لخطورتها على التنمية.. خطة «الشيوخ» لمواجهة شبح الزيادة السكانية
الخميس، 14 أبريل 2022 05:00 م
حسمت الجلسة العامة بمجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، خلال الأسبوع الجارى، تقرير أعدته لجنة الصحة والسكان ومكتب لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي بناء على الدراسة المقدمة من النائبة سهير عبدالسلام بشأن الزيادة السكانية، والتى اعتبرها المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المجلس، على أنها دراسة داعمة لاستراتيجية الدولة نحو رؤية مصر 2030.
وأوصي مجلس الشيوخ، بإرسال توصيات التقرير إلى رئيس الجمهورية والتي من أبرزها إنشاء هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري طبقا لأحكام الدستور في الهيئات المستقلة، وتكون تابعة لرئيس الجمهورية تحت مسمى الهيئة القومية للسكان وتنمية الأسرة، لضمـان منحهـا عـوامـل القـوة والاستقلال واستقرار، وتحـل الهيئة محـل المجلس القومى للسكان، وغيره مـن الجهات والكيانات الإدارية ذات الاختصاص فـى مجـال السـكان.
وشددت الدراسة التى تصل أوراقها لما يقرب من الـ60 صفحة، على ضـرورة كبح جماح الزيادة السكانية العشوائية، مؤكدة على الاهتمام الكبير الذى توليه القيادة السياسية لتمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا وعلميا باعتبارهـا قـوة قـادرة على تحسين محيطها الأسرى والاجتماعى، بما يؤدى إلى تحسن الخصائص السكانية والأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية الأسرة، ومن بين مطالبها كانت أهمية وضع سياسات مناسبة للحد من البطالة التى تمثل عائق فى طريق التنمية وتحسين الأحوال المعيشية للأسرة ومحاربة انتشار الفقر بين المتعطلين عن العمل، مشيره لضعف الدور التوعوى والتثقيفى فى مصر خلال العقدين السابقين، وعدم قيام وزارتى الثقافة والإعلام بدورهم المنوطة بهم فى التوعية والتثقيف فى مجال الزيادة السكانية أو فى أى مجال يتطلب التوعية المخططة والعلمية.
وتؤكد النائبة سهير عبد السلام، عضو مجلس الشيوخ ومقدمة الدراسة، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يولي اهتماما كبيرا بالمشكلة السكانية منذ توليته للحكم، والذي حذر من خطورتها أكثر من مرة فى خطاباته السابقة، وهو ما يعد مؤشر جيد لعمل وحرص كافة المؤسسات على مواجهة تلك المشكلة خاصة وأن هناك إرادة سياسية فاعلة للحد منها.
وأوضحت"عبد السلام" أن الدراسة تضمنت عرض شامل بكافة الأوجه والمسببات التى أدت لهذا النمو السكاني، إضافة إلى تصور شامل لمقترحات جديدة تفيد في التوسع القومي لتنمية الأسرة والحد من التعداد العشوائى، موضحة أن تلك القضية تستدعي التشارك الفكري والإبداعي لحل المشكلة والمساهمة في تنمية الأسرة من ثم فهي لا تتعارض مع مشروع تنمية الأسرة بل تعد مكملة له وتسهم فى مواجهة الأزمة .
وشدد أن الدراسة شارك فيها خبراء وأعضاء مجلس الشيوخ وهو ما أضفى لها طابع الشمولية، معتبرة أن نقطة انطلاق مواجهة الزيادة السكانية لابد وأن تكون بإنشاء هيئة مستقلة تتولى العمل عليه وإدارته وإعطاء كافة الصلاحيات والتمكين المالي لها حتى تؤدى دورها على أكمل وجه، مشيرة إلى أن معالجة الزيادة السكانية تحتاج إلى خطة تشمل كافة مؤسسات الدولة وأن يكون لها بعد ثقافي وتوعوي وديني لترتكز على تغيير القيم السلبية المترسخة في المجتمع بشأن الإنجاب والتوعية بوسائل تنظيم الأسرة من الزوجين، والتعريف بإنجازات الدولة وعائدها على الفرد وتأثر نقصها بالزيادة السكانية.
وأوضحت أن ملف تمكين المرأة لقي اهتمام كبير من القيادة السياسية باعتبارهـا قـوة قـادرة على تحسين محيطها الأسرى والاجتماعى ويحتاج المواصلة والمزيد، فالمرأة العاملة هي الأكثر قدرة على الارتقاء بأسرتها وأكثر حرصا على تعليم الأبناء وتمكين المرأة يمنع زواج القاصرات وعمل الأطفال قائلة " تلك الظاهرتين يحدثان بهدف زيادة ربح الأسرة ومن ثم يتسببوا في زيادة سكانية..ولكن بتمكين المرأة ستكون وعيا وسيسهم فى استقلالية الأسرة وإحداث قدرة على التفاهم بين الزوجين".
وشددت على ضرورة العمل على خفض البطالة ومعالجة ارتفاع نسبتها بين الإناث، فعلى سبيل المثال تغيير السياسات في بعض شركات القطاع الخاص بمنح امتيازات لمن يشغل إناث أكثر، كما أنه لابد من البعد الرقمي وإدخال البيانات وتحديد الفئات المستهدفة واستخدام الإعلام الرقمي في توصيل الرسائل، مؤكدة أن هناك دور كبير على وزارة الصحة لكنه ليس هو الوحيد من خلال توفير وحدات ثابتة أكثر لتنظيم الأسرة وتوفير أطباء دائمين بها وتأهيل الممرضات للقيام بمهام تنظيم الأسرة وتجديد وحدات تنظيم الأسرة بالوسائل الرقمية وهنا نعول على دور الجمعيات الأهلية.
واقترحت "عبد السلام" أن يمنح امتياز لأى مستشفى خاصة أو جامعية تقوم بتوفير وحدات تنظيم الأسرة بشكل مجاني داخلها، مطالبة بزيادة حملات طرق الأبواب التى تتضمن رائدات ريفيات وواعظات، وألايتم التعامل مع القضية السكانية بشكل مركزي، بل التركيز على طبيعتها في كل محافظة ووضع خطة مختلفة وفقا للخضائص السكانية .
وشددت على ضرورة مراجعة القوانين التى تمس قيد المواليد وتسجيل عقود الزواج والإجازات الممنوحة للمرأة بعد الطفل الثاني، وقانوني الطفل والتعليم بإلزام أولياء الأمور باتتظام أبنائهم في المدارس، وبحث مواجهة عدم تسجيل عقود الزواج إلا بعد بلوغ الزواج السن القانونية ما يؤدي لوجود أطفال غير مقيدين باسم الوالدين وخلط الأنساب ومن ثم نحتاج لتشديد العقوبات على كل من يخالف السن القانونية لعقد الزواج أو تغيير أي معلومات فيها.
وتابعت قائلة" المشكلة السكانية يصعب الاقتضاء فيها بتجارب الدول الآخرى وهو ما يتطلب الحذر الشديد في التعامل مع هذا الأمر والمساواه بين جميع المواطنين وعدم فرض عقوبات على الأسر التى تنجب أكثر من طفلين كما فعلت بعض الدول وإنما يتم التمييز بالمنح وليس بالمنع والعقوبة".
ولفتت إلى أنها بدأت في إعداد الدراسة في عام ٢٠٢١ بدور الانعقاد لاول وتقدمت بها في شهر أكتوبر وتم عقد أكثر من ٢٠ اجتماع مع الجهات المختصة عقب إحالتها وتم الاستعانة بكل ما قيل وتنقيح الدراسة وإضافة ما تم طرحه، مؤكدة أنها تعد أول دراسة متكاملة تخرج من مجلس الشيوخ عمل عليها عدد كبير من أعضاء المجلس وشارك فيها خبراء، وهو ما يترجم مدي إيمان المجلس بخطورة القضية وأثرها على إهدار ثمار التنمية.
ومن جانبه وجه النائب عبد الهادى القصبي، رئيس لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، الشكر والتحية لمجلس الشيوخ بالخروج بتلك الدراسة المهمة والتى تمثل جهد هام في قضية تعد من أخطر القضايا التي تواجه المجتمع المصري، موضحا أن اللجنة اهتمت بتلك القضية وعملت على مناقشتها فى دور الانعقاد الماضى ووجهت دعوة إلى كل وزراء مصر بفتح هذا الملف الذي يجب ألا نصمت عليه من جميع جوانبه ويمثل تهديد حقيقي وفعلي لكل المواطنين.
ولفت إلى أنها تؤثر على متوسط نصيب الفرد في كافة المجالات ومنها المياه والغذاء وغيره، وهو ما يتطلب التساؤل حول كيف يتم استثمار هذا الكم وتحويله إلى طاقة إنتاجية مهمة والارتقاء بالخصائص السكانية، مشددا أن تلك هي القضية الأخطر في حياة الشعوب.
وأوضح أن التوصية بإنشاء هيئة مستقلة يتوافق مع انتهت إليه اللجنة بمشروع قانون إنشاء المجلس القومي للسكان يتبع رئاسة الجمهورية ويكون له استقلاليته الكاملة، قائلا " الهدف واحد فى إدارة هذا الملف وهو ما يتطلب تفعيل تلك الجهة وإعطائها الصلاحيات الكاملة ..ومشروع تنمية الأسرة مشروع إيجابي وخطير يتوافق مع فلسفة ضبط المجتمع عن طريق تنمية الأسرة أو ضبط النمو السكاني وعلى الجميع أن يعي أن القضية السكانية لا تخص مؤسسة بعينها وكافة المؤسسات لابد وأن تتفاعل معها".
وأبدى الدكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومي للسكان السابق، تحيته لجهود مجلس الشيوخ فى حل هذه القضية وسعيهم الى تفعيل وتطوير دور المجلس القومي للسكان في إدارة الملف السكاني، ليكون خطوة نحو إيجاد حلول جذرية للتزايد المتنامي للسكان، ورسم السياسات والخطط اللازمة لضبط النمو السكاني من خلال وجود جهة مسئولة لإدارة الملف على الوجه الاكمل ، وكلا المجلسين يتابع كل منهما أعمال الآخر، ويوفر مساندة حقيقية في إنجاز العملية التشريعية بطريقة أفضل تضمن حسن الدراسة والمناقشة عبر خبرائه المتخصصين في المجالات المتعددة وأصحاب الكفاءات والخبرات .
وشدد أن أن ضبط الإطار المؤسسي لملف السكان وحوكمته، أصبح ضرورة ملحة لا رفاهية واختيار، حتى يمكن تحقيق استدامة الجهود السكانية في مصر، ولتنسيق الجهود بين جميع الجهات المعنية بالمشكلة السكانية، موضحا أن التجربة الأبرز في إدارة ملف البرنامج السكاني، كانت في الفترة من (١٩٨٦-١٩٩٦)،حيث توفرت لديه عوامل كثيرة للنجاح، على رأس تلك الأسباب بأن كان برئاسة رئيس الجمهورية وتوافر له الاستقلال، وبمجرد انتقال تبعية المجلس القومي للسكان إلى وزير الصحة والسكان في عام 2002، بدأ يتباطأ الإنجاز المتحقق في جميع المؤشرات السكانية بشكل ملحوظ.
ولفت إلى أن مصر الآن أمام فرصة ذهبية لمواجهة حاسمة لمشكلة الزيادة السكانية، حيث تتوافر إرادة سياسية لحل هذه المشكلة المزمنة ، حيث أن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية منذ توليه في عام ٢٠١٤ وهو يضع قضية الزيادة السكانية في مصر نصب عينيه وقد ألقى الضوء مرارا وتكرارا على ضرورة حلها ، ولديه هدف واضح وهو خفض معدل الزيادة السنوية إلى ٤٠٠ ألف سنويا ، وهو حلم كبير لو تحقق ، سيساهم فى حل الكثير من مشاكل مصر.