة تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل (واتساب- سيجنال- تيليجرام) من خلال استخدام أجهزة الاستخبارات الفرنسية للخوارزميات لتعقب الإرهابيين "المحتملين"، ثم قدمت وزارة الداخلية الفرنسية في 28 من نفس الشهر أمام مجلس الوزراء مشروع قانون جديد من 19 بندا.
فرنسا وسويسرا يلجأن لقيود قانونية لمواجهة الإرهاب المحتمل
القانون الفرنسي الجديد وضعه مراقبين فى خانة القوانين المقيدة للحريات، لكن التقرير الأوروبي أكد أن هذا الامر لم يقتصر على فرنسا فقط، فهناك سويسرا أيضًا أقرت في ١٣ يونيو ٢٠٢٠ قانون لمواجهة الإهاب يسمح بتوسيع دائرة الاشتباه ومراقبة مصادر التمويل، وأنشأت قاعدة قانونية بموافقة البرلمان، تسمح للشرطة بالتحرك وقائيًا بسهولة في حالة مواجهة "إرهاب محتمل"، وبموجب هذا القانون ستكون الأجهزة الأمنية قادرة علر التدخل بشكل وقائي ضد المشتبه في ضلوعهم في الإرهاب، حتى لو لم تكن القرائن كافية ضد المشتبه فيهم، بعكس الإطار القانوني المتبع في سويسرا، والذي يمنع الشرطة من اتخاذ أي إجراءات ضد أي شخص إلا إذا ارتكب بالعفل جريمة أو مخالفة للقانون.
ويستمر التقرير في رصد مخاطر الحركة السلفية الجهادية على الدول الأوروبية ومنهم بلجيكا، التي تتوسع فيها نشاطاتها لاسيما في مدينة أنتويرب في شمال البلاد، حيث تلقت بلجيكا 213 تهديداً متطرفاً وفقاً للتقييم السنوي لهيئة التنسيق في البلاد لتحليل التهديدات ((OCAM في أغسطس 2222 وتعد ثلث التهديدات المتطرفة كانت تستند إلى أيديولوجية جهادية.
جماعة الإخوان أكبر خطر يواجه المجتمع البريطاني
وفي بريطانيا التي تعتبد الحاضنة الأكبر في أوروبا لجماعة الإخوان الإرهابية، يشير التقرير إلى الخطورة الداهمة التي تمثلها السلفية الجهادية وجماعة الإخوان على المجتمع البريطاني، خاصة وأن جماعة الإخوان لها تماسك قوي وتغلغل أكبر داخل المجتمع البريطاني.
وفي ألمانيا بذلت السلطات جهودا واسعة في محاربة التطرف خلال العام الجاري ٢٠٢٢، ونجحت بشكل كبير في الحد من أنشطة الجماعات المتطرفة، بحظر نشاط بعض الجمعيات ووضع البعض الآخر تحت المراقبة، وهو ما انعكس على وتيرة العمليات التي انخفضت لمعدلات غير مسبوقة، لكن لا تزال الجماعات المتطرفة سواء إسلامية أو اليمين العنصري، يمثلا مصدر قلق لألمانيا والنمسا رغم الجهود الأمنية والاستخباراتية.
ألمانيا تلاحق الخطر الإخواني
وشنت الأجهزة الأمنية في ألمانيا حملات مداهمة ضد مساجد ومنظمات تتبع جماعات الإسلام السياسي، وهو تغير في سياسة الحكومة الألمانية ضد الجماعات الإسلامية، ومن ضمن التغير أيضًا كان مباشرة التشريع بالبحث عن تقييد مصادر التمويل.
وفي سياق التغير في تدابير وسياسيات الحكومة الألمانية طرد المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا في 17 سبتمبر 2022 كافة الواجهات الإخوانية من عضوية المجلس، وفي مقدمتها المركز الإسلامي في «ميونخ» واتحاد الطلبة التابع لجماعة الإخوان، لكن الضربة الكبرى للواقع الألماني جاءت من اليمين المتطرف منذ أقل من شهر، حين أحبطت السلطات الألمانية في 7 ديسمبر الجارى لتنفيذ «انقلاب» للسيطرة على السلطة وشارك في المخطط 52 مشتبها بينهم مجموعة تابعة لحركة مواطني «الرايخ» اليمينية المتطرفة، وضباط عسكريون سابقون، سعوا لتنفيذ هجمات مسلحة على مؤسسات تشريعية واسقاط نظام الحكم.
التشريعات الألمانية لمواجهة الإرهاب لم تكن مباشرة مثل سابقيها من الدول الأوروبية، حيث قدم حزب اليسار للبوندستاج طلب إحاطة يتعلق بتمدد جماعة الإخوان داخل ألمانيا وعبر الحدود مع النمسا، كما تقدم حزب البديل بطلب إحاطة عن بعض منصات الإسلام السياسي، وكشفت وثيقة عن وجود داعمين للجماعة داخل الحكومة وبعض مؤسساتها الإعلامية وحزبي اليسار والخضر، كما تقدم حزب البديل من أجل ألمانيا مشروع قرار يستهدف تشديد الرقابة على مصادر تمويل تيار الإسلام السياسي وتجفيف منابع تمويل جماعة الإخوان.
الساحل الإفريقي منطقة نشاط إرهابى محتمل
انتقل التقرير من رصد النشاط المتطرف في 2022 إلى واقع وشكل الإرهاب دوليًا في 2023، واعتبر أن منطقة الساحل الإفريقي هي بورة تحدي الإرهاب العالمي في 2022، لكن ظهور تنظيمي القاعدة وداعش مؤخرًا في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من حيث حجم ونطاق العمليات يشير إنهما بعيدان عن أن يتم القضاء عليهما كتهديد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عودة ظهور القاعدة والجماعات الأخرى في أفغانستان التي تسيطر عليها شبكة طالبان وحقاني التي تسيطر عليها أفغانستان يثير مخاوف من أن البلاد لديها القدرة على العودة إلى ما قبل 11 سبتمبر كملاذ آمن لمجموعة إرهابية عالمية لا مثيل لها.
التقرير أكد أن الإرهاب يعتبر أحد التهديدات الرئيسية التي تواجه أفريقيا، ويؤثر بشدة على أمن واستقرار البلدان الإفريقية ويرجع ذلك إلى نقص التمويل التي تؤثر على التعاون في مكافحة الإرهاب في أفريقيا كذلك استغلال المنظمات المتطرفة التراجع الفرنسي لتوسيع تمدده ونفوذه خصوصا الساحل والصحراء.
كما أكد التقرير على أن الصراعات الدولية داخل القارة الإفريقية تمثل عائقاً في مكافحة التنظيمات المتطرفة، كمحاولات الولايات المتحدة مواجهة النفوذ الروسي والصيني على أكثر من جبهة، وتطوير أساليب غير عسكرية ضد الإرهاب.
ولا تزال عمليات مكافحة مستمرة ضد داعش في العراق، وتعمل الأجهزة الأمنية على متابعة وتفكيك الشبكات الإرهابية، ونجحت السلطات العراقية في تحجييم قدرات داعش خاصة في المناطق الحضرية، ليبقى داعش في المناطق النائية، تلك المناطق تحتاج إلى استراتيجية جديدة تتماشى مع التضاريس وطبيعة ما زال تنظيم داعش نشطاً على الأرض. في سوريا، وبات للقوات يهاجم مواقع النظام السوري بصفة ونقاطاً الكردية عبر خالياه المختبئة في الأماكن جبلية ومازال ينفذ هجمات بين الحين والآخر.
وأفرد التقرير قراءة مستقبلية عن الإسلام السياسي في عام 2023، مؤكدًا أن جماعات الإسلام السياسي لاسيما جماعة الإخوان والسلفيين يحتكرا الخطاب الدعوي داخل المساجد في أوروبا، ولا يزال هناك قصور في فهم.
الفرق بين جمعيات الإسلام السياسي والإسلام بصفة عامة
وتمثل جماعات السلفية «الجهادية» في أوروبا تهديدا كبيرا للسلطات والأجهزة الأمنية ويظهر حجم المساجد التي تم إغلاقها و الأئمة التي تم ترحليهم مدى خطورة الخطب والدعايا التحريضية لهذه الجماعات.
كما يثير صعود اليمين المتطرف في أوروبا مخاوف كثيرة حيث يستغل اليمين المتطرف الأزمات لتصعيد الخطابات ضد مؤسسات الدولة والأجانب وبالفعل تصاعدت خطابات اليمين المتطرف في دول أوروبا، وبات متوقعاً معه تحديات لاسيما للجاليات المسلمة في أوروبا خلال العام المقبل.
وأوصى التقرير في نهايته على ضرورة الانتباه إلى وجود مصادر جديدة لنشر التطرف لذلك ينبغي إدراك المخاطر التي تشكلها الجماعات الإسلامية واليمين المتطرف، وسد الثغرات وتعزيز القدرات الأمنية، مثل الموارد البشرية والمالية والخبرات والتدريب وعدم توفير الفرص للمتطرفين للتخطيط لهجمات جديدة، وإبعاد المتطرفين الأكثر نفوذاً عن السجناء الآخرين، كذلك حظر أنشطة التنظيمات المتطرفة وتجفيف منابع التمويل وتغليظ العقوبات على البيئات الحاضنة للمتطرفين وإجراء مراجعات وتحديثات على استراتيجيات وقوانين وتشريعات مكافحة الإرهاب.
وشدد التقرير على أهمية أن تسعى السلطات الأوروبية إلى تحسين مراقبة اليمين المتطرف عبر منح المزيد من الصلاحيات للسلطات للرقابة عبر الإنترنت، وتطبيق برامج متخصصة لحل المشاكل السياسية التي تسببت في تصاعد الحركات.