الوراق.. تعود جزيرة ساحرة

السبت، 27 أغسطس 2022 08:00 م
الوراق.. تعود جزيرة ساحرة
أمل غريب


- خطة التطوير تنسف الأكاذيب وتحمى النيل من العشوائيات 

- سياسة «الشراء الرضائي» تصل بسعر الفدان لـ 6 ملايين جنيه.. وتمنح الأهالى شقق كاملة التشطيب بالمدن الجديدة أو بالجزيرة 
 
احتلت جزيرة الوراق خلال الأسبوع الماضي مساحة كبيرة من الجدل والقيل والقال، وبطبيعة الحال «الهتاشون» لا يملون ولا يكلون من لي عنق الحقيقة وتبديل الحقائق بـ«الهجائص»، والمنفعة العامة بالسبوبة الخاصة، ومستقبل البلد بمستقبلهم الأسود، ومحاولة بث الرعب في القلوب بدلاً من الطمأنينة.
 
خلال الأسبوع الماضي كانت الجزيرة الواقعة في نطاق محافظة الجيزة إحدى محافظات القاهرة الكبرى، والشقيقة الصغرى للعاصمة، محل تناول وسائل الإعلام، بعدما تجدد الحديث عن تطويرها، لتصبح درة متلألأة في قلب المحروسة.
 
تستهدف الدولة من مخطط التطوير خلق حياة جديدة لهذه المنطقة التي تعد واحدة من أشهر الجزر في قلب نهر النيل بمحافظة الجيزة، واستكمالاً لخطة الدولة للقصاء على المناطق العشوائية وغير الآمنة، وهذه الجزيرة على وجه التحديد شهدت عقوداً من الغوغاء والعشوائية.
 
المحزن في الأمر أن يتحول بقدرة قادر وعلى صفحات مغرضين مخططات التطوير لمحاولات طرد مواطنين من منازلهم دون تعويض معقول مادياً ومعنوياً، ليتبادر إلى الأذهان سؤال في غاية الأهمية.. لماذا؟!
 
لحسن الطالع أن الدولة للتو انتهت من مشروع تطوير منطقة مثلث ماسبيرو، التي تحولت من منطقة لا تصلح لإيواء كائنات حية دون بني البشر لمنطقة تباهي بها مصر الدول المتقدمة في مجال العمران.
 
على كل من يتهمون الحكومة بمحاولة طرد الأهالي وتشريدهم أن يكلفوا نفسهم عناء قطع مشوار لا يبعد عن جزيرة الوراق إلا بعض المحطات ليسألوا الأهالي: كيف هو الحال الآن؟ 
 
في حقيقة الأمر أن أياً ممن تورط في ترويج شائعات ساذجة عن محاولة طرد الحكومة لأهالي جزيرة الوراق لن يكلف نفسه عناء هذا المشوار القصير، لأسباب عدة أولها أنه ليس باحثاً بحق عن الحقيقة، ثانيها أنه يعلم أن مأجور لغرض خبيث، ثالثها وأهمها أنه يعلم الإجابة مسبقاً، وأنه سيحرج حرج شديد عندما يرى الأهالي استبدلت عششها بشقق فاخرة في أبراج شاهقة، فضلاً عما حصلوا عليه من تعويضات مادية.
 
ما سيحدث في جزيرة الوراق مع سكان هذه المنطقة، لن يختلف قيد أنملة عما حدث مع أهالي مثلث ماسبيرو فيما يخص الاحتواء بالنقاش والحوار أولاً قبل تنفيذ إخلائهم، فلم تعتد الدولة منذ 2014 أن تتعامل مع مواطنيها إلا بالمكاشفة والمجاهرة بما هو مخطط، وإعلاء قيمة الحوار والإقناع، قبل عرض التعويضات المقدمة، وطرق الفرز بين ما هو مستحق وما مندس يريد أن يخطف من الغائم حق آخرين ويجرب كالكلب المسعور.
 
بالعودة إلى أصل القضية ومخطط التطوير، ستجد أن الجزيرة البالغ مساحتها نحو 1300 فداناً هي واحدة من بين 255 جزيرة في مصر لكنها الأوسع والأكثر تميزاً، نظراً لموقعها الجغرافي الذي يربط محافظات القاهرة الكبرى الثلاث ببعضهم البعض، فيحدها شمالا وشرقاً محافظة القليوبية وجنوباً محافظة القاهرة وغرباً محافظة الجيزة.
 
وأمام هذا الموقع المتميز لم يكن هناك بد من عملية التطوير العاجلة والشاملة لهذه البقعة الجغرافية التي يمكن استغلالها أفضل استغلال والقضاء على ما بها من عشوائية.
 
لا يمكن القول بأن فكرة تطوير جزيرة الوراق حديثة وتطرح على الرأي العام لأول مرة، فالفكرة تعود لعام 2000، وقتها كان رئيس الوزراء عاطف عبيد، وبطبيعة ابن آدم الذي يخشى غموض التطوير والتجديد مهما كانت المنافع فيما بعد، رفض أهل الجزيرة وقتها، وللحقيقة لم يكن وقتها هناك تعويضات أو بدائل سكنية مطروح ضمن القرار الوزاري، ليتجدد القرار مرة أخرى مع حكومة رئيس مجلس الوزراء أحمد نظيف بترسيم وتوقيع الحدود الإدارية النهائية لخمس محافظات، تبعه قرار رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل في عام 2018، بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أرض جزيرة الوراق يتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وشمل القرار أن تنتقل ملكية الأراضي الحكومية في الجزيرة إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ويتم تعويض الأهالي من ملاك الأراضي والمنازل الموجودة على أرض الجزيرة إما ماديًا أو عينيًا بقطع أراضي ووحدات سكنية بديلة.
 
طبقاً للمخطط العام لمشروع تطوير جزيرة الوراق التي تنفذه هيئة المجتمعات العمرانية، فإنها تستهدف إنشاء 10 آلاف وحدة سكنية على مساحة 44 فدانًا باستثمارات 5 مليارات جنيه من إجمالي 160 فدانًا منطقة مخصصة لإعادة تسكين الأهالي الراغبين فى ذلك، بخلاف مبلغ 1.1 مليار جنيه للمناطق الخضراء والمفتوحة، و4 مليارات جنيه للمرافق، و400 مليون جنيه لإنشاء شبكة الطرق.
 
وتشمل المرحلة الأولى لتطوير الجزيرة بخلاف الشق السكني، تنفيذ أعمال البنية التحتية على ما تم استلامه من أراض لصالح هيئة المجتمعات العمرانية، وتنفيذ أعمال التكريك وتدبيش وتهذيب أطراف الجزيرة، بتكلفة تتجاوز المليار جنيه.

6 مليارات جنيه حجم التعويضات التي تم دفعها حتى الآن في الجزيرة 
 
كان ضرورياً أن يخرج أحد أعضاء حكومة الدكتور مصطفى مدبولي ليكشف على الملأ حقيقة كل خطوة تتخذها الحكومة في هذا الملف، الذي تحاول استغلاله قوى الشر لزعزعة الثقة بين المواطنين وحكومتهم.
 
وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الدكتور عاصم الجزار نفى نفياً قاطعاً لا يقبل التأويل أن يكون هناك محاولة أو نيلة لإخلاء قسري لأهالي جزيرة الوراق، ورد الوزير الأمر لأصله، فالدولة المصرية لم تتبع هذا الأسلوب في أي من مشروعاتها، ولا يمكن أن تقوم بذلك، فحجم التعويضات التي تم دفعها حتى الآن في الجزيرة بلغ 6 مليارات جنيه، منها 5 مليارات لتعويضات الأراضي فقط، بالإضافة إلى أن تكلفة السكن البديل بلغت ملياري جنيه، من أجل تنفيذ 4 آلاف وحدة سكنية في المنطقة العاجلة بالجزيرة.
 
ولفت الوزير إلى أن التعامل على المساحة الخاصة بنزع الملكية لتأمين محور "تحيا مصر"، والتي قدرت بحوالي 91 فداناً، منها 67 فداناً تم التعامل معها رضائياً بالفعل، وكانت تضم 550 منزلاً، منها 330 منزلا تم التعامل معها رضائياً، حيث كان التعويض عن المسكن وملكية الأرض، بالإضافة الى تعويض اجتماعي، وكذا تعويض عن الأراضي الزراعية بالقيمة التي تم تحديدها سابقاً، سواء كان يريد القيمة مالياً وهي 6 ملايين جنيه عن الفدان، أو أراضي زراعية بديلة متاحة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
 
وأوضح وزير الإسكان أن مختلف جزر النيل تعتبر محميات طبيعية، وأن جزيرة الوراق يوجد بها عمران يخدم الأغراض الزراعية، وأن هذا العمران مستمر منذ فترات زمنية طويلة، ولكن الزحف العمراني اتجاه جزيرة الوراق كان كبيرا، مشيرا إلى أن مساحة الكتلة المبنية داخل الجزيرة عام 1996 كانت 60 فدانا فقط، وباقي المساحة أراض زراعية، وخلال عشر سنوات زادت الكتلة المبنية، حيث أصبحت 150 فدانا، وفي عام 2019 وصلت إلى 400 فدان، وهو ما يعكس حجم النمو العمراني غير المخطط، فضلاً عن 25 فدانا يتم انتهاكها والبناء عليهم بشكل غير منظم وغير مرخص.
 
لك أن تخيل أن هناك 400 فدان من المباني بدون خدمات- صرف صحي، وينتهى الأمر للصرف على نهر النيل، كل هذا يحدث في قلب العاصمة وعلى مقربة من وزارتي البيئة والري، ومصر مقبلة على استضافة قمة المناخ.
 
في إحصاء سريع، قال وزير الإسكان أن عدد المنازل بها يصل إلى 5956 منزلا، لافتا إلى خطة الدولة لتطوير الجزيرة بدأت بتنفيذ سياسة الشراء الرضائي، والتي تنتهجها الدولة في مختلف المناطق التي تخضع للتطوير، وذلك في أن تكون الأراضي مملوكة للمواطنين، مشيراً إلى أنه طبقاً لسياسة الشراء الرضائي، فإن الدولة تقوم بشراء الفدان الواحد بجزيرة الوراق بمبلغ 6 ملايين جنيه، لافتاً إلى أن ما تم شراؤه - حتى الآن - وصل إلى 888.6 فدان، وهو ما يمثل 71% من مساحة الجزيرة بتكلفة 5 مليارات جنيه، تم صرفها مباشرة لأصحاب هذه الأراضي، كاشفاً عن البدائل التي تتيحها الدولة والمتمثلة في توفير أراضي زراعية للراغبين في الحصول على أراض زراعية خارج الجزيرة، وذلك من خلال مبادلة الفدان داخلها بـ 19 فدانا خارجها، عبر توفيرها بمدينة السادات.
 
وذكر وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الدكتور عاصم الجزار أن الفدان في جزيرة الوراق يوازي 19 فدانا في مدينة السادات سيحصل عليها كبديل، والمواطن مُخيّر إذا ما كان يرغب في الشراء الرضائي، أو أن يتم تعويضه بأراض زراعية في السادات، مشيراً إلى أن بعض الأهالي طلبوا الحصول على تلك الأراضي بالفعل.
 
أما فيما يتعلق بالتعامل مع المباني، بدأت الدولة بتعويض الملاك سواء كانوا ملاك أراض أو وحدات، بثلاثة أنواع من التعويض، فبالنسبة لحائز الوحدة، إذا كان مؤجراً، يتم تعويضه، والمالك يعوض عن ملكيته، ومالك الأرض يعوض عن الأرض، والتعويض محسوب وفقاً لتقدير جهات التقييم، في اللجنة الرباعية، بالإضافة إلى تعويض اجتماعي لكل وحدة، وبالتالي نقوم بتعويض الساكن، ويمنح تعويض عن المكان الذي يسكنه، كما أنه يحصل على تعويض اجتماعي أيضاً لكونه قد ينتقل الى مكان آخر.
 
والشخص الساكن في وحدة سكنية، سيكون أمامه فرصة الحصول على وحدات سكنية بديلة تم طرحها في المدن الجديدة، فبعض المستحقين للتعويض انتقلوا بالفعل الى تلك المدن، منهم نحو 75 مستحقا لمدينة العبور، و27 مستحقا إلى مدينة حدائق أكتوبر، و49 مستحقا انتقلوا إلى منطقة مطار إمبابة، وهناك وحدات بديلة نقدمها للساكنين بالجزيرة.
 
وفيما يتعلق بالراغبين في البقاء في الجزيرة، وهو خيار مطروح في كل مشروعات التطوير التي تم تنفيذها، فأهل منطقة ماسبيرو سيعود جانب منهم من خلال قرعة ستتم بنهاية الشهر الجاري، فسيتم توفير سكن بديل لهم ضمن الأبراج المقامة في المنطقة حالياً، والتي سيعودون اليها، كما عاد سكان تل العقارب بعد تطويرها وتحويلها إلى روضة السيدة، فقد تم اختيار منطقة عاجلة بمساحة 61 فداناً، وبدأ بناء السكن البديل بها، والذي سيضم 4 آلاف وحدة سكنية، والمنطقة بها 250 مبنى منها 125 مبنى تم شراؤها رضائياً وتعويض الأهالي، كما تم الشراء في مناطق قريبة من أماكن تواجد المواطنين، بحيث يعودون إلى مكان تواجدهم بالفعل.
 
وأشار عاصم الجزار إلى أن هناك قراري نزع ملكية خاصين بجزيرة الوراق، أحدهما يتعلق بخط تهذيب النيل، والذي يبلغ طوله30 متراً، ويعدُ ملكاً لوزارة الري، وهذا الخط عندما تم تحديده في الجزيرة، اتضح ان هناك مجموعة من المباني، مبنية داخل النيل، وهي أراض لا تمثل أملاك مواطنين، ونحن نقوم بتعويض المواطن عن هذا المبنى، فكل غرفة يتم تعويضه عليها، كما يأخذ تعويضاً اجتماعياً عن هذا المبنى، رغم أنه غير مالك للأرض، ولكنه يعوض، وذلك دون تعويض للملكية لأنها ملكية دولة.
 
وجدد الوزير التأكيد على أن ما يتم إثارته من ادعاءات من قبل بعض قوى الشر لا يثنينا عن استكمال أعمال التطوير في جزيرة الوراق، مشيراً إلى أن الدولة تتحمل تكلفة المباني والتي تصل إلى ملياري جنيه، مضيفاً أن بعض الأراضي التي تم شراؤها تأتى لصالح إقامة مسارات للوصول إلى داخل المنطقة لتسهيل حركة المعدات والأدوات المستخدمة في البناء.
 
وأكد وزير الإسكان أن مسار الدولة في التعامل مع المناطق ذات الخطورة الداهمة مسار واحد ومحدد، يضع في الحسبان مصالح الطرفين الدولة والمواطنين، حيث يحقق للدولة أهدافها في الحفاظ على البيئة والتقليل من المخاطر التي من الممكن أن يتعرض لها المواطنون، كما يضمن للمواطن العيش في بيئة آمنة وحياة أفضل.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة