المشير طنطاوي.. القابض على جمر الوطن
السبت، 16 أبريل 2022 11:30 ممصطفى الجمل
الرجل تحمل ما لا يتحمله بشر ووقف في وجه الجماعة الإرهابية ورفض تهديداتهم للحفاظ على الدولة والمصريين
جاء مسلسل الاختيار في جزأه الثالث كاشفاً لكثير من الخبايا والأسرار، ومنصفاً لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وحاكماً بالعدل على رجال آخرين باعوا الوطن من أجل مصلحة جماعة مارقة، استغلت دين الله أسوأ استغلال.
واحد من الذين أنصفهم العمل الفني الأكثر شيوعاً وانتشاراَ بالوطن العربي، المشير الراحل محمد حسين طنطاوي، القائد العام للقوات المسلحة الأسبق، وأحد الرجال الذين أخلصوا للوطن وتحملوا ما لا يطيقه أحد.
وفي حقيقة الأمر لم يكن المشير محمد حسين طنطاوي في حاجة لعمل فني ينصفه، فالرجل حمل الوطن على كتفه في مرحلة فارقة من تاريخ الأمة، ولم يكن يوماً مستعداً للتفريط في ذرة واحدة من تاربه مهما كلفه ذلك الأمر.
ركز العمل خلال حلقاته المذاعة حتى الآن على الحوارات الهامشية التي كانت تدور في الغرف المغلقة بين المشير محمد حسين طنطاوي ومبعوثي جماعة الإخوان الإرهابية، وكان على رأسهم الرئيس المعزول محمد مرسي، والذي لم يستح من التهديد علانية بحرق مصر إن لم يعلن فوزهم بمقعد الرئاسة، ولكن هنا لم يكن المشير محمد حسين طنطاوي دبلوماسياً كما اعتدناه على شاشات التليفزيون، فالرجل نهره وأخبره أن القوات المسلحة لن تسمح لأي ما كان أن يقترب من الوطن بسوء.
ليس ذلك فقط بل حمله رسالة لينقلها بدوره لإخوانه في الجماعة الخارجة عن الوطن والدين، مفادهاً أن يخشوا في الوطن الله الذي يدعون كذباً وزوراً أنهم يتحدثون باسمه وهو منهم براء، وأن يعرفوا تمام المعرفة أن للوطن قوات مسلحة وطنية ستزود عنه عندما يحتاجها الشعب ولن تسمح بإراقة دماء المصريين.
في التسجيل المذاع بالمسلسل، نرى كيف كان يختار المشير محمد حسين طنطاوي رجاله، وكيف كان يثق في الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأشهده على جلسة بينه وبين الرئيس المعزول محمد مرسي، وهو يعدد محاسنه وكيف هو حريص على البلاد وأمنها وشعبها، وكيف لاقى ذلك الأمر قبولاً عند الرئيس المعزول، الذي كان يظن وهنا كل الظن إثم، أن كل من تمسك بتلابيب دينه فلابد أن يكون صيداً سهلاً للانضمام لجماعة الإخوان الإرهابية، وعندما تبجح الرئيس المعزول محمد مرسي، وعرض الأمر على الرئيس عبد الفتاح السيسي سمع ما لا يرضيه، سمع ما لا يمكن أن يفهمه، سمع وتأكد أن القوات المسلحة ستظل أبد الدهر عصية على أن تتحزب أو أن تخترقها جماعة أو فئة سياسية مهما كان توجهها، وأنها ستظل حتى أن يرث الله الأرض وما عليها من الشعب إلى الشعب، ولا شيء غير ذلك.
عندما قال المشير محمد حسين طنطاوي، أنه يشعر بأنه يمسك بجمرة من النار ويخشى أن يلقيها من يده فتحرق البلد بأكملها، لم يكن مهولاً ولا يعبر تعبيراً مجازياً عن صعوبة الوضع وقتها، بل كان يتحدث عن الحقيقة المجردة، في الفترة من 2011 حتى 2013 كانت مسئولية البلاد ملقاة على عاتق القوات المسلحة وقائدها العام، ولولا حكمته وإخلاصه ووقوف رجاله على قلب رجل واحد خلفه، ما كان لهذا الوطن أن يستفيق من غفوته حتى هذه اللحظة.
رحم الله المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع الأسبق، الذي ذهب وترك خلفه سيرة وطنية ورحلة كبيرة من العطاء في حب مصر وترابها.
حاز المشير طنطاوي على لقب الفارس المخلص والقائد الوفي باقتدار، عندما تولى إدارة شؤون البلاد باعتباره رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع بعد أحداث 25 يناير 2011، لم يبحث عن مجد شخصي أو منصب، ولم يتخل عن أمانته وصانها رغم الضغوط الداخلية والخارجية في تلك الفترة.
كان المشير طنطاوي رجل دولة من طراز خاص، برز اسمه مع الشدائد، حيث جنب مصر فتنة كبرى والدخول في نفق الضياع وسيناريو التقسيم والدمار عندما تولى مقاليد إدارة شئون البلاد في فترة عصيبة، عانت فيها مصر من ضغوط وأجندات ومخططات، لكنه أبى إلا إخراج البلاد من محنتها، وظل على رأس السلطة حتى تسليم منصبه وأداء اليمين الدستورية في 1 يوليو 2012.
حياة فارس عسكري مشرفة ورمز للوطنية، فقد التحق المشير طنطاوي بالكلية الحربية في سلاح مشاة، وتخرج فى الدفعة 35 حربية، فى الأول من إبريل 1956، وحصل على بكالريوس العلوم العسكرية، ودورة كلية الحرب العليا، وترقى فى المناصب حتى تولى وزارة الدفاع عام 1991، ورقى إلى رتبة المشير فى أكتوبر 1993، واستمر فى منصبه حتى خروجه فى أغسطس 2012.
تدرج المشير طنطاوى فى المناصب بداية من قائد فصيلة في أحد كتائب المشاة، ثم عضو هيئة التدريس بالكلية الحربية، وتدرج حتى وصل لقائدا للفرقة 16 مشاة ميكانيكى فى حرب أكتوبر، وتولى وزير الدفاع الأسبق، منصب الملحق العسكرى فى دولة باكستان، ثم رئيس فرع العمليات بالجيش الثانى الميدانى، حتى وصل لمنصب رئيس أركان الجيش الثانى الميدانى، فقائدا للجيش الثانى الميدانى، ومنه إلى قيادة قوات الحرس الجمهورى عام 1988.
ثم تولى منصب وزير الدفاع عام 1991، حيث كان برتبة فريق، ورقى بعدها إلى فريق أول، واستمر حتى عام 1993، حيث تم ترقيته إلى رتبة المشير حتى خروجه من الخدمة فى 2012.
حصل المشير طنطاوى على ميدالية جرحى الحرب، وميدالية الخدمة الممتازة، وميدالية العيد لعشرون للثورة وميدالية يوم الجيش، وميدالية 6 أكتوبر و ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة، وميدالية تحرير أكتوبر، وميدالية 25 يناير 2011، ونوط الواجب العسكرى من الطبقة الأولى، ونوط الخدمة الممتازة.
كما حصل طوال مسيرته فى الحرب والسلام بالقوات المسلحة، على نوط 25 إبريل، ونوط النصر، و نوط الاستقلال العسكرى، و نوط الجلاء العسكرى، ونوط الواجب العسكرى من الطبقة الثانية، ونوط الشجاعة العسكرى، ونوط تحرير الكويت السعودى، ونوط المعركة السعودى، ووسام ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة، إضافة لوسام التحرير، ووسام الامتياز الباكستانى، وقلادة النيل.