صوت الأمة تجيب على الأسئلة الصعبة عن المؤتمر الاقتصادي

السبت، 22 أكتوبر 2022 10:00 م
صوت الأمة تجيب على الأسئلة الصعبة عن المؤتمر الاقتصادي
محمد الشرقاوي

- محدودو الدخل والمشروعات المتوسطة على رأس أولويات المؤتمر
- زيادة موارد التصدير ورفع نسبة المكون المحلي داخل المنتج لتقليل فاتورة الواردات من مستهدفات المؤتمر 
 
 
في سبتمبر الماضي، دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكومة والخبراء الاقتصاديين لعقد مؤتمر اقتصادي، في محاولة جادة لدعم الاقتصاد الوطني ومواجهة التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية. 
 
ما مر به العالم على مدار عامين بداية من أزمة كورونا مروراً بتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية لم يكن سهلاً، فهو أمر وضع دول عدة أمام صعوبات اقتصادية، خاصة مصر، التي بدأت طريق التنمية وتحسين مستوى المعيشة بمشروعات قومية على نطاق واسع تخدم كافة المستويات. 
 
الرئيس السيسي كان واضحاً في دعوته، فقال: "نعمل مؤتمر اقتصادي ونجيب المتخصصين ونسمع الرأى المخالف معانا بجانب الحوار الوطني المستمر، مؤتمر اقتصادي نكون إحنا كدولة نتكلم ونوضح مع المستثمرين ورجال الصناعة إننا نسمع بعضنا البعض".
 
أيام قليلة وينطلق المؤتمر في الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر الجاري، ويعول الكثير من الاقتصاديين عليه، في الخروج بمخرجات لوضع رؤية اقتصادية اجتماعية خلال السنوات المقبلة تكون متطابقة مع المجتمع المصري، تخرج به نحو الازدهار.
 
هناك مجموعة من التساؤلات نطرحها ونجيب عليها، لتوضيح الصورة أكثر، أولها:

ما الهدف الأساسي للدولة من المؤتمر الاقتصادي؟ 
يتمثل الهدف الرئيسي للمؤتمر في إيجاد توافق على خارطة طريق مُحددة لمستقبل الاقتصاد المصري، على المديين الزمنيين القصير والمتوسط، في كل القطاعات الرئيسية التي تشكل قوام الاقتصاد، وبالتالي سيتم شرح التحديات في مختلف المجالات، وإدارة حوار بنّاء مع كافة الخبراء وأطياف المجتمع، للتوافق حول هذه التحديات ووضع خارطة طريق للتحرك وفقاً لها خلال الفترة التي تعقب المؤتمر مباشرة.
 
الدكتور مصطفى مدبولي قال صراحة إن الهدف الأول للمؤتمر أن نستمع كحكومة، إلى آراء ووجهات نظر الحضور من الخبراء والمشاركين في جلسات المؤتمر، للتوصل إلى توافق حول طبيعة التحديات التي تواجهنا والخطوات المطلوب إقرارها، بهدف أن يكون لدينا خارطة طريق وخطة عمل واضحة للدولة، والخروج بمجموعة من السياسات والتدابير الواضحة التي تساهم في زيادة مرونة وتنافسية الاقتصاد المصري. 
 
الأمر لا يتقتصر على المشاركين فقط، بل ستكون هناك فرصة كبيرة لغير المشاركين بالحضور للتعبير عن رأيهم من خلال موقع إلكتروني، وتطبيق على الهاتف المحمول، وذلك كون الهدف الرئيسي للمؤتمر الاستماع لأكبر قدر من الأفكار والرؤى من كل الأفراد، وهو ما يعكس الانفتاح وحرص الحكومة على الاستفادة من المشاركين بالحضور وغير الحاضرين وعدم إضاعة أية فرص خاصة بالمؤتمر.
 
- ما أبرز الملفات المطروحة على طاولة المؤتمر؟
هناك أطروحات عدة على أجندة المؤتمر الاقتصادي، تشمل دمج الاقتصاد غير الرسمي وتوطين الصناعات، كذلك زيادة موارد السياحة ودعم الاستثمار بها، ومشاركة المستثمرين لمجابهة الأزمات العالمية، والاستغناء عن الاستيراد.
 
ووفق خبراء اقتصاد، فإن المؤتمر سيكون مجالاً لكل مستثمر سواء صغير أو كبير للحديث عن العقبات التي تقف أمامه، للوصول للهدف المرجو بجذب استثمارات مباشرة خارجية، بالشراكة مع القطاع الخاص وضخها في قطاع الصناعة، لزيادة موارد الدولة من النقد الاجنبي، من خلال زيادة التصدير.
كذلك زيادة موارد التصدير ورفع نسبة المكون المحلي داخل المنتج لتقليل فاتورة الواردات، بالإضافة إلى أعداد خطة عمل ودراسة للسوق المحلي، بالإضافة للبحث عن حلول لسد الفجوة التمويلية وزياده الحصيلة الدولارية من خلال تحديد الأولويات.
 
أيضاً ستكون مشكلة التضخم حاضرة، وهي أزمة عالمية لا تعاني منها مصر وحدها، في ظل الخلل الدولي في سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الطاقة، وهي مستويات غير مسبوقة منذ 40 عاما.
 
بالإضافة إلى فتح نقاش موسع حول سياسات الاقتصاد الكلي للدولة المصرية، وتقديم لمحة عامة لمؤشرات أداء الاقتصاد المصري وبيان قدرة ومرونة الاقتصاد على مواجهة الأزمات الاقتصادية الكبيرة.
 
كذلك السياسات الاقتصادية والأولويات الوطنية المطلوبة لتنفيذ رؤية مصر 2030، وحجم الأداء المالي للدولة المصرية وحجم الدين العام.
وتختص كل جلسة في المؤتمر بقطاع معين مثل قطاعات الطاقة والطاقة الجديدة والمتجددة والاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية ومشاريع طاقة الرياح والهيدروجين الأخضر وكيفية تحريك الشراكة مع القطاع الخاص في هذا المجال. وغيرها من المجالات مثل الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والعقارات، والمشاريع الخضراء، والنقل والاتصالات، والزراعة، واستصلاح الأراضي، ومشاريع الإنتاج الحيواني والدواجن، ومشاريع السياحة والطيران.

لماذا (خارطة طريق لاقتصاد أكثر تنافسية) شعارًا للمؤتمر؟
 
يهدف المؤتمر بالأساس للخروج بخارطة طريق واضحة، تتستطيع الدولة من خلالها خلق اقتصاد تنافسي ومتنوع، وهو ما يعد أحد مرتكزات أجندة التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030 ، حيث تهدف الدولة لتحقيق نمو اقتصادي مرتفع احتوائي ومستدام، ورفع درجة مرونة وتنافسية الاقتصاد، وأيضًا زيادة معدلات التشغيل وفرص العمل اللائق، وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال، وتحقيق الشمول المالي، وإدراج البعد البيئي والاجتماعي في التنمية الاقتصادية، تحقيق الاستدامة المالية، التحول نحو الاقتصاد الرقمي والاقتصاد القائم على المعرفة. 
 
وذلك ضمن إطار عام يهدف إلى تحسـن جـودة الحيـاة في الوقـت الحـاضر بما لا يخـل بحقوق الأجيال القادمة في حياة أفضل، يصل إلى الحد من الفقر بجميع أشكاله والقضاء على الجوع، وتوفير منظومة متكاملة وشاملة للحماية الاجتماعية، وتعزيز الإتاحة وضمان جودة وتنافسية التعليم، تعزيز الاتاحة وضمان جودة الخدمات الصحية المقدمة، وتعزيز الاتاحة وتحسين جودة الخدمات الأساسية، وغيرها، بالتوازي مع العمل على العدالة والاندماج الاجتماعي والمشاركة، وتعزيز الشمول الرقمي.

وهل هناك أزمة في الأداء المالي لمصر تتطلب الدعوة لمؤتمر اقتصادي؟
 
لا تعني الدعوة لمؤتمر اقتصادي أن الاقتصاد الوطني في أزمة كبيرة، فعلى مدار الست السنوات الماضية، تضاعف حجم الاقتصاد المصري لـ 3 مرات، بمعدلات تفوق معدلات مديونية الحكومة، وهو ما يعكس نجاح الحكومة في توجيه التمويلات التنموية إلى استثمارات حقيقية، ومشروعات ومبادرات ذات جدوى أسهمت في تحسين البنية التحتية بشكل غير مسبوق بات أكثر جذبًا وتحفيزًا لاستثمارات القطاع الخاص بما يساعد في دفع النشاط الاقتصادي، ويؤدي إلى توفير فرص العمل للمواطنين
 
فحتى أغسطس الماضي، نمت إيرادات الدولة بنسبة 19.6 % لتصل إلى 1.32 تريليون جنيه، في العام المالي السابق الذي انتهى يونيو الماضي مع ارتفاع الإيرادات الضريبية 18.7 % لتصل إلى 990 مليار جنيه.
 
في تصريحات لوزير المالية، الدكتور محمد معيط، فإن ما حققته من مؤشرات أداء فعلي جيد خلال العام المالي الماضي المنتهي بنهاية يونيو 2022، أبلغ رد على كل الشائعات، حيث سجلنا أعلى معدل نمو منذ عام 2008 بنسبة 6.6 % من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمتوسط عالمي 3.2 % للاقتصادات الناشئة، وتراجع معدل البطالة إلى 7.2 % في يونيو 2022 بتوفير 826 ألف فرصة عمل، وانخفض عجز الموازنة من 13 % في العام المالي 2012-2013 إلى 6.1 % من الناتج المحلي في العام المالي الماضي، وبذلك يكون معدل عجز الموازنة، لأول مرة منذ سنوات، أقل من متوسط الدول الناشئة.
 
ووفق معيط، فإن الحكومة تمكنت من تحقيق فائض أولي للعام الخامس على التوالي بقيمة 100 مليار جنيه وبنسبة 1.3 % من الناتج المحلي، وبذلك تكون مصر واحدة من الدول القليلة من الاقتصادات الناشئة التي حققت فائضًا أوليًا في العام المالي الماضي 2021-2022.
 
وكانت مصر واحدة من دول قليلة في تحقيق فائض أولي بلغ 1,3 % في العام المالي الماضي، مقارنة بنظيرتها من الدول صاحبة الاقتصاديات الناشئة التي حققت عجزًا أوليًا بلغ 4,7 % وخفض العجز الكلى للموازنة بنسبة 6,1 % على نحو يعكس قدرتنا على التعامل المرن مع المتغيرات الاقتصادية العالمية، وتحقيق الانضباط المالى المنشود، والحفاظ على المسار الاقتصادى الآمن للحكومة.

وما الفائدة إذًا؟
إن الهدف من انطلاق المؤتمر الاقتصادي هو تسليط الضوء على المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد القومي وحلها بما ينعكس على حياة المواطنين والناتج القومي، وهو يستهدف بالأساس تشجيع المستثمرين ورجال الأعمال في مختلف القطاعات الاقتصادية بما ينعكس في النهاية على دعم الصادرات المصرية ويُحسن من معدلات الناتج المحلي الإجمالي ويزيد من معدلات العملة الصعبة.
 
وتستند الدولة في ذلك بما لديها تجارب اقتصادية ناجحة خلال الفترات السابقة والتي كانت محل إشادة من المؤسسات الدولية والتصنيف الائتماني، وبالتالي في ظل مشاركة الوفود وممثلي المؤسسات التمويلية الدولية والإقليمية، والمستثمرين ستكون فرصة جيدة للاطلاع على كافة المشروعات والأفكار التي تتبناها مصر لجذب الاستثمار الأجنبي والعمل على حل معوقاته بما ينعكس على حياة المواطنين.
 
ويعزز هذه الجزئية إشادة صندوق النقد الدولي بسياسات وخطط البنك المركزي المصري في مواجهة التداعيات الاقتصادية الأخيرة للاقتصاد العالمي، وهي دليل على قدرة مصر بقيادة الرئيس السيسي على مواجهة التداعيات السلبية والخطيرة للأزمة المالية العالمية، والتي استعدت لها الدولة مبكراً ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في 2016.
 
وأيضًا سيكون للمؤتمر دور في مواجهة المشكلات والأزمات التي تواجه الاستثمار في مصر ومواجهة مشكلات الصناعة المصرية والسياحة، وطرح استراتيجية ورؤية شاملة لتوطين وتعميق مختلف الصناعات في مصر ودعم بيئة الاستثمار لمواجهة التحديات المتعددة التى تواجه القطاع الصناعى التى يعتبر بمثابة قاطرة التنمية الاقتصادية الشاملة والتي تكفل تحقيق انطلاقة كبرى للاقتصاد الوطنى ورفع معدلات النمو.

- وهل سيكون لمشكلات محدودي الدخل وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وجوداً في المؤتمر؟ 
بالطبع، سيكون أحد محاور النقاش، فالحكومة تسير وفق خطة واضحة لدعم الصناعة الوطنية وتطوير شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فعند النظر لأبرز المؤشرات النهائية لمشروع موازنة العام المالي المقبل، نجد محاولات حكومية مشكورة للاعتناء بمحدودي الدخل، مثل خفض العجز الكلي، والاستمرار في تحقيق فائض أولي من الناتج المحلي، وخفض نسبة دين أجهزة الموازنة العامة إلى الناتج المحلي إلى جانب ارتفاع معدل نمو الإيرادات، وكذا زيادة المصروفات بما فيها مخصصات الاستثمار، وبند الأجور، ومنظومة الدعم وفي هذا الإطار.
 
وبالتالي سيبحث المؤتمر عن آليات جديدة لحماية الفقراء واستخدام الموارد المالية بشكل أفضل والوصول بالدعم إلى الفئات المستحقة بالفعل لتخفيف حدة الفقر وتراجع عدد الفقراء خلال السنوات المقبلة من أجل تحقيق أهداف العدالة الاجتماعية، واستكمال دعم محدودي الدخل وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
 
كذلك الوصول بالصادرات لمستوى 100 مليار دولار حسب مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتحفيز الاستثمار والسياحة والبورصة ومواجهة الغلاء بالتوسع في المبادرات المجتمعية ومحاربة الاحتكار والرقابة على الاسواق ودعم العمالة غير المنتظمة، وحل أزمات البطالة والفقر والتضخم، ودعم المرأة والشباب.
 
ومناقشة إجراءات جادة لحماية الفقراء من خلال دعم السلع الغذائية وتوسيع إجراءات الحماية الاجتماعية، وضبط الاستيراد ودعم الساحية والاستثمار لتوفير فرص عمل ودعم الزراعي لتحقيق أو الاقتراب من الاكتفاء الذاتي للسلع الغذائية بما في ذلك عن طريق عمليات السوق المفتوحة.
 
وعلى مدار الفترة الماضية نجح برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في تحقيق العديد من المكتسبات وعلي رأسها رفع كفاءة مؤشرات الاقتصاد الكلي لمصر وهو ما مهد الطريق لمواجهة أي تحديات واضطرابات اقتصادية قد تطرأ نتيجة لعوامل خارجية بالأساس، حيث كان لمكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادي بالغ الأثر في حماية الاقتصاد من التقلبات المفرطة والأزمات، كما ساعدت الإصلاحات الهيكلية التي تبناها كل من البنك المركزي والحكومة المصرية في تقديم إجراءات إقتصادية وحزم تحفيز إستثنائية علي مدار العامين الماضيين بهدف توفير الدعم للمواطنين وتخفيف العبء عليهم خلال أزمة فيروس كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

ومن المشاركون في المؤتمر؟
يشارك في المؤتمر 21 جهة محلية ودولية، ويتوقع المنظمون أن يصل عدد المشاركين من القطاعين العام والخاص إلى ما بين 400 إلى 500 مشارك، بالإضافة إلى وزراء وقادة الصناعة والنقابات ومجالس التصدير وجمعيات الاستثمار ورجال الأعمال ورؤساء الجامعات وأعضاء اللجان ذات الصلة في مجلسي النواب والشيوخ والسفراء والخبراء وممثلي الأحزاب السياسية، .ممثلين لشركات القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي والسفراء، والمفكرين والخبراء المعنيين بكل التوجهات والأحزاب السياسية.
 
وتلقى الموقع الذي تم إطلاقه خصيصاً للمؤتمر، أكثر من 100 اقتراح فور إطلاقه، كلف رئيس مجلس الوزراء بدراستها للاستفادة منها وإدراجها في سياق الرؤى والأفكار العملية التي ستطرح في جلسات المؤتمر.
 
في النهاية يمكن القول إن المؤتمر الاقتصادي سيكون بمثابة شراكة وطنية بين الدولة والقطاع الخاص للوقوف على المشاكل الرئيسية التي تواجه الاقتصاد المصري من أجل وضع خارطة طريق تضمن للجميع العبور من الأزمة العالمية بسلام، يرتكز عليها الجميع لإنعاش الاقتصاد وتوسيع مشاركة القطاع الخاص ودوره في تطور وتنمية مصر، كونها تصب في صالح تحقيق رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق