الإزعاج لا يقتصر على السب.. احذر.. الغرامة عقوبة إزعاج الآخرين بـ"كومنت"
الخميس، 20 يناير 2022 10:30 ص
أصدرت الدائرة الجنائية – بمحكمة النقض – حكما يؤيد عقوبة التغريم لاتهام "سيدة" بالتعليق "كومنتات" على وسائل التواصل الاجتماعى "فيس بوك" ومضايقة المجنى عليه، حيث قالت فى حيثيات الحكم: "وقائع الازعاج وتعمد المضايقة على وسائل التواصل الاجتماعى لا يقتصر على السب والقذف فقط، وإنما يتسع لكل فعل أو تعليق يضيق به صدر المجنى عليه وتتحقق الجريمة حتى ولو كان النشر على صفحة الجانى فقط".
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 11456 لسنة 90 القضائية، برئاسة المستشار نبيه زهران، وعضوية المستشارين أحمد الخولى، ووائل أنور، وأسامة النجار، وأشرف خيرى.
الوقائع.. نزاع بين طرفين بسبب تعليق على صفحة شخصية على "فيس بوك"
تتحصل الوقائع فى أتهام النيابة العامة الطاعنة فى القضية رقم 102 لسنة 2019 جنح اقتصادية الإسكندرية والمقيدة برقم 238 لسنة 2018 جنح اقتصادية سيدى جابر، بأنها فى غضون شهر ديسمبر سنة 2017 بدائرة قسم سيدى جابر محافظة الإسكندرية: تعمدت إزعاج "ل. ن"، وذلك بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وطلبت عقابها بالمواد 1، 5/4-6، 13/7، 70، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات.
وفى تلك الأثناء – أحالتها النيابة العامة إلى محكمة جنح الإسكندرية الاقتصادية، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 24 من فبراير سنة 2019 بتغريم المتهمة مبلغ 10 آلاف جنيه، ثم استأنفت المتهمة وقيد استئنافها برقم 102 لسنة 2019 جنح مستأنف، وقضت محكمة جنح الإسكندرية الاقتصادية – بهيئة استئنافية – حضورياً فى 27 من إبريل سنة 2019 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديله بالاكتفاء بتغريم المتهمة مبلغ 500 جنيه، ثم طعن وكيل المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض، وأُحيل إلى دائرة طعون الجنح بمحكمة استئناف القاهرة منعقدة فى غرفة مشورة وقيد الطعن بجدولها برقم 14944 لسنة 10 ق وقضت فى 9 من مارس سنة 2020 بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن، فقرر المحامى بصفته وكيلاً عن المحكوم عليها - الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض فى 25 من يونية سنة 2019.
المحكمة تقضى بتغريم المتهمة.. والأخيرة تطعن لإلغاء الحكم
واستندت مذكرة الطعن على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأن استخلص الإدانة من أدلة الدعوى بما لا يوفرها فى حق الطاعنة ولا يفيد قيام الركن المادى للجريمة لكون العبارات والتعليقات التى كتبت على "بوست" خاصة على صفحة المجنى عليه بموقع التواصل الاجتماعى ولا تشكل إساءة للمجنى عليه، ولم يدلل على توافر القصد الجنائى لدى الطاعنة ملتفتاً عن دفعها بانتفاء قصد الإضرار بالمجنى عليه لعلاقة الصداقة والقرابة بينهما، ونقل عن تحريات الشرطة مالم يرد بها، كما التفت عن الدفع ببطلان الأمر الصادر من النيابة بالاستعلام عن بيانات خط الهاتف المستخدم فى الجريمة لتوقيعه بإمضاء غير مقروءة، والدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه، وطرحت المحكمة المستندات المقدمة منها تأييداً لدفاعها، وأعرضت عن طلب سماع شهود بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
محكمة النقض اعتبرت أن التعليق أو الكومنت يشكل جريمة إزعاج
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم الاستئنافى المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها فى حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها من ثبوت التهمة استمدها من أقوال المجنى عليه شاهد الإثبات من نشر الطاعنة تعليقاً أورد نصه تضمن توجيه ألفاظ ضاق بها صدر المجنى عليه، ما يُعد إزعاجاً لها عبر موقع التواصل الاجتماعى، وما ثبت من تقرير الفحص الفنى بقسم المساعدات الفنية بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات أن الحساب الذى قام بالنشر باسم الطاعنة، وأنه مرتبط برقم هاتف محمول ثبت من استعلام النيابة العامة من شركة الاتصالات المزودة للخدمة أنه مسجل باسم الطاعنة وهو ما أكدته تحريات الشرطة حول الواقعة، وجاء استعراض المحكمة لتلك الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة وفقاً لما يوجبه عليها نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على هذا النحو كاف فى بيان الواقعة بأركانها وأدلة ثبوتها فى حق الطاعنة وجاء تدليله على ثبوت التهمة على نحو كاف لنسبة الاتهام إليها، فإن ما تنعاه على الحكم بالقصور فى هذا الشأن لا يكون له محل، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الإزعاج وتعمد مضايقة المجنى عليه لا يقتصر على السب والقذف المعاقب عليهما بالمادة 308 مكرراً من قانون العقوبات، بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجانى يضيق به صدر المجنى عليه، وكان الحكم المطعون فيه بين مضمون ما وجهته الطاعنة من عبارات للمجنى عليه عن طريق تدوينها فى تعليق موجه للمجنى عليه على موقع التواصل الاجتماعى، ويمكن مطالعته والاطلاع على ما دون به من عبارات أوردها الحكم وانتهى فى منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إنها تفيد تعمد ازعاج المجنى عليه بما ضاق به صدره بإساءة استعمال أجهزة الاتصال بما لا يخرج عن الاستدلال المنطقى، وهو ما تتحقق به أركان الجريمة التى دان الطاعنة بها فإن النعى بانتفاء الركن المادى للجريمة لكون العبارات التى تشكلها نشرت على صفحة الطاعنة الخاصة بموقع التواصل الاجتماعى ولا تشكل إساءة للمجنى عليه والقصد الجنائى لدى الطاعنة يكون بعيداً عن محجة الصواب.
النقض تنصف المجنى عليه وتؤيد حكم التغريم 500 جنيه
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائى فى جريمة تعمد إزعاج الغير ومضايقته باستعمال أجهزة الاتصالات مادام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفى لاستظهاره كما هو معرف به فى القانون، ولما كان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص قصد الطاعنة فى ذلك على النحو السالف، مما مفاده أن الحكم قد خلص إلى أن الطاعنة قد تعمدت ارتكاب ما نسب إليها بخصوص هذه الجريمة، فإن ما تثيره الطاعنة فى شأن خلو مدونات الحكم من التدليل على توافر القصد الجنائى لديها والتفاته عن الدفع بانتفائه يكون غير سديد، ولما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكانت الطاعنة لم تفصح بأسباب طعنها عن وجه مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالأوراق فيما نقله عن التحريات، فإن ما تثيره فى هذا الخصوص لا يكون مقبولاً، وتقضى المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه ومصادرة الكفالة.