مصر التي يحبها الأفارقة

الشعب الكاميروني يرحب بالمصريين من أول أيام البطولة ويستقبلهم استقبال المحبين.. يهتفون باسم صلاح وباقي لاعبي المنتخب الذين يحفظون أسمائهم عن ظهر قلب.. وعلاقات ثنائية سياسية واقتصادية ممتدة منذة سنوات عديدة

 

في أي فعالية تنظمها مصر ويكون من ضمن حضورها شعوب إفريقية بغض النظر عن التمثيل الرسمي، وهنا سترى الإشادة بمصر وشعبها منطقية ولن تبهرك كثيراً، فهم في ضيافتنا ويتجولون بين شوارعنا المعروفة بسحرها، وواقعين تحت تأثير كرم الضيافة على كل حال. 

 

أما وإن كنت من هؤلاء الذين سافروا إلى واحدة من دول الجوار الإفريقية، فستعرف تمام المعرفة قيمة بلدنا المحروسة في عقول ووجدان أشقائنا الأفارقة. 

طوال مباريات منتخب مصر ببطولة أمم أفريقيا، التي تستضيفها الكاميرون، كان الشعب الكاميروني لا يسجع فريقاً بعد منتخب بدله سوى منتخب مصر، في كل المباريات يملأون المدرجات، ويجلسون متأهبين لتشجيع الفراعنة بقلوب حارة مخلصة وكأنه منتخب بلدهم ويمثلهم، ليس ذلك فقط، الأجمل والأكثر إثارة للدهشة من ذلك حفظ مواطني الكامريون لأسماء لاعبي منتخب مصر بأرقامهم وماراكزهم وأمجادهم عن ظهر قلب، حتى هؤلاء المنضمين حديثاً، وهناك بعض المصريين لم يحفظوهم بعد. 

 

خير مثال على ذلك دعمهم بقوة للاعب المصري المحترف في الدوري الألماني عمر مرموش، الذي لم يكمل حتى الآن عشر مباريات مع منتخب مصر، ولكنهم لا يتركون الكرة تصل إليه إلا وينادوا بلكنتهم المتأثر بلغتهم الفرنسية «مرموس مرموس»، ونفس الأمر تكرر كثيراً مع أحمد حجازي لاعب خط دفاع منتخب مصر وعمرو السولية والسد العالي محمد الشناوي، ومحود حسن تريزيجه جناح نادي استون فيلا الإنجليزي، ومؤخراً محمد أبو جبل. 

ناهيك قطعاً عن جنونهم بتواجد اللاعب الدولي المصري جناح نادي ليفربول الإنجليزي محمد صلاح على أرضهم، واللعب أمام أعينهم ورؤيتهم له عن قرب ومطالبتهم له كل مباراة بقميصه الذي سيباع مستقبلاً في مزادات علنية، وسيصل سعره لمئات الملايين. 

بمجرد أن تصل الأراضي الكاميرونية وترتدي ما يشير إلى أنك قادم من مصر سترى ما لاتتخيل، هتاف في كل طرقات المطار والشوارع باسم مصر، ترحاب غير مسبوق، وطلبات لا تنقع لالتقاط الصور التذكارية، ستشعر وكأنك تعرفهم من زمن، وليسوا أشخاص تقابلهم لأول مرة منذ لحظات. 

 

في المدرجات لا يتركون جماهير أي من الفرق التي واجهناها بداية من نيجيرها حتى المغرب يتعرض للجماهير المصرية ولو بنظرة تحمل بغضاً، تصنع الجماهير الكاميرونية حول الجماهير المصرية دوائر أمن مدنية لحماية الشباب والفتيات من أي سوء قد يفكر فيه جمهور خسر للتو مباراة في كرة القدم في أهم بطولة بالقارة. 

 

لا ينسى الكاميرونيين العلاقات الممتدة بينهم وبين مصر عبر السنين، وشهدت العلاقات بين البلدين نقلة نوعية خلال السنوات الأربع الأخيرة وذلك فى إطار تنفيذ استراتيجية الرئيس عبد الفتاح السيسى فى التوجه نحو أفريقيا وما تشهده العلاقات خلال الوقت الحالى من زخم كبير على صعيد التعاون الثنائى بين البلدين فى كافة المجالات، بالإضافة إلى التنسيق بين الجانبين فى كافة المحافل والمنظمات الإقليمية والدولية، وخاصة أن  الكاميرون تمتلك إمكانيات وثروات طبيعية كبيرة، وتنفتح على التعاون والاستثمار مع مصر. 

 

ولا تترك مصر الكاميرون في موقف شدة إلا وتمد لها يد العون، فأعربت مصر منذ سنوات عن خالص التعازي والمواساة لجمهورية الكاميرون في ضحايا حادث التصادم المروري المروع الذي وقع بالقرب من بلدة دشانج غرب الكاميرون، مما أسفر عن وفاة أكثر من ٥٠ شخصاً وإصابة العشرات. 

كما أكدت مصر وقوفها جنباً إلى جنب مع حكومة وشعب الكاميرون الشقيق في هذا الظرف الأليم. 

 

 

وتشهد العلاقات المصرية الكاميرونية تطورًا ملحوظا على كافة الأصعدة خلال الثلاثة أعوام الأخيرة وهو ما عكسته الزيارات المتبادلة لكبار المسئولين فى البلدين، فكانت زيارة وزير الصناعة والتعدين الكاميروني للقاهرة خلال أبريل 2017 ومباحثاته المثمرة مع وزيري الصناعة والتجارة والبترول والثروة المعدنية فضلا عن زيارة وكيل أول هيئة الرقابة الإدارية إلى ياوندى فى نوفمبر 2016، والتى أسفرت عن توقيع البلدين على مذكرة تفاهم فى مجال مكافحة الفساد، حيث تتميز العلاقات بين البلدين بتطابق استراتيجية البلدين فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب.

ارتفع حجم التبادل التجارى بين مصر والكاميرون ليسجل 44.9 مليون دولار خلال 2018، مقابل 34.3 مليون دولار خلال 2017، وفق تقرير صادر عن إدارة الدول والمنظمات الإفريقية ووحدة الكوميسا بجهاز التمثيل التجارى.

 

وأوضح التقرير، أن صادرات مصر إلى الكاميرون ارتفعت إلى 43.5 مليون دولار خلال 2018، مقابل 29.5 مليون دولار خلال 2017، ولفت إلى أن الواردات انخفضت إلى 1.4 مليون دولار خلال 2018، مقابل 4.75 مليون دولار خلال 2017.

وأشار التقرير إلى أن الميزان التجارى حقق فائضًا لصالح مصر بنحو 42.12 مليون دولار خلال 2018، مقابل 24.75 مليون دولار خلال 2017. بالإضافة إلى عدة مشروعات يتم تنفيذها تتعلق ببناء مزرعة نموذجية فى الكاميرون بالتعاون مع وزارة الزراعة المصرية، وقد قام مؤخراً وفد من الخبراء المصريين بزيارة للكاميرون للعمل على الإسراع فى تنفيذ هذا المشروع الهام والذى يأتى فى إطار الصداقة بين البلدين، كما أن هناك مشروعات خاصة بتربية الماشية، وإنشاء مجازر لتصدير اللحوم. 

 

في إطار زيادة التبادل التجاري والخدمي وخاصة في مشروعات التنمية التحتية اتفق وزير الاقتصاد مع وزير الصناعة الكاميروني علي إعداد اتفاق من أجل العمل على تنظيم العلاقات المصرية الكاميرونية في هذا الجانب والعمل علي بحث سبل تسهيل في عملية تسجيل الأدوية المصرية هناك وفتح موانئ لتسهيل التبادل بين البلدين.

 

تتواجد شركة المقاولون العرب بالسوق الكاميروني ونجحت في الفوز بمشروعين وهما المرحلة الأولى من مشروع ياوندي – كريبي ، ومشروع المدخل الشمالي للعاصمة ياوندي،وتوجد فرص كبيرة لشركة "المقاولون العرب" في ضوء إيلاء الرئيس بول بيا اهمية كبيرة لتحسين البنية التحتية بالبلاد، إضافة إلى مشروعات إقامة شبكة طرق تربط بين "دوالا" الميناء الرئيسي بعواصم عدد من دول الوسط الأفريقي المجاورة.

 

وتتواجد شركة السويدي للكابلات بالسوق الكاميروني من خلال مشروع إنشاء ثلاث محطات لتوليد الطاقة الكهربائية في كل من بلوفا وبالمايو وبامندا بطاقة إجمالية 40 ميجاوات وتكلفة تصل الى 40 مليون دولار.