المؤتمر الاقتصادي «اتفاق مجتمعي».. هنا رسمت خريطة مستقبل اقتصاد مصر
السبت، 29 أكتوبر 2022 08:25 م
الحكومة والمعارضة والخبراء والمستثمرين يتفقون لأول مرة: معاً تنهض مصر
الدكتور زياد بهاء الدين: بعض التوصيات التي سمعتها بنفسى كان لها صدى في التوصيات.. وهناك إنصات وتقبل لتلك المقترحات
رجال أعمال اشتكوا من فجوة بين الحكومة ورضا المواطن تتطلب دراسة فعالية الإجراءات الحكومية ووصولها إلى المواطِن بصورةٍ دقيقة
خبراء طلبوا إدارةٍ أفضل للأصول غير المُستغلة تمكن الدولة من سداد ديونها على غرار تجارب دولية لجأت إلى إنشاء صناديق لإدارة الأصول
المشاركون اتفقوا على الحاجة لاستراتيجية تطوير الصناعة وتعزيز الصادرات وتحسين الصورة بشكل كامل
رئيس الوزراء حدد الأزمات التي واجهت الدولة:
تحديات فرضتها الأزمة:
السيولة النقدية الأجنبية
التضخم وارتفاع الأسعار
زيادة الدين الخارجي
نقص مستلزمات الإنتاج
تحديات هيكلية مزمنة ترجع لعام 1982:
ارتفاع معدلات الزيادة السكانية
انخفاض مشاركة القطاع الصناعي
الدين الخارجي
استمرار عجز الميزان التجاري
تضاؤل نسبة الاستثمار الأجنبي بالمقارنة بالناتج
تذبذب مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
==============
مدبولى: وثيقة سياسة الملكية تؤسس لدور الدولة وتواجدها في الفترة القادمة وترد على شكاوى انعدام المنافسة الحيادية ومزاحمة القطاع الخاص
التخطيط: اختيار قطاعات الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات في برنامج الاصلاحات الهيكلية لأنها قطاعات واعدة قادرة على النمو السريع
3 أيام من طرح الرؤى والنقاشات.. شهد المؤتمر الاقتصادي "مصر 2022" حالة من الزخم، كشفت نية وعزم الدولة على الاستماع لكافة الآراء والمقترحات للخروج بخارطة مستقبل من شأنها تعزيز قوة وصلابة الاقتصاد المصري، في وجه الأزمات العالمية وعلى رأسها تداعيات فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
المؤتمر الذى شهد لأول مرة مشاركة متنوعة ما بين حكومة ورجال اعمال ومستثمرين، ومشرعين وخبراء وقوى سياسية وحزبية متنوعة ما بين مؤيدة ومعارضة، ومختلفة أيدلوجيا وفكرياً، أنتهى إلى الاتفاق على ضرورة وجود توافق مجتمعى من اجل مواجهة الأزمات التي يتعرض لها الاقتصاد مصر، ارتباطاً بأزمات دولية فرضت نفسها بقوة على الاقتصاد العالمى.
ورش عمل لم تخلو من المقترحات، الجميع شارك وأقترح، وهو ما وصفها الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق، بقوله "بعض التوصيات التي سمعتها بنفسى من أعضاء من غير الحكومة في بعض الجلسات كان لها صدى في التوصيات، وإذا كانت بنسبة 20 إلى 30 % نسبة مشجعة وهناك إنصات وتقبل لتلك المقترحات، وأكثر ما نخشى منه هو انتهاء المؤتمر بنهايته".
المؤتمر لم ينته بانقضاء الفعاليات، فالرئيس عبد الفتاح السيسى، أوصي بانعقاد المؤتمر الاقتصادي سنويًا وتشكيل أمانة فنية للمؤتمر، تكون المرجعية، مؤكدًا على تنفيذ جميع مخرجات المؤتمر، وفى نفس الوقت أهمية الحوار الوطني في التواصل بين الجميع.
الرئيس السيسي، قال: "أنا سعيد بالنقاش والحوار الذي تم في المؤتمر الاقتصادي على مدار الثلاثة أيام الأخيرة، لكن عندما أطلقنا فكرة الحوار في أبريل الماضي، وقلنا لازم نتكلم مع بعض، كثير من الناس تصوروا أن الموضوع سياسة، ولكن الهدف إننا نسمع البعض بشكل أكبر في ظل الظروف والتحديات الموجودة في العالم وبلدنا، على الأقل يبقى فيه تواصل ما بيننا، علشان نشوف مع بعض، حتى بالرغم من الاختلاف".
دراسة فعالية الإجراءات الحكومية ووصولها إلى المواطِن بصورةٍ دقيقة
يقول الدكتور زياد بهاء الدين، إن تشجيع الاستثمارات في أي دولةٍ يتوقف على ما يتوفَر فيها من "يقين"، وهو ما تم تعزيزه في مِصر من خلال الاستقرار الأمني الذي تحقق في البلاد، والطفرة التي تشهدها على صعيد البنية التحتية، الأمر الذي ساعدَ على زيادة الاستثمار، موضحاً "إلى جانب ما قامت به الدولة في المؤتمر من طرح لوثيقة سياسة ملكية الدولة بغية تعزيز اليقين في النشاط الاقتصادي في مِصر خلال الفترة المُقبلة، إلا أنه في الوقت ذاته أضافَ بعض المُقترحات العملية مثل الضرائب، التي على الرغم من أنها ليست مُرتفعة في مِصر مُقارنةً بالمُعدلات العالمية، إلا أن المُشكلة تكمُن بصورةٍ أكبر في الرسوم التي تُفرَض على المُستثمر، الأمر الذي ينبغي معه طمأنة المُستثمرين بهذا الخصوص".
بعض الخُبراء المُشاركين في المؤتمر، أوضحوا أن الدولة تُواجه مُشكلات تتعلق بطول مُدة استخراج التصاريح اللازمة للشركات التي تستهدف العمل في السوق المِصرية، الأمر الذي يجب أن تتضافر معه جهود الحكومة لإيجاد حل جذري لتلك العقبة التي تقف أمام جذب المزيد من الاستثمارات.
واستطرَدَ بعض رجال الأعمال أن الدولة تُعاني من فجوة بين ما تتخذه من إجراءات وبين رضا المواطن المِصري، بما يشير إلى ضرورة دراسة مدى فعالية الإجراءات الحكومية ووصولها إلى المواطِن بصورةٍ دقيقة، بالإضافة إلى أهمية إجراءات حماية حقوق الملكية الفكرية من جانب الدولة، في جذب المزيد من الاستثمارات إلى الاقتصاد المِصري.
فلسفة المشروعات الحكومية
قبل بدء المؤتمر كان الحديث منصب في الأوساط الاقتصادية على فكرة الاستئثار الحكومى بالمشروعات، خاصة الخدمية منها، وهو الأمر الذى التقطته الحكومة، وعملت على توضيح الصورة في البداية، ليكون الحضور على بينة مما حدث، لذلك استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، خلال المؤتمر شكل الاقتصاد المصري السابق والحالي، وأكد أهمية معرفة ما إذا كانت الدولة المصرية في احتياج لكل المشروعات القومية المٌنفذة والجاري تنفيذها أم لا، حيث تنص أدبيات الاقتصاد العالمي، أنه في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية من طبيعة القطاع الخاص أن يتخوف من المشاركة وضخ استثماراته، وبالتالي يُحجم عن التوسع في الاستثمار، ومن ثم فإنه عند وقوع أي أزمة طارئة تنص الأدبيات على أنه لابد أن تتدخل الحكومات بشكل مباشر؛ لدعم أنشطة الاقتصاد وتقليل تبعات الصدمات الاقتصادية على الأفراد والشركات.
الحقيقة أن مصر وجَّهت جزءًا كبيرًا من استثماراتها، ليس فقط للرواتب والدعم، يضيف مدبولي، أنه بالرغم من أنه لا يزال يشغل جزءا كبيرا من الدعم المقدم، ولكن لأول مرة كان هناك توجه لدفع عملية الاستثمارات العامة خلال هذه الفترة، حيث تم توجيه أكثر من نصف هذه الاستثمارات لقطاعات البنية التحتية، والنقل، والتعليم، والصحة، حيث كانت الدولة في هذه الفترة بحاجة إلى إعادة بناء، وكان لابد من إنفاق استثماري، إذ أن ظروف الدولة المصرية في هذه الفترة لم تكن تشجع القطاع الخاص في أن يدخل في هذه الاستثمارات.
واستطرد مدبولى: "حتى في ظل الظروف الطبيعية، ليس من دور القطاع الخاص الدخول بقوة في الاستثمارات في البنية الأساسية، بينما هو دور أصيل على الدولة وأحيانا يكون بمشاركة القطاع الخاص، ولذا فإن الدولة المصرية نفذت مشروعات قومية كبرى، باستثمارات تجاوزت الـ 7 تريليونات جنيه، وأكثر من 90% من هذه الاستثمارات نفذتها شركات القطاع الخاص، وبالتالي استفاد هذا القطاع من أنه لم يكن لديه القدرة على تمويل المشروعات، ولكن الدولة المصرية من خلال الإنفاق العام والاستثمارات العامة، دفعت عجلة عمل القطاع الخاص، وذلك على مستوى عشرات الآلاف من شركات القطاع الخاص، التي قامت بتشغيل الملايين من العمالة، حيث يمثل سوق القطاع الخاص 78% من قوة العمل، وبالتالي لنا أن نتخيل أنه إذ لم تتدخل الدولة بهذه الاستثمارات في ظل عدم قدرة القطاع الخاص على ضخ استثمارات نتيجة للظروف فكيف كان سيصبح شكل الاقتصاد المصري".
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة المصرية تحرص على تمكين وزيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي المصري، وأن ما قام بعرضه خلال الجلسة الافتتاحية بالمؤتمر الاقتصادي يؤكد أن الدولة المصرية يجب أن تنمو بأضعاف مضاعفة؛ حتى تتمكن من التغلب على التحدي الرئيسي الذي تواجهه وهو الزيادة السكانية، والتي تفرض ضرورة ضخ المزيد من الاستثمارات الجديدة، مشيرا إلى أنه في حال لم يستطع القطاع الخاص القيام بهذا الدور، فلابد أن تشارك الدولة لتغطية الفجوة في هذه القطاعات.
حل مشاكل المستثمرين في استصدار التراخيص
المستشار محمد عبد الوهاب، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أوضح أن الحكومة اتخذت إجراءات لوضع إطار زمني ملزم لاستصدار تراخيص المشروعات الاستثمارية خلال 20 يوم عمل، إلى جانب قيام هيئة الاستثمار بإصدار أكثر من 25 دليلاً لتراخيص الجهات الحكومية التي تقدم خدمات الاستثمار وتحديثها دورياً تتضمن كافة المستندات والرسوم والإجراءات، ولفت إلى أن آخر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في دعم المستثمرين وتسوية مختلف تحديات الاستثمار، إنشاء وحدة لحل مشكلات المستثمرين تحت الإشراف المباشر لرئيس مجلس الوزراء، مؤكداً أن عامل الجذب الرئيسي للمشروعات الجديدة هو نجاح واستمرارية المشروعات القائمة، وتقديم مختلف التيسيرات للمستثمرين.
إدارة أفضل للأصول غير المُستغلة
ودار خلال المؤتمر نقاش حول ملف إدارة أصول الدولة واستغلالها بشكل أفضل، وأوضح مُشاركون أن الدولة المِصرية في حاجةٍ لإدارةٍ أفضل للأصول غير المُستغلة، والذي من المُمكن أن يكون بمثابة الآلية التي من خلالها يُمكن للدولة سداد جزء من ديونها، على غرار عددٍ من التجارب الدولية مثل فرنسا، وإيطاليا، والتي قامت بإنشاء صناديق لإدارة تلك الأصول غير المُستغلة.
أحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية، وضح الآليات المتنوعة التي سيتم تبنيها لزيادة دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وفقًا للأنسب لكل من تلك الأنشطة، وذلك بتبنِّي 7 آليات متنوعة من بينها الإدارة، أو المشاركة في التمويل، وهو ما أكد عليه رئيس مجلس الوزراء في مداخلة قام بها، مؤكدًا أنه في أحوال عديدة قد تمتلك الدولة الأصل، ويقوم القطاع الخاص بالإدارة أوالتشغيل، أوبزيادة رأس المال، فبيع الأصول هو أحد الآليات وليس جميعها، وهو ما تستعرضه وثيقة سياسة الملكية بالتفصيل.
وأوضح مدبولى أن وثيقة سياسة ملكية الدولة تساعد على حوكمة العلاقة بين الدولة والمستثمر بشكل يتماشي مع أفضل الممارسات الدولية، لافتا إلى ضرورة العمل على اتخاذ تدابير وإجراءات تدفع بتنافسية وإنتاجية القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة وأيضاً قطاع تكنولوجيا المعلومات.
رئيس الوزراء قال إن الوثيقة لا تهدف لبيع الأصول المملوكة للدولة؛ حيث يوجد العديد من دول العالم التي ترتفع بها نسبة مساهمة الحكومات بها مثل فرنسا، ولكنْ هناك إطارا تنظيميا لهذا الوضع، كما أن الدولة لديها بعض الشركات والمساهمات في قطاعات لا يجب أن تتواجد بها على المدى المتوسط، فتم طرح تخارج، وهو لا يعني بيع، ولكنه قد يكون كطرح عام في البورصة، أو مستثمر استراتيجي محلي أو أجنبي يزيد من رأس المال، ويدخل في الإدارة، ويرفع من كفاءة تلك الأصول.
أضاف مدبولي، الحكومة تمسكت بطرح وثيقة سياسة الملكية للحوار المجتمعي لمدة 3 أشهر، وهو ما يعكس حرص الحكومة على تنفيذ الوثيقة عند إصدارها، وأن يكون لها آلية واضحة ومستمرة لمتابعة تنفيذها، مشدداً على ضرورة اختيار الوقت الأكثر مناسبة عند الطرح للحصول على أكبر عائد للدولة.. وبين أن هدف صندوق مصر السيادي هو تعظيم الاستفادة من أصول الدولة كلها، منوها بأنه يتم العمل بالتدريج لتفعيل دور الصندوق بطريقة سليمة.
التوسع في آليات تمكين القطاع الخاص
في جلسة: "فرص وآفاق التمويل الدولي لدعم القطاع الخاص"، ناقش الحضور فرص دعم وتمويل الشركات، كما أوصى المشاركين بضرورة التوسع في آليات تمكين القطاع الخاص سواء على مستوى الشركات الكبرى أو الصغيرة وتمويله فضلا عن أدوات الاستشارات والدعم الفني من خلال المؤسسات الدولية، فضلا عن توسيع نطاق دور وزارة التعاون الدولي من خلال نشر الآليات والتوعية بهذه الشراكات على أوسع نطاق.
الدكتور هاني سري الدين، عضو مجلس الشيوخ، قال إنه في ظل أهمية مشاركة القطاع الخاص في التنمية، فلابد من إعادة النظر في دور وحدة الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، بالتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية وإعادة هيكلتها بما يعزز دورها مرة أخرى، ويفتح مزيد من الآفاق للشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، للحفاظ على استدامة مشروعات البنية الأساسية المنفذة. فضلا عن دعم الجهات الحكومية لوضع استراتيجيات لتمكين القطاع الخاص.
الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، قالت إن محفطة التمويل للمشروعات الجارية في قطاعات الدولة خلال العام الجاري، تسجل نحو 23.4 مليار دولار تتوزع بواقع 24% لقطاع النقل و24% لقطاع الإسكان و11% لقطاع الطاقة و5% لدعم الموازنة و4% للزراعة والري و27% لقطاعات أخرى، بينما تبلغ التمويلات التنموية الجارية للقطاع الخاص نحو 7.3 مليار دولار منقسمة بواقع 3.11 مليار دولار من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وبنك الاستثمار الأوروبي بقيمة 1.67 مليار دولار، ومؤسسة التمويل الدولية بقيمة 1.25 مليار دولار، ووكالة ضمانات الاستثمار "ميجا" 500 مليون دولار، وهيئة التعاون الدولي اليابانية "جايكا" 200 مليون دولار، وكذلك صندوق الأوبك للتنمية الدولية، 145 مليون دولار، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "يونيدو" 76 مليون دولار، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي 61 مليون دولار.
ولفتت إلى أنه رغم التحديات الضخمة التي مر بها العالم منذ بداية 2020 بداية من جائحة كورونا، إلا أن حزم التمويل التنموي والدعم الفني من شركاء التنمية سواء للقطاعين الحكومي أو الخاص كانت كبيرة، وبلغت نحو 20 مليار دولار، من بينها 4.7 مليار دولار للقطاع الخاص بواقع 1.5 مليار دولار في عام 2021 و3.2 مليار دولار في عام 2020.
ونوهت إلى أن البنوك المصرية لها خصوصية شديدة في التعامل مع شركاء التنمية حيث حصلت على تمويلات ضخمة وصلت إلى 3 مليار دولار خلال عامي 2020 و2021 تمثل 70% من تمويلات القطاع الخاص لإعادة توجيهها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز دور البنوك في دعم القطاع الخاص.
وتطرقت الدكتورة رانيا المشاط إلى الآليات المباشرة وغير المباشرة التي تدعم من خلالها مؤسسات التمويل الدولية شركات القطاع الخاص في مصر، فعلى مستوى الآليات المباشرة فإنه يتم تمويل المشروعات الكُبرى مثل أول مزرعة رياح بخليج السويس ومحطة كوم امبو للطاقة الشمسية بأسوان، وتوفير أدوات الاستثمار مثل السندات الخضراء وإطلاق صناديق الاستثمار، إلى جانب تسهيلات التجارة الخارجية، والخدمات الاستشارية والفنية وبناء القدرات، فضلا عن ضمانات الاستثمار.
بينما على مستوى الاستثمارات غير المباشرة، فإن الشراكات الدولية تتيح الدعم الفنى والاستشارى لتمكين القطاع الخاص، تمويل المشروعات التنموية المنفذة بالشراكة مع القطاع الخاص، مثل مشروعات مترو الأنفاق، والتمويلات الميسرة لدعم الموازنة، وتمويل سياسات التنمية والاصلاحات الهيكية والقطاعية التي تنفذها الحكومة.
وتناولت وزيرة التعاون الدولي أيضًا، الدور الذي تقوم به شركة مصر لريادة الأعمال والاستثمار، والتي تعد أول آلية لرأس مال المخاطر بدعم حكومي من خلال وزارة التعاون الدولي بالشراكة مع الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، تعمل على تدعيم الاستثمار في الشركات التكنولوجية الناشئة بشكل مباشر وبشكل غير مباشر من خلال ثلاث مسرعات أعمال هي Falak Startups، وFlat6Labs، وEFG-EV Fintech، وتسهم الشراكات الدولية في تعزيز دور هذه الشركة من خلال تمويلات تنموية ودعم فني، ما مكنها حتى منتصف عام 2022 من تمويل 191 شركة ناشئة على استثمارات ودعم استشاري، ساهمت في توفير أكثر من 4500 فرصة عمل، وتم تنفيذ 3 تخارجات من الشركات الناشئة لصالح القطاع الخاص.
وتعمل الوزارة -وفق المشاط- على تحديث ووضع استراتيجيات التعاون الدولي والتمويل الإنمائي مع العديد من شركاء التنمية على مستوى الثلاث والخمس سنوات، مثل الأمم المتحدة والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية وبنك التنمية الأفريقي، وذلك بالتنسيق الكامل مع كافة الأطراف ذات الصلة والوزارات المعنية، والتي يأتي تمكين وتحفيز القطاع الخاص كجزء ومحور رئيسي من هذه الاستراتيجيات.
وشددت على أهمية تطوير البنية التحتية الأساسية من أجل تحفيز القطاع الخاص، وفي هذا الإطار فإن التمويلات التنموية الجارية ضمن محفظة وزارة التعاون الدولي لتطوير البنية التحتية تبلغ نحو 18.5 مليار دولار، لافتة إلى أن المحفظة تضم 149 مشروعاً لزيادة الاستثمار في رأس المال البشري بقيمة 5.5 مليار دولار، وهذه التمويلات تنعكس أيضاً على دخول القطاع الخاص في قطاعات حيوية مثل: المشروعات الصغيرة والأمن الغذائي والصحة.
الصحة على طاولة المؤتمر
شهد ملف الإنفاق على قطاع الصحة في مصر نقاشا جادا حول التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص في دعم الملف، وخلال الجلسات استعرض الدكتور مدبولي تحركات حكومته في هذا الشأن، وبالنسبة للرعاية الصحية، قال إنه تمت مضاعفة حجم الإنفاق العام على القطاع الصحي؛ لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن واستيعاب الاحتياجات المتزايدة، مستشهدا بما تم لإعادة بناء مستشفى سوهاج، ومستشفى أبو تيج، وهناك العديد من المستشفيات الأخرى التى يتم تطويرها ضمن خطة الحكومة، بالتزامن مع التأمين الصحي الشامل.
بالإضافة إلى وجود العديد من المبادرات الكبرى التي تبنتها الدولة، مثل مبادرة القضاء على فيروس سي، ومبادرة الكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي، ومبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة، وحملة 100 مليون صحة، ومبادرة مكافحة التقزم والسمنة للأطفال، كل هذه المبادرات أحدثت طفرة كبيرة في الواقع الصحي للمصريين، والتى جعلت منظمة الصحة العالمية عقب تصريحها مسبقاً بأن مصر هي أعلى دولة في العالم في الإصابة بفيروس سي، أن تصرح بـ " تعد الحملة القومية للقضاء على فيروس سي سبقاً صحياً يسجله التاريخ عن الإنجازات الصحية في مصر؛ حيث تعتبر مبادرة 100 مليون صحة مثلاً يحتذى عالمياً عن كيفية مواجهة واستهداف الأمراض".
وفي جلسة بعنوان "خارطة طريق لزيادة مشاركة القطاع الخاص في قطاع الصحة"، تشاور الحضور حول جهود دعم قطاع الصحة ومشاركة القطاع الخاص، وإمكانية دخول القطاع الخاص في دعم المنظومة ككل، ووجه مدبولي مجموعة من الرسائل حول المناقشات التي دارت في الجلسة بشأن قطاع الصحة، وخاصة ما تم طرحه خلال الجلسة حول حاجتنا كدولة لتوفير 4000 سرير سنويا بتكلفة تقدر بمليارات الجنيهات، وقال رئيس الوزراء أننا نتحدث الآن عن مساهمات القطاع الخاص ودخوله بقوة إلى مختلف قطاعات الدولة، ومنها مجال الصحة جنبا إلى جنب ما تقوم به الدولة من جهود لبناء وتطوير المستشفيات.
وأوضح مدبولى أنه في ظل تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل؛ فطبقا للقانون يكون قيمة الخدمة محددة وموحدة في جميع المستشفيات والمراكز الصحية، سواء كانت تابعة للدولة أم مملوكة للقطاع الخاص، ولذا فهذه فرصة جيدة للغاية أمام القطاع الخاص للنظر في الاحتياجات المطلوبة، ونحن كدولة نواصل تقديم المحفزات وفق ما طرحه وزير الصحة والسكان خلال الجلسة بهذا الشأن من خطة واضحة، مؤكدا أن الدولة لديها الاستعداد التام لتقديم المحفزات المطلوبة.
وطرح رئيس الوزراء مقترحا حول إمكانية دخول القطاع الخاص في شراكة مع الدولة في مجال إدارة المستشفيات وخاصة التي تقوم الدولة بتطويرها حاليا... ونحن هنا سنتحمل على عاتقنا الجانب الاستثماري في إقامة المستشفيات، وننتظر التوصل لتوافق عام حول تصور تشغيلي وتمويلي وإداري للمستشفيات بمشاركة القطاع الخاص، فالأمر المهم لدى المواطنين يكمن في حصولهم على الخدمة بأعلى مستوى من الجودة.
تعزيز المنافسة والإصلاحات الهيكلية
وكان لافتاً خلال أيام المؤتمر الصلاثة أن عدد من مُمثلي الصناعة ورجال الأعمال في مِصر يرون أنه على الرغم مما يشهده الاقتصاد المِصري من إيجابيات إلا أنه في حاجةٍ إلى المزيد من الإصلاحات المؤسسية، وزيادة مُشاركة القطاع الخاص، وتعزيز المنافسة، بحيث يكون قاطرة عملية التنمية الاقتصادية في مِصر خلال الفترة المُقبلة.
وهنا تدخلت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وقالت إنه تم اختيار قطاعات الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات في برنامج الاصلاحات الهيكلية لأنها قطاعات واعدة قادرة على النمو السريع، ووزنها النسبي في الناتج المحلي كبير، ولديها قدرة على التشابك مع باقي القطاعات.
كما أكد نائب وزير المالية "كجوك" أن الحكومة لها جهود في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري، وإفساح المجال بشكل أكبر للقطاع الخاص بما تمتلكه مصر من إرادة سياسية داعمة ومحفزة للقطاع الخاص، وبنية تحتية قوية ومؤهلة وجاذبة، تفتح أبوابها للاستثمارات المحلية والأجنبية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وفي مجال دعم سياسات المنافسة، أوضح رئيس الوزراء أن هناك شكاوى بانعدام المنافسة الحيادية ومزاحمة القطاع الخاص في عدد من القطاعات، لذا، يطالب القطاع الخاص برؤية واضحة من الدولة إزاء دورها في الاقتصاد؛ لذلك أعدت الدولة وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تؤسس لموضوعات "ما هو دور الدولة وتواجدها في الفترة القادمة، وتعظيم الحياد التنافسي".
ووفق مدبولي، جعلت الحكومة الإشراف المباشر لجهاز حماية المنافسة؛ لرئيس الوزراء، لضمان عملية الحياد التنافسي، وأن الدولة حرصت أيضا على تطوير البنية الأساسية والمناطق الحرة والمناطق الصناعية؛ لتتيح كل ذلك للقطاع الخاص، كما سلكت الدولة مسلكا صعبا ولكنه مهم للغاية، وهو بناء وإنشاء 17 مجمعًا صناعيًا و5 آلاف مصنع، بحيث يتسنى للمستثمر الصغير الحصول على المصنع مباشرة، وكذا رخصة التشغيل بدون الإجراءات البيروقراطية. ونتيجة لذلك قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن الدولة ركزت في الفترة السابقة على العديد من الإصلاحات لتحسين تلك الظروف.
الحياد التنافسي يزيد القدرة الإنتاجية
ويرى الدكتور محمود ممتاز رئيس جهاز حماية المنافسة، أن تطبيق الحياد التنافسي يزيد من القدرة الإنتاجية للكيانات الاقتصادية، التي تواجه المنافسة بنسبة تتراوح من 3.8% إلى 4.6%، كما يعمل على زيادة معدل الإنتاجية بنسبة 10% على الأقل، وزيادة إنتاجية السوق بنسبة 50% بدون أية تغييرات تقنية.
وأضاف أن تطبيق سياسات الحياد التنافسي تتضمن الحياد الضريبي، والذي يعمل على تطبيق نفس النظام الضريبي على جميع الأشخاص العاملين في السوق متى تساوت مراكزهم، متابعاً: "تتضمن سياسات الحياد التنافسي أيضا تطبيق الحياد فيما يتعلق بالمديونيات، بحيث تمكن جميع الأشخاص العاملين في السوق من الحصول على رأس مال بنفس التكلفة"، وتتضمن أيضا تطبيق الحياد التنظيمي والتشريعي، والذى يتضمن عمل جميع الشركات في السوق سواء الشركات المملوكة للدولة أو الشركات الخاصة تحت نفس الإطار التنظمي.
وأضاف ممتاز أن جهاز حماية المنافسة وضع استراتيجيته (2021-2025) لتحقيق أهداف "رؤية مصر 2030"، وأهداف التنمية المستدامة تعتمد على أربعة أهداف هي "الإنفاذ الفعال لأحكام قانون حماية المنافسة من خلال مكافحة الممارسات الاحتكارية، والحد من التشريعات والسياسات والقرارات المقيدة لحرية المنافسة، ونشر ثقافة المنافسة، بالإضافة إلى رفع الكفاءة المؤسسية".
الصناعة وطموحات لـ 10 سنوات
واتفق المشاركون في المؤتمر الاقتصادي على احتياج مصر لاستراتيجية لتطوير الصناعة وتعزيز الصادرات، وتحسين الصورة بشكل كامل، وهو ما رد عليه الدكتور مدبولي، بأن الدولة تدعم وتساند مختلف الجهود للخروج باستراتيجية متكاملة للصناعة، وأن من بين طموحات المؤتمر الوصول إلى إطار عام لاستراتيجية الصناعة في مصر لمدة 10 سنوات قادمة يتم الإعلان عنها، وإذا لم يتم ذلك، فلابد من التوافق على خروج هذه الاستراتيجية خلال 3 شهور من الآن.
وأوضح جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي، ضرورة تنمية القدرات الصناعية من أجل تحقيق التنمية المستدامة في الدولة المصرية، مؤكدا الاهتمام الكبير الذي يوليه البنك المركزي والقطاع المصرفي ككل بقطاع الصناعة في مصر.
ولفت إلى نمو معدلات الإقراض للقطاع الصناعي خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث استحوذ هذا القطاع على الجزء الأكبر بالنسبة للقطاعات المستفيدة من أرصدة الإقراض والخصم المُقدمة من الجهاز المصرفي، وأنه تم في ديسمبر 2019 تنفيذ مبادرة بتكلفة 100 مليار جنيه للشركات المتوسطة فقط بفائدة تبلغ 10%.
ومع تفاقم أزمة سلاسل الإمداد والتمويل، أدخل البنك المركزي الشركات الكبيرة ضمن المبادرة وتخفيض الفائدة من 10% إلى 8% لتوفير مزيد من الأريحية للصُناع وعدم الضغط عليهم من ناحية الالتزامات الخاصة بالفائدة، ووصل حجم التمويل إلى 345 مليار جنيه، استفاد منها حوالي 10 آلاف عميل، وهو ما كان له كلفة تحملتها الدولة والبنك المركزي معاً.
الدكتور مدبولي أشار إلى جهود الدولة في دعم القطاع، وعملها على حل ما تم طرحه من شكاوي ومشكلات، خلال اللقاءات التى عقدت مع العديد من رجال الاعمال والمستثمرين، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي.
وتضمنت الشكاوى عدم وجود مرافق بالأراضي المخصصة للصناعة، وما يتعلق بأسلوب الطرح والتسعير، وهو ما تحركت تجاهه الحكومة، أشار مدبولي إلى أن ما تم اتخاذه من قرارات بشأن الحصول على هذه الأراضي، سواء بالتملك أو عن طريق حق الانتفاع، إلى جانب تولي هيئة التنمية الصناعية بالنيابة عن المستثمر إصدار مختلف التراخيص الخاصة بالتشغيل، فضلاً عن أهمية وجود تخصيص فوري، لتنفيذ توسعات للمصانع القائمة، أو اقامة مشروعات استراتيجية جديدة، وخاصة المتعلقة بالمشروعات الخضراء، كمشروعات الهيدروجين الأخضر، منوها إلى ما تم وضعه من آلية متكاملة للتخصيص الفوري للاراضى المطلوبة.
وقال إن إجمالي ما تم تخصيصه من أراضي صناعية وصل إلى 30 مليون م2، بعضها بدون مقابل فى مختلف المحافظات، وخاصة الصعيد، وبلغ حجم الأراضي التى تم تنميتها إلى 3 مليون م2 فقط، أي ما يعادل 10% فقط، بالإضافة إلى حزم الحوافز التى تم إطلاقها خلال الفترة الماضية تشجيعاً لقطاع الاستثمار، وخاصة ما يتعلق بتفعيل قانون حوافز الاستثمار، والحوافز الخضراء، وصناعة السيارات والاستراتيجية الخاصة بها، فضلا عن الحوافز الإضافية غير الضريبية، وكذا حوافز الاستثمار فى القطاع الصحي، لتنظيم قواعد الاستحواذ والاندماج، إلى جانب إعفاء 19 قطاع صناعيا من الضريبة العقارية، وأن الدولة ستتحمل هذه الضريبة لمدة ثلاث سنوات.
وأكد الدكتور محمد معيط وزير المالية استعداد الوزارة الكامل لمساعدة القطاع الصناعي فيما يتعلق بمنظومة الحوافز خلال الفترة القادمة، بالإضافة إلى تحسين بيئة ومناخ الأعمال على المستوى الضريبي والجمركي، مشيرا إلى أن هناك عدة محاور تستطيع الوزارة مساندة القطاع الصناعي بها، منها المحور الخاص بالمالية العامة، والمنظومة الضريبية، والمنظومة الجمركية، لافتاً إلى أن هناك سياسات اتخذتها الوزارة في الفترة الماضية، على سبيل المثال دعم الصادرات، والذي توقف لعدة سنوات، حتى بلغت النسبة المتراكمة 26 مليار جنيه، لافتا إلى أن الوزارة استطاعت التدخل وسددت المبلغ المتراكم.
وتابع معيط "سنعمل بالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة على أن تكون المستندات إلكترونية، لتكون الفترة الزمنية ما بين تقديم المستندات والحصول على دعم الصادرات، فترة زمنية صغيرة، وسنضع من تاريخ استكمال الأوراق وتقديمها لوزارة المالية، معيارا بأن يكون سداد قيمة دعم الصادرات خلال شهر".
وفيما يتعلق بالكهرباء ومساندة تكلفة الكهرباء لقطاع الصناعة.. قال معيط إن الوزارة تحملت 10 قروش فرقا، لتبلغ تقريبا 5 إلى 6 مليارات جنيه سنويا في الموازنة العامة للدولة، كذلك حصلت الوزارة على موافقة مجلس الوزراء على تحمل الخزانة العامة تكلفة الضريبة العقارية عن قطاع الصناعة بقيمة سنوية 1.5 مليار جنيه.
تأثير الأزمات العالمية على مصر
واتفق الحاضرون أنه للوصول إلى السياسات المطلوبة لتعزيز قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة الأزمات، فإن يجب معرفة تأثير الأزمات القائمة والمتعاقبة أولاً، وقالت الدكتورة هالة السعيد إن التحديات العالمية والأزمات المتعاقبة التي تؤثر على الاقتصاد، ومن بينها: جاحة "كوفيد-19"، ولم يكد العالم يتعفى من تداعيات هذه الأزمة حتى ظهرت أزمة جيوسياسية مرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، وما شهدته سلاسل التوريد من اضطرابات، وأزمة طاقة في أوروبا، وارتفاع في معدلات التضخم وكذلك في تكاليف الاقتراض.
وأشارت السعيد إلى أن هذه الأزمات تهدد بمزيد من مخاطر دخول العالم في ركود تضخمي، لافتة إلى أن الأزمات المتعاقبة أدت إلى فقدان العالم نحو 228 مليون فرصة عمل، وارتفاع مؤشرات الفقر العالمي حيث يتوقع انضمام 75 مليون شخص إلى فقراء العالم، مع ارتفاع نسبة الدين العام العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 350%.
وزير التجارة والصناعة أحمد سمير، أكد ذلك أيضاً، قائلاً إن الأزمات قيدت حركة التجارة والصناعة في العالم بشكل كبير، وقال اليوم خرجنا من الأزمة بمجموعة من توابعها سواء اضطراب في سلاسل الإمداد وارتفاع في أسعار المحروقات والتضخم وأزمة في الشحن وأزمة أخرى في قلة المعروض، والعالم يحاول اليوم التعامل مع هذه الأزمات ويخطط لما يجب القيام به لمواجهة هذه التحديات .
وصنفت مصر من أكثر الدول تضررا من الأزمات المتلاحقة التي حدثت، يضيف سمير، أن هيكل الميزان التجاري لمصر به نحو 56% من الواردات هي مستلزمات للصناعة ولم نشر حتى الآن إلى السلع الرأسمالية ولا قطع الغيار، ولدينا مشكلة في الواردات ولكن لدينا أزمة في الصادرات، بمعني حين تقل الواردات يؤثر الأمر أيضا على الصادرات وذلك لأن 56% من هيكل الواردات هو مستلزمات صناعية لذا نحن بحاجة إلى قطاع صناعي قوي يتحمل الصدمات.
وبرغم هذا الكم من التحديات، إلا أن الخطوات الاستباقية التي اتخذتها الدولة خلال ٨ سنوات غير وجه الاقتصاد المصري، يقول وزير المالية إن تحليل مؤشرات الأداء المالى خلال الـ ٤٢ سنة الماضية، يؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح، وأن الإصلاح الاقتصادى الذى تبناه الرئيس بإرادة قوية، وسانده الشعب المصرى العظيم، جنبنا المصير الأسوأ فى الأزمات العالمية المتتالية.
وأكد معيط "بات الاقتصاد المصرى أكثر قدرة على الصمود فى مواجهة التحديات التى تئن منها مختلف اقتصادات الدول، وكانت مصر من الدول القليلة التى حققت معدلات نمو إيجابية فى عامي جائحة كورونا بنسبة ٣,٣٪ و٣,٦٪ من الناتج المحلى الإجمالي، وسجلنا أعلى معدل نمو منذ عام ٢٠٠٨ بنسبة ٦,٦٪ فى يونيه ٢٠٢٢، على نحو حظى بإشادة مؤسسات التمويل والتصنيف الدولية.
ومنذ أيام أبقت مؤسسة ستاندرد أند بورز، على التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية كما هو دون تعديل عند مستوى "B" مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصرى "Stable Outlook" للمرة الثانية خلال عام ٢٠٢٢.
وتبقى معدلات الدين والعجز للناتج المحلي الإجمالي، في الحدود الآمنة وتحت السيطرة، رغم الأزمات العالمية المتتالية، التى كان من أبرز آثارها السلبية موجة تضخمية عاتية حيث قفز معدل التضخم العالمى من ٢,٨٪ فى ٢٠٢٠ إلى ٩,١٪ فى ٢٠٢٢ لترتفع أيضًا تكلفة التمويل بشكل كبير ويصعب على الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية الوصول للأسواق الدولية، بالتزامن مع زيادة غير مسبوقة فى أسعار الغذاء والطاقة، مؤكداً أن الاقتصاد العالمي يواجه تحديات قاسية جدًا، ومصر بالطبع جزء من هذا العالم، وتتأثر بهذه التداعيات، ولولا التنفيذ المتقن للإصلاح الاقتصادى لكان الأمر أشد صعوبة، ولولا الأمن والاستقرار ما شهدنا هذا الحراك التنموى الضخم فى كل ربوع مصر.
إذا أين الأزمة؟..
رئيس الوزراء أوضح أن الأزمة الاقتصادية في مصر تكمن في مجموعتين من التحديات هما: تحديات فرضتها الأزمة: ومنها السيولة النقدية الأجنبية، والتضخم، وارتفاع الأسعار، وزيادة الدين الخارجي، ونقص مستلزمات الإنتاج. ويُتطلب التركيز على تلك التحديات حتى يتسنى الخروج من الأزمة على المدى القصير. وتحديات هيكلية مزمنة: بعضها يرجع لعام 1982، وتتمثل في: ارتفاع معدلات الزيادة السكانية، وانخفاض مشاركة القطاع الصناعي رغم التقدم الكبير وزيادة التصدير، والدين الخارجي، واستمرار عجز الميزان التجاري، وتضاؤل نسبة الاستثمار الأجنبي بالمقارنة بالناتج، وتذبذب مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
توصيات تنتظر التنفيذ
وخرجت توصيات المؤتمر من واقع آراء ومداخلات الخبراء والمختصين الذين شاركوا في جلسات المؤتمر، نستعرضها فيما يلي:
محور السياسات المالية والنقدية
تضمنت التوصيات العمل على استمرار خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى، وإطالة أجل السداد، والاستمرار فى تحقيق فائض أولى لتعزيز قدرة الدولة على سداد التزاماتها، هذا إلى جانب سرعة الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى، وكذا أهمية مرونة سعر الصرف ليعكس ديناميكيات السوق من العرض والطلب، كأداة لامتصاص الصدمات الخارجية، فضلًا عن العمل على تفعيل سوق المشتقات للعملة، والعقود الآجلة، كأداة تحوط ضد مخاطر تذبذب سعر الصرف، بالإضافة إلى إصدار مؤشر للجنيه المصرى مُقومًا ببعض العملات لأهم الشركاء التجاريين والذهب.
مشاركة القطاع الخاص
شملت التوصيات توسيع قاعدة الملكية بالتركيز على التخارج من خلال تبنى الطرح بالبورصة كأولوية، ويليها زيادة رأس المال، من خلال دخول مستثمر استراتيجى، وكذا تعزيز دور صندوق مصر السيادى من خلال نقل عدد من الشركات التابعة للدولة إليه، فضلًا عن تحديد فترات زمنية للموافقة على الطلبات المُقدمة من المستثمرين، بحيث يعتبر تأخر رد الجهة موافقة ضمنية لبدء مزاولة النشاط، إلى جانب الإسراع فى صرف دعم الصادرات للقطاعات المُستحقة للدعم، بمجرد التقدم بالمستندات الدالة.
محور القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية
تضمنت التوصيات إصلاح منظومة التعاونيات والاتحادات المرتبطة بالنشاط الزراعى، من خلال إصلاح هيكلى ومؤسسى ومالى وإدارى، بما يدعم قدرتها على القيام بدور أكبر فى ملف الأمن الغذائى بما يشمل: التسويق التعاونى، ومستلزمات الإنتاج، والزراعات التعاقدية، والإرشاد الزراعى، والتجميعات الزراعية، وغيرها، هذا إلى جانب إيجاد خطوط نقل سريع لتمكين الصادرات الزراعية الطازجة من النفاذ إلى الأسواق المُستهدفة باعتبار هذه المنتجات سريعة التلف، مع التركيز على الخطوط التى تُمثل أهمية نسبية، ولها وزن نسبى فى حجم الصادرات الزراعية.
بالإضافة إلى تسهيل الحصول على قروض تمويل للمشروعات الصحية، خاصة فى المجتمعات الجديدة بقروض ميسرة وفائدة مميزة، فضلًا عن تسهيل إجراءات الشراكة مع الدولة فى المستشفيات القائمة والجديدة، وذلك من خلال إدارة القطاع الخاص للمنشآت الصحية بنظام حق الامتياز، إلى جانب تقديم حزمة متكاملة من الحوافز الضريبية والتمويلية؛ وذلك لتشجيع القطاع الخاص على توفير خدمات تعليمية متنوعة تتناسب مع مختلف شرائح المجتمع، خاصة الطبقة المتوسطة، وبما يراعى أهداف التنمية المكانية فى المحافظات المختلفة.
ودراسة إدخال تعديلات على عقود توصيل التيار الكهربائى للمصانع بحيث تصبح قابلة للتمويل البنكى، وكذلك اتخاذ إجراءات تنفيذية من شأنها تصدير العقار عالميًا، والترويج للمنتج العقارى من خلال الدولة والقطاع الخاص، مع أهمية وضع إطار تنفيذى داعم ومحفز، إلى جانب إنشاء منطقة اقتصادية خاصة لصناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عالية التقنية على المدى القريب، واللجوء إلى آلية القائمة البيضاء التى يتم تسجيل هذه الشركات بها، بالإضافة إلى توحيد الجهة الخاصة بتحصيل الرسوم على المستثمرين فى قطاع السياحة، مع الإسراع بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون رقم 8 لسنة 2022، بشأن إصدار قانون المنشآت الفندقية والسياحية.
كذلك التوسع فى التصنيع المحلى للوحدات المتحركة للسكة الحديد والجر الكهربائى وقطع غيارها، لخلق قاعدة صناعية يمكن الاعتماد عليها وتوفير العملة الصعبة، وكذلك اشراك القطاع الخاص المصرى والأجنبى فى إدارة وتشغيل كافة مرافق النقل؛ لتبادل الخبرة وضمان تقديم خدمة جيدة للمستخدمين والمحافظة عليها، مع العمل على تعديل التشريعات والقوانين واللوائح المنظمة.
تطوير قطاع الصناعة
شملت التوصيات سرعة الانتهاء من الرؤية المتكاملة لاستراتيجية الصناعة الوطنية، واستهداف بعض الصناعات المهمة، وتعميق التصنيع المحلى، وخاصة فى الصناعات الهندسية والكيماوية والنسيجية والغذائية، إلى جانب تنمية الصادرات الصناعية من خلال برامج رد الأعباء التصديرية، وتسهيل إجراءات النفاذ إلى الأسواق الجديدة، وتفعيل دور مكاتب التمثيل التجارى والمعارض الدولية، مع تعزيز دور مبادرة "إبدأ" لدعم القطاع الصناعى، وكذا تفعيل قانون تفضيل المنتج المحلى بهدف تعزيز المنتج المحلى فى المشروعات القومية للدولة، وأخيرًا تحويل المناطق الصناعية إلى مدن سكنية متكاملة والعمل على توفير سكن للعاملين لتقليل تكلفة انتقالهم ومنح أراض للمصانع.