ولـcop27 منافع أخرى.. مؤتمر المناخ قدم شرم الشيخ بصورتها الجديدة للعالم.. وزاد وعى المصريين بقضايا التغيرات المناخية
السبت، 12 نوفمبر 2022 08:00 مأمل غريب
استعادت مدينة شرم الشيخ، مكانتها الحقيقية بين المدن السياحية الكبرى، ووضعت أقدامها من جديد على خريطة السياحة العالمية، وخطفت أنظار العالم، بعد استضافتها للدورة الـ27 من مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، تحت مسمى مؤتمر قمة المناخ COP27.
وحققت شرم الشيخ، طفرة جديدة على أرضها، أشاد بها جموع الحاضرين الذين بلغ عددهم نحو 40 ألف مشارك، وهو بمثابة أكبر رقم يتم تسجيله للمشاركة بمؤتمرات المناخ التي بدأت منذ عام 1995 في برلين، بما يؤكد مدى الاهتمام بقضايا المناخ على المستوى الدولى، والدور الكبير الذي قامت به رئاسة المؤتمر.
وحققت مصر، مكاسب عدة بتنظيمها COP27 بشرم الشيخ، المدينة الشابة نهضت مستفيقة، تخرج لسانها لأعدائها بكل فخر وكبرياء وهمة ونشاط وجمال وروعة وبهاء، فكانت الرهان الرابح في سباق خسر فيه الجميع رهانهم، إلا مصر، والقيادة السياسية الواعية، والشعب الحر الأبيى.
وتتنوع مكاسب مصر، من استضافة مؤتمر قمة المناخ Cop27 في مدينة شرم الشيخ، بين مكاسب اقتصادية وسياسية ودولية، إلا أن تناول الشق الاقتصادى، كان هو الجانب الأهم الذى يطرح نفسه بقوة، خلال هذه الفترة الحرجة، التى يمر بها العالم بشكل عام، وتعانى منها مصر، بشكل خاص، خاصة في ظل الأزمات الدولية التي نجمت عن جائحة كورونا، التي أصابت العالم بشلل تام، وما أعقبها من تداعيات خلفت وراءها أثارا زلزلت اقتصاديات كبرى الدول وعصفت بإدارتها، ونالت من ثقة شعوبها في قدرة حكوماتهم على الاستمرار بنفس السياسات الاقتصادية السابقة، ثم اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، مطلع شهر مارس الماضى، والتى كانت لها أكبر الأثر، وأضخمه، فيما يعانيه كل الشعوب من أزمات اقتصادية طاحنة، وصلت إلى حد فرض سياسات تقشفيه، على شعوب اتسمت حياتها برفاهية التامة على مدار عقود طويلة من الزمن من ناحية، علاوة على زيادة معاناة شعوب أخرى، فقيرة، فى بلدان نامية عانت الأمرين، وكادت أن تتنفس قليلا من جراء أثار كورونا، وأتت عليها طامة الحرب، لتنهي ما تبقى لها من أمال فى البقاء أو الاستمرار.
وعلى الصعيد الاقتصادى، استطاع مؤتمر المناخ cop27، أن يكون "قبلة الحياة" للاقتصاد المصرى، حيث شارك في القمة، قادة ورؤساء حكومات وشخصيات دولية وخبراء، بمشاركة دولية واسعة من مختلف أنحاء العالم، بحضور 62 ألف شخص يمثلون حوالي 197 دولة، وعشرات المنظمات الدولية والإقليمية لمكافحة التغيرات المناخية، التي تعاني منها الكثير من بلدان العالم، مما أتاح الفرصة لدولة بحجم مصر، عاندتها الظروف العالمية، بأن تحصد مكاسب اقتصادية هائلة، فإن استضافة مدينة شرم الشيخ، لمثل هذا الحدث الدولى، يعتبر أكبر ترويج للسياحة المصرية قبل انطلاق الموسم الشتوي، مما يساهم في جذب السياح الأجانب والعرب من كافة أرجاء العالم، وهو ما يعزز الاقتصاد القومي وزيادة العملة الصعبة في الوقت الذى تمر به مصر، حاليا، من أزمة بسبب نقص العملة الصعبة جراء الحرب الروسية الأوكرانية.
وقد لا يعى البعض، أهمية أن توفر مصر، مثل هذا القدر الوفير من العملات الصعبة، في هذه الظروف الاستثنائية التى يعيشها العالم بشكل عام، ومصر، بشكل خاص، مما يساعدها على تخطى أزمتها الاقتصادية ويمكنها من سد احتياجاتها الضرورية المعتمدة في المقام الأول على العملة الصعبة، بعد أن فرضت الإدارة المصرية، سياسات تقشفية على الاستيراد، بسبب ندرة العملة الصعبة داخل البنوك، والتى اختارت الدولة بقرار حكيم، توفيرها لشراء السلع الاستراتيجية التى تمس حياة المواطن، وسد حاجاته الضرورية.
وعلى الجانب الأخر، استطاعت قمة المناخ cop27، تنشيط السياحة في مصر، للمرة الأولى، بعد فترة ركود مميته، لظروف خارجة عن إرادتها، ففرضت نفسها بقوة على الخريطة السياحية العالمية من جديد، ليس في شرم الشيخ، فقط، بل في الأقصر وأسوان والكثير من الأماكن السياحية المعروفة بها مصر، وتوافد الزيارات الرسمية على مختلف المواقع الأثرية والمتاحف المصرية بالقاهرة، على مدار الأيام الماضية، فقد حرص ضيوف قمة المناخ، على زيارته، وهو ما جعل نيكولاس مادورو موروس، رئيس فنزويلا، وأسرته، حريصون على زيارة منطقة آثار الجيزة، وشملت الزيارة الهرم الأكبر ومنطقة البانوراما وأبو الهول، وحرصوا على التقاط الصور التذكارية مع السائحين، تخليدا لهذه الزيارة، وسط سعادة معربين عن سعادتهم البالغة بها وعن انبهارهم بالحضارة المصرية، ثم توجهوا إلى المتحف المصري بالتحرير، لتفقد قاعات المتحف، خاصة مجموعة الملك توت عنخ آمون، والتقطت الرئيس الفنزويلى، وأسرته والوفد المرافق له، صورا تذكارية مع القناع الذهبي.
كما حرصت زوجة الرئيس قبرصى، على زيارة إلى مدينة سانت كاترين، على هامش قمة المناخ، ولاقت ترحابا من رهبان دير سانت كاترين، واصطحبوها فى زيارة لتفقد رفات القديسة كاترين وكنيسة الدير والمتحف والشجرة العليقة المباركة، والتقطت الصور التذكارية لمعالم الدير، وأشادت بمشروع التجلي الأعظم.
وعلى الجانب الأخر، استطاعت قمة المناخ، أن توضع على قائمة أولويات المواطن العادى، فقد تبدو قضايا البيئة وتغير المناخ عالميا، ورغم أهميتها، بعيدة بصورة كبيرة، عن اهتمامات المواطن العربي، فقد يشير واقع الحال إلى أن المواطن العادي، في مصر والمنطقة العربية، قد لايعي أو لايهتم بأبعاد القضايا الملحة التي تناقشها هذه القمة، على الرغم من أن قضايا تغير البيئة والمناخ، ليست قضية نخبوية، يقتصر الاهتمام بها على طبقة معينة، فالأمر لا يتعلق بأهمية تلك القضايا وتداعياتها، بل بالظروف المعيشية التي يعيشها الأفراد في المنطقة العربية، والتي تزداد قسوة، في ظل الأوضاع الراهنة، من ازدياد الأسعار ومعدلات البطالة والفقر، إلا أن قضية البيئة وتغير المناخ، لأن تداعيات التغير المناخي وزيادة حرارة الأرض، تترك آثارها على جميع سكان الكوكب، سواء كانوا فقراء أو أغنياء، فوفقا للأمم المتحدة، فإن ارتفاع درجات حرارة الأرض، يؤدي إلى المزيد من التداعيات الضارة على البشر، منها الجفاف والفيضانات، وارتفاع مستوى سطح البحر وموجات الحر الشديدة.
وأكد المهندس صابر عثمان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة "مناخ أرضنا" للتنمية المستدامة، أنها خطوة هامة ستساهم في تغيير سلوك ومفاهيم المواطن نحو القضايا البيئية وتغير المناخ، موضحا أن الاستعدادات التي نفذتها الحكومة المصرية، هي إجراءات لم يشهدها العالم من قبل في أي دولة استضافت قمة عالمية بهذا الحجم، خاصة أن طبيعة المناخ تؤثر بالتبعية على حياة المواطن وطبيعة تغذيته وما يرتديه من ملابس، فلا يمكن المقارنة بين طبيعة الحياة في دولة حارة عن أخرى باردة أو ثلجية، كما تؤثر طبيعة المناخ على نوع الزراعة الذي تنتهجه الدولة، فهناك زراعات ونباتات تحتاج ظروف مناخية متنوعة وأكثر حرارة، وأخرى بحاجة إلى درجات حرارة منخفضة، وهذا ما يجعل دولا تشتهر بصناعات وزراعات لا توجد بغيرها، وأجبر العالم، أن يعتمد حاليا، على 7 أنواع من المحاصيل بصفة أساسية، مثل القمح والأرز والذرة من أصل 3 آلاف محصول.