في ذكري رحيله.. محطات في حياة محمود شكوكو وعلاقته بأم كلثوم والسادات "صور"
الإثنين، 21 فبراير 2022 03:30 م
"جلابية وقبعة وعصا وعروسة خشب " هي كل أدوات الفنان الراحل محمود شكوكو الذي تحل ذكرى وفاته اليوم والذى يعد من أشهر المونولوجست في مصر، وقد برع الفنان الراحل محمود شكوكو في تقديم شخصية الأراجوز بمسرح العرائس التي كان يفضلها الصغار والكبار، وعمل في العديد من الأفلام السينمائية المعروفة والشهيرة والتي يعتبر أبرزها فيلم "عنتر ولبلب"، ليتربع شكوكو على عرش النجوم حتي يومنا هذا ويظل حالة خاصة لا يمكن أن تقارنه بغيره.
شكوكو والعرائس
محطات في حياة محمود شكوكو
ولد محمود شكوكو إبراهيم إسماعيل في الدرب الأحمر بالقاهرة عام 1912 وتعود قصة تسميته باسم مركب (محمود شكوكو) إلى رغبة جده إسماعيل في ذلك، حيث كان يقوم بتربية ديوك رومي، أحيانا تتعارك مع بعضها البعض فيصدر كبيرها صوت " ش ش كوكو"، فأصر أن يكون اسم حفيده شكوكو بينما أراد الوالد أن يطلق على ابنه محمود، فاستقرا على إطلاق هذا الاسم المركب عليه.
اكتشفه محمد فتحي كروان الإذاعة المصرية بعد أن سمعه يغني في حفل عيد ميلاد
وقد عمل محمود شكوكو في بداية حياته كنجار في ورشة والده، ثم أسس ورشة خاصة به.
شكوكو
كان لرغبته في احتراف الغناء دور هام في حياته خاصة مع إصرار رفض والدة لذلك حتي أنه تلقى أكثر من علقة على يد والده الذي كان يرفض احتراف ابنه للغناء، حيث كان يعمل شكوكو طوال النهار في الورشة وطوال الليل في الأفراح والموالد، وكان يعمل حتى أوائل الأربعينيات في الأفراح دون أن يتقاضى أي مقابل مادي ، ورغم ذلك فقد كان شكوكو ولد بار بأبيه فكان يمنحه كل الأموال التي يكسبها من الفن وعمله في النجارة ليصرف عليه وعلى أشقاءه، وفوجئ بعد فترة بوالده يخبره أنه ادخر كل أمواله واشترى له عمارة أطلق عليها شكوكو.
كان لعمل شكوكو في النجارة دور كبير في مهارته في صناعه العرائس الخشبية، وكانت بداية تقديم عدد من مسرحيات العرائس، منها "السندباد البلدي"، و"الكونت دي مونت شكوكو" ووضع ألحان المسرحية كلا من: محمود الشريف وسيد مكاوي، وأخرج العملين صلاح السقا، أما التمثيل فكان لعدد من كبار النجوم وهم: يوسف شعبان، حمدي أحمد، السيد راضي، وتوقف نشاط هذه الفرقة عام 1963.
فقد نجح في نقل فن الأراجوز من المناطق الشعبية ليعرض على المسارح وعلى أبناء الطبقات الغنية والحاكمة في العصر الحديث.
قيل إنه أول فنان يمتلك سيارة ماركة "بانتيللي"، في الاربعينيات، وكانت مقصورة على أفراد العائلة المالكة والطبقة الارستقراطية، فأجبر على بيعها.
رغم عدم معرفته بالقراءة والكتابة، الا انه حرص على تعلمها دون مدرس، فأخذ يدعو المارة أن يقرأوا له لافتات المحال التجارية، ليحفظ شكلها، كما كان يشتري مجلة "البعكوكة"، ويمنحها لشخص يقرأها له ويكتب كلماتها، حتى تعلم القراءة والكتابة، كما علم نفسه بعض الكلمات الإنجليزية والفرنسية.
تخلى شكوكو عن "سنته" الذهب نزولا على رغبة الفنان حسين المليجي الذي منحه فرصة العمل على مسرحه.
كان أول أجر تقاضاه شكوكو من عمله في الفن كان قرشين صاغ، أثناء عمله في فرقة سيدة تُدعى فاطمة الكسارة في الموالد، أما النجارة فكان يكسب منها يوميا حوالي 25 قرش.
كما عمل في فرقة الفنان علي الكسار على مسرح في روض الفرج، وشارك بالتمثيل وغناء المونولوجات، وقتما كانت بطلة الفرقة الفنانة سعاد حسين
كان الفنان شكوكو أول مرة يرتدي الجلباب كان ذلك بالتزامن مع أغنية كتبها له أحمد المسيري حملت اسم "ورد عليك وفل عليك" وكان أول فيلم شارك فيه هو فيلم "أحب البلدي"، إخراج حسين فوزي، بطولة أنور وجدي، تحية كاريوكا وغنى خلاله "ورد عليك" و"الحارس الله".
أول بطولة سينمائية للفنان محمود شكوكو كانت أمام الفنانة سامية جمال في فيلم "البني آدم"، لكن أشهر بطولاته السينمائية كانت من خلال فيلم "عنتر ولبلب".
تألق شكوكو ونجاحه دفعه لتأسيس فرقة استعراضية خاصة به وذلك عام 1946، وتكونت من: عبدالعزيز محمود، وتحية كاريوكا وسميحة توفيق، وتقدم عروضها على مسرح حديقة الأزبكية بالقاهرة.
استخدمت تماثيل شكوكو في النضال ضد الإنجليز، فقد كان المناضلون يحتاجون لزجاجات فارغة يملؤنها بغازات سامة ويلقون بها على العدو، وحتى يحصلوا على أكبر قدر ممكن من الزجاجات، فكروا في استغلال شعبية شكوكو وانتشار تماثيله، ليبادولونها بالزجاجات، فكان الباعة ينادون "شكوكو بقزازة" فكل زجاجة فارغة مقابل تمثال لشكوكو.
فشكوكو يعد هو أول فنان مصري يصنع له الشعب دمية، يقبل الأطفال والكبار على شراءها، وكانت عبارة عن تمثال مصنوع من طين وصلصال يرتدي نفس جلبابه وطاقية وعصا.
وقد عانى محمود شكوكو في نهاية حياته من المرض، وطالب جمهوره عبر صفحات الجرائد والمجلات بالسؤال عنه وزيارته في المستشفى، وهو ما لاقى إقبال كبير من محبي محمود شكوكو، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 1985.
قصة فيلم عنتر ولبلب
رغم مرور سنوات طويلة الا ان فيلم "عنتر ولبلب" مازال واحدًا من أهم الأفلام الكوميدية التى أنتجتها السينما المصرية فى مرحلة ما قبل ثورة 1952، رغم أن أبطاله ليسوا من نجوم الشباك بمقاييس النجومية وقتها، تم توظيفهم فى قصة جديدة ومختلفة لاقت الترحيب فأجاد الممثلون، ورغم أن الفيلم لم ينجح سينمائيا، ولكن مع بداية عرضه على شاشات التليفزيون، نجح الفيلم نجاحًا غير مسبوقا، حيث قام ببطولته كل من شكوكو، وسراج منير، وحورية حسن وعبد الوارث عسر.
شمشون ولبلب لشكوكو
ولاعتراض إسرائيل علي اسم الفيلم تم تغيير اسمه من شمشون لـ "عنتر ولبلب"، وذلك بسبب اختيار اسم شمشون بطلا للفيلم، وهو اسم يهودى، فهددت اسرائيل برفع قضية دولية، الأمر الذى أجبر صناع الفيلم على تغيير الاسم، واعتراض الحاخام الأكبر لليهود فى مصر "حايين ناحوم" على اسم شمشون، بجانب اعتراض اليهود المصريين أنفسهم على الاسم، رغم أن بعضا من يهود مصر كانوا ضد الصهيونية واسرائيل آنذاك.
شكوكو وأم كلثوم
هناك الكثير من الحكايات التي جمعت الفنان محمود شكوكو بالنجوم وعلي رأسهم أم كلثوم التي انقذها شكوكو من عدم تقديم حفلاتها والتي كانت مهددة بالإلغاء حتي انه كان العنوان الأهم في الصحف في ذلك الوقت ، وذلك بعد أن عرف أن كوكب الشرق لن تقدم حفلاتها المعتادة بسبب فشل الإصلاحات في مسرحي قصر النيل – وريفولي، وهما المسرحان التي تقوم الست بالغناء عليهما.
شكوكو وام كلثوم
وعندما ذهبت أم كلثوم لمسرح الأزبكية، الذي يقدم فيه شكوكو حفلاته، وأكد لها أن المسرح والعاملين فيه تحت أمرها فى موقف نابع من المحبة الكبيرة التي يكنها شكوكو لها، لينقذ الموقف وتقوم بالغناء هناك.
علاقة شكوكو بالفنان أمير كرارة
ما يجهله الكثيرون هو أن الفنان أمير كرارة هو حفيد شكوكو، فوالدة أمير هي ابنة شقيقة شكوكو، وانتشرت منذ فترة صور تجمعهما معا.
وقال الفنان أمير كرارة، إنه لا يحب أن يعيش بدون نظام، مضيفا: "مش بعرف أعيش في كراكيب، وأصحابي بيقولوا عليا جدع".
شكوكو وكرارة
وأضاف كرارة خلال أحدي حواراته السابقة " أنه لا يحب أن يتحدث عن جده الفنان الراحل شكوكو، حتى لا يفسر أحد ارتباط نجاحه بجده، مضيفا: "بحب فن الأراجوز، وجدي كان الممثل الوحيد في العالم اللي عمل الفن ده، واتعمله تمثال".
شكوكو والسادات
ظل الفنان محمود شكوكو طيلة حياته يظهرعلى خشبة المسرح وهو يرتدي الجلباب والطرطور حتي أن ذلك الذي أصبح السمة المميزة لشخصيته وكانت المرة الأولى على مسرح البوسفور في باب الحديد، حتى يوم تكريمه من الرئيس السادات في عيد العلم والفن، وذهب إلى الحفل مرتديا الجلباب البلدي تكريما لتاريخه الحافل في جميع ألوان الفنون.
وهو ما كان يتمناه وقد بدأ تفاصيل هذا اللقاء عندما اتصل به بعض أصدقائه وأبلغوه أن الدولة قررت أن تعطيه شهادة تقدير خلال الاحتفال الذي أقامه الرئيس محمد أنور السادات، حينها في عيد الفن، وكان في منتهى السعادة من هذا القرار، وعند اقتراب موعد الاحتفال أبلغوه بأنه تم حذف اسمه من كشوف الحاضرين.
شكوكو والسادات
ودخل شكوكو في نوبة من البكاء الشديد، وتواصل مع أحد معارفه في المجال الفني حتى وضع اسمه في كشف الحضور، وأبلغه أن هناك شهادة تقدير سوف تُسلم له، بعد أن كان يناشد دائما بتكريمه بشهادة تقدير دون الحصول على أموال.
وحضر محمود شكوكو الحفلة وحضرها السادات، وقال لأحد الحاضرين بجانبه "هو أنا ممكن أقول نكتة قدام السادات ولا بلاش"، ورد عليه " بلاش، لتطلع النكته كده أو كده، وتضايق الرئيس ساعتها"، وبالفعل استمع شكوكو للنصيحة.
وعند تكريم السادات له، همس شكوكو في أذن الرئيس وقال له "أنا كنت مجهز كلام كتير أقوله لك، بس لما بشوفك بيروح مني الكلام"، فضحك السادات بصوت عال وبطريقة لفتت أنظار كل الحاضرين، ودخل شكوكو في البكاء بعد تكريم الرئيس له.