حادثتي "نوران البلقا" و"مارى مجدى" يفتحان الباب لإقرار قانون لحماية السيدات من التعرض للضرب والإهانة
السبت، 28 مايو 2022 07:00 م
"نوران البلقا" و"مارى مجدى" اثنتان من سيدات مصر، تصدرتا مواقع التواصل الاجتماعى خلال أسبوع واحد فقط، بسبب انتشار مقطع فيديو يوثق حالة اعتداء على كلا منهما، دون أدنى اعتبار لكونهما سيدات، تتعرض للضرب المبرح والألفاظ النابية على يد "رجال".
السيدة الأولى اعتدى عليها طليقها، بالضرب والسحل، بينما الثانية شرع زوجها فى قتلها، لولا أن عناية الله، انقذتها، من الضرب المبرح الذي لا يقوى على تحمله رجل في كامل عنفوانه وقوته، فالزوج نفسه ما إن كان اعتدى عليه أحد الأشخاص بذات الطريقة الوحشية التى تعرضت لها "مارى مجدى"، كان خر صريعا فى مكانه.
نوران البلقا.. السحل على يد طليقها
"نوران البلقا"، امرأة مصرية عادية، تصدرت التريند بعدما ظهرت فى مقطع فيديو أقل ما يوصف به أنه بشع ولا يحمل أدنى قدر من النخوة والرجولة والإنسانية، تعاطف الجميع معها بسبب تعرضها للضرب والسحل، على يد مجموعة من الرجال، تبين فيما بعد أنهم طليقها ووالده وأعمامه.
تعرضت نوران للضرب المبرح والسحل على يد عائلة طليقها ووالده وأعمامه، عندما ذهبت بصحبة والدها وطفلتها لتنفيذ حكم "الرؤية"، لوالد الطفلة لأول مرة بعد الطلاق، إلا أنها شعرت بالغدر من جانب طليقها، عندما أخذ البنت بسرعة وحاول الخروج من المبنى المخصص للرؤية، فمنعته وأخذت ابنتها منه، خوفًا من أن يهرب بالطفلة، لكن طليقها انقض عليها وهي تحتضن ابنتها، فتعرضت للضرب والسحل والسب، من جانبه والده وأعمامه، وألقوا بها وبطفلتها أرضا، وسط صراخ وبكاء الأم والبنت الصغيرة، إلا أن أحد الأشخاص كان موجودا في نفس المكان، استطاع تصوير واقعة الضرب والسحل، وتوثيق الاعتداء الوحشي الذي تعرضت له.
وكتب الدكتور محمد البلقا، عم نوران، على صفحته بموقع فيسبوك، قائلا: "عائلة طليق نوران البلقا، لا ينتمون إلى الجنس البشري، ولا يعرفون معنى الكرامة، واطلب منكم أن تضعوا أنفسكم موضع أب وأم، أبنتهم في العشرينات وتعيش مع زوج فاقد السيطرة على نفسه، ومدمن مخدرات، وضربها أكثر من مرة، ومعنا كل صورها ومرفقة في محاضر الشرطة، ومنذ شهر تقريبا، ذهبت نوران إلى شقتها برفقة شقيقتها، لكن أهل طليقها اعتدوا عليهما وحبسهما داخل الشقة، وذهبنا إليهما بالشرطة ليخرجوهما من البيت".
مارى مجدى.. شروع فى القتل
كما تصدرت "مارى مجدى"، مواقع التواصل الاجتماعى، بعدما انتشر مقطع فيديو لها، التقطته كاميرات منزلها، يوثق تعرضها للضرب المبرح بلوح خشبي من جانب أحد الأشخاص، أخذ ينهال على جسدها الضعيف، بكل قوة وقسوة وغل وانتقام، وسدد لها ضربات قاتلة فوق رأسها وذراعها ويدها ولم يراع أنها سيدة، ولن تتحمل مثل هذه الوحشية.
حاولت مارى مجدى، الدفاع عن نفسها بشتى الطرق الممكنة، وكانت تدفع الرجل الذى كان يعتدى عليها، والذى تبين فيما بعد أنه زوجها!!.. نعم زوجها، فقد كان يحاول الاعتداء عليها بالضرب لمبرح، انتقاما منها، بسبب تصديها له ومنعه من سرقة مالها، الذى أراد الاستيلاء عليه، ليشترى به مخدرات!!.. نعم "مخدرات".
عندما رفضت "مارى مجدى"، إعطاء زوجها أموالها، لشراء المخدرات، انهال عليها ضربا بـ "شومة" فى كل مكان بجسدها النحيل، حتى أنه أمسك بسكين وحاول طعنها به، كما حاول الاعتداء على ابنته الصغيرة هي الأخرى، غير مباليا بصراخها وخوفها على حياة أمها التي كانت قاب قوسين وأدنى من الموت المحقق، على يد زوج مدمن اعتاد على تعاطى المخدرات.
بعد تداول فيديو الاعتداء على "مارى مجدى"، رصدت الشرطة المقطع والقت القبض على الزوج، وتم عرضه على النيابة العامة، التى قررت تقديم زوج المجني عليها "ماري مجدي"، محبوسا لمحاكمة جنائية عاجلة، لاتهامه بالتعدي على زوجته ضربا، وإحداث إصابتها باستخدام سلاح أبيض (سكين)، وأداة (عصا خشبية)، ولإحرازه السلاح الأبيض والأداة دون أن يوجد لحملهما أو إحرازهما مُسوِّغ أو مُبرّر من الضرورة المهنية أو الحرفية.
وقالت النيابة في بيان، إنه ورد إليها محضر في الثالث عشر من شهر مايو الجاري، بإبلاغ المجني عليها وابنتها عن تعدي المتهم على الأُولى ضربا، باستخدام سكين وعصا خشبية، وإحداث إصابتها بأنحاء متفرقة من جسدها لخلافات أسرية، وفي أعقاب ذلك رصدت وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام، تداول مقطع مصور بمواقع التواصل الاجتماعي حال تعدي المتهم على زوجته.
وباشرت النيابة العامة التحقيقات، واستهلتها بسؤال ابنة المجني عليها، والتي شهدت بوجود خلافات دائمة بين والدَيْها بلغت ذروتها يوم الواقعة، إذ تعدى المتهم على والدتها باستخدام عصا خشبية وسكين، فأحدث بها إصابات متفرقة بجسدها، وبسؤال المجني عليها شهدت في التحقيقات بذات أقوال ابنتها، وقدَّمت بالأوراق مقطعًا مُصوّرًا يظهر به المتهم حال تعديه عليها.
كما استمعت النيابة العامة في تحقيقاتها لأقوال عشرة شهود من ذوي المتهم الذين أبصروه حالَ ارتكابه الواقعة، وأوضحوا بأنهم قد تنبهوا لصرخات ابنة المجني عليها وقتها، فتوجهوا إليها بالمسكن محل الواقعة وشاهدوا المتهم حالَ التعدي، فأحكموا سيطرتهم عليه وانتزعوا السكين من يده، وأكدوا مَا بين المجني عليها والمتهم من خلافات.
وبسؤال مُجري التحريات حولَ الواقعة شهد بأنها قد توصلت لصحة ارتكاب المتهم للواقعة، وأنه من المسجلين خطر، وسبق اتهامه في عدد من القضايا، كما أُرفق بالأوراق تقريرٌ بشأن توقيع الكشف الطبيِّ على المجني عليها، والثابت به إصابتُها بجرح قطعي بالرأس وكدمات وسحجات بمواضع متفرقة من جسدها.
وباستجواب المتهم فيما هو منسوب إليه من اتهام أقرَّ بتعديه على زوجته المجني عليها ضربًا لخلافات أسرية بينهما، وأمرت النيابة العامة بحبسه احتياطيًّا على ذمة التحقيقات.
ومن ناحيته، أكد حمدى البكرى، المحامى بالنقض والمحكمة الإدارية العليا، أن القانون لا يحمى حياة الإنسان فحسب - بتجريم القتل - وإنما يحمي أيضا سلامة جسمه من الجرح والضرب وإعطاء مواد ضارة، فالمشرع لم يكتف بحماية حق الإنسان في الحياة، لكن أمدت حمايته لتشمل حقه في سلامة أعضاء وأجهزة جسمه، فقد تناول المشرع أحكام جرائم الجرح والضرب وإعطاء مواد ضارة، بعد جرائم القتل مباشرة في الباب الأول من الكتاب الثالث في المواد 236، 240 إلى 244 من قانون العقوبات.
وتابع: تشترك جرائم الجرح والضرب وإعطاء مواد ضارة (سواء أكانت عمدية أم غير عمدية) في أنها تتطلب توافر شرطين هما: محل الاعتداء والركن المادي أي السلوك الإجرامي الذي يتحقق به الاعتداء، موضحا أن الحق في سلامة جسم الإنسان هو محل الاعتداء في جرائم الجرح والضرب وإعطاء مواد ضارة. فلا تقع الجريمة إذا كان الاعتداء وقع على حيوان. كذلك لا ترتكب الجريمة إذا وقعت على جثة. ولا تتوقف حماية القانون لسلامة جسم الإنسان على سن المجني عليه أو مركزه الاجتماعي أو جنسه أو جنسيته أو عقيدته.
وأوضح البكرى، أن النصوص التشريعية زاخرة بالمواد التى تحمى وتصون حقوق الأشخاص، إلا أنه ا تنفذ بالشكل الأمثل، وطالب بضرورة تفعيل مواد القانون التي تحمى حقوق المرأة زوجة وطليقة وأم وأبنة وأخت، مشيرا إلى أنها البيئة التتي تعيش فيها، طوال الوقت، وهي قد تكون هى نفس البيئة التى تعرضها للخطر، فى أغلب الأحيان.
وتحرك المجلس القومى للمرأة، بشكل سريع، فور انتشار مقطعى فيديو نوران البلقا ومارى مجدى، وأصدر بيان إدانة ضد الوقعتين المؤسفتين، لكن يبقى السؤال لماذا لم ينتبه أحد لطرح مشروع قانون على البرلمان، ينقذ ملايين السيدات من التعرض للضرب والإهانة على يد رجالا سواء أباء أو أخوة أو أزواج أو طليق؟.