إيمانويل ماكرون.. رحلة رجل الاقتصاد الباحث عن فك "عقدة الإليزيه"

الأحد، 10 أبريل 2022 12:03 م
إيمانويل ماكرون.. رحلة رجل الاقتصاد الباحث عن فك "عقدة الإليزيه"
إيمانويل ماكرون

يخوض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، زعيم «الجمهورية إلى الأمام»، غمار الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، اليوم الأحد، وسط أفضلية في استطلاعات الرأي تتوقع حلوله في المرتبة الأولى بنحو 26% من الأصوات.
 
وتعني هذه النسبة، عدم حسم السباق من الجولة الأولى، والتوجه لجولة ثانية في الـ24 من أبريل الجاري، مع ثاني مرشح في عدد الأصوات، من ضمن قائمة تضم 12 مرشحا عتيدا.
 
ويخوض "ماكرون" السباق ضد منافسيه الـ12 المنتمين لجميع أنواع الطيف السياسي، وضد سنوات تيار الزمن منذ 2007، إذ لم ينجح نيكولا ساركوزي، أو فرانسوا أولاند، في الفوز بولاية ثانية على رأس السلطة.

حياة ماكرون
بدأ إيمانويل ماكرون رحلة استثنائية، ولد السياسي في إميان، ديسمبر 1977، وحظي بمسار تعليمي ناجح في أبرز المدراس والمعاهد الفرنسية "معهد هنري 4"، قبل أن يلتحق بمعهد العلوم السياسية في باريس (2001) والمدرسة العليا للإدارة بمدينة ستراسبورج (2002-2004).
 
وقع أثناء حياته التعليمية قبل أن يتجاوز الـ16 سنة في حب مدرسة اللغة الفرنسية برجيت ترونيو، التي كانت تكبره بـ 20 عاما، قبل أن يتزوجا في وقت لاحق ويبقيا معا حتى اليوم.
 
دور محوري لعبته "ترونيو" في صعود نجم ماكرون على الصعيدين المهني أو السياسي، ومنحته الثقة الكافية لمواجهة التحديات التي يفرضها عالم السياسة على كل مرشح يريد أن يصل لأعلى المناصب.
 
وبعد تخرجه من المدرسة العليا للإدارة 2004، عمل "ماكرون" كمفتش عام للمالية لمدة 3 سنوات، ثم انتقل بعد ذلك ليعمل بلجنة مهمتها إيجاد سياسة مالية تدعم الاقتصاد الفرنسي تحت رئاسة جاك أتالي المستشار السابق في الرئاسة الفرنسية.

عالم الاقتصاد
وبعد ذلك بـ4 أعوام فقط، التحق بالعمل في بنك "روتشيلد" ليكتشف أسرار البنوك والمالية وعالم الاقتصاد، وفي 2012، عاد للرئاسة، وعمل مستشارا اقتصاديا للرئيس فرانسوا أولاند، لمدة عامين، قبل أن يعينه الأخير وزيرا للاقتصاد 2014. 
 
أمضى بين 2014 و2016 في أروقة وزارة الاقتصاد، ووظف خلالها خبرته في مجال البنوك لإعطاء دفعة جديدة للاقتصاد الفرنسي وتخفيض نسبة البطالة التي طالت ملايين الفرنسيين.
 
واستقال ماكرون فجأة دون مقدمات ودون حتى أن يقدم تفسيرا لسبب الاستقالة، واكتفى بالاعتراف عندما غادر الحكومة، بوجود عوائق كثيرة بالشركات والإدارات الفرنسية تحول دون القيام بإصلاحات عميقة وكفيلة بإخراج فرنسا من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها منذ سنوات عديدة.

الجمهورية للأمام
عمل ماكرون بعدها في الظل وبعيدا عن أنظار الإعلام حتى تأسيس حركته "الجمهورية إلى الأمام" في أبريل 2016، واستقطب عشرات الآلاف من المساندين، وغالبيتهم من الشباب الذين رأوا فيه السياسي النظيف الذي جاء بأفكار حديثة ويتحدث لغة أخرى غير لغة السياسيين الفرنسيين التقليديين، وفق تقرير سابق لـ"فرانس برس".
 
ويرفض "ماكرون" من وقتها بشكل قاطع ربطه بأي توجه أو انتماء سياسي، وأكد مرارا وتكرارا ضرورة الدفاع عن مشروع متناغم يقوم على رؤية شاملة.
وبذلك، لا ينتمي ماكرون لأي تيار سياسي تقليدي، بل شق طريقه برفقة مسانديه وبلور أفكارا جديدة أصبحت تحظى بصدى كبير في المجتمع الفرنسي.
 
ودخل "ماكرون" في 2017، معركته الانتخابية الأولى للرئاسة، بقوة كبيرة رغم نقص الإمكانيات المالية، رويدا رويدا أصبحت تجمعاته الانتخابية تستقطب آلاف الشباب الذين رأوا فيه رجل المستقبل الذي سيقود فرنسا نحو التألق والازدهار.
 
ومنذ ذلك الوقت، بات ماكرون يحمل رؤيته السياسية المستقلة وخطابه المميز، الذي يستخدم فيه كلمات عادية يستخدمها العام والخاص، ويتصرف بكل عفوية على عكس السياسيين التقليديين الذين تعودوا على لغة خشبية غريبة عن الشعب.

الرئاسة الأولى
بعيدا عن قوى اليسار واليمين، بدأ "ماكرون" فترة رئاسته الأولى 2017 كمتفائل وديناميكي بوجه ليبرالي، وأراد النهوض بالمشروع الأوروبي، وتقوية الجمهورية الفرنسية والديمقراطية، وإصلاح القوانين الاجتماعية والسياسية التي عفا عليها الزمن، وجعل الاقتصاد الفرنسي قادرًا على المنافسة.
 
وخلال رحلة الـ5 سنوات، فاز الرئيس الفرنسي بالعديد من الحلفاء، خاصة في وسط الطيف السياسي، ولكن أيضًا بالمعسكرات المحافظة وذات الميول اليسارية، وتحولت حركته الجمهورية إلى الأمام لحزب حصل بعد أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية السابقة، على أغلبية في البرلمان.
 
وطغت على فترة ماكرون الأولى في الحكم أحداث خارجة عن الإرادة، وكان لها تأثير حاسم على أجندته السياسية ودفعته إلى تعديل مسارها أو تغيير الاتجاه، وتشمل هذه الأحداث احتجاجات السترات الصفراء والهجمات الإرهابية وجائحة كورونا، والحرب بأوكرانيا.
 
تلك الأحداث أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد والأوضاع المعيشية، إلى حد باتت معه قضية "القوة الشرائية" للمواطن الفرنسي هي القضية الحاسمة في الانتخابات الرئاسية المقررة غدا، وفق استطلاع رأي نشر مؤخرا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق