حريق شقة لاعب الأهلي يدق ناقوس الخطر.. البيوت بلا واقي من نيران الحرائق
السبت، 14 مايو 2022 11:00 مأحمد سامي
- لماذا لا تتوفر وسائل الحماية المدنية وطفايات الحريق ونظام الإنذار داخل المباني السكنية؟
ارتفعت في الفترة الأخيرة ضحايا الحرائق داخل العقارات السكنية، وهو ما يستوجب دق ناقوس الخطر لكل المسئولين، لتطبيق القوانين على أرض الواقع وإنهاء حالة «التقاعس» التي تحكم القضية حتى لا نستيقظ على حريق جديد، وضحايا إما فقدوا حياتهم وحياة أولادهم أو فقدوا بيوتهم وأصبحوا مشردين، وأن تتابع الجهات المختصة تنفيذ إجراءات الأمن والسلامة التي يجب أن تتوافر في المنازل والشقق والتي تسهم في تقليل ومنع وقوع حوادث الحرائق المميتة.
كانت أخر هذه الحوادث حريق منزل لاعب السباحة بالنادي الأهلي خالد كمال زكي المأساوية والتي اسفرت عن وفاته ونجليه بعد سقوطه هو ونجله من شرفة المنزل، بعدما حاول التسلق والهروب من الحريق ليختل توازنهم ويسقطا جثتين هامدين، فيما توفت نجلته البالغة 9 سنوات مختنقة بسبب الدخان.
وأثارت الصور المتداولة لحريق الشقة وسقوط الاب ونجله علي مواقع التواصل الاجتماعي تعاطف رواد مواقع التواصل الاجتماعي خاصة لعدم توافر وسائل الحماية داخل العمارة وعدم قدرة قوات الحماية المدنية للشقة لإنقاذ الأسرة.
ووفق التحقيقات، تبين أن سبب الحريق ماس كهربائي بصالون الشقة، ثم امتدت النيران للغرف تباعا، ولم يكن هذا الحريق الأول من نوعه وقبل أيام من انتهاء شهر رمضان الكريم نشب حريق في شقة بمنطقة شبرا نتيجة ماس كهربائي أيضا وتمكن الأهالي من انقاذ طفل تعلق ببلكونة وحاول القفز لأسفل ليتم التقاطه، وانقاذه من الموت وإطفاء النيران بمساعدة الأهالي، في ظل غياب شروط الحماية المدنية داخل العقارات والمباني السكنية، مما يفتح الملف الأخطر لماذا لا يتوفر داخل المباني السكنية والعقارات وسائل الحماية المدنية وتوفير طفايات الحريق ونظام انذار عند اشتعال الحريق، ولماذا لا يوجد نص قانون يلزم اصحاب العقارات بتصميم نظام ضد الحريق داخل العمارات اثناء تصميمها؟
إحصاءات حرائق الشقق وضحاياها في مصر
حوادث الحروق تعد السبب رقم 3 للوفاة في مصر، لأن المصابين يصعب عليهم إيجاد أماكن للعلاج، خاصة أن مصاب الحروق يحتاج للعلاج السريع بعد 6 ساعات من الإصابة حتى يتم إنقاذ حياته، وتعانى مصر طبقًا للإحصائيات من أعلى نسبة وفيات بسبب الحروق سنويا تبلغ 37% من ضحايا الحروق.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن حوادث الحريق فى مصر عام 2020، وصلت إلى 51 ألف و963 حادثة مقابل 50 ألف و662 حداث عام 2019 بنسبة زيادة قدرها 2.6%.
وكشف الجهاز أن أهم المسببات الرئيسية للحريق كانت النيران الصناعية "أعقاب السجائر - أعواد الكبريت - مادة مشتعلــة - شمـاريخ إلخ ..." بنسبة 56.8%، الماس الكهربائى أو الشرر الإحتكاكي بنسبة 20.3%، الاشتعال الذاتي بنسبة 12.2%، المواقد والأفران والغلايات بنسبة 5%، حرائق الغازات بنسبة 5.4% وفى المرتبة الأخيرة الحرائق البترولية والسوائل الملتهبة بنسبة 0.3% من إجمالي مسببات الحريق، فيما جاءت الأرض الفضاء "القمامة والمخلفات" فى المقدمة لأماكن حدوث الحرائق بنسبة 48.8%، يليها المبانى السكنية بنسبة 28.6%، وفى المرتبة الأخيرة سجلت المنشآت الشرطية نسبة 0.1%.
ووفقاً للحالة الجنائية يأتي الإهمال فى المرتبة الأولى لحوادث الحريق بعدد 26182 حـادثة بنسبة 50.4%، يليه الحريق العـارض بعــدد 24857 حادثة بنسبة 47.8%، ثم الحريق العمــد بعــدد 924 حادثة بنسبة 1.8% خلال عام 2020.
وجاءت محافظة القاهرة في المقدمة بالنسبة لحوادث الحريـق بعدد 6887 حادثة بنسبة 13.3%، يليها محافظة الجيزة بعدد 3836 حادثة بنسبة 7.4%، وفى المرتبة الأخيرة محافظة شمال سيناء بعدد 75حادثة بنسبة 0.2% من إجمالى حوادث الحريق، وسجل شهر مايـو المرتبة الأولي لحوادث الحريق بنسبة 11.3%، يليـه شهر يونيو بنسبـة 9.7% وأخيراً شهر ديسمبر بنسبة 6.3% وهى الأقل على مستوى الأشهر من إجمالى حوادث الحريق.
خبراء يطالبون توفير وسائل الأمان والحماية بالمنازل
وأكد نادر نعمان مساعد وزير الداخلية للدفاع المدني الأسبق، إن معدل حوادث الحرائق في مصر مرتفع للغاية، ويأتي ذلك نتيجة قلة الوعي والسلوك البشري الخاطئ وعدم مراعاة احتياطات السلامة، وتأتي مصر في المرتبة السادسة على المستوى العالمي، والأولى على المستوى العربي في معدل الحرائق، لافتاً إلى أن إدارة الدفاع المدني في مصر تستقبل ما يزيد على 50 ألف بلاغ حريق خلال العام، مشيرا إلى أن ارتفاع البنايات المبالغ فيه وتعدد الطوابق تمثل عائقا في مكافحة الحرائق ويمكن السيطرة على الحريق في خلال أول ثلاث دقائق وبعد ذلك تبدأ الصعوبة، فضلا عن أن غياب الرقابة وعدم تطبيق الإجراءات والتعليمات اللازمة واشتراطات الأمن والسلامة هي السبب وراء معظم الحرائق في الآونة الأخيرة.
من جانبه قال الدكتور تامر عبدالله، استشارى السلامة المهنية، إن العامل المشترك والرئيسى في معظم الحرائق التي شهدتها مصر هو غياب اشتراطات الأمن والسلامة المهنية وأيضا العنصر البشري أو صاحب المنشأة والإهمال في إجراءات السلامة يقف وراءها عامل أهمل في مهامه، والأكثر من ذلك هو أن عدد لا بأس به من المنشآت لا تطبق هذه. الاشتراطات أو لا تعين مسئول فني يعي أهمية هذه الاشتراطات.
وأكد عبد الله، أن اشتراطات الأمن والسلامة المهنية لم تعد شيئا من الرفاهية ولابد من توفيرها في كافة المنشآت السكنية والصناعية والتجارية لتقليل من معدل الحرائق فضلا عن ضرورة توفير طفايات حريق في البنايات والشقق السكنية وتعليم المواطنين علي كيفية استخدامها وأيضا ضرورة توفير عوامل الحماية وشبكات الانذار فالحرائق تأتي دون سابق انذار ويمكن السيطرة عليها في بداية اشتعاله، موضحاً أنه لابد من اعطاء الاطفال دورات في المدارس لكيفية التعامل مع الحرائق عند نشوبها في المنازل، ومحاولة حماية انفسهم وسرعة التصرف من خلال الاتصال بالحماية المدنية وعلي الاسرة وضع أرقام المنظمات المختصة بإطفاء الحرائق علي الهواتف وتعليم الاطفال كيفية التعامل مع طفايات الحرائق وضرورة توفيرها في المنازل وليس المنشآت فقط.
ويرى اللواء ياسر أبو المجد خبير الحماية المدنية، أن تهوية المكان كالمصنع أو المخزن أو المحل التجاري أو المنزل، أحد أساسيات الحماية المدنية، وألا تقل التهوية عن سدس المكان، لإمكانية تدارك الأمر في مواجهة أي حريق. إن العقوبة المقررة لمخالفة الأمن الصناعي ضعيفة جدًا، لا تزيد عن ألف جنيه، ويهمل أصحاب المحلات هذه الاشتراطات، بالإضافة إلى استخدام المحلات التجارية والمنازل أسلاك وتوصيلات غير مطابقة للمواصفات، وهذه كارثة كبرى.
وأشار أبو المجد إلى أن من طرق الوقاية المتاحة لضمان السلامة داخل المنزل فإنه يجب على مالكي الوحدات السكنية تركيب أجهزة إنذار ضد الحرائق والاستعانة بوسائل الإطفاء داخل كل وحدة سكنية، موضحاً أن طفاية الحريق هي طوق النجاة لإخماد الحريق وإنقاذ الأرواح والممتلكات، خاصة مع وجود توصيلات الغاز الطبيعي في البيوت وكثرة الأجهزة الكهربائية التي تسبب حملا وضغطا كبيرا على أسلاك الكهرباء، ويجب على ساكني الشقق التأكد من سلامة الأسلاك الكهربائية والصيانة الدورية، وفي حال كانت أبراج سكنية (6 طوابق فأكثر)، يقع على مالك العقار مسؤولية تأمين البرج بشكل كامل.
عوامل الحماية المدنية داخل المنازل
حرائق المنازل من الأمور التي يمكن تجنبها والتخفيف من آثارها، وذلك باتباع متطلبات السلامة التي تنصح منظمات الدفاع المدني بتوفيرها في المنزل، حيث تعمل الإدارة العامة للدفاع المدني على أن لا تمنح التصريح بتوصيل التيار الكهربائي لأي مبنى أو منشأة قبل استيفاء جميع متطلبات الحماية والسلامة التي يتم توضيحها للقائمين على هذه المشاريع منذ البدايات الأولى لتقديم الخرائط الهندسية، كما تكمن الخطورة في الفلل والمنازل بصفة خاصة حيث لا يوجد إشراف عليها، مما يستوجب توفير أجهزة الإنذار عن الحريق ككاشف الدخان الذي يتوافر في الأسواق بأسعار زهيدة وفي متناول الجميع.
وأوضح جهاز الحماية المدنية عن ضرورة توفير هذه الأجهزة فإنها تعطي احساس بالأمان والثقة عند حدوث الحريق، لأنها تعمل كجهاز إنذار أول في حال حدوث الحريق في المنزل لا سيما في فترة الليل وخلود الأسرة للنوم، وأن أصوات الإنذار الذي تطلقه أجهزة كاشف الدخان ستكون كفيلة بأن تكون خط الإنذار الأول لإشعار من في المنزل بحدوث الحريق سواء كان ذلك في فترة الصباح أو القيلولة أو في فترة الليل.