هتفضل منورة.. تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا لن يؤثر على الطاقة في مصر
السبت، 01 أكتوبر 2022 08:00 م
- تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا لن يؤثر على الطاقة في مصر بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي داخلياً خطة الترشيد
- الخطة المصرية للتكيف مع أزمة ارتفاع أسعار الغاز العالمية وفرت استخدام الغاز في إنتاج الكهرباء بنسبة 5%
مصر هتضلم.. لوهلة تصدمك هذه العبارة، وتتساءل: كيف بعد كل هذه الاكتشافات النفطية وتطوير الطاقة يحدث ذلك؟، بالطبع سيتجه عقلك نحو أمور أخرى: "أيوة هنعمل إيه بالعاصمة الإدارية الجديدة والمدن الجديدة اللي كلها قايمة على الطاقة والتكنولوجيا".
بالطبع ستهتز صورة الدولة في عينك، وكذلك القيادة السياسية، ويتغير انتماءك، وستهتز أكثر عندما تعلم أن مصر ستصدر الغاز إلى أوروبا كبديل الغاز الروسي، لكن لو علمت أن هذه المقولة مجرد شائعة، ماذا سيكون رد فعلك؟
مع تزايد تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على سوق الطاقة الدولي وتأثر أوروبا وتزايد انقطاع الكهرباء، واتجاه أوروبا للبحث عن بديل لروسيا، توجهت الأنظار صوب مصر، والتي صارت مركزاً إقليمياً للطاقة وخاصة الغاز الطبيعي.
وتمضي الدولة بخطى ثابتة في ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي نحو تحقيق رؤيتها للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز، في ضوء ما تمتلكه من ثروات ومقومات تؤهلها لتحقيق هذا الهدف، وبالفعل نجحت في تعزيز قدراتها الإنتاجية والتصديرية، في ظل إبرامها المزيد من التعاقدات الدولية للبحث والاستكشاف، فضلاً عن تطوير شبكة الموانئ والبنية التحتية ومحطات الإسالة.
الأمر بالطبع ليس بهذه السذاجة التي تروجها الجماعة، فلن تجحف الدولة بحق المصريين لتصدير الغاز دون أن تحقق اكتفاء ذاتياً.. فالجمهورية الجديدة اتجهت في ظل الضغوط على قطاع الطاقة العالمي إلى تعظيم الاستفادة من ثروات مصر من الغاز الطبيعي، بما يشمل التوسع في مشروعات التنقيب، وتطوير محطات الإسالة، ومضاعفة التصدير، والشراكات الاستراتيجية، وترشيد الاستهلاك.
وأطلقت الدولة خطة قومية لترشيد استهلاك الكهرباء لتعزيز صادراتها من الغاز، بما يحقق الإدارة الجيدة لموارد البلاد الطبيعية والاستغلال الأمثل لها، علاوة على استشراف الآفاق المستقبلية، وهو الأمر الذي يجعل مصر عنصراً فاعلاً وقوة مؤثرة في سوق الطاقة العالمي خاصة في ظل الاضطرابات والتحديات والمتغيرات الدولية الراهنة وبحث العديد من الدول عن تأمين إمداداتها من الطاقة.
أرقام تكشف القدرة الحقيقية
وسجل معدل نمو قطاع الغاز في مصر 4% (مبدئي) عام 2021/2022، مقابل تراجع بمعدل 11% عام 2015/2016، بينما قفز إنتاج الغاز الطبيعي ليسجل 69.2 مليار م3 في عام 2021/2022، مقابل 41.6 مليار م3 عام 2015/2016، بنسبة زيادة 66.3%.
وأظهر التقرير ارتفاع معدلات التصدير من الغاز الطبيعي والمسال، حيث زادت قيمة صادرات مصر منهما أكثر من 13 ضعفا، لتبلغ 8 مليارات دولار عام 2021/2022، مقابل 0.6 مليار دولار عام 2013/2014، موضحا أن الزيادة في كمية صادرات الغاز الطبيعي والمسال بلغت نحو 4 أضعاف حيث سجلت 7.2 مليون طن عام 2021/2022، مقابل 1.9 ملايين طن عام 2013/2014.
وظهرت تلك الطفرة، بعد أن احتلت مصر المركز التاسع عشر عالميا في إنتاج الغاز الطبيعي عام 2015 وفقاً لبريتش بتروليم، وتحولت إلى دولة مستوردة للغاز الطبيعي بين أعوام 2015- 2017، وذلك قبل بدء إنتاج حقل ظهر للغاز الطبيعي عام 2017.
وفي سبتمبر 2018، حققت مصر الاكتفاء الذاتي للبلاد من الغاز الطبيعي واستأنفت التصدير، واحتلت المركز الثالث عشر عالمياً في إنتاج الغاز الطبيعي والمركز الثاني إفريقياً عام 2021، وفقاً لبريتش بتروليم.
وبحسب الاتحاد الدولي للغاز بأن مصر تشهد ثاني أعلى زيادة في حجم صادرات الغاز المسال على مستوى العالم بمقدار 5.2 مليون طن خلال عام2021 مقارنة بعام 2020، فيما زادت بنحو 5 أضعاف خلال عام واحد فقط لتحقق أعلى نسبة زيادة في صادرات الغاز المسال على مستوى العالم عام 2021.
وأهم مشروعات إنتاج الغاز الطبيعي في مصر، تشمل مشروع تنمية حقل ظهر حيث تبلغ التكلفة الاستثمارية الإجمالية للمشروع 15.6 مليار دولار، ومعدل إنتاج 2.7 مليار قدم مكعب غاز يوميا، بالإضافة إلى مشروع تنمية حقل نورس بتكلفة استثمارية إجمالية 290 مليون دولار، وبقدرة إنتاجية 1.1 مليار قدم مكعب غاز يوميا.
كذلك مشروع تنمية حقول شمال الإسكندرية وغرب دلتا النيل، حيث تبلغ التكلفة الاستثمارية الإجمالية للمشروع 9.3 مليار دولار، بينما تبلغ الاحتياطيات المكتشفة بالمياه العميقة من الغاز الطبيعي والمتكثفات من الحقول 5 تريليونات قدم مكعب، وذلك من خمسة حقول هي (ليبرا- تورس- جيزة- فيوم- ريفين) حيث يعمل المشروع على تنميتها.
وانتعشت صادرات الغاز الطبيعي المسال بفضل مشروعات تطوير محطات الإسالة، والتي تعد من أهم الركائز الرئيسية في التسهيلات والبنية التحتية التي تمتلكها مصر لتجارة وتداول الغاز الطبيعي، فضلا عن تمتع المحطتين بموقعهما بين منتجي الغاز بالبحر المتوسط وكبار المستهلكين في القارة الأوروبية.
تقرير للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء، أوضح أن القدرة الإنتاجية لمحطة الإسالة بدمياط، تصل لـ 4.8 مليون طن سنوياً، في حين تبلغ سعتها التصميمية 750 مليون قدم مكعب/ اليوم، وهي محطة تم تشغيلها عام 2005 قبل أن تتوقف عن العمل عام 2012، بينما تم إعادة تشغيلها في يناير 2021، وصدرت نحو 2.3 مليون طن غاز تم تصديرها من خلال محطة دمياط عبر 35 شحنة في عام 2021.
وفي مصر أيضاً محطة الإسالة إدكو، وتصل القدرة الإنتاجية لوحدتي إسالة الغاز 7.2 مليون طن سنويا، وتشتمل كذلك على ميناء لتصدير الغاز المسال، إلى جانب بلوغ السعة التصميمية للمحطة 1200 مليون قدم مكعب/اليوم، في حين تم تصدير 3.8 مليون طن غاز مسال من خلال المحطة عبر 58 شحنة عام 2021.
ودفعت كل هذه الإمكانيات وجهود التوسع في مشروعات الغاز على مدار 8 سنوات لزيادة الصادرات، فبالنسبة للاستثمارات الأجنبية لقطاعي الغاز والبترول، تم توقيع 108 اتفاقيات بترولية جديدة مع الشركات العالمية للبحث عن البترول والغاز بنحو 22 مليار دولار استثمارات بحد أدنى، فضلا عن نحو 1.3 مليار دولار منح توقيع، لحفر 409 آبار استكشافية، إلى جانب ترسية 9 مزايدات عالمية للبحث عن البترول والغاز، بنحو 2.2 مليار دولار استثمارات بحد أدنى، ومنح توقيع بنحو 272.6 مليون دولار.
كذلك توقيع مصر لمذكرات تفاهم واتفاقيات إطارية من بينها عقد شراكة استراتيجية في مجال الطاقة مع الاتحاد الأوروبي في أبريل 2018، وكذلك إطلاق حوار استراتيجي للتعاون الثنائي في مجال الطاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية في يوليو 2019، فضلاً عن عقد مذكرة تفاهم للتعاون في تطوير حقل غزة مارين للمساهمة في توفير احتياجات فلسطين من الغاز مع الأطراف الشريكة في الحقل وذلك في فبراير 2021.
وتتضمن هذه المذكرات نقل الغاز إلى أوروبا باستخدام البنية التحتية والتسهيلات المصرية بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي في يونيو 2022، علاوة على التعاون مع شركة "شيفرون إي ميد ستريم ليمتد" العالمية في أنشطة نقل واستيراد وإسالة وتصدير غاز شرق المتوسط عبر مصر في يونيو 2022، فضلاً عن التعاون في مجال الغاز الطبيعي بما يتيح تصدير الغاز المسال إلى إيطاليا وأوروبا مع شركة إيني الإيطالية في أبريل 2022.
وتتمثل الاتفاقات على تصدير الغاز المصري إلى لبنان لحل أزمة الطاقة بها وذلك في يونيو 2022، فضلاً عن انضمام مصر كعضو منتسب في الوكالة الدولية للطاقة وبدء التعاون معها في فبراير 2022.
وتتضمن أيضاً توقيع الدول المؤسسة لمنتدى غاز شرق المتوسط على الميثاق الخاص بالمنتدى والذي بمقتضاه يصبح منظمة دولية حكومية في منطقة المتوسط في سبتمبر 2020، بجانب الاتفاق الحكومي على إنشاء خط أنابيب بحري لنقل الغاز من حقل أفروديت القبرصي لمصانع الإسالة بمصر وإعادة تصديره في سبتمبر 2018.
العالم يثق في قدرة مصر
كل هذا جعل من مصر مركزاً للغاز الطبيعي في المنطقة، وبالتالي أجمعت المؤسسات ووسائل الإعلام الدولية على إمكانية تحول مصر إلى سوق بديلة آمنة لضمان صادرات الغاز إلى أوروبا في ظل الأزمة الحالية.
صندوق النقد الدولي أن الاتفاقية المُبرمة مؤخرًا بين مصر والاتحاد الأوروبي ستزيد من واردات الدول الأوروبية من الغاز الطبيعي المسال خلال العامين الجاري والمقبل، كما يُتوقع زيادة تلك الكميات بصورة أكبر بعد ذلك.
وأكدت وكالة بلومبرج أن مصر هي الشريك الحاسم الحالي لأوروبا في أعقاب الأزمة الروسية الأوكرانية، بينما ذكرت الوكالة الدولية للطاقة أن مصر سجلت زيادة كبيرة بصادراتها من الغاز الطبيعي المسال، وذلك بفضل إعادة تشغيل محطة دمياط في 2021، كما أشارت إلى قفز قيمة الصادرات المصرية بسبب ارتفاع الأسعار العالمية.
كما توقعت وكالة فيتش أن يكون عام 2022 عام الذروة لإنتاج الغاز في مصر رغم المخاطر التي تواجه أسواق الغاز العالمية والأسعار المرتفعة المصاحبة لها، إلى جانب اعتبار المونيتور أن استئناف تشغيل محطتي الغاز الطبيعي المسال في إدكو ودمياط خطوة لتحويل مصر إلى مركز إقليمي لصادرات الغاز المسال في محاولة لاستئناف تصدير الغاز إلى قارتي آسيا وأوروبا.
أما "أوابك" فقد شددت على أن مصر باتت تلعب دورًا مهمًا في تصدير عدة شحنات من الغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق الأوروبية، متوقعة أن تستمر الصادرات على هذا النحو، وأن تحقق مصر في عام 2022 رقمًا قياسيًا جديدًا في حجم صادرات الغاز المسال قد يصل إلى 7 – 8 ملايين طن.
بينما أكدت الإيكونوميست أن مصر واحدة من المصدرين القلائل للغاز الطبيعي المسال الذين زادت حجم مبيعاتهم خلال عام 2021.
مصر تحقق أعلى استفادة
في ظل التخبط الذي يعشه سوق الطاقة العالمي، كانت لدى مصر خطط للتكيف مع أزمة ارتفاع أسعار الغاز العالمية وفق خطة ترشيد استهلاك الكهرباء لزيادة الموارد من العملة الصعبة، فمع ارتفاع أسعار الغاز عالمياً وزيادة الإنتاج محلياً كان من الواجب الاتجاه نحو زيادة صادراتها من الغاز لتوفير العملة الصعبة.
وتحقق مصر أقصى استفادة ممكنة من سعر الغاز المرتفع عالميا بزيادة الاعتماد على المازوت في تشغيل محطات توليد الكهرباء، حيث بلغت الأسعار العالمية للغاز من 35 إلى 40 دولاراً/مليون وحدة حرارية بريطانية في الربع الثالث 2022.
وبدأت الدولة خطة الاستبدال بالمازوت منذ أكتوبر والتوسع في تصدير الغاز بعد ارتفاع أسعار الغاز عالميا حيث بلغ 17.2 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز عام 2021، أما عام 2020 فقد شهد تراجع أسعار الغاز عالمياً في ظل أزمة كورونا واعتماد مصر على الغاز بدلاً من المازوت في تشغيل محطات الكهرباء بسبب انخفاض التكلفة والتي كانت تبلغ 3.8 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز.
وتدفع زيادة الإنتاج والاكتفاء الذاتي من المازوت الدولة إلى زيادة الاعتماد عليه، حيث بلغ إنتاجها من المازوت 11.5 مليون طن عام 2021/2022، مقابل 10.7 مليون طن عام 2020/2021، بنسبة زيادة 7.5%، فيما زاد إنتاج مصر من الغاز وهو ما يحفز من قيمة الصادرات المصرية منه، حيث بلغ 69.2 مليار م3 عام 2021/2022، مقابل 66.2 مليار م3 عام 2020/2021، بنسبة زيادة 4.5%.
وتصل تكاليف إنتاج 4 م.وات كهرباء باستخدام الغاز نحو 1612 دولار في حالة إشعال 43 مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز/ساعة، بينما تبلغ تكلفة إنتاج 4 م. وات كهرباء باستخدام المازوت نحو 685 دولاراً في حالة إشعال طن مازوت/ ساعة.
خطط لترشيد الاستهلاك وإتاحة البدائل
يعد قطاع الكهرباء في مصر هو الأكثر استهلاكاً للغاز الطبيعي بنسبة 60%، لذلك وضعت وزارة الكهرباء خطة رشيدة من خلال محورين، يتضمن المحور الأول ترشيد الغاز المستهلك في توليد الكهرباء، من خلال إعادة هندسة عملية تشغيل محطات إنتاج الكهرباء، وأن تكون الأولوية للمحطات التي تستخدم غازاً طبيعياً أقل، وتنتج طاقة كهربائية بحجم أكبر.
وكشف التقرير تحقيق عائد من وفر استخدام الغاز في إنتاج الكهرباء منذ أكتوبر 2021 بنسبة 5%، وذلك بقيمة تقدر ما بين 100 إلى 150 مليون دولار شهرياً قيمة تصديرية تم تحقيقها.
وبحسب مجلس الوزراء، فإن العوائد المستهدف تحقيقها من خفض استخدام الغاز في إنتاج الكهرباء، وفي حالة الوصول إلى 10 % خفض في استهلاك الغاز، فمن المتوقع تحقيق 300 مليون دولار شهرياً كقيمة تصديرية، كما من المتوقع تحقيق 450 مليون دولار شهرياً كقيمة تصديرية في حالة الوصول إلى 15% خفضاً في استهلاك الغاز.
وبشأن المحور الثاني فيشمل أبرز إجراءات الحكومة لترشيد استهلاك الكهرباء، ومن بينها ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة المباني الحكومية، والمنشآت الرياضية وإيقاف الإنارة الخارجية بها، فضلاً عن إلزام المولات التجارية بتشغيل التكييف المركزي عند درجة حرارة 25 فأكثر، وكذلك تطبيق التوقيت الصيفي للمحال العامة والمولات التجارية، بحيث تغلق في الساعة 11 مساءً، إلى جانب تخفيض إنارة الشوارع والمحاور الرئيسية والميادين العامة.