المسلمون ينقذون فرنسا من اليمين المتطرف ويمنحون ماكرون فترة رئاسية ثانية

السبت، 30 أبريل 2022 10:00 م
المسلمون ينقذون فرنسا من اليمين المتطرف ويمنحون ماكرون فترة رئاسية ثانية
محمود علي

نجح إيمانويل ماكرون في الفوز بالانتخابات الرئاسية الفرنسية أمام منافسته مارين لوبان، ليكون أول رئيس فرنسي يحظى بولاية ثانية في العقدين الماضيين، ليطرح تساؤل حول العوامل الرئيسية التي أدت إلى تجديد الثقة في الرئيس الفرنسي وإنقاذ فرنسا من تنامي التطرف الذي قد سيصل بالبلاد إلى الحرب الأهلية.
 
ورغم ما أثير حول مواقف الرئيس الفرنسي الداخلية من جدل في الكثير من القضايا، إلا أن بعض الكتل المعادية لليمين المتطرف وزعيمته ماريان لوبان رجحت بشكل حاسم كفة ماكرون في الفوز بالانتخابات الرئاسية بالحصول على 58% من أصوات الناخبين.
 
ووسط حديث البعض عن توجهات المسلمين الفرنسيين، واختياراتهم في المعركة الانتخابية، كشفت أحدث الاستطلاعات عن تصويت ما يقارب من 85% من المسلمين الذين لهم حق الانتخاب للرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون، فيما فضل الباقي العزوف عن التصويت، الأمر الذي كان له الأثر في نتائج الانتخابات وساعدت ماكرون في الفوز.
 
ووفق تقرير سابق لبي بي سي، تقدر أعداد المسلمين في فرنسا بـ6 ملايين شخص، وتقول إن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير، الأمر الذي يفسر حضورهم القوي في المجتمع وتركيز حملات المرشحين في كافة الانتخابات على قضاياهم، حيث اتخذ ملف التعامل مع المسلمين جزء من اهتمام المنافسين في انتخابات الرئاسة في خطوة ربما تكشف أهمية الكتلة التصويتية لمسلمي فرنسا في كل استحقاق انتخابي.
 
نتائج الاستطلاع التي أجرتها مؤسستا (بيلران) و(لاوكراو) كشفت عن تصويت مسلمي فرنسا بأغلبية ساحقة لصالح ماكرون، ووفق مراقبون فإن هذه الأغلبية ليست حبا في الرئيس الفرنسي صاحب الـ 44 عاما ولكن يعتبر سلوك عقابي رافض للأحزاب اليمينة المتطرفة في فرنسا ورئيسة التجمع الوطني مارين لوبان، لاسيما وأن الأخيرة طرحت توجهها الذي كان قد يؤدي بالبلاد إلى صراعات دائمة وإثارة للفتنة داخل المجتمع.
 
واللافت للنظر إلى أن المسلمين الفرنسيين لم يكن أصواتهم في الجولة الأولى متجهة إلى ماكرون، بل بأغلبية ساحقة لصالح زعيم حزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلينشون بنسبة 69%. ويرى المسلمون في فرنسا أن فوز ماكرون بولاية ثانية هو أخف الأضرار عن ما كانت ستتبعه زعيمة اليمين المتطرف إذا ما فازت في الانتخابات بعدما لوحت أكثر من مرة بالتضييق على المهاجرين وتحديدا المسلمين منهم وكشفت عن نيتها "اتخاذ مواقف وقرارات" تنتهك حقوقهم.
 
وأرجع البعض سبب وصف المسلمين حقبة ماكرون القادمة بـ"أخف الضرر" على خلفية ما أقدم عليه الرئيس الفرنسي في حقبته الأولى من تضييق غير مسبوق عليهم، وتحديدا عندما أصدر قانون مكافحة ما يسمى بـ “الانفصالية الإسلامية”، فضلا عن تصريحاته التي استفزت المجتمع الفرنسي ككل والإسلامي أيضا عندما قال إن "الإسلام يعيش أزمة عميقة في كل دول العالم"، لكن ما جعل ماكرون يشعر بالأمان والتأكد من أن أصوات المسلمين ستذهب له حتما، هو تخوف الكثير من الفرنسيين المهاجرين والمسلمين من وصول اليمين المتطرف إلى رئاسة الإليزيه، وإعلاء لغة الإسلاموفوبيا في المجتمع والتركيز على مواضيع  مثل الهجرة والحجاب وغيرها.
 
ووسط تنامي الخطاب المتطرف في فرنسا، قطع معسكر اليمين المتطرف وعود صادمة في حال فوز أحد مرشحيه في الانتخابات، حيث تعهد حال فوزه بحظر الأسماء العربية والأسماء غير الفرنسية بما فيها اسم محمد. ومن الأمور الأخرى التي جعلت المسلمون يذهبون لماكرون ويحسمون فوزه بشكل ساحق، وهو ما لوحت به لوبان إذا وصلت إلى سدة الحكم، حيث تعهدت بتجميد جميع مشاريع بناء المساجد في فرنسا إلى غاية التحقق من مصادر تمويلها، وتوسيع قانون منع ارتداء الرموز الدينية في المدارس ليشمل الأماكن العامة، ومنع ليس النقاب أو البرقع فحسب، بل والحجاب أيضا.
 
ودعت لوبان أيضا إلى منع ذبح الحيوانات وفق الشريعة الإسلامية، وبيع اللحم أو تقديمه في المطاعم على أنه "حلال". وبعيدا عن قضية الإسلام فإن هناك جزء اقتصادي ربما يكون دفع الفرنسيون إلى التوجه نحو ماكرون أكثر، حيث تعترض لوبان على سياسة التبادل الحر في الاقتصاد، وترى أنها تفرض على فرنسا تنافسا مجحفا مع الدول النامية، كما أنها تدعو إلى خروج تدريجي من منطقة اليورو والعودة إلى الفرنك الفرنسي، ومن ثم الخروج أيضا من الاتحاد الأوروبي كما فعلت المملكة المتحدة البريطانية.
 
وحاول ماكرون طمأنة الكتلة المسلمة المصوتة له في الانتخابات، مصرحا عقب الإعلان عن النتائج أنه "رئيس لكل الفرنسيين وليس رئيسًا لفئة معينة"، مشيدًا بنضج الناخبين الفرنسيين الذين اختاروا إعادة الثقة فيه، ومنحه ولاية ثانية، وأضاف عقب فوزه إن "العديد من الفرنسين صوّتوا لي من أجل التصدي لليمين المتطرّف"، في إشارة إلى المسلمين الذين كانوا رافضين التصويت لماكرون ولكنهم متخوفين من تداعيات سيطرة لوبان على قصر الإليزيه.
 
ونقلت صحيفة ذا ديلي اكسبريس تصريحات الناخبون المسلمون في فرنسا، مشيرة أن أغلبهم انتقدوا قلة المرشحين المحتملين في الانتخابات الفرنسية، مؤكدين أن الرئيس إيمانويل ماكرون الفائز كان "ضد" السكان المسلمين على مدى السنوات الخمس الماضية. وأكد بعص السكان المسلمين وفق ما نقلته الصحيفة أن إيمانويل ماكرون "مهتم الآن بأصوات المسلمين" فقط في وقت كان يحتاجها للفوز على منافسته من اليمين المتطرف، وقالت شيرازاد رويبة طالبة، إن المسلمين أجبروا على دعم ولاية ثانية لماكرون لأن لوبان "أسوأ بكثير" في ملف تقييد الحريات، مشيرة أن المسلمين "في الواقع صوتوا لماكرون للهروب من السياسات القاسية لمارين لوبان.
 
من جانبها قالت ليزا تروادك، مديرة دار حضانة إن المرشحين الفرنسيين كانوا يطبقون "المنطق السياسي على شيء غير سياسي على الإطلاق"، في إشارة إلى استخدامهم القضايا الإسلامية في حملاتهم الانتخابية، ووصفت معتقداتها الدينية بأنها جانب "حميمي" من هويتها، وقالت إن المسلمين الفرنسيين أجبروا على التصويت لصالح ماكرون لمنع سياسات لوبان من انتهاك خياراتهم الدينية "الشخصية"، مشيرة أن ماكرون وعد بالدفاع عن الحرية الدينية داخل فرنسا، لكنه تعهد باستهداف أولئك الذين يروجون لـ "الإسلام الراديكالي" و"يشوهون" الدين.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة